نهج البلاغة :........... .................. صفحة : (153)
106- ومن خطبة له ( عليه السلام ) وفيها يبين فضل الإسلام ويذكر الرسول الكريم ثم يلوم أصحابه :
دين الإسلام
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي شَرَعَ الْإِسْلَامَ فَسَهَّلَ شَرَائِعَهُ لِمَنْ وَرَدَهُ وَأَعَزَّ أَرْكَانَهُ عَلَى مَنْ غَالَبَهُ فَجَعَلَهُ أَمْناً لِمَنْ عَلِقَهُ وَسِلْماً لِمَنْ دَخَلَهُ وَبُرْهَاناً لِمَنْ تَكَلَّمَ بِهِ وَشَاهِداً لِمَنْ خَاصَمَ عَنْهُ وَنُوراً لِمَنِ اسْتَضَاءَ بِهِ وَفَهْماً لِمَنْ عَقَلَ وَلُبّاً لِمَنْ تَدَبَّرَ وَآيَةً لِمَنْ تَوَسَّمَ وَتَبْصِرَةً لِمَنْ عَزَمَ وَعِبْرَةً لِمَنِ اتَّعَظَ وَنَجَاةً لِمَنْ صَدَّقَ وَثِقَةً لِمَنْ تَوَكَّلَ وَرَاحَةً لِمَنْ فَوَّضَ وَجُنَّةً لِمَنْ صَبَرَ فَهُوَ أَبْلَجُ الْمَنَاهِجِ وَأَوْضَحُ الْوَلَائِجِ مُشْرَفُ الْمَنَارِ مُشْرِقُ الْجَوَادِّ مُضِي ءُ الْمَصَابِيحِ كَرِيمُ الْمِضْمَارِ رَفِيعُ الْغَايَةِ جَامِعُ الْحَلْبَةِ مُتَنَافِسُ السُّبْقَةِ شَرِيفُ الْفُرْسَانِ التَّصْدِيقُ مِنْهَاجُهُ وَالصَّالِحَاتُ مَنَارُهُ وَالْمَوْتُ غَايَتُهُ وَالدُّنْيَا مِضْمَارُهُ وَالْقِيَامَةُ حَلْبَتُهُ وَالْجَنَّةُ سُبْقَتُهُ.
و منها في ذكر النبي ( صلى الله عليه وآله )
حَتَّى أَوْرَى قَبَساً لِقَابِسٍ وَأَنَارَ عَلَماً لِحَابِسٍ فَهُوَ أَمِينُكَ الْمَأْمُونُ وَشَهِيدُكَ يَوْمَ الدِّينِ وَبَعِيثُكَ نِعْمَةً(1/153)


نهج البلاغة :........... .................. صفحة : (154)
وَ رَسُولُكَ بِالْحَقِّ رَحْمَةً اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَهُ مَقْسَماً مِنْ عَدْلِكَ وَاجْزِهِ مُضَعَّفَاتِ الْخَيْرِ مِنْ فَضْلِكَ اللَّهُمَّ أَعْلِ عَلَى بِنَاءِ الْبَانِينَ بِنَاءَهُ وَأَكْرِمْ لَدَيْكَ نُزُلَهُ وَشَرِّفْ عِنْدَكَ مَنْزِلَهُ وَآتِهِ الْوَسِيلَةَ وَأَعْطِهِ السَّنَاءَ وَالْفَضِيلَةَ وَاحْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهِ غَيْرَ خَزَايَا وَلَا نَادِمِينَ وَلَا نَاكِبِينَ وَلَا نَاكِثِينَ وَلَا ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ وَلَا مَفْتُونِينَ.
قال الشريف : وقد مضى هذا الكلام فيما تقدم إلا أننا كررناه هاهنا لما في الروايتين من الاختلاف.
و منها في خطاب أصحابه
وَ قَدْ بَلَغْتُمْ مِنْ كَرَامَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَكُمْ مَنْزِلَةً تُكْرَمُ بِهَا إِمَاؤُكُمْ وَتُوصَلُ بِهَا جِيرَانُكُمْ وَيُعَظِّمُكُمْ مَنْ لَا فَضْلَ لَكُمْ عَلَيْهِ وَلَا يَدَ لَكُمْ عِنْدَهُ وَيَهَابُكُمْ مَنْ لَا يَخَافُ لَكُمْ سَطْوَةً وَلَا لَكُمْ عَلَيْهِ إِمْرَةٌ وَقَدْ تَرَوْنَ عُهُودَ اللَّهِ مَنْقُوضَةً فَلَا تَغْضَبُونَ وَأَنْتُمْ لِنَقْضِ ذِمَمِ آبَائِكُمْ تَأْنَفُونَ وَكَانَتْ أُمُورُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ تَرِدُ وَعَنْكُمْ تَصْدُرُ وَإِلَيْكُمْ تَرْجِعُ فَمَكَّنْتُمُ الظَّلَمَةَ مِنْ مَنْزِلَتِكُمْ وَأَلْقَيْتُمْ إِلَيْهِمْ أَزِمَّتَكُمْ وَأَسْلَمْتُمْ أُمُورَ اللَّهِ فِي أَيْدِيهِمْ يَعْمَلُونَ بِالشُّبُهَاتِ وَيَسِيرُونَ فِي الشَّهَوَاتِ وَايْمُ اللَّهِ لَوْ فَرَّقُوكُمْ تَحْتَ كُلِّ كَوْكَبٍ لَجَمَعَكُمُ اللَّهُ لِشَرِّ يَوْمٍ لَهُمْ.(1/154)


