نهج البلاغة :........... .................. صفحة : (93)
وَ جِهَادِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) أَشْهَدُ عَلَى نَفْسِي بِالْكُفْرِ لَ قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَما أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ فَأُوبُوا شَرَّ مَآبٍ وَارْجِعُوا عَلَى أَثَرِ الْأَعْقَابِ أَمَا إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي ذُلًّا شَامِلًا وَسَيْفاً قَاطِعاً وَأَثَرَةً يَتَّخِذُهَا الظَّالِمُونَ فِيكُمْ سُنَّةً.
قال الشريف : قوله ( عليه السلام ) " ولا بقي منكم آبر " يُروى على ثلاثة أوجه أحدها أن يكون كما ذكرناه آبر بالراء من قولهم للذي يأبر النخل أي يصلحه. ويروى آثر وهو الذي يأثر الحديث ويرويه أي يحكيه وهو أصح الوجوه عندي كأنه ( عليه السلام ) قال لا بقي منكم مخبر. ويروى آبز بالزاي المعجمة وهو الواثب والهالك أيضا يقال له آبز.
59- وقال ( عليه السلام ) لما عزم على حرب الخوارج وقيل له إن القوم عبروا جسر النهروان :
مَصَارِعُهُمْ دُونَ النُّطْفَةِ وَاللَّهِ لَا يُفْلِتُ مِنْهُمْ عَشَرَةٌ وَلَا يَهْلِكُ مِنْكُمْ عَشَرَةٌ.
قال الشريف : يعني بالنطفة ماء النهر وهي أفصح كناية عن الماء وإن كان كثيرا جما وقد أشرنا إلى ذلك فيما تقدم عند مضي ما أشبهه.
60- وقال ( عليه السلام ) لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم :
كَلَّا وَاللَّهِ إِنَّهُمْ نُطَفٌ فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ وَقَرَارَاتِ النِّسَاءِ(1/93)
نهج البلاغة :........... .................. صفحة : (94)
كُلَّمَا نَجَمَ مِنْهُمْ قَرْنٌ قُطِعَ حَتَّى يَكُونَ آخِرُهُمْ لُصُوصاً سَلَّابِينَ.
61- وقال ( عليه السلام ) :
لَا تُقَاتِلُوا الْخَوَارِجَ بَعْدِي فَلَيْسَ مَنْ طَلَبَ الْحَقَّ فَأَخْطَأَهُ كَمَنْ طَلَبَ الْبَاطِلَ فَأَدْرَكَهُ
قال الشريف : يعني معاوية وأصحابه.
62- ومن كلام له ( عليه السلام ) لما خوف من الغيلة :
وَ إِنَّ عَلَيَّ مِنَ اللَّهِ جُنَّةً حَصِينَةً فَإِذَا جَاءَ يَوْمِي انْفَرَجَتْ عَنِّي وَأَسْلَمَتْنِي فَحِينَئِذٍ لَا يَطِيشُ السَّهْمُ وَلَا يَبْرَأُ الْكَلْمُ.
