و من مختار ما جاء من الشعر في الشيب و إن لم يكن فيه ذكر الخضاب قول أبي تمام
نسج المشيب له لفاعا مغدفا يققا فقنع مذرويه و نصفانظر الزمان إليه قطع دونه نظر الشقيق تحسرا و تلهفاما اسود حتى ابيض كالكرم الذي لم يبد حتى جي ء كيما يقطفالما تفوفت الخطوب سوادها ببياضها عبثت به فتفوفاما كان يخطر قبل ذا في فكره للبدر قبل تمامه أن يكسفاو قال أيضا
غدا الهم مختطا بفودي خطة طريق الردى منها إلى الموت مهيع
شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 232هو الزور يجفى و المعاشر يجتوى و ذو الإلف يقلى و الجديد يرقع له منظر في العين أبيض ناصع و لكنه في القلب أسود أسفع و نحن نرجيه على الكره و الرضا و أنف الفتى من وجهه و هو أو قال أيضا
شعلة في المفارق استودعتني في صميم الأحشاء ثكلا صميماتستثير الهموم ما اكتن منها صعدا و هي تستثير الهموماغرة مرة ألا إنما كنت أغر أيام كنت بهيمادقة في الحياة تدعى جلالا مثل ما سمي اللديغ سليماحلمتني زعمتم و أراني قبل هذا التحليم كنت حليما
و قال الصابي و ذكر الخضاب
خضبت مشيبي للتعلق بالصبا و أوهمت من أهواه أني لم أشب فلما ادعى مني العذار شبيبة إذا صلعي قد صاح من فوقه كذب فكم طرة طارت و دانت ذوائب و كم وجنة حالت و ماء بها نضب شواهد بالتزوير يحوين ربها فهجرانه عند الأحبة قد والبحتري
بان الشباب فلا عين و لا أثر إلا بقية برد منه أسمال قد كدت أخرجه عن منتهى عددي يأسا و أسقطه إذ فات من بالي سوء العواقب يأس قبله أمل و أعضل الداء نكس بعد إبلال و المرء طاعة أيام تنقله تنقل الظل من حال إلى ح شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 482233وَ قَالَ ع مَا الْمُجَاهِدُ الشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَعْظَمَ أَجْراً مِمَّنْ قَدَرَ فَعَفَّ لَكَادَ الْعَفِيفُ أَنْ يَكُونَ مَلَكاً مِنَ الْمَلَائِكَةِنبذ و حكايات حول العفة
قد تقدم القول في العفة و هي ضروب عفة اليد و عفة اللسان و عفة الفرج و هي العظمى و(21/179)


قد جاء في الحديث المرفوع من عشق فكتم و عف و صبر فمات مات شهيدا و دخل الجنة
و في حكمة سليمان بن داود أن الغالب لهواه أشد من الذي يفتح المدينة وحده
نزل خارجي على بعض إخوانه منهم مستترا من الحجاج فشخص المنزول عليه لبعض حاجاته و قال لزوجته يا ظمياء أوصيك بضيفي هذا خيرا و كانت من أحسن الناس فلما عاد بعد شهر قال لها كيف كان ضيفك قالت ما أشغله بالعمى عن كل شي ء و كان الضيف أطبق جفنيه فلم ينظر إلى المرأة ولا إلى منزلها إلى أن عاد زوجها. شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 234و قال الشاعرإن أكن طامح اللحاظ فإني و الذي يملك القلوب عفيف
خرجت امرأة من صالحات نساء قريش إلى بابها لتغلقه و رأسها مكشوف فرآها رجل أجنبي فرجعت و حلقت شعرها و كانت من أحسن النساء شعرا فقيل لها في ذلك قالت ما كنت لأدع على رأسي شعرا رآه من ليس لي بمحرم. كان ابن سيرين يقول ما غشيت امرأة قط في يقظة و لا نوم غير أم عبد الله و إني لأرى المرأة في المنام و أعلم أنها لا تحل لي فأصرف بصري عنها. و قال بعضهم
و إني لعف عن فكاهة جارتي و إني لمشنوء إلي اغتيابهاإذا غاب عنها بعلها لم أكن لها صديقا و لم تأنس إلي كلابهاو لم أك طلابا أحاديث سرها و لا عالما من أي حوك ثيابها
دخلت بثينة على عبد الملك بن مروان فقال ما أرى فيك يا بثينة شيئا مما كان يلهج به جميل فقالت إنه كان يرنو إلي بعينين ليستا في رأسك يا أمير المؤمنين قال فكيف صادفته في عفته قالت كما وصف نفسه إذ قال
لا و الذي تسجد الجباه له ما لي بما ضم ثوبها خبرو لا بفيها و لا هممت به ما كان إلا الحديث و النظر(21/180)


