تأبى قضاعة لم تعرف لكم نسبا و ابنا نزار فأنتم بيضة البلد
و يقولون للشي ء الذي يكون في الدهر مرة واحدة هو بيضة الديك قال بشار يا أطيب الناس ريقا غير مختبر إلا شهادة أطراف المساويك قد زرتنا زورة في الدهر واحدة ثني و لا تجعليها بيضة الديكو يكنون عن الثقيل بالقذى في الشراب قال الأخطل يذكر الخمر و الاجتماع عليها
و ليس قذاها بالذي قد يضيرها و لا بذباب نزعه أيسر الأمرو لكن قذاها كل جلف مكلف أتتنا به الأيام من حيث لا ندري
شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 194فذاك القذى و ابن القذى و أخو القذى فإن له من زائر آخر الدهو يكنون أيضا عنه بقدح اللبلاب قال الشاعر
يا ثقيلا زاد في الثقل على كل ثقيل أنت عندي قدح اللبلاب في كف العليلو يكنون عنه أيضا بالقدح الأول لأن القدح الأول من الخمر تكرهه الطبيعة و ما بعده فدونه لاعتياده قال الشاعر
و أثقل من حضين باديا و أبغض من قدح أول
و يكنون عنه بالكانون قال الحطيئة يهجو أمه
تنحي فاقعدي عني بعيدا أراح الله منك العالميناأ غربالا إذا استودعت سرا و كانونا على المتحدثينا
قالوا و أصله من كننت أي سترت فكأنه إذا دخل على قوم و هم في حديث ستروه عنه و قيل بل المراد شدة برده. و يكنون عن الثقيل أيضا برحى البزر قال الشاعر
و أثقل من رحى بزر علينا كأنك من بقايا قوم عاد(21/134)
و يقولون لمن يحمدون جواره جاره جار أبي دواد و هو كعب بن مامة الإيادي كان إذا جاوره رجل فمات وداه و إن هلك عليه شاة أو بعير أخلف عليه فجاوره أبو دواد الإيادي فأحسن إليه فضرب به المثل. و مثله قولهم هو جليس قعقاع بن شور و كان قد قدم إلى معاوية فدخل عليه و المجلس غاص بأهله ليس فيه مقعد فقام له رجل من القوم و أجلسه مكانه فلم شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 195يبرح القعقاع من ذلك الموضع يكلم معاوية و معاوية يخاطبه حتى أمر له بمائة ألف درهم فأحضرت إليه فجعلت إلى جانبه فلما قام قال للرجل القائم له من مكانه ضمها إليك ف لك بقيامك لنا عن مجلسك فقيل فيه
و كنت جليس قعقاع بن شور و لا يشقى بقعقاع جليس ضحوك السن إن نطقوا بخير و عند الشر مطراق عبوسأخذ قوله و لا يشقى بقعقاع جليس من
قول النبي ص هم القوم لا يشقى بهم جليسهم
و يكنون عن السمين من الرجال بقولهم هو جار الأمير و ضيف الأمير و أصله أن الغضبان بن القبعثرى كان محبوسا في سجن الحجاج فدعا به يوما فكلمه فقال له في جملة خطابه إنك لسمين يا غضبان فقال القيد و الرتعة و الخفض و الدعة و من يكن ضيف الأمير يسمن. و يكني الفلاسفة عن السمين بأنه يعرض سور حبسه و ذلك أن أفلاطون رأى رجلا سمينا فقال يا هذا ما أكثر عنايتك بتعريض سور حبسك. و نظر أعرابي إلى رجل جيد الكدنة فقال أرى عليك قطيفة محكمة قال نعم ذاك عنوان نعمة الله عندي. و يقولون للكذاب هو قموص الحنجرة و أيضا هو زلوق الكبد و أيضا لا يوثق بسيل بلقعه و أيضا أسير الهند لأنه يدعي أنه ابن الملك و إن كان من أولاد السفلة. و يكنى عنه أيضا بالشيخ الغريب لأنه يحب أن يتزوج في الغربة فيدعي أنه ابن خمسين سنة و هو ابن خمس و سبعين. شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 196و يقولون هو فاختة البلد من قول العر
أكذب من فاختة تصيح فوق الكرب و الطلع لم يبد لها هذا أوان الرطبو قال آخر في المعنى(21/135)
حديث أبي حازم كله كقول الفواخت جاء الرطب و هن و إن كن يشبهنه فلسن يدانينه في الكذبو يكنون عن النمام بالزجاج لأنه يشف على ما تحته قال الشاعر
أنم بما استودعته من زجاجة يرى الشي ء فيها ظاهرا و هو باطنو يكنون عنه بالنسيم من قول الآخر و إنك كلما استودعت سرا أنم من النسيم على الرياض
