و يقولون للسحاب فحل الأرض. و قالوا القلم أحد اللسانين و رداءة الخط أحد الزمانتين. قال و قال الجاحظ رأيت رجلا أعمى يقول في الشوارع و هو يسأل ارحموا ذا الزمانتين قلت و ما هما قال أنا أعمى و صوتي قبيح و قد أشار شاعر إلى هذا فقال
اثنان إذا عدا حقيق بهما الموت فقير ما له زهد و أعمى ما له صوتو قال رسول الله ص إياكم و خضراء الدمن فلما سئل عنها قال المرأة الحسناء في المنبت السوء
و قال ع في صلح قوم من العرب إن بيننا و بينهم عيبة مكفوفة أي لا نكشف ما بيننا و بينهم من ضغن و حقد و دم
و قال ع الأنصار كرشي و عيبتي
أي موضع سري و كرشي جماعتي. شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 211و يقال جاء فلان ربذ العنان أي منهزما. و جاء ينفض مذرويه أي يتوعد من غير حقيقة. و جاء ينظر عن شماله أي منهزما. و تقول فلان عندي بالشمال أي منزلته خسيسة و فلان عندي باليمين أي بالمنزلة العليا قال أبوواس
أقول لناقتي إذ بلغتني لقد أصبحت عندي باليمين فلم أجعلك للغربان نهبا و لم أقل اشرقي بدم الوتين حرمت على الأزمة و الولايا و أعلاق الرحالة و الوضيو قال ابن ميادة
أبيني أ في يمنى يديك جعلتني فأفرح أم صيرتني في شمالك
و تقول العرب التقى الثريان في الأمرين يأتلفان و يتفقان أو الرجلين قال أبو عبيدة و الثرى التراب الندي في بطن الوادي فإذا جاء المطر و سح في بطن الوادي حتى يلتقي نداه و الندى الذي في بطن الوادي يقال التقى الثريان. و يقولون هم في خير لا يطير غرابه يريدون أنهم في خير كثير و خصب عظيم فيقع الغراب فلا ينفر لكثرة الخصب. و كذلك أمر لا ينادى وليده أي أمر عظيم ينادى فيه الكبار دون الصغار. و قيل المراد أن المرأة تشتغل عن وليدها فلا تناديه لعظم الخطب و من هذا قول الشاعر يصف حربا عظيمة شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 21إذا خرس الفحل وسط الحجور و صاح الكلاب و عق الولد(21/164)


يريد أن الفحل إذا عاين الجيش و البارقة لم يلتفت لفت الحجور و لم يصهل و تنبح الكلاب أربابها لأنها لا تعرفهم للبسهم الحديد و تذهل المرأة عن ولدها رعبا فجعل ذلك عقوقا. و يقولون أصبح فلان على قرن أعفر و هو الظبي إذا أرادوا أصبح على خطر و ذلك لأن قرن الظبي ليس يصلح مكانا فمن كان عليه فهو على خطر قال إمرؤ القيس
و لا مثل يوم بالعظالى قطعته كأني و أصحابي على قرن أعفرا
و قال أبو العلاء المعري
كأنني فوق روق الظبي من حذر
و أنشد ابن دريد في هذا المعنى
و ما خير عيش لا يزال كأنه محلة يعسوب برأس سنان
يعني من القلق و أنه غير مطمئن. و يقولون به داء الظبي أي لا داء به لأن الظبي صحيح لا يزال و المرض قل أن يعتريه و يقولون للمتلون المختلف الأحوال ظل الذئب لأنه لا يزل مرة هكذا و مرة هكذا و يقولون به داء الذئب أي الجوع. شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 213و عهد فل عهد الغراب يعنون أنه غادر قالوا لأن كل طائر يألف أنثاه إلا الغراب فإنه إذا باضت الأنثى تركها و صار إلى غيرها. و يقولون ذهب سمع الأرض و بصرها أي حيث لا يدرى أين هو. و تقولون ألقى عصاه إذا أقام و استقر قال الشاعر
فألقت عصاها و استقر بها النوى كما قر عينا بالإياب المسافر
و وقع القضيب من يد الحجاج و هو يخطب فتطير بذلك حتى بان في وجهه فقام إليه رجل فقال إنه ليس ما سبق وهم الأمير إليه و لكنه قول القائل و أنشده البيت فسري عنه. و يقال للمختلفين طارت عصاهم شققا. و يقال فلان منقطع القبال أي لا رأي له. و فلان عريض البطان أي كثير الثروة. و فلان رخي اللب أي في سعة. و فلان واقع الطائر أي ساكن. و فلان شديد الكاهل أي منيع الجانب. و فلان ينظر في أعقاب نجم مغرب أي هو نادم آيس قال الشاعر
فأصبحت من ليلى الغداة كناظر مع الصبح في أعقاب نجم مغرب(21/165)