نهج البلاغة :........... .................. صفحة : (155)
107- ومن كلام له ( عليه السلام ) في بعض أيام صفين :
وَ قَدْ رَأَيْتُ جَوْلَتَكُمْ وَانْحِيَازَكُمْ عَنْ صُفُوفِكُمْ تَحُوزُكُمُ الْجُفَاةُ الطَّغَامُ وَأَعْرَابُ أَهْلِ الشَّامِ وَأَنْتُمْ لَهَامِيمُ الْعَرَبِ وَيَآفِيخُ الشَّرَفِ وَالْأَنْفُ الْمُقَدَّمُ وَالسَّنَامُ الْأَعْظَمُ وَلَقَدْ شَفَى وَحَاوِحَ صَدْرِي أَنْ رَأَيْتُكُمْ بِأَخَرَةٍ تَحُوزُونَهُمْ كَمَا حَازُوكُمْ وَتُزِيلُونَهُمْ عَنْ مَوَاقِفِهِمْ كَمَا أَزَالُوكُمْ حَسّاً بِالنِّصَالِ وَشَجْراً بِالرِّمَاحِ تَرْكَبُ أُوْلَاهُمْ أُخْرَاهُمْ كَالْإِبِلِ الْهِيمِ الْمَطْرُودَةِ تُرْمَى عَنْ حِيَاضِهَا وَتُذَادُ عَنْ مَوَارِدِهَا.
108- ومن خطبة له ( عليه السلام ) وهي من خطب الملاحم :
اللّه تعالى
الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمُتَجَلِّي لِخَلْقِهِ بِخَلْقِهِ وَالظَّاهِرِ لِقُلُوبِهِمْ بِحُجَّتِهِ خَلَقَ الْخَلْقَ مِنْ غَيْرِ رَوِيَّةٍ إِذْ كَانَتِ الرَّوِيَّاتُ لَا تَلِيقُ إِلَّا بِذَوِي الضَّمَائِرِ وَلَيْسَ بِذِي ضَمِيرٍ فِي نَفْسِهِ خَرَقَ عِلْمُهُ بَاطِنَ غَيْبِ السُّتُرَاتِ وَأَحَاطَ بِغُمُوضِ عَقَائِدِ السَّرِيرَاتِ.(1/155)


نهج البلاغة :........... .................. صفحة : (156)
وَ مِنْهَا فِي ذِكْرِ النَّبِيِّ ( صلى الله عليه وآله )
اخْتَارَهُ مِنْ شَجَرَةِ الْأَنْبِيَاءِ وَمِشْكَاةِ الضِّيَاءِ وَذُؤَابَةِ الْعَلْيَاءِ وَسُرَّةِ الْبَطْحَاءِ وَمَصَابِيحِ الظُّلْمَةِ وَيَنَابِيعِ الْحِكْمَةِ.
فتنة بني أمية
و منها : طَبِيبٌ دَوَّارٌ بِطِبِّهِ قَدْ أَحْكَمَ مَرَاهِمَهُ وَأَحْمَى مَوَاسِمَهُ يَضَعُ ذَلِكَ حَيْثُ الْحَاجَةُ إِلَيْهِ مِنْ قُلُوبٍ عُمْيٍ وَآذَانٍ صُمٍّ وَأَلْسِنَةٍ بُكْمٍ مُتَتَبِّعٌ بِدَوَائِهِ مَوَاضِعَ الْغَفْلَةِ وَمَوَاطِنَ الْحَيْرَةِ لَمْ يَسْتَضِيئُوا بِأَضْوَاءِ الْحِكْمَةِ وَلَمْ يَقْدَحُوا بِزِنَادِ الْعُلُومِ الثَّاقِبَةِ فَهُمْ فِي ذَلِكَ كَالْأَنْعَامِ السَّائِمَةِ وَالصُّخُورِ الْقَاسِيَةِ قَدِ انْجَابَتِ السَّرَائِرُ لِأَهْلِ الْبَصَائِرِ وَوَضَحَتْ مَحَجَّةُ الْحَقِّ لِخَابِطِهَا وَأَسْفَرَتِ السَّاعَةُ عَنْ وَجْهِهَا وَظَهَرَتِ الْعَلَامَةُ لِمُتَوَسِّمِهَا مَا لِي أَرَاكُمْ أَشْبَاحاً بِلَا أَرْوَاحٍ وَأَرْوَاحاً بِلَا أَشْبَاحٍ وَنُسَّاكاً بِلَا صَلَاحٍ وَتُجَّاراً بِلَا أَرْبَاحٍ وَأَيْقَاظاً نُوَّماً وَشُهُوداً غُيَّباً وَنَاظِرَةً عَمْيَاءَ وَسَامِعَةً صَمَّاءَ وَنَاطِقَةً بَكْمَاءَ رَايَةُ ضَلَالٍ قَدْ قَامَتْ عَلَى قُطْبِهَا وَتَفَرَّقَتْ بِشُعَبِهَا تَكِيلُكُمْ بِصَاعِهَا وَتَخْبِطُكُمْ بِبَاعِهَا قَائِدُهَا خَارِجٌ مِنَ الْمِلَّةِ قَائِمٌ عَلَى الضِّلَّةِ(1/156)