و قال أبو سهل الساعدي دخلت على جميل في مرض موته فقال يا أبا سهل رجل يلقى الله و لم يسفك دما حراما و لم يشرب خمرا و لم يأت فاحشة أ ترجو له الجنة قلت إي و الله فمن هو قال إني لأرجو أن أكون أنا ذلك فذكرت له بثينة شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 235فقال إني لفي آ يوم من أيام الدنيا و أول يوم من أيام الآخرة لا نالتني شفاعة محمد إن كنت حدثت نفسي بريبة معها أو مع غيرها قط. قال الشاعر
قالت و قلت ترفقي فصلي حبل امرئ بوصالكم صب صادق إذا بعلي فقلت لها الغدر شي ء ليس من شعبي ثنتان لا أصبو لوصلهما عرس الصديق و جارة الجنب أما الصديق فلست خائنه و الجار أوصاني به يقال إن امرأة ذات جمال دعت عبد الله بن عبد المطلب إلى نفسها لما كانت ترى على وجهه من النور فأبى و قال
أما الحرام فالممات دونه و الحل لا حل فأستبينه فكيف بالأمر الذي تبغينه يحمي الكريم عرضه و دينهراود توبة بن الحمير ليلى الأخيلية مرة عن نفسها فاشمأزت منه و قالت
و ذي حاجة قلنا له لا تبح بها فليس إليها ما حييت سبيل لنا صاحب لا ينبغي أن نخونه و أنت لأخرى صاحب و خليلابن ميادة
موانع لا يعطين حبة خردل و هن زوان في الحديث أوانس و يكرهن أن يسمعن في اللهو ريبة كما كرهت صوت اللجام الشوامسآخر
بيض أوانس ما هممن بريبة كظباء مكة صيدهن حرام
شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 236يحسبن من لين الكلام زوانيا و يصدهن عن الخنا الإسلا في الحديث المرفوع لا تكونن حديد النظر إلى ما ليس لك فإنه لا يزني فرجك ما حفظت عينيك و إن استطعت ألا تنظر إلى ثوب المرأة التي لا تحل لك فافعل و لن تستطيع ذلك إلا بإذن الله
كان ابن المولى الشاعر المدني موصوفا بالعفة و طيب الإزار فأنشد عبد الملك شعرا له من جملته(21/181)


