نهج البلاغة :........... .................. صفحة : (83)
وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ ( عليه السلام ) لَمَّا سَمِعَ تَحْكِيمَهُمْ قَالَ :
حُكْمَ اللَّهِ أَنْتَظِرُ فِيكُمْ.
وَ قَالَ :
أَمَّا الْإِمْرَةُ الْبَرَّةُ فَيَعْمَلُ فِيهَا التَّقِيُّ وَأَمَّا الْإِمْرَةُ الْفَاجِرَةُ فَيَتَمَتَّعُ فِيهَا الشَّقِيُّ إِلَى أَنْ تَنْقَطِعَ مُدَّتُهُ وَتُدْرِكَهُ مَنِيَّتُهُ.
41- ومن خطبة له ( عليه السلام ) وفيها ينهى عن الغدر ويحذر منه :
أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الْوَفَاءَ تَوْأَمُ الصِّدْقِ وَلَا أَعْلَمُ جُنَّةً أَوْقَى مِنْهُ وَمَا يَغْدِرُ مَنْ عَلِمَ كَيْفَ الْمَرْجِعُ وَلَقَدْ أَصْبَحْنَا فِي زَمَانٍ قَدِ اتَّخَذَ أَكْثَرُ أَهْلِهِ الْغَدْرَ كَيْساً وَنَسَبَهُمْ أَهْلُ الْجَهْلِ فِيهِ إِلَى حُسْنِ الْحِيلَةِ مَا لَهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ قَدْ يَرَى الْحُوَّلُ الْقُلَّبُ وَجْهَ الْحِيلَةِ وَدُونَهَا مَانِعٌ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ وَنَهْيِهِ فَيَدَعُهَا رَأْيَ عَيْنٍ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا وَيَنْتَهِزُ فُرْصَتَهَا مَنْ لَا حَرِيجَةَ لَهُ فِي الدِّينِ.
42- ومن كلام له ( عليه السلام ) وفيه يحذر من اتباع الهوى وطول الأمل في الدنيا :
أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ اثْنَانِ اتِّبَاعُ الْهَوَى وَطُولُ الْأَمَلِ فَأَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوَى فَيَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ وَأَمَّا طُولُ الْأَمَلِ(1/83)
نهج البلاغة :........... .................. صفحة : (84)
فَيُنْسِي الْآخِرَةَ أَلَا وَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ وَلَّتْ حَذَّاءَ فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلَّا صُبَابَةٌ كَصُبَابَةِ الْإِنَاءِ اصْطَبَّهَا صَابُّهَا أَلَا وَإِنَّ الْآخِرَةَ قَدْ أَقْبَلَتْ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا بَنُونَ فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الْآخِرَةِ وَلَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا فَإِنَّ كُلَّ وَلَدٍ سَيُلْحَقُ بِأَبِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِنَّ الْيَوْمَ عَمَلٌ وَلَا حِسَابَ وَغَداً حِسَابٌ وَلَا عَمَلَ.
قال الشريف : أقول، " الحذاء السريعة "، ومن الناس من يرويه " جذاء ".
43- ومن كلام له ( عليه السلام ) وقد أشار عليه أصحابه بالاستعداد لحرب أهل الشام بعد إرساله جرير بن عبد الله البجلي إلى معاوية ولم ينزل معاوية على بيعته :
إِنَّ اسْتِعْدَادِي لِحَرْبِ أَهْلِ الشَّامِ وَجَرِيرٌ عِنْدَهُمْ إِغْلَاقٌ لِلشَّامِ وَصَرْفٌ لِأَهْلِهِ عَنْ خَيْرٍ إِنْ أَرَادُوهُ وَلَكِنْ قَدْ وَقَّتُّ لِجَرِيرٍ وَقْتاً لَا يُقِيمُ بَعْدَهُ إِلَّا مَخْدُوعاً أَوْ عَاصِياً وَالرَّأْيُ عِنْدِي مَعَ الْأَنَاةِ فَأَرْوِدُوا وَلَا أَكْرَهُ لَكُمُ الْإِعْدَادَ وَلَقَدْ ضَرَبْتُ أَنْفَ هَذَا الْأَمْرِ وَعَيْنَهُ وَقَلَّبْتُ ظَهْرَهُ وَبَطْنَهُ فَلَمْ أَرَ لِي فِيهِ إِلَّا الْقِتَالَ أَوِ الْكُفْرَ بِمَا جَاءَ مُحَمَّدٌ ( صلى الله عليه وآله ) إِنَّهُ قَدْ كَانَ عَلَى الْأُمَّةِ وَالٍ أَحْدَثَ أَحْدَاثاً وَأَوْجَدَ النَّاسَ مَقَالًا فَقَالُوا ثُمَّ نَقَمُوا فَغَيَّرُوا.(1/84)
نهج البلاغة :........... .................. صفحة : (85)
44- ومن كلام له ( عليه السلام ) لما هرب مصقلة بن هبيرة الشيباني إلى معاوية،
وكان قد ابتاع سبي بني ناجية من عامل أمير المؤمنين عليه السلام وأعتقهم، فلما طالبه بالمال خاس به وهرب إلى الشام :
قَبَّحَ اللَّهُ مَصْقَلَةَ فَعَلَ فِعْلَ السَّادَةِ وَفَرَّ فِرَارَ الْعَبِيدِ فَمَا أَنْطَقَ مَادِحَهُ حَتَّى أَسْكَتَهُ وَلَا صَدَّقَ وَاصِفَهُ حَتَّى بَكَّتَهُ وَلَوْ أَقَامَ لَأَخَذْنَا مَيْسُورَهُ وَانْتَظَرْنَا بِمَالِهِ وُفُورَهُ.
