مهلا أبا الصقر فكم طائر خر صريعا بعد تحليق لا قدست نعمى تسربلتها كم حجة فيها لزنديقو قال ابن بسام في أبي الصقر أيضا
يا حجة الله في الأرزاق و القسم و عبرة لأولى الألباب و الفهم تراك أصبحت في نعماء سابغة إلا و ربك غضبان على النعمفهذا ضد ذلك المقصد لأن ذاك جعله حجة على الزندقة و هذا جعله حجة على قدرة البارئ سبحانه على عجائب الأمور و غرائبها و أن النعم لا قدر لها عنده سبحانه حيث جعلها عند أبي الصقر مع دناءة منزلته و قال ابن الرومي شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 20و قينة أبرد من ثلجه تبيت منها النفس في ضجه كأنها من نتنها صخة لكنها في اللون أترجه تفاوتت خلقتها فاغتدت لكل من عطل محتجو قد يشابه ذلك قول أبي علي البصير في ابن سعدان
يا ابن سعدان أجلح الرزق في أمرك و استحسن القبيح بمره نلت ما لم تكن تمنى إذا ما أسرفت غاية الأماني عشره ليس فيما أظن إلا لكيلا ينكر المنكرون لله قدرو للمفجع في قريب منه
إن كنت خنتكم المودة غادرا أو حلت عن سنن المحب الوامق فمسخت في قبح ابن طلحة إنه ما دل قط على كمال الخالقو يقولون عرض فلان على الحاجة عرضا سابريا أي خفيفا من غير استقصاء تشبيها له بالثوب السابري و الدرع السابرية و هي الخفيفة. و يحكى أن مرتدا مر على قوم يأكلون و هو راكب حمارا فقالوا انزل إلينا فقال هذا عرض سابري فقالوا انزل يا ابن الفاعلة و هذا ظرف و لباقه. و يقولون في ذلك وعد سابري أي لا يقرن به وفاء و أصل السابري اللطيف الرقق. و قال المبرد سألت الجاحظ من أشعر المولدين فقال القائل
كأن ثيابه أطلعن من أزراره قمرايزيدك وجهه حسنا إذا ما زدته نظرابعين خالط التفتير في أجفانها الحورا(21/144)


شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 209و وجه سابري لو تصوب ماؤه قطريعني العباس بن الأحنف. و تقول العرب في معنى قول المحدثين عرض عليه كذا عرضا سابريا عرض عليه عرض عالة أي عرض الماء على النعم العالة التي قد شربت شربا بعد شرب و هو العلل لأنها تعرض على الماء عرضا خفيفا لا تبالغ فيه. و من الكنايات الحسنة قول أعرابية قالت لقيس بن سعد بن عبادة أشكو إليك قلة الجرذان في بيتي فاستحسن منها ذلك و قال لأكثرنها املئوا لها بيتها خبزا و تمرا و سمنا و أقطا و دقيقا. و شبيه بذلك ما روي أن بعض الرؤساء سايره صاحب له على برذون مهزول فقال له ما أشد هزال دابتك فقال يدها مع أيدينا ففطن لذلك و وصله. و قريب منه ما حكي أن المنصور قال لإنسان ما مالك قال ما أصون به وجهي و لا أعود به على صديقي فقال لقد تلطفت في المسألة و أمر له بصلة. و جاء أعرابي إلى أبي العباس ثعلب و عنده أصحابه فقال له ما أراد القائل بقوله
الحمد لله الوهوب المنان صار الثريد في رءوس القضبان
فأقبل ثعلب على أهل المجلس فقال أجيبوه فلم يكن عندهم جواب و قال له نفطويه الجواب منك يا سيدي أحسن فقال على أنكم لا تعلمونه قالوا لا نعلمه فقال الأعرابي قد سمعت ما قال القوم فقال و لا أنت أعزك الله تعلمه فقال ثعلب أراد أن السنبل قد أفرك قال صدقت فأين حق الفائدة فأشار إليهم ثعلب شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 210فبروه فقام قائلا بوركت من ثعلب ما أعظم بركتك. و يكنون عن الشيب بغبار العسكر و برغوة الشباب قال الشاعرقالت أرى شيبا برأسك قلت لا هذا غبار من غبار العسكر
و قالت آخر و سماه غبار وقائع الدهر
غضبت ظلوم و أزمعت هجري وصبت ضمائرها إلى الغدرقالت أرى شيبا فقلت لها هذا غبار وقائع الدهر(21/145)


