قال ابن سلام و أخبرني أبو قيس العنبري و لم أر بدويا يفي به عن عكرمة بن جرير قال قلت لأبي يا أبت من أشعر الناس قال أ عن أهل الجاهلية تسألني أم عن أهل الإسلام قال قلت ما أردت إلا الإسلام فإذا كنت قد ذكرت الجاهلية فأخبرني عن أهلها فقال زهير أشعر أهلها قلت فالإسلام قال الفرزدق نبعة الشعر قلت فالأخطل قال يجيد مدح الملوك و يصيب وصف الخمر قلت فما تركت لنفسك قال إني نحرت الشعر نحرا. قال و أخبرني الحسن بن علي قال أخبرنا الحارث بن محمد عن المدائني عن عيسى بن يزيد قال سأل معاوية الأحنف عن أشعر الشعراء فقال زهير قال و كيف ذاك قال ألقى على المادحين فضول الكلام و أخذ خالصه و صفوته قال مثل ما ذا قال مثل قوله
و ما يك من خير أتوه فإنما توارثه آباء آبائهم قبل و هل ينبت الخطي إلا وشيجه و تغرس إلا في منابتها النخلقال و أخبرني أحمد بن عبد العزيز قال حدثنا عمر بن شبة قال حدثنا شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 157عبد الله بن عمرو القيسي قال حدثنا خارجة بن عبد الله بن أبي سفيان عن أبيه عن ابن عباس قال خرجت مع عمر في أول غزاة غزاها فقال لي ليلة يا ابن عباس أنشدني لشاعر الشعء قلت من هو قال ابن أبي سلمى قلت و لم صار كذلك قال لأنه لا يتبع حوشي الكلام و لا يعاظل في منطقه و لا يقول إلا ما يعرف و لا يمدح الرجل إلا بما فيه أ ليس هو الذي يقول
إذا ابتدرت قيس بن عيلان غاية إلى المجد من يسبق إليها يسودسبقت إليها كل طلق مبرز سبوق إلى الغايات غير مزند
قال أي لا يحتاج إلى أن يجلد الفرس بالسوط.
كفعل جواد يسبق الخيل عفوه السراع و إن يجهد و يجهدن يبعدفلو كان حمدا يخلد الناس لم تمت و لكن حمد الناس ليس بمخلد(21/109)


أنشدني له فأنشدته حتى برق الفجر فقال حسبك الآن اقرأ القرآن قلت ما أقرأ قال الواقعة فقرأتها و نزل فأذن و صلى. و قال محمد بن سلام في كتاب طبقات الشعراء دخل الحطيئة على سعيد بن العاص متنكرا فلما قام الناس و بقي الخواص أراد الحاجب أن يقيمه فأبى أن يقوم فقال سعيد دعه و تذاكروا أيام العرب و أشعارها فلما أسهبوا قال الحطيئة ما صنعتم شيئا فقال سعيد فهل عندك علم من ذلك قال نعم قال فمن أشعر العرب قال الذي يقول
قد جعل المبتغون الخير في هرم و السائلون إلى أبوابه طرقا
قال ثم من قال الذي يقول شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 15فإنك شمس و الملوك كواكب إذا طلعت لم يبد منهن كوكب
يعني زهيرا ثم النابغة ثم قال و حسبك بي إذا وضعت إحدى رجلي على الأخرى ثم عويت في أثر القوافي كما يعوي الفصيل في أثر أمه قال فمن أنت قال أنا الحطيئة فرحب به سعيد و أمر له بألف دينار. قال و قال من احتج لزهير كان أحسنهم شعرا و أبعدهم من سخف و أجمعهم لكثير من المعنى في قليل من المنطق و أشدهم مبالغة في المدح و أبعدهم تكلفا و عجرفية و أكثرهم حكمة و مثلا سائرا في شعره. و
قد روى ابن عباس عن النبي ص أنه قال أفضل شعرائكم القائل و من من
يعني زهيرا و ذلك في قصيدته التي أولها أ من أم أوفى يقول فيها
و من يك ذا فضل فيبخل بفضله على قومه يستغن عنه و يذمم و من لم يذد عن حوضه بسلاحه يهدم و من لا يظلم الناس يظلم و من هاب أسباب المنايا ينلنه و لو نال أسباب السماء بسلم و من يجعل المعروف من دون عرضه يفره و من لا يتق الشتم يشفأما القول في النابغة الذبياني فإن أبا الفرج الأصفهاني قال في كتاب الأغاني كنية النابغة أبو أمامة و اسمه زياد بن معاوية و لقب بالنابغة لقوله
فقد نبغت لهم منا شئون(21/110)