45- ومن خطبة له ( عليه السلام )
وهو بعض خطبة طويلة خطبها يوم الفطر وفيها يحمد الله ويذم الدنيا :
حمد الله
الْحَمْدُ لِلَّهِ غَيْرَ مَقْنُوطٍ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلَا مَخْلُوٍّ مِنْ نِعْمَتِهِ وَلَا مَأْيُوسٍ مِنْ مَغْفِرَتِهِ وَلَا مُسْتَنْكَفٍ عَنْ عِبَادَتِهِ الَّذِي لَا تَبْرَحُ مِنْهُ رَحْمَةٌ وَلَا تُفْقَدُ لَهُ نِعْمَةٌ.
ذم الدنيا
وَ الدُّنْيَا دَارٌ مُنِيَ لَهَا الْفَنَاءُ وَلِأَهْلِهَا مِنْهَا الْجَلَاءُ وَهِيَ حُلْوَةٌ خَضْرَاءُ وَقَدْ عَجِلَتْ لِلطَّالِبِ وَالْتَبَسَتْ بِقَلْبِ النَّاظِرِ فَارْتَحِلُوا مِنْهَا بِأَحْسَنِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ مِنَ الزَّادِ وَلَا تَسْأَلُوا فِيهَا فَوْقَ الْكَفَافِ وَلَا تَطْلُبُوا مِنْهَا أَكْثَرَ مِنَ الْبَلَاغِ.(1/85)
نهج البلاغة :........... .................. صفحة : (86)
46- ومن كلام له ( عليه السلام ) عند عزمه على المسير إلى الشام
وهو دعاء دعا به ربه عند وضع رجله في الركاب :
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ وَالْوَلَدِ اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ وَأَنْتَ الْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ وَلَا يَجْمَعُهُمَا غَيْرُكَ لِأَنَّ الْمُسْتَخْلَفَ لَا يَكُونُ مُسْتَصْحَباً وَالْمُسْتَصْحَبُ لَا يَكُونُ مُسْتَخْلَفاً.
قال السيد الشريف رضي الله عنه : وابتداء هذا الكلام مروي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقد قفاه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بأبلغ كلام وتممه بأحسن تمام من قوله " ولا يجمعهما غيرك " إلى آخر الفصل.
47- ومن كلام له ( عليه السلام ) في ذكر الكوفة :
كَأَنِّي بِكِ يَا كُوفَةُ تُمَدِّينَ مَدَّ الْأَدِيمِ الْعُكَاظِيِّ تُعْرَكِينَ بِالنَّوَازِلِ وَتُرْكَبِينَ بِالزَّلَازِلِ وَإِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّهُ مَا أَرَادَ بِكِ جَبَّارٌ سُوءاً إِلَّا ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِشَاغِلٍ وَرَمَاهُ بِقَاتِلٍ.(1/86)
نهج البلاغة :........... .................. صفحة : (87)
48- ومن خطبة له ( عليه السلام ) عند المسير إلى الشام
قيل إنه خطب بها وهو بالنخيلة خارجا من الكوفة إلى صفين :
الْحَمْدُ لِلَّهِ كُلَّمَا وَقَبَ لَيْلٌ وَغَسَقَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كُلَّمَا لَاحَ نَجْمٌ وَخَفَقَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ غَيْرَ مَفْقُودِ الْإِنْعَامِ وَلَا مُكَافَإِ الْإِفْضَالِ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ بَعَثْتُ مُقَدِّمَتِي وَأَمَرْتُهُمْ بِلُزُومِ هَذَا الْمِلْطَاطِ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرِي وَقَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَقْطَعَ هَذِهِ النُّطْفَةَ إِلَى شِرْذِمَةٍ مِنْكُمْ مُوَطِّنِينَ أَكْنَافَ دِجْلَةَ فَأُنْهِضَهُمْ مَعَكُمْ إِلَى عَدُوِّكُمْ وَأَجْعَلَهُمْ مِنْ أَمْدَادِ الْقُوَّةِ لَكُمْ.
قال السيد الشريف : أقول يعني ( عليه السلام ) بالملطاط هاهنا السمت الذي أمرهم بلزومه وهو شاطئ الفرات ويقال ذلك أيضا لشاطئ البحر وأصله ما استوى من الأرض ويعني بالنطفة ماء الفرات وهو من غريب العبارات وعجيبها.
49- ومن كلام له ( عليه السلام ) وفيه جملة من صفات الربوبية والعلم الإلهي :
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بَطَنَ خَفِيَّاتِ الْأَمُوُرِ وَدَلَّتْ عَلَيْهِ أَعْلَامُ الظُّهُورِ وَامْتَنَعَ عَلَى عَيْنِ الْبَصِيرِ فَلَا عَيْنُ مَنْ لَمْ يَرَهُ تُنْكِرُهُ وَلَا قَلْبُ مَنْ أَثْبَتَهُ يُبْصِرُهُ سَبَقَ فِي الْعُلُوِّ فَلَا شَيْ ءَ أَعْلَى مِنْهُ وَقَرُبَ فِي(1/87)