أقام بأرض الشام فاختل جانبي و مطلبه بالشام غير قريب و لا سيما من مفلس حلف نقرس أ ما نقرس في مفلس بعجيبو قال بعضهم يهجو ابن زيدان الكاتب
تواضع النقرس حتى لقد صار إلى رجل ابن زيدان علة إنسان و لكنها قد وجدت في غير إنسانو يقولون للمترف رقيق النعل و أصله قول النابغة
رقاق النعال طيب حجزاتهم يحيون بالريحان يوم السباسب
يعني أنهم ملوك و الملك لا يخصف نعله و إنما يخصف نعله من يمشي و قوله طيب حجزاتهم أي هم أعفاء الفروج أي يشدون حجزاتهم على عفة و كذلك قولهم فلان مسمط النعال أي نعله طبقة واحدة غير مخصوف قال المرار بن سعيد الفقعسي
وجدت بني خفاجة في عقيل كرام الناس مسمطة النعال
و قريب من هذا قول النجاشي
و لا يأكل الكلب السروق نعالنا و لا ينتقي المخ الذي في الجماجم
شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 204يريد أن نعالهم سبت و السبت جلود البقر المدبوغة بالقرظ و لا تقربها الكلاب و إنما تأكل الكلاب غير المدبوغ لأنه إذا أصابه المطر دسمه فصار زهما. و يقولون للسيد لا يطأ على قدم أي هو يتقدم الناس و لا يتبع أحدا فيطأ على قدمه. و يقون قد اخضرت نعالهم أي صاروا في خصب و سعة قال الشاعر
يتايهون إذا اخضرت نعالهم و في الحفيظة أبرام مضاجير(21/159)


و إذا دعوا على إنسان بالزمانة قالوا خلع الله نعليه لأن المقعد لا يحتاج إلى نعل. و يقولون أطفأ الله نوره كناية عن العمى و عن الموت أيضا لأن من يموت فقد طفئت ناره. و يقولون سقاه الله دم جوفه دعاء عليه بأن يقتل ولده و يضطر إلى أخذ ديته إبلا فيشرب ألبانها. و يقولون رماه الله بليلة لا أخت لها أي ليلة موته لأن ليلة الموت لا أخت لها. و يقولون وقعوا في سلا جمل أي في داهية لا يرى مثلها لأن الجمل لا سلا له و إنما السلا للناقة و هي الجليدة التي تكون ملفوفة على ولدها. و يقولون صاروا في حولاء ناقة إذ صاروا في خصب. و كانوا إذا وصفوا الأرض بالخصب قالوا كأنها حولاء ناقة. شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 205و يقولون لأبناء الملوك و الرؤساء و من يجري مجراهم جفاة المحز قال الشاعرجفاة المحز لا يصيبون مفصلا و لا يأكلون اللحم إلا تخذما
يقول هم ملوك و أشباه الملوك لا حذق لهم بنحر الإبل و الغنم و لا يعرفون التجليد و السلخ و لهم من يتولى ذلك عنهم و إذا لم يحضرهم من يجزر الجزور تكلفوا هم ذلك بأنفسهم فلم يحسنوا حز المفصل كما يفعله الجزار و قوله
و لا يأكلون اللحم إلا تخذما
أي ليس بهم شره فإذا أكلوا اللحم تخذموا قليلا قليلا و الخذم القطع و أنشد الجاحظ في مثله
و صلع الرءوس عظام البطون جفاة المحز غلاظ القصر
لأن ذلك كله أمارات الملوك و قريب من ذلك قوله
ليس براعي إبل و لا غنم و لا بجزار على ظهر وضم
و يقولون فلان أملس يكنون عمن لا خير فيه و لا شر أي لا يثبت فيه حمد و لا ذم. و يقولون ملحه على ركبته أي هو سيئ الخلق يغضبه أدنى شي ء قال لا تلمها إنها من عصبة ملحها موضوعة فوق الركب
و يقولون كناية عن مجوسي هو ممن يخط على النمل و النمل جمع نملة و هي قرحة بالإنسان كانت العرب تزعم أن المجوسي إذا كان من أخته و خط عليها برأت قال الشاعر
و لا عيب فينا غير عرق لمعشر كرام و أنا لا نخط على النمل(21/160)


شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 206و يقولون للصبي قد قطفت ثمرته أي ختن و قال عمارة بن عقيل بن بلال بن جريرما زال عصياننا لله يرذلنا حتى دفعنا إلى يحيى و دينارإلا عليجين لم تقطف ثمارها قد طالما سجدا للشمس و النار
و يقولون قدر حليمة أي لا غليان فيها. و يقولون لمن يصلي صلاة مختصرة هو راجز الصلاة. و قال أعرابي لرجل رآه يصلي صلاة خفيفة صلاتك هذه رجز. و يقولون فلان عفيف الشفة أي قليل السؤال و فلان خفيف الشفة كثير السؤال. و تكني العرب عن المتيقظ بالقطامي و هو الصقر. و يكنون عن الشدة و المشقة بعرق القربة يقولون لقيت من فلان عرق القربة أي العرق الذي يحدث بك من حملها و ثقلها و ذلك لأن أشد العمل كان عندهم السقي و ما ناسبه من معالجة الإبل. و تكني العرب عن الحشرات و هوام الأرض بجنود سعد يعنون سعد الأخبية و ذلك لأنه إذا طلع انتشرت في ظاهر الأرض و خرج منها ما كان مستترا في باطنها قال الشاعر
قد جاء سعد منذرا بحره موعدة جنوده بشره
و يكني قوم عن السائلين على الأبواب بحفاظ سورة يوسف ع لأنهم يعتنون بحفظها دون غيرها و قال عمارة يهجو محمد بن وهيب
تشبهت بالأعراب أهل التعجرف فدل على ما قلت قبح التكلف
شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 207لسان عراقي إذا ما صرفته إلى لغة الأعراب لم يتصرف و لم تنس ما قد كان بالأمس حاكه أبوك و عود الجف لم يتقصف لئن كنت للأشعار و النحو حافظا لقد كان من حفاظ سورة يو يكنون عن اللقيط بتربية القاضي و عن الرقيب بثاني الحبيب لأنه يرى معه أبدا قال ابن الرومي
موقف للرقيب لا أنساه لست أختاره و لا آباه مرحبا بالرقيب من غير وعد جاء يجلو علي من أهواه لا أحب الرقيب إلا لأني لا أرى من أحب حتى أرو يكنون عن الوجه المليح بحجة المذنب إشارة إلى قول الشاعر
قد وجدنا غفلة من رقيب فسرقنا نظرة من حبيب و رأينا ثم وجها مليحا فوجدنا حجة للذنوبو يكنون عن الجاهل ذي النعمة بحجة الزنادقة قال ابن الرومي(21/161)


