و يقولون فلان خليفة الخضر إذا كان كثير السفر قال أبو تمام شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 20خليفة الخضر من يربع على وطن أو بلدة فظهور العيس أوطاني بغداد أهلي و بالشام الهوى و أنا بالرقتين و بالفسطاط إخواني و ما أظن النوى ترضى بما صنعت حتى تبلغ بي أقصى خراساو يقولون للشي ء المختار المنتخب هو ثمرة الغراب لأنه ينتفي خير الثمر. و يقولون سمن فلان في أديمه كناية عمن لا ينتفع به أي ما خرج منه يرجع إليه و أصله أن نحيا من السمن انشق في ظرف من الدقيق فقيل ذلك قال الشاعر ترحل فما بغداد دار إقامة و لا عند من أضحى ببغداد طائل محل ملوك سمنهم في أديمهم و كلهم من حلية المجد عاطل فلا غرو أن شلت يد المجد و العلى و قل سماح من رجال و نائل إذا غضغض البحر الغطامط ماءه فليس عجيبا أن تغيض الجداو يقولون لمن لا يفي بالعهد فلان لا يحفظ أول المائدة لأن أولها يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ. و يقولون لمن كان حسن اللباس و لا طائل عنده هو مشجب و المشجب خشبة القصار التي يطرح الثياب عليها قال ابن الحجاج
لي سادة طائر السرور بهم يطرده اليأس بالمقاليع مشاجب للثياب كلهم و هذه عادة المشاقيع جائزتي عندهم إذا سمعوا شعري هذا كلام مطبو شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 201و إنهم يضحكون إن ضحكوا مني و أبكي أنا من الجوو قال آخر
إذا لبسوا دكن الخزوز و خضرها و راحوا فقد راحت عليك المشاجب
و روي أن كيسان غلام أبي عبيدة وفد على بعض البرامكة فلم يعطه شيئا فلما وافى البصرة قيل له كيف وجدته قال وجدته مشجبا من حيث ما أتيته وجدته. و يكنون عن الطفيلي فيقولون هو ذباب لأنه يقع في القدور قال الشاعر
أتيتك زائرا لقضاء حق فحال الستر دونك و الحجاب و لست بواقع في قدر قوم و إن كرهوا كما يقع الذبابو قال آخر
و أنت أخو السلام و كيف أنتم و لست أخا الملمات الشدادو أطفل حين يجفى من ذباب و ألزم حين يدعى من قراد(21/139)


و يكنون عن الجرب بحب الشباب قال الوزير المهلبي
يا صروف الدهر حسبي أي ذنب كان ذنبي علة خصت و عمت في حبيب و محب دب في كفيه يا من حبه دب بقلبي فهو يشكو حر حب و شكاتي حر و يكنون عن القصير القامة بأبي زبيبة و عن الطويل بخيط باطل و كانت كنية مروان بن الحكم لأنه كان طويلا مضطربا قال فيه الشاعر
لحا الله قوما أمروا خيط باطل على الناس يعطي من يشاء و يمنع
و في خيط باطل قولان أحدهما أنه الهباء الذي يدخل من ضوء الشمس في الكوة شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 202من البيت و تسميه العامة غزل الشمس و الثاني أنه الخيط الذي يخرج من في العنكبوت و تسميه العامة مخاط الشيطان. و تقول العرب للملقو لطيم الشيطان. و كان لقب عمربن سعيد الأشدق لأنه كان ملقوا. و قال بعضهم لآخر ما حدث قال قتل عبد الملك عمرا فقال قتل أبو الذبان لطيم الشيطان وَ كَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ. و يقولون للحزين المهموم يعد الحصى و يخط في الأرض و يفت اليرمع قال المجنون
عشية ما لي حيلة غير أنني بلقط الحصى و الخط في الدار مولع أخط و أمحو كل ما قد خططته بدمعي و الغربان حولي وقعو هذا كالنادم يقرع السن و البخيل ينكت الأرض ببنانه أو بعود عند الرد قال الشاعر
عبيد إخوانهم حتى إذا ركبوا يوم الكريهة فالآساد في الأجم يرضون في العسر و الإيسار سائلهم لا يقرعون على الأسنان من ندمو قال آخر في نكت الأرض بالعيدان
قوم إذا نزل الغريب بدارهم تركوه رب صواهل و قيان لا ينكتون الأرض عند سؤالهم لتطلب العلات بالعيدانو يقولون للفارغ فؤاد أم موسى. شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 203و يقولون للمثري من المال منقرس و ذلك أن علة النقرس أكثر ما تعتري أهل الثروة و التنعم. حكى المبرد قال كان الحرمازي في ناحية عمرو بن مسعدة و كان يجري عليه فخرج عمرو بن مسعدة إلى الشام و تخلف الحرمي ببغداد فأصابه النقرس فقال(21/140)