و هو أحد الأشراف الذين غض الشعر منهم و هو من الطبقة الأولى المقدمين على سائر الشعراء. شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 159أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهري و حبيب بن نصر قالا حدثنا عمر بن شبة قال حدثني أبو نعيم قال شريك عن مجالد عن الشعبي عن ربعي بن حراش قال ق لنا عمر يا معشر غطفان من الذي يقول
أتيتك عاريا خلقا ثيابي على خوف تظن بي الظنون
قلنا النابغة قال ذاك أشعر شعرائكم. قلت قوله أشعر شعرائكم لا يدل على أنه أشعر العرب لأنه جعله أشعر شعراء غطفان فليس كقوله في زهير شاعر الشعراء و لكن أبا الفرج قد روى بعد هذا خبرا آخر صريحا في أن النابغة عند عمر أشعر العرب قال حدثني أحمد و حبيب عن عمر بن شبة قال حدثنا عبيد بن جناد قال حدثنا معن بن عبد الرحمن عن عيسى بن عبد الرحمن السلمي عن جده عن الشعبي قال قال عمر يوما من أشعر الشعراء فقيل له أنت أعلم يا أمير المؤمنين قال من الذي يقول
إلا سليمان إذ قال المليك له قم في البرية فاحددها عن الفندو خيس الجن إني قد أذنت لهم يبنون تدمر بالصفاح و العمد
قالوا النابغة قال فمن الذي يقول
أتيتك عاريا خلقا ثيابي على خوف تظن بي الظنون
قالوا النابغة قال فمن الذي يقول
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة و ليس وراء الله للمرء مذهب لئن كنت قد بلغت عني خيانة لمبلغك الواشي أغش و أكذب شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 160قالوا النابغة قال فهو أشعر العرب. قال و أخبرني أحمد قال حدثنا عمر قال حدثني علي بن محمد المدائني قال قام رجل إلى ابن عباس فقال له أي الناس أشعر قال أخبره يا أبا الأسود فقال أبو الأسود الذي يقولفإنك كالليل الذي هو مدركي و إن خلت أن المنتأى عنك واسع(21/111)


يعني النابغة. قال أبو الفرج و أخبرني أحمد و حبيب عن عمر عن أبي بكر العليمي عن الأصمعي قال كان يضرب للنابغة قبة أدم بسوق عكاظ فتأتيه الشعراء فتعرض عليه أشعارها فأنشده مرة الأعشى ثم حسان بن ثابت ثم قوم من الشعراء ثم جاءت الخنساء فأنشدته
و إن صخرا لتأتم الهداة به كأنه علم في رأسه نار
فقال لو لا أن أبا بصير يعني الأعشى أنشدني آنفا لقلت إنك أشعر الإنس و الجن فقام حسان بن ثابت فقال أنا و الله أشعر منها و من أبيك فقال له النابغة يا ابن أخي أنت لا تحسن أن تقول
فإنك كالليل الذي هو مدركي و إن خلت أن المنتأى عنك واسع خطاطيف حجن في حبال متينة تمد بها أيد إليك نوازعقال فخنس حسان لقوله. قال و أخبرني أحمد و حبيب عن عمر عن الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 161قال حدثني رجل سماه أبو عمرو و أنسيته قال بينما نحن نسير بين أنقاء من الأرض فتذاكرنا الشعر فإذا راكب أطيلس يقول أشعر الناس زياد بن معاوية ثتملس فلم نره. قال و أخبرني أحمد بن عبد العزيز عن عمر بن شبة عن الأصمعي قال سمعت أبا عمرو بن العلاء يقول ما ينبغي لزهير إلا أن يكون أجيرا للنابغة. قال أبو الفرج و أخبرنا أحمد عن عمر قال قال عمرو بن المنتشر المرادي وفدنا على عبد الملك بن مروان فدخلنا عليه فقام رجل فاعتذر من أمر و حلف عليه فقال له عبد الملك ما كنت حريا أن تفعل و لا تعتذر ثم أقبل على أهل الشام فقال أيكم يروي اعتذار النابغة إلى النعمان في قوله
حلفت فلم أترك لنفسك ريبة و ليس وراء الله للمرء مذهب
فلم يجد فيهم من يرويه فأقبل علي و قال أ ترويه قلت نعم فأنشدته القصيدة كلها فقال هذا أشعر العرب. قال و أخبرني أحمد و حبيب عن عمر عن معاوية بن بكر الباهلي قال قلت لحماد الراوية لم قدمت النابغة قال لاكتفائك بالبيت الواحد من شعره لا بل بنصف البيت لا بل بربع البيت مثل قوله(21/112)


حلفت فلم أترك لنفسك ريبة و ليس وراء الله للمرء مذهب و لست بمستبق أخا لا تلمه على شعث أي الرجال المهذبربع البيت يغنيك عن غيره فلو تمثلت به لم تحتج إلى غيره. قال و أخبرني أحمد بن عبد العزيز عن عمر بن شبة عن هارون بن عبد الله شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 162الزبيري قال حدثني شيخ يكنى أبا داود عن الشعبي قال دخلت على عبد الملك و عنده الأخطل و أنا لا أعرفه و ذلأول يوم وفدت فيه من العراق على عبد الملك فقلت حين دخلت عامر بن شراحيل الشعبي يا أمير المؤمنين فقال على علم ما أذنا لك فقلت هذه واحدة على وافد أهل العراق يعني أنه أخطأ قال ثم إن عبد الملك سأل الأخطل من أشعر الناس فقال أنا فعجلت و قلت لعبد الملك من هذا يا أمير المؤمنين فتبسم و قال الأخطل فقلت في نفسي اثنتان على وافد أهل العراق فقلت له أشعر منك الذي يقول
هذا غلام حسن وجهه مستقبل الخير سريع التمام للحارث الأكبر و الحارث الأصغر فالأعرج خير الأنام ثم لعمرو و لعمرو و قد أسرع في الخيرات منه أماقال هي أمامة أم عمرو الأصغر بن المنذر بن إمرئ القيس بن النعمان بن الشقيقة
خمسة آباء هم ما هم أفضل من يشرب صوب الغمام(21/113)

31 / 69
ع
En
A+
A-