و يقولون إنه لصبح و إنه لطيب كله في النمام و يقولون ما زال يفتل له في الذروة و الغارب حتى أسمحت قرونته و هي النفس و الذروة أعلى السنام و الغارب مقدمه. و يقولون في الكناية عن الجاهل ما يدري أي طرفيه أطول قالوا ذكره و لسانه و قالوا هل نسب أبيه أفضل أم نسب أمه. و مثله لا يعرف قطانه من لطانه أي لا يعرف جبهته مما بين وركيه. و قالوا الحدة كنية الجهل و الاقتصاد كنية البخل و الاستقصاء كنية الظلم. شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 197و قالوا للجائع عضه الصفر و عضه شجاع البطن. و قال الهذليأرد شجاع البطن قد تعلمينه و أوثر غرثى من عيالك بالطعم مخافة أن أحيا برغم و ذلة و للموت خير من حياة على رغمو يقولون زوده زاد الضب أي لم يزوده شيئا لأن الضب لا يشرب الماء و إنما يتغذى بالريح و النسيم و يأكل القليل من عشب الأرض. و قال ابن المعتز
يقول أكلنا لحم جدي و بطة و عشر دجاجات شواء بألبان و قد كذب الملعون ما كان زاده سوى زاد ضب يبلع الريح عطشانو قال أبو الطيب
لقد لعب البين المشت بها و بي و زودني في السير ما زود الضبا
و يقولون للمختلفين من الناس هم كنعم الصدقة و هم كبعر الكبش قال عمرو بن لجأ
و شعر كبعر الكبش ألف بينه لسان دعي في القريض دخيل
و ذلك لأن بعر الكبش يقع متفرقا. و قال بعض الشعراء لشاعر آخر أنا أشعر منك لأني أقول البيت و أخاه و تقول البيت و ابن عمه فأما قول جرير في ذي الرمة إن شعره
بعر ظباء و نقط عروس(21/136)
فقد فسره الأصمعي فقال يريد أن شعره حلو أول ما تسمعه فإذا كرر إنشاده ضعف لأن أبعار الظباء أول ما تشم توجد لها رائحة ما أكلت من الجثجاث و الشيح شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 198و القيصوم فإذا أدمت شمها عدمت تلك الرائحة و نقط العروس إذا غسلتها ذهبت. و يقولون أا للمختلفين أخياف و الخيف سواد إحدى العينين و زرق الأخرى و يقولون فيهم أيضا أولاد علات كالإخوة لأمهات شتى و العلة الضرة. و يقولون فيهم خبز كتاب لأنه يكون مختلفا قال شاعر يهجو الحجاج بن يوسف
أ ينسى كليب زمان الهزال و تعليمه سورة الكوثررغيف له فلكة ما ترى و آخر كالقمر الأزهر
و مثله
أ ما رأيت بني سلم وجوههم كأنها خبز كتاب و بقال
و يقال للمتساوين في الرداءة كأسنان الحمار قال الشاعر
سواء كأسنان الحمار فلا ترى لذي شيبة منهم على ناشئ فضلا
و قال آخر
شبابهم و شيبهم سواء فهم في اللؤم أسنان الحمار
و أنشد المبرد في الكامل لأعرابي يصف قوما من طيئ بالتساوي في الرداءة
و لما أن رأيت بني جوين جلوسا ليس بينهم جليس يئست من الذي أقبلت أبغي لديهم إنني رجل يئوس إذا ما قلت أيهم لأي تشابهت المناكب و الرءوقال فقوله ليس بينهم جليس هجاء قبيح يقول لا ينتجع الناس معروفهم شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 199فليس بينهم غيرهم و يقولون في المتساويين في الرداءة أيضا هما كحماري العبادي قيل له أي حماريك شر قال هذا ثم هذا و يقال في التساوي في الشر و الخير هم كأسنان المشط وقال وقعا كركبتي البعير و كرجلي النعامة. و قال ابن الأعرابي كل طائر إذا كسرت إحدى رجليه تحامل على الأخرى إلا النعام فإنه متى كسرت إحدى رجليه جثم فلذلك قال الشاعر يذكر أخاه
و إني و إياه كرجلي نعامة على ما بنا من ذي غنى و فقير(21/137)
و قال أبو سفيان بن حرب لعامر بن الطفيل و علقمة بن علاثة و قد تنافرا إليه أنتما كركبتي البعير فلم ينفر واحدا منهما فقالا فأينا اليمنى فقال كل منكما يمنى. و سأل الحجاج رجلا عن أولاد المهلب أيهم أفضل فقال هم كالحلقة الواحدة. و سئل ابن دريد عن المبرد و ثعلب فأثنى عليهما فقيل فابن قتيبة قال ربوة بين جبلين أي خمل ذكره بنباهتهما. و يكنى عن الموت بالقطع عند المنجمين و عن السعاية بالنصيحة عند العمال و عن الجماع بالوطء عند الفقهاء و عن السكر بطيب النفس عند الندماء و عن السؤال بالزوار عند الأجواد و عن الصدقة بما أفاء الله عند الصوفية. و يقال للمتكلف بمصالح الناس إنه وصي آدم على ولده و قد قال شاعر في هذا الباب
فكأن آدم عند قرب وفاته أوصاك و هو يجود بالحوباءببنيه أن ترعاهم فرعيتهم و كفيت آدم عيلة الأبناء(21/138)