أقام بأرض الشام فاختل جانبي و مطلبه بالشام غير قريب و لا سيما من مفلس حلف نقرس أ ما نقرس في مفلس بعجيبو قال بعضهم يهجو ابن زيدان الكاتب
تواضع النقرس حتى لقد صار إلى رجل ابن زيدان علة إنسان و لكنها قد وجدت في غير إنسانو يقولون للمترف رقيق النعل و أصله قول النابغة
رقاق النعال طيب حجزاتهم يحيون بالريحان يوم السباسب
يعني أنهم ملوك و الملك لا يخصف نعله و إنما يخصف نعله من يمشي و قوله طيب حجزاتهم أي هم أعفاء الفروج أي يشدون حجزاتهم على عفة و كذلك قولهم فلان مسمط النعال أي نعله طبقة واحدة غير مخصوف قال المرار بن سعيد الفقعسي
وجدت بني خفاجة في عقيل كرام الناس مسمطة النعال
و قريب من هذا قول النجاشي
و لا يأكل الكلب السروق نعالنا و لا ينتقي المخ الذي في الجماجم
شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 204يريد أن نعالهم سبت و السبت جلود البقر المدبوغة بالقرظ و لا تقربها الكلاب و إنما تأكل الكلاب غير المدبوغ لأنه إذا أصابه المطر دسمه فصار زهما. و يقولون للسيد لا يطأ على قدم أي هو يتقدم الناس و لا يتبع أحدا فيطأ على قدمه. و يقون قد اخضرت نعالهم أي صاروا في خصب و سعة قال الشاعر
يتايهون إذا اخضرت نعالهم و في الحفيظة أبرام مضاجير(21/141)


و إذا دعوا على إنسان بالزمانة قالوا خلع الله نعليه لأن المقعد لا يحتاج إلى نعل. و يقولون أطفأ الله نوره كناية عن العمى و عن الموت أيضا لأن من يموت فقد طفئت ناره. و يقولون سقاه الله دم جوفه دعاء عليه بأن يقتل ولده و يضطر إلى أخذ ديته إبلا فيشرب ألبانها. و يقولون رماه الله بليلة لا أخت لها أي ليلة موته لأن ليلة الموت لا أخت لها. و يقولون وقعوا في سلا جمل أي في داهية لا يرى مثلها لأن الجمل لا سلا له و إنما السلا للناقة و هي الجليدة التي تكون ملفوفة على ولدها. و يقولون صاروا في حولاء ناقة إذ صاروا في خصب. و كانوا إذا وصفوا الأرض بالخصب قالوا كأنها حولاء ناقة. شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 205و يقولون لأبناء الملوك و الرؤساء و من يجري مجراهم جفاة المحز قال الشاعرجفاة المحز لا يصيبون مفصلا و لا يأكلون اللحم إلا تخذما
يقول هم ملوك و أشباه الملوك لا حذق لهم بنحر الإبل و الغنم و لا يعرفون التجليد و السلخ و لهم من يتولى ذلك عنهم و إذا لم يحضرهم من يجزر الجزور تكلفوا هم ذلك بأنفسهم فلم يحسنوا حز المفصل كما يفعله الجزار و قوله
و لا يأكلون اللحم إلا تخذما
أي ليس بهم شره فإذا أكلوا اللحم تخذموا قليلا قليلا و الخذم القطع و أنشد الجاحظ في مثله
و صلع الرءوس عظام البطون جفاة المحز غلاظ القصر
لأن ذلك كله أمارات الملوك و قريب من ذلك قوله
ليس براعي إبل و لا غنم و لا بجزار على ظهر وضم
و يقولون فلان أملس يكنون عمن لا خير فيه و لا شر أي لا يثبت فيه حمد و لا ذم. و يقولون ملحه على ركبته أي هو سيئ الخلق يغضبه أدنى شي ء قال لا تلمها إنها من عصبة ملحها موضوعة فوق الركب
و يقولون كناية عن مجوسي هو ممن يخط على النمل و النمل جمع نملة و هي قرحة بالإنسان كانت العرب تزعم أن المجوسي إذا كان من أخته و خط عليها برأت قال الشاعر
و لا عيب فينا غير عرق لمعشر كرام و أنا لا نخط على النمل(21/142)


شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 206و يقولون للصبي قد قطفت ثمرته أي ختن و قال عمارة بن عقيل بن بلال بن جريرما زال عصياننا لله يرذلنا حتى دفعنا إلى يحيى و دينارإلا عليجين لم تقطف ثمارها قد طالما سجدا للشمس و النار
و يقولون قدر حليمة أي لا غليان فيها. و يقولون لمن يصلي صلاة مختصرة هو راجز الصلاة. و قال أعرابي لرجل رآه يصلي صلاة خفيفة صلاتك هذه رجز. و يقولون فلان عفيف الشفة أي قليل السؤال و فلان خفيف الشفة كثير السؤال. و تكني العرب عن المتيقظ بالقطامي و هو الصقر. و يكنون عن الشدة و المشقة بعرق القربة يقولون لقيت من فلان عرق القربة أي العرق الذي يحدث بك من حملها و ثقلها و ذلك لأن أشد العمل كان عندهم السقي و ما ناسبه من معالجة الإبل. و تكني العرب عن الحشرات و هوام الأرض بجنود سعد يعنون سعد الأخبية و ذلك لأنه إذا طلع انتشرت في ظاهر الأرض و خرج منها ما كان مستترا في باطنها قال الشاعر
قد جاء سعد منذرا بحره موعدة جنوده بشره
و يكني قوم عن السائلين على الأبواب بحفاظ سورة يوسف ع لأنهم يعتنون بحفظها دون غيرها و قال عمارة يهجو محمد بن وهيب
تشبهت بالأعراب أهل التعجرف فدل على ما قلت قبح التكلف
شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 207لسان عراقي إذا ما صرفته إلى لغة الأعراب لم يتصرف و لم تنس ما قد كان بالأمس حاكه أبوك و عود الجف لم يتقصف لئن كنت للأشعار و النحو حافظا لقد كان من حفاظ سورة يو يكنون عن اللقيط بتربية القاضي و عن الرقيب بثاني الحبيب لأنه يرى معه أبدا قال ابن الرومي
موقف للرقيب لا أنساه لست أختاره و لا آباه مرحبا بالرقيب من غير وعد جاء يجلو علي من أهواه لا أحب الرقيب إلا لأني لا أرى من أحب حتى أرو يكنون عن الوجه المليح بحجة المذنب إشارة إلى قول الشاعر
قد وجدنا غفلة من رقيب فسرقنا نظرة من حبيب و رأينا ثم وجها مليحا فوجدنا حجة للذنوبو يكنون عن الجاهل ذي النعمة بحجة الزنادقة قال ابن الرومي(21/143)

37 / 69
ع
En
A+
A-