لليلة منها تعود لنا من غير ما رفث و لا إثم أشهى إلى نفسي و لو برحت مما ملكت و من بني سهمآخر
و ما نلت منها محرما غير أنني أقبل بساما من الثغر أفلجاو الثم فاها آخذا بقرونها و أترك حاجات النفوس تحرجا
و أعف من هذا الشعر قول عبد بني الحسحاس على فسقه
لعمر أبيها ما صبوت و لا صبت إلي و إني من صبا لحليم سوى قبلة أستغفر الله ذنبها سأطعم مسكينا لها و أصومو قال آخر
و مجدولة جدل العناق كأنما سنا البرق في داجي الظلام ابتسامهاضربت لها الميعاد ليست بكنة و لا جارة يخشى على ذمامهافلما التقينا قالت الحكم فاحتكم سوى خلة هيهات منك مرامهافقلت معاذ الله أن أركب التي تبيد و يبقى في المعاد أثامها
شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 240قوله ليست بكنة و لا جارة يخشى علي ذمامها مأخوذ من قول قيس بن الخطيمو مثلك قد أحببت ليست بكنة و لا جارة و لا حليلة صاحب
و هذا الشاعر قد زاد عليه بقوله و لا حليلة صاحب. و أنشد ابن مندويه لبعضهم
أنا زاني اللسان و الطرف إلا أن قلبي يعاف ذاك و يأبى لا يراني الإله أشرب إلا كل ما حل شربه لي و طاباآخر
نلهو بهن كذا من غير فاحشة لهو الصيام بتفاح البساتين
بشار بن برد
قالوا حرام تلاقينا فقلت لهم ما في التزام و لا في قبلة حرج من راقب الناس لم يظفر بحاجته و فاز بالطيبات الفاتك اللهجالبيت الآخر مثل قول القائل
من راقب الناس مات هما و فاز باللذة الجسور
أبو الطيب المتنبي
و ترى الفتوة و المروءة و الأبوة في كل مليحة ضراتهاهن الثلاث المانعاتي لذتي في خلوتي لا الخوف من تبعاتهاإني على شغفي بما في خمرها لأعف عما في سراويلاتها(21/184)


شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 241كان الصاحب رحمه الله يستهجن قوله عما في سراويلاتها و يقول إن كثيرا من العهر أحسن من هذه العفة و معنى البيت الأول أن هذه الخلال الثلاث تراهن الملاح ضرائر لهن لأنهن يمنعنه عن الخلوة بالملاح و التمتع بهن ثم قال إن هذه الخلال هالتي تمنعه لا الخوف من تبعاتها و قال قوم هذا تهاون بالدين و نوع من الإلحاد و عندي أن هذا مذهب للشعراء معروف لا يريدون به التهاون بالدين بل المبالغة في وصف سجاياهم و أخلاقهم بالطهارة و أنهم يتركون القبيح لأنه قبيح لا لورود الشرع به و خوف العقاب منه و يمكن أيضا أن يريد بتبعاتها تبعات الدنيا أي لا أخاف من قوم هذه المحبوبة التي أنست بها و لا أشفق من حربهم و كيدهم فأما عفة اليد و عفة اللسان فهما باب آخر و قد ذكرنا طرفا صالحا من ذلك في الأجزاء المتقدمة عند ذكرنا الورع. و
في الحديث المرفوع لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يترك ما لا بأس به حذار ما به البأس(21/185)


و قال أبو بكر في مرض موته إنا منذ ولينا أمر المسلمين لم نأخذ لهم درهما و لا دينارا و أكلنا من جريش الطعام و لبسنا من خشن الثياب و ليس عندنا من في ء المسلمين إلا هذا الناضح و هذا العبد الحبشي و هذه القطيفة فإذا قبضت فادفعوا ذلك إلى عمر ليجعله في بيت مال السلمين فلما مات حمل ذلك إلى عمر فبكى كثيرا ثم قال رحم الله أبا بكر لقد أتعب من بعده. قال سليمان بن داود يا بني إسرائيل أوصيكم بأمرين أفلح من فعلهما لا تدخلوا أجوافكم إلا الطيب و لا تخرجوا من أفواهكم إلا الطيب. شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 242و قال بعض الحكم إذا شئت أن تعرف ربك معرفة يقينية فاجعل بينك و بين المحارم حائطا من حديد فسوف يفتح عليك أبواب معرفته. و مما يحكى من ورع حسان بن أبي سنان أن غلاما له كتب إليه من الأهواز أن قصب السكر أصابته السنة آفة فابتع ما قدرت عليه من السكر فإنك تجد له ربحا كثيرا فيما بعد فابتاع و طلب منه ما ابتاعه بعد قليل بربح ثلاثين ألف درهم فاستقال البيع من صاحبه و قال إنه لم يعلم ما كنت أعلم حين اشتريته منه فقال البائع قد علمت الآن مقدار الربح و قد طيبته لك و أحللتك فلم يطمئن قلبه و ما زال حتى رده عليه. يقال إن غنم الغارة اختلطت بغم أهل الكوفة فتورع أبو حنيفة أن يأكل اللحم و سأل كم تعيش الشاة قالوا سبع سنين فترك أكل لحم الغنم سبع سنين. و يقال إن المنصور حمل إليه بدرة فرمى بها إلى زاوية البيت فلما مات جاء بها ابنه حماد بن أبي حنيفة إلى أبي الحسن بن أبي قحطبة و قال إن أبي أوصاني أن أرد هذه عليك و قال إنها كانت عندي كالوديعة فاصرفها فيما أمرك الله به فقال أبو الحسن رحم الله أبا حنيفة لقد شح بدينه إذ سخت به نفوس أقوام. و قال سفيان الثوري انظر درهمك من أين هو و صل في الصف الأخير.
جابر سمعت النبي ص يقول لكعب بن عجرة لا يدخل الجنة لحم نبت من السحت النار أولى به(21/186)