و يقولون للسحاب فحل الأرض. و قالوا القلم أحد اللسانين و رداءة الخط أحد الزمانتين. قال و قال الجاحظ رأيت رجلا أعمى يقول في الشوارع و هو يسأل ارحموا ذا الزمانتين قلت و ما هما قال أنا أعمى و صوتي قبيح و قد أشار شاعر إلى هذا فقال
اثنان إذا عدا حقيق بهما الموت فقير ما له زهد و أعمى ما له صوتو قال رسول الله ص إياكم و خضراء الدمن فلما سئل عنها قال المرأة الحسناء في المنبت السوء
و قال ع في صلح قوم من العرب إن بيننا و بينهم عيبة مكفوفة أي لا نكشف ما بيننا و بينهم من ضغن و حقد و دم
و قال ع الأنصار كرشي و عيبتي
أي موضع سري و كرشي جماعتي. شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 211و يقال جاء فلان ربذ العنان أي منهزما. و جاء ينفض مذرويه أي يتوعد من غير حقيقة. و جاء ينظر عن شماله أي منهزما. و تقول فلان عندي بالشمال أي منزلته خسيسة و فلان عندي باليمين أي بالمنزلة العليا قال أبوواس
أقول لناقتي إذ بلغتني لقد أصبحت عندي باليمين فلم أجعلك للغربان نهبا و لم أقل اشرقي بدم الوتين حرمت على الأزمة و الولايا و أعلاق الرحالة و الوضيو قال ابن ميادة
أبيني أ في يمنى يديك جعلتني فأفرح أم صيرتني في شمالك
و تقول العرب التقى الثريان في الأمرين يأتلفان و يتفقان أو الرجلين قال أبو عبيدة و الثرى التراب الندي في بطن الوادي فإذا جاء المطر و سح في بطن الوادي حتى يلتقي نداه و الندى الذي في بطن الوادي يقال التقى الثريان. و يقولون هم في خير لا يطير غرابه يريدون أنهم في خير كثير و خصب عظيم فيقع الغراب فلا ينفر لكثرة الخصب. و كذلك أمر لا ينادى وليده أي أمر عظيم ينادى فيه الكبار دون الصغار. و قيل المراد أن المرأة تشتغل عن وليدها فلا تناديه لعظم الخطب و من هذا قول الشاعر يصف حربا عظيمة شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 21إذا خرس الفحل وسط الحجور و صاح الكلاب و عق الولد(21/146)


يريد أن الفحل إذا عاين الجيش و البارقة لم يلتفت لفت الحجور و لم يصهل و تنبح الكلاب أربابها لأنها لا تعرفهم للبسهم الحديد و تذهل المرأة عن ولدها رعبا فجعل ذلك عقوقا. و يقولون أصبح فلان على قرن أعفر و هو الظبي إذا أرادوا أصبح على خطر و ذلك لأن قرن الظبي ليس يصلح مكانا فمن كان عليه فهو على خطر قال إمرؤ القيس
و لا مثل يوم بالعظالى قطعته كأني و أصحابي على قرن أعفرا
و قال أبو العلاء المعري
كأنني فوق روق الظبي من حذر
و أنشد ابن دريد في هذا المعنى
و ما خير عيش لا يزال كأنه محلة يعسوب برأس سنان
يعني من القلق و أنه غير مطمئن. و يقولون به داء الظبي أي لا داء به لأن الظبي صحيح لا يزال و المرض قل أن يعتريه و يقولون للمتلون المختلف الأحوال ظل الذئب لأنه لا يزل مرة هكذا و مرة هكذا و يقولون به داء الذئب أي الجوع. شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 213و عهد فل عهد الغراب يعنون أنه غادر قالوا لأن كل طائر يألف أنثاه إلا الغراب فإنه إذا باضت الأنثى تركها و صار إلى غيرها. و يقولون ذهب سمع الأرض و بصرها أي حيث لا يدرى أين هو. و تقولون ألقى عصاه إذا أقام و استقر قال الشاعر
فألقت عصاها و استقر بها النوى كما قر عينا بالإياب المسافر
و وقع القضيب من يد الحجاج و هو يخطب فتطير بذلك حتى بان في وجهه فقام إليه رجل فقال إنه ليس ما سبق وهم الأمير إليه و لكنه قول القائل و أنشده البيت فسري عنه. و يقال للمختلفين طارت عصاهم شققا. و يقال فلان منقطع القبال أي لا رأي له. و فلان عريض البطان أي كثير الثروة. و فلان رخي اللب أي في سعة. و فلان واقع الطائر أي ساكن. و فلان شديد الكاهل أي منيع الجانب. و فلان ينظر في أعقاب نجم مغرب أي هو نادم آيس قال الشاعر
فأصبحت من ليلى الغداة كناظر مع الصبح في أعقاب نجم مغرب(21/147)


و سقط في يده أي أيقن بالهلكة. و قد رددت يده إلى فيه أي منعته من الكلام. و بنو فلان يد على بني فلان أي مجتمعون. شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 214و أعطاه كذا عن ظهر يد أي ابتداء لا عن مكافأة. و يقولون جاء فلان ناشرا أذنيه أي جاء طامعا. و يقال هذه فرس غير محلفأي لا تحوج صاحبها إلى أن يحلف أنها كريمة قال
كميت غير محلفة و لكن كلون الصرف عل به الأديم
و تقول حلب فلان الدهر أشطره أي مرت عليه صروبه خيره و شره. و قرع فلان لأمر ظنبوبه أي جد فيه و اجتهد. و تقول أبدى الشر نواجذه أي ظهر. و قد كشفت الحرب عن ساقها و كشرت عن نابها. و تقول استنوق الجمل يقال ذلك للرجل يكون في حديث ينتقل إلى غيره يخلطه به. و تقول لمن يهون بعد عز استأتن العير. و تقول للضعيف يقوى استنسر البغاث. و يقولون شراب بأنقع أي معاود للأمور و قال الحجاج يا أهل العراق إنكم شرابون بأنقع أي معتادون الخير و الشر و الأنقع جمع نقع و هو ما استنقع من الغدران و أصله في الطائر الحذر يرد المناقع في الفلوات حيث لا يبلغه قانص و لا ينصب له شرك(21/148)

38 / 69
ع
En
A+
A-