نهج البلاغة :........... .................. صفحة : (157)
فَلَا يَبْقَى يَوْمَئِذٍ مِنْكُمْ إِلَّا ثُفَالَةٌ كَثُفَالَةِ الْقِدْرِ أَوْ نُفَاضَةٌ كَنُفَاضَةِ الْعِكْمِ تَعْرُكُكُمْ عَرْكَ الْأَدِيمِ وَتَدُوسُكُمْ دَوْسَ الْحَصِيدِ وَتَسْتَخْلِصُ الْمُؤْمِنَ مِنْ بَيْنِكُمُ اسْتِخْلَاصَ الطَّيْرِ الْحَبَّةَ الْبَطِينَةَ مِنْ بَيْنِ هَزِيلِ الْحَبِّ أَيْنَ تَذْهَبُ بِكُمُ الْمَذَاهِبُ وَتَتِيهُ بِكُمُ الْغَيَاهِبُ وَتَخْدَعُكُمُ الْكَوَاذِبُ وَمِنْ أَيْنَ تُؤْتَوْنَ وَأَنَّى تُؤْفَكُونَ فَ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ وَلِكُلِّ غَيْبَةٍ إِيَابٌ فَاسْتَمِعُوا مِنْ رَبَّانِيِّكُمْ وَأَحْضِرُوهُ قُلُوبَكُمْ وَاسْتَيْقِظُوا إِنْ هَتَفَ بِكُمْ وَلْيَصْدُقْ رَائِدٌ أَهْلَهُ وَلْيَجْمَعْ شَمْلَهُ وَلْيُحْضِرْ ذِهْنَهُ فَلَقَدْ فَلَقَ لَكُمُ الْأَمْرَ فَلْقَ الْخَرَزَةِ وَقَرَفَهُ قَرْفَ الصَّمْغَةِ فَعِنْدَ ذَلِكَ أَخَذَ الْبَاطِلُ مَآخِذَهُ وَرَكِبَ الْجَهْلُ مَرَاكِبَهُ وَعَظُمَتِ الطَّاغِيَةُ وَقَلَّتِ الدَّاعِيَةُ وَصَالَ الدَّهْرُ صِيَالَ السَّبُعِ الْعَقُورِ وَهَدَرَ فَنِيقُ الْبَاطِلِ بَعْدَ كُظُومٍ وَتَوَاخَى النَّاسُ عَلَى الْفُجُورِ وَتَهَاجَرُوا عَلَى الدِّينِ وَتَحَابُّوا عَلَى الْكَذِبِ وَتَبَاغَضُوا عَلَى الصِّدْقِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَانَ الْوَلَدُ غَيْظاً وَالْمَطَرُ قَيْظاً وَتَفِيضُ اللِّئَامُ فَيْضاً وَتَغِيضُ الْكِرَامُ غَيْضاً وَكَانَ أَهْلُ ذَلِكَ الزَّمَانِ ذِئَاباً وَسَلَاطِينُهُ سِبَاعاً وَأَوْسَاطُهُ أُكَّالًا وَفُقَرَاؤُهُ أَمْوَاتاً وَغَارَ الصِّدْقُ وَفَاضَ الْكَذِبُ وَاسْتُعْمِلَتِ الْمَوَدَّةُ بِاللِّسَانِ وَتَشَاجَرَ النَّاسُ بِالْقُلُوبِ وَصَارَ الْفُسُوقُ نَسَباً وَالْعَفَافُ عَجَباً وَلُبِسَ(1/157)

25 / 105
ع
En
A+
A-