و أبكي فلا ليلى بكت من صبابة لباك و لا ليلى لذي البذل تبذل و أخنع بالعتبى إذا كنت مذنبا و إن أذنبت كنت الذي أتنصلفقال عبد الملك من ليلى هذه إن كانت حرة لأزوجنكها و إن كانت أمة لأشترينها لك بالغة ما بلغت فقال كلا يا أمير المؤمنين ما كنت لأصعر وجه حر أبدا في حرته و لا في أمته و ما ليلى التي أنست بها إلا قوسي هذه سميتها ليلى لأن الشاعر لا بد له من النسيب. ابن الملوح المجنون
كأن على أنيابها الخمر مجه بماء الندى من آخر الليل غابق و ما ذقته إلا بعيني تفرسا كما شيم من أعلى السحابة بارقهذا مثل بيت الحماسة
بأعذب من فيها و ما ذقت طعمه و لكنني فيما ترى العين فارس
شاعر
ما إن دعاني الهوى لفاحشة إلا نهاني الحياء و الكرم
شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 237و لا إلى محرم مددت يدي و لا مشت بي لريبة قدالعباس بن الأحنف
أ تأذنون لصب في زيارتكم فعندكم شهوات السمع و البصرلا يضمر السوء إن طال الجلوس به عف الضمير و لكن فاسق النظر
قال بعضهم رأيت امرأة مستقبلة البيت في الموسم و هي في غاية الضر و النحافة رافعة يديها تدعو فقلت لها هل لك من حاجة قالت حاجتي إن تنادي في الموقف بقولي
تزود كل الناس زادا يقيمهم و ما لي زاد و السلام على نفسي
ففعلت و إذا أنا بفتى منهوك فقال أنا الزاد فمضيت به إليها فما زادوا على النظر و البكاء ثم قالت له انصرف مصاحبا فقلت ما علمت أن التقاء كما يقتصر فيه على هذا فقالت أمسك يا فتى أ ما علمت أن ركوب العار و دخول النار شديد. قال بعضهم
كم قد ظفرت بمن أهوى فيمنعني منه الحياء و خوف الله و الحذرو كم خلوت بمن أهوى فيقنعني منه الفكاهة و التحديث و النظرأهوى الملاح و أهوى أن أجالسهم و ليس لي في حرام منهم وطركذلك الحب لا إتيان معصية لا خير في لذة من بعدها سقر(21/182)


قال محمد بن عبد الله بن طاهر لبنيه اعشقوا تظرفوا و عفوا تشرفوا. وصف أعرابي امرأة طرقها فقال ما زال القمر يرينيها فلما غاب أرتنيه فقيل فما كان بينكما قال ما أقرب ما أحل الله مما حرم إشارة في غير بأس و دنو من غير مساس و لا وجع أشد من الذنوب. شرح نهج البلاغج : 20 ص : 238كثير عزة
و إني لأرضى منك يا عز بالذي لو أبصره الواشي لقرت بلابله بلا و بألا أستطيع و بالمنى و بالوعد حتى يسأم الوعد آمله و بالنظرة العجلي و بالحول ينقضي أواخره لا نلتقي و أوائلو قال بعض الظرفاء كان أرباب الهوى يسرون فيما مضى و يقنعون بأن يمضغ أحدهم لبانا قد مضغته محبوبته أو يستاك بسواكها و يرون ذاك عظيما و اليوم يطلب أحدهم الخلوة و إرخاء الستور كأنه قد أشهد على نكاحها أبا سعيد و أبا هريرة. و قال أحمد بن أبي عثمان الكاتب
و إني ليرضيني المرور ببابها و أقنع منها بالوعيد و بالزجر
قال يوسف بن الماجشون أنشدت محمد بن المنكدر قول وضاح اليمن
إذا قلت هاتي نوليني تبسمت و قالت معاذ الله من فعل ما حرم فما نولت حتى تضرعت حولها و عرفتها ما رخص الله في اللممفضحك و قال إن كان وضاح لفقيها في نفسه. قال آخر
فقالت بحق الله إلا أتيتنا إذا كان لون الليل لون الطيالس فجئت و ما في القوم يقظان غيرها و قد نام عنها كل وال و حارس فبتنا مبيتا طيبا نستلذه جميعا و لم أمدد لها كف لاممرت امرأة حسناء بقوم من بني نمير مجتمعين في ناد لهم فرمقوها بأبصارهم. و قال قائل منهم ما أكملها لو لا أنها رسحاء فالتفتت إليهم و قالت و الله شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 239يا بني نمير ما أطعتم الله و لا الشاعر قال الله تعالى قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواِنْ أَبْصارِهِمْ. و قال الشاعر
فغض الطرف إنك من نمير فلا كعبا بلغت و لا كلابا
فأخجلتهم. و قال أبو صخر الهذلي من شعر الحماسة(21/183)

45 / 69
ع
En
A+
A-