63- ومن خطبة له ( عليه السلام ) يحذر من فتنة الدنيا :
أَلَا إِنَّ الدُّنْيَا دَارٌ لَا يُسْلَمُ مِنْهَا إِلَّا فِيهَا وَلَا يُنْجَى بِشَيْ ءٍ كَانَ لَهَا ابْتُلِيَ النَّاسُ بِهَا فِتْنَةً فَمَا أَخَذُوهُ مِنْهَا لَهَا أُخْرِجُوا مِنْهُ وَحُوسِبُوا عَلَيْهِ وَمَا أَخَذُوهُ مِنْهَا لِغَيْرِهَا قَدِمُوا عَلَيْهِ وَأَقَامُوا فِيهِ فَإِنَّهَا عِنْدَ ذَوِي الْعُقُولِ كَفَيْ ءِ الظِّلِّ بَيْنَا تَرَاهُ سَابِغاً حَتَّى قَلَصَ وَزَائِداً حَتَّى نَقَصَ.(1/94)
نهج البلاغة :........... .................. صفحة : (95)
64- ومن خطبة له ( عليه السلام ) في المبادرة إلى صالح الأعمال :
فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ وَبَادِرُوا آجَالَكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ وَابْتَاعُوا مَا يَبْقَى لَكُمْ بِمَا يَزُولُ عَنْكُمْ وَتَرَحَّلُوا فَقَدْ جُدَّ بِكُمْ وَاسْتَعِدُّوا لِلْمَوْتِ فَقَدْ أَظَلَّكُمْ وَكُونُوا قَوْماً صِيحَ بِهِمْ فَانْتَبَهُوا وَعَلِمُوا أَنَّ الدُّنْيَا لَيْسَتْ لَهُمْ بِدَارٍ فَاسْتَبْدَلُوا فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَخْلُقْكُمْ عَبَثاً وَلَمْ يَتْرُكْكُمْ سُدًى وَمَا بَيْنَ أَحَدِكُمْ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ إِلَّا الْمَوْتُ أَنْ يَنْزِلَ بِهِ وَإِنَّ غَايَةً تَنْقُصُهَا اللَّحْظَةُ وَتَهْدِمُهَا السَّاعَةُ لَجَدِيرَةٌ بِقِصَرِ الْمُدَّةِ وَإِنَّ غَائِباً يَحْدُوهُ الْجَدِيدَانِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ لَحَرِيٌّ بِسُرْعَةِ الْأَوْبَةِ وَإِنَّ قَادِماً يَقْدُمُ بِالْفَوْزِ أَوِ الشِّقْوَةِ لَمُسْتَحِقٌّ لِأَفْضَلِ الْعُدَّةِ فَتَزَوَّدُوا فِي الدُّنْيَا مِنَ الدُّنْيَا مَا تَحْرُزُونَ بِهِ أَنْفُسَكُمْ غَداً فَاتَّقَى عَبْدٌ رَبَّهُ نَصَحَ نَفْسَهُ وَقَدَّمَ تَوْبَتَهُ وَغَلَبَ شَهْوَتَهُ فَإِنَّ أَجَلَهُ مَسْتُورٌ عَنْهُ وَأَمَلَهُ خَادِعٌ لَهُ وَالشَّيْطَانُ مُوَكَّلٌ بِهِ يُزَيِّنُ لَهُ الْمَعْصِيَةَ لِيَرْكَبَهَا وَيُمَنِّيهِ التَّوْبَةَ لِيُسَوِّفَهَا إِذَا هَجَمَتْ مَنِيَّتُهُ عَلَيْهِ أَغْفَلَ مَا يَكُونُ عَنْهَا فَيَا لَهَا حَسْرَةً عَلَى كُلِّ ذِي غَفْلَةٍ أَنْ يَكُونَ عُمُرُهُ عَلَيْهِ حُجَّةً وَأَنْ تُؤَدِّيَهُ أَيَّامُهُ إِلَى الشِّقْوَةِ نَسْأَلُ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَنْ يَجْعَلَنَا وَإِيَّاكُمْ مِمَّنْ لَا تُبْطِرُهُ نِعْمَةٌ وَلَا تُقَصِّرُ بِهِ عَنْ طَاعَةِ رَبِّهِ غَايَةٌ وَلَا تَحُلُّ بِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ نَدَامَةٌ وَلَا كَآبَةٌ.(1/95)
نهج البلاغة :........... .................. صفحة : (96)