و سقط في يده أي أيقن بالهلكة. و قد رددت يده إلى فيه أي منعته من الكلام. و بنو فلان يد على بني فلان أي مجتمعون. شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 214و أعطاه كذا عن ظهر يد أي ابتداء لا عن مكافأة. و يقولون جاء فلان ناشرا أذنيه أي جاء طامعا. و يقال هذه فرس غير محلفأي لا تحوج صاحبها إلى أن يحلف أنها كريمة قال
كميت غير محلفة و لكن كلون الصرف عل به الأديم
و تقول حلب فلان الدهر أشطره أي مرت عليه صروبه خيره و شره. و قرع فلان لأمر ظنبوبه أي جد فيه و اجتهد. و تقول أبدى الشر نواجذه أي ظهر. و قد كشفت الحرب عن ساقها و كشرت عن نابها. و تقول استنوق الجمل يقال ذلك للرجل يكون في حديث ينتقل إلى غيره يخلطه به. و تقول لمن يهون بعد عز استأتن العير. و تقول للضعيف يقوى استنسر البغاث. و يقولون شراب بأنقع أي معاود للأمور و قال الحجاج يا أهل العراق إنكم شرابون بأنقع أي معتادون الخير و الشر و الأنقع جمع نقع و هو ما استنقع من الغدران و أصله في الطائر الحذر يرد المناقع في الفلوات حيث لا يبلغه قانص و لا ينصب له شرك(21/166)


شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 215حديث عن إمرئ القيسو نختم هذا الفصل في الكنايات بحكاية رواها أبو الفرج علي بن الحسين الأصبهاني قال أبو الفرج أخبرني محمد بن القاسم الأنباري قال حدثني ابن عمي قال حدثنا أحمد بن عبد الله عن الهيثم بن عدي قال و حدثني عمي قال حدثنا محمد بن سعد الكراني قال حدثنا العمري عن الهيثم بن عدي عن مجالد بن سعيد عن عبد الملك بن عمير قال قدم علينا عمر بن هبيرة الكوفة أميرا على العراق فأرسل إلى عشرة من وجوه أهل الكوفة أنا أحدهم فسرنا عنده فقال ليحدثني كل رجل منكم أحدوثة و ابدأ أنت يا أبا عمرو فقلت أصلح الله الأمير أ حديث حق أم حديث باطل قال بل حديث حق فقلت إن إمرأ القيس كان آلى ألية ألا يتزوج امرأة حتى يسألها عن ثمانية و أربعة و اثنتين فجعل يخطب النساء فإذا سألهن عن هذا قلن أربعة عشر فبينا هو يسير في جوف الليل إذا هو برجل يحمل ابنة صغيرة له كأنها البدر لتمه فأعجبته فقال لها يا جارية ما ثمانية و أربعة و اثنتان فقالت أما ثمانية فأطباء الكلبة و أما أربعة فأخلاف الناقة و أما اثنتان فثديا المرأة فخطبها إلى أبيها فزوجه إياها و شرطت عليه أن تسأله ليلة بنائها عن ثلاث خصال فجعل لها ذلك و على أن يسوق إليها مائة من الإبل و عشرة أعبد و عشر وصائف و ثلاثة أفراس ففعل ذلك ثم بعث عبدا إلى المرأة و أهدى إليها معه نحيا من سمن و نحيا من عسل و حلة من عصب فنزل العبد على بعض المياه و نشر الحلة فلبسها فتعلقت بسمرة فانشقت و فتح النحيين فأطعم أهل الماء منهما فنقصا ثم قدم على المرأة و أهلها خلوف فسألها عن أبيها و أمها و أخيها و دفع إليها شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 216هديتها فقالت أعلم مولاك أن أبي ذهب يقرب بعيدا و يبعد قريبا و أن أمي ذهبت تشق النفس نفسين و أن أخي ذهب يراعي الشمس و أن سماءكم انشقت و أن وعاءيكم نضبا. فقدم الغلام على مولاه فأخبره فقال أما قولها أن أبي ذهب يب بعيدا و يبعد(21/167)


قريبا فإن أباها ذهب يحالف قوما على قومه و أما قولها إن أمي ذهبت تشق النفس نفسين فإن أمها ذهبت تقبل امرأة نفساء و أما قولها إن أخي ذهب يراعي الشمس فإن أخاها في سرح له يرعاه فهو ينتظر وجوب الشمس ليروح به و أما قولها إن سماءكم انشقت فإن البرد الذي بعثت به انشق و أما قولها إن وعاءيكم نضبا فإن النحيين اللذين بعثت بهما نقصا فاصدقني فقال يا مولاي إني نزلت بماء من مياه العرب فسألوني عن نسبي فأخبرتهم أني ابن عمك و نشرت الحلة و لبستها و تجملت بها فتعلقت بسمرة فانشقت و فتحت النحيين فأطعمت منهما أهل الماء فقال أولى لك ثم ساق مائة من الإبل و خرج نحوها و معه العبد يسقي الإبل فعجز فأعانه إمرؤ القيس فرمى به العبد في البئر و خرج حتى أتى إلى أهل الجارية بالإبل فأخبرهم أنه زوجها فقيل لها قد جاء زوجك فقالت و الله ما أدري أ زوجي هو أم لا و لكن انحروا له جزورا و أطعموه من كرشها و ذنبها ففعلوا فأكل ما أطعموه فقالت اسقوه لبنا حازرا و هو الحامض فسقوه فشرب فقالت افرشوا له عند الفرث و الدم ففرشوا له فنام فلما أصبحت أرسلت إليه أني أريد أن أسألك فقال لها سلي عما بدا لك فقالت مم تختلج شفتاك قال من تقبيلي إياك فقالت مم يختلج كشحاك قال لالتزامي إياك قالت فمم يختلج فخذاك(21/168)

42 / 69
ع
En
A+
A-