مهلا أبا الصقر فكم طائر خر صريعا بعد تحليق لا قدست نعمى تسربلتها كم حجة فيها لزنديقو قال ابن بسام في أبي الصقر أيضا
يا حجة الله في الأرزاق و القسم و عبرة لأولى الألباب و الفهم تراك أصبحت في نعماء سابغة إلا و ربك غضبان على النعمفهذا ضد ذلك المقصد لأن ذاك جعله حجة على الزندقة و هذا جعله حجة على قدرة البارئ سبحانه على عجائب الأمور و غرائبها و أن النعم لا قدر لها عنده سبحانه حيث جعلها عند أبي الصقر مع دناءة منزلته و قال ابن الرومي شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 20و قينة أبرد من ثلجه تبيت منها النفس في ضجه كأنها من نتنها صخة لكنها في اللون أترجه تفاوتت خلقتها فاغتدت لكل من عطل محتجو قد يشابه ذلك قول أبي علي البصير في ابن سعدان
يا ابن سعدان أجلح الرزق في أمرك و استحسن القبيح بمره نلت ما لم تكن تمنى إذا ما أسرفت غاية الأماني عشره ليس فيما أظن إلا لكيلا ينكر المنكرون لله قدرو للمفجع في قريب منه
إن كنت خنتكم المودة غادرا أو حلت عن سنن المحب الوامق فمسخت في قبح ابن طلحة إنه ما دل قط على كمال الخالقو يقولون عرض فلان على الحاجة عرضا سابريا أي خفيفا من غير استقصاء تشبيها له بالثوب السابري و الدرع السابرية و هي الخفيفة. و يحكى أن مرتدا مر على قوم يأكلون و هو راكب حمارا فقالوا انزل إلينا فقال هذا عرض سابري فقالوا انزل يا ابن الفاعلة و هذا ظرف و لباقه. و يقولون في ذلك وعد سابري أي لا يقرن به وفاء و أصل السابري اللطيف الرقق. و قال المبرد سألت الجاحظ من أشعر المولدين فقال القائل
كأن ثيابه أطلعن من أزراره قمرايزيدك وجهه حسنا إذا ما زدته نظرابعين خالط التفتير في أجفانها الحورا(21/162)


شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 209و وجه سابري لو تصوب ماؤه قطريعني العباس بن الأحنف. و تقول العرب في معنى قول المحدثين عرض عليه كذا عرضا سابريا عرض عليه عرض عالة أي عرض الماء على النعم العالة التي قد شربت شربا بعد شرب و هو العلل لأنها تعرض على الماء عرضا خفيفا لا تبالغ فيه. و من الكنايات الحسنة قول أعرابية قالت لقيس بن سعد بن عبادة أشكو إليك قلة الجرذان في بيتي فاستحسن منها ذلك و قال لأكثرنها املئوا لها بيتها خبزا و تمرا و سمنا و أقطا و دقيقا. و شبيه بذلك ما روي أن بعض الرؤساء سايره صاحب له على برذون مهزول فقال له ما أشد هزال دابتك فقال يدها مع أيدينا ففطن لذلك و وصله. و قريب منه ما حكي أن المنصور قال لإنسان ما مالك قال ما أصون به وجهي و لا أعود به على صديقي فقال لقد تلطفت في المسألة و أمر له بصلة. و جاء أعرابي إلى أبي العباس ثعلب و عنده أصحابه فقال له ما أراد القائل بقوله
الحمد لله الوهوب المنان صار الثريد في رءوس القضبان
فأقبل ثعلب على أهل المجلس فقال أجيبوه فلم يكن عندهم جواب و قال له نفطويه الجواب منك يا سيدي أحسن فقال على أنكم لا تعلمونه قالوا لا نعلمه فقال الأعرابي قد سمعت ما قال القوم فقال و لا أنت أعزك الله تعلمه فقال ثعلب أراد أن السنبل قد أفرك قال صدقت فأين حق الفائدة فأشار إليهم ثعلب شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 210فبروه فقام قائلا بوركت من ثعلب ما أعظم بركتك. و يكنون عن الشيب بغبار العسكر و برغوة الشباب قال الشاعرقالت أرى شيبا برأسك قلت لا هذا غبار من غبار العسكر
و قالت آخر و سماه غبار وقائع الدهر
غضبت ظلوم و أزمعت هجري وصبت ضمائرها إلى الغدرقالت أرى شيبا فقلت لها هذا غبار وقائع الدهر(21/163)

41 / 69
ع
En
A+
A-