65- ومن خطبة له ( عليه السلام ) وفيها مباحث لطيفة من العلم الإلهي:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ تَسْبِقْ لَهُ حَالٌ حَالًا فَيَكُونَ أَوَّلًا قَبْلَ أَنْ يَكُونَ آخِراً وَيَكُونَ ظَاهِراً قَبْلَ أَنْ يَكُونَ بَاطِناً كُلُّ مُسَمًّى بِالْوَحْدَةِ غَيْرَهُ قَلِيلٌ وَكُلُّ عَزِيزٍ غَيْرَهُ ذَلِيلٌ وَكُلُّ قَوِيٍّ غَيْرَهُ ضَعِيفٌ وَكُلُّ مَالِكٍ غَيْرَهُ مَمْلُوكٌ وَكُلُّ عَالِمٍ غَيْرَهُ مُتَعَلِّمٌ وَكُلُّ قَادِرٍ غَيْرَهُ يَقْدِرُ وَيَعْجَزُ وَكُلُّ سَمِيعٍ غَيْرَهُ يَصَمُّ عَنْ لَطِيفِ الْأَصْوَاتِ وَيُصِمُّهُ كَبِيرُهَا وَيَذْهَبُ عَنْهُ مَا بَعُدَ مِنْهَا وَكُلُّ بَصِيرٍ غَيْرَهُ يَعْمَى عَنْ خَفِيِّ الْأَلْوَانِ وَلَطِيفِ الْأَجْسَامِ وَكُلُّ ظَاهِرٍ غَيْرَهُ بَاطِنٌ وَكُلُّ بَاطِنٍ غَيْرَهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ لَمْ يَخْلُقْ مَا خَلَقَهُ لِتَشْدِيدِ سُلْطَانٍ وَلَا تَخَوُّفٍ مِنْ عَوَاقِبِ زَمَانٍ وَلَا اسْتِعَانَةٍ عَلَى نِدٍّ مُثَاوِرٍ وَلَا شَرِيكٍ مُكَاثِرٍ وَلَا ضِدٍّ مُنَافِرٍ وَلَكِنْ خَلَائِقُ مَرْبُوبُونَ وَعِبَادٌ دَاخِرُونَ لَمْ يَحْلُلْ فِي الْأَشْيَاءِ فَيُقَالَ هُوَ كَائِنٌ وَلَمْ يَنْأَ عَنْهَا فَيُقَالَ هُوَ مِنْهَا بَائِنٌ لَمْ يَؤُدْهُ خَلْقُ مَا ابْتَدَأَ وَلَا تَدْبِيرُ مَا ذَرَأَ وَلَا وَقَفَ بِهِ عَجْزٌ عَمَّا خَلَقَ وَلَا وَلَجَتْ عَلَيْهِ شُبْهَةٌ فِيمَا قَضَى وَقَدَّرَ بَلْ قَضَاءٌ مُتْقَنٌ وَعِلْمٌ مُحْكَمٌ وَأَمْرٌ مُبْرَمٌ الْمَأْمُولُ مَعَ النِّقَمِ الْمَرْهُوبُ مَعَ النِّعَمِ.(1/96)
نهج البلاغة :........... .................. صفحة : (97)
66- ومن كلام له ( عليه السلام ) في تعليم الحرب والمقاتلة
والمشهور أنه قاله لأصحابه ليلة الهرير أو أول اللقاء بصفين :
مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ اسْتَشْعِرُوا الْخَشْيَةَ وَتَجَلْبَبُوا السَّكِينَةَ وَعَضُّوا عَلَى النَّوَاجِذِ فَإِنَّهُ أَنْبَى لِلسُّيُوفِ عَنِ الْهَامِ وَأَكْمِلُوا اللَّأْمَةَ وَقَلْقِلُوا السُّيُوفَ فِي أَغْمَادِهَا قَبْلَ سَلِّهَا وَالْحَظُوا الْخَزْرَ وَاطْعُنُوا الشَّزْرَ وَنَافِحُوا بِالظُّبَى وَصِلُوا السُّيُوفَ بِالْخُطَا وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ بِعَيْنِ اللَّهِ وَمَعَ ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ فَعَاوِدُوا الْكَرَّ وَاسْتَحْيُوا مِنَ الْفَرِّ فَإِنَّهُ عَارٌ فِي الْأَعْقَابِ وَنَارٌ يَوْمَ الْحِسَابِ وَطِيبُوا عَنْ أَنْفُسِكُمْ نَفْساً وَامْشُوا إِلَى الْمَوْتِ مَشْياً سُجُحاً وَعَلَيْكُمْ بِهَذَا السَّوَادِ الْأَعْظَمِ وَالرِّوَاقِ الْمُطَنَّبِ فَاضْرِبُوا ثَبَجَهُ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ كَامِنٌ فِي كِسْرِهِ وَقَدْ قَدَّمَ لِلْوَثْبَةِ يَداً وَأَخَّرَ لِلنُّكُوصِ رِجْلًا فَصَمْداً صَمْداً حَتَّى يَنْجَلِيَ لَكُمْ عَمُودُ الْحَقِّ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ.
67- ومن كلام له ( عليه السلام )
قالوا لما انتهت إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أنباء السقيفة بعد وفاة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال ( عليه السلام ) ما قالت الأنصار قالوا قالت منا أمير ومنكم أمير قال ( عليه السلام ) :
فَهَلَّا احْتَجَجْتُمْ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) وَصَّى بِأَنْ(1/97)