الحسن لو وجدت رغيفا من حلال لأحرقته ثم سحقته ثم جعلته ذرورا ثم داويت به المرضى. شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 24 عائشة قالت يا رسول الله من المؤمن قال من إذا أصبح نظر إلى رغيفيه كيف يكتسبهما قالت يا رسول الله أما إنهم لو كلفوا ذلك لتكلفوه فقال لها إنهم قد كلفوه و لكنهم يعسفون الدنيا عسفا
حذيفة بن اليمان يرفعه أن قوما يجيئون يوم القيامة و لهم من الحسنات كأمثال الجبال فيجعلها الله هباء منثورا ثم يؤمر بهم إلى النار فقيل خلهم لنا يا رسول الله قال إنهم كانوا يصلون و يصومون و يأخذون أهبة من الليل و لكنهم كانوا إذا عرض عليهم الحرام وثبوا عليه
شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 483244وَ قَالَ ع الْقَنَاعَةُ مَالٌ لَا يَنْفَدُ قال و قد روى بعضهم هذا الكلام عن رسول الله ص
قد تقدم القول في هذا المعنى و قد تكررت هذه اللفظة بذاتها في كلامه ع. و من جيد القول في القناعة قول الغزي
أنا كالثعبان جلدي ملبسي لست محتاجا إلى ثوب الجمال فالخمول العز و اليأس الغنى و القنوع الملك هذا ما بدا ليو قال أيضا
لا تعجبن لمن يهوى و يصعد في دنياه فالخلق في أرجوحة القدرو اقنع بما قل فالأوشال صافية و لجة البحر لا تخلو من الكدر
شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 484245وَ قَالَ ع لِزِيَادِ ابْنِ أَبِيهِ وَ قَدِ اسْتَخْلَفَهُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ عَلَى فَارِسَ وَ أَعْمَالِهَا فِي كَلَامٍ طَوِيلٍ كَانَ بَيْنَهُمَا نَهَاهُ فِيهِ عَنْ تَقْدِيمِ الْخَرَاجِ. اسْتَعْمِلِ الْعَدْلوَ احْذَرِ الْعَسْفَ وَ الْحَيْفَ فَإِنَّ الْعَسْفَ يَعُودُ بِالْجَلَاءِ وَ الْحَيْفَ يَدْعُو إِلَى السَّيْفِ(21/187)


قد سبق الكلام في العدل و الجور و كانت عادة أهل فارس في أيام عثمان أن يطلب الوالي منهم خراج أملاكهم قبل بيع الثمار على وجه الاستسلاف أو لأنهم كانوا يظنون أن أول السنة القمرية هو مبتدأ وجوب الخراج حملا للخراج التابع لسنة الشمس على الحقوق الهلالية التابعة لسنة القمر كأجرة العقار و جوالي أهل الذمة فكان ذلك يجحف بالناس و يدعو إلى عسفهم و حيفهم. و قد غلط في هذا المعنى جماعة من الملوك في كثير من الأعصار و لم يعلموا فرق ما بين السنتين ثم تنبه له قوم من أذكياء الناس فكبسوا و جعلوا السنين واحدة ثم أهمل الناس الكبس و انفرج ما بين السنة القمرية و السنة الخراجية التي هي سنة الشمس انفراجا كثيرا. و استقصاء القول في ذلك لا يليق بهذا الموضع لأنه خارج عن فن الأدب الذي هو موضوع كتابنا هذا َ
شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 485246وَ قَالَ ع أَشَدُّ الذُّنُوبِ مَا اسْتَخَفَّ بِهَا صَاحِبُهَاعظم المصيبة على حسب نعمة العاصي و لهذا كان لطم الولد وجه الوالد كبيرا ليس كلطمة وجه غير الوالد. و لما كان البارئ تعالى أعظم المنعمين بل لا نعمة إلا و هي في الحقيقة من نعمه و منسوبة إليه كانت مخالفته و معصيته عظمة جدا فلا ينبغي لأحد أن يعصيه في أمر و إن كان قليلا في ظنه ثم يستقله و يستهين به و يظهر الاستخفاف و قلة الاحتفال بمواقعته فإنه يكون قد جمع إلى المعصية معصية أخرى و هي الاستخفاف بقدر تلك المعصية التي لو أمعن النظر لعلم أنها عظيمة ينبغي له لو كان رشيدا أن يبكي عليها الدم فضلا عن الدمع فلهذا قال ع أشد الذنوب ما استخف بها صاحبها
شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 486247وَ قَالَ ع مَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَى أَهْلِ الْجَهْلِ أَنْ يَتَعَلَّمُوا حَتَّى أَخَذَ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يُعَلِّمُواتعليم العلم فرض كفاية و
في الخبر المرفوع من علم علما و كتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار(21/188)

46 / 69
ع
En
A+
A-