يا لك من قبرة بمعمر خلا لك الجو فبيضي و اصفري و نقري ما شئت أن تنقري هذا الحسين سائر فأبشريخلا الجو و الله لك يا ابن الزبير و سار الحسين إلى العراق فقال ابن الزبير يا ابن عباس و الله ما ترون هذا الأمر إلا لكم و لا ترون إلا أنكم أحق به من جميع الناس فقال ابن عباس إنما يرى من كان في شك و نحن من ذلك على يقين و لكن أخبرني عن نفسك بما ذا تروم هذا الأمر قال بشرفي قال و بما ذا شرفت إن كان لك شرف فإنما هو بنا فنحن أشرف منك لأن شرفك منا و علت أصواتهما فقال غلام من آل الزبير دعنا منك يا ابن عباس فو الله لا تحبوننا يا بني هاشم و لا نحبكم أبدا فلطمه عبد الله بن الزبير بيده و قال أ تتكلم و أنا حاضر فقال ابن عباس لم ضربت الغلام و الله أحق بالضرب منه من مزق و مرق قال و من هو قال أنت. قال و اعترض بينهما رجال من قريش فأسكتوهما. شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 135دخل عبد الله بن الزبير على معاوية فقال اسمع أبياتا قلتها عاتبتك فيها قال هات فأنشدهلعمري ما أدري و إني لأوجل على أينا تعدو المنية أول و إني أخوك الدائم العهد لم أزل إن أعياك خصم أو نبا بك منزل أحارب من حاربت من ذي عداوة و أحبس يوما إن حبست فأعقل و إن سؤتني يوما صفحت إلى غد ليعقب يوم منك آخر مقبل ستقطع في الدنيا إذا ما قطعتني يمينك فاأي كف تبدل إذا أنت لم تنصف أخاك وجدته على طرف الهجران إن كان يعقل و يركب حد السيف من أن تضيمه إذا لم يكن عن شفرة السيف معدل و كنت إذا ما صاحب مل صحبتي و بدل شرا بالذي كنت أفعل قلبت له ظهر المجن و لم أقم على الضيم إلا ريثما أتحول و في الناس إن رثت حبالل و في الأرض عن دار القلى متحول إذا انصرفت نفسي عن الشي ء لم تكد إليه بوجه آخر الدهر تقبفقال معاوية لقد شعرت بعدي يا أبا خبيب و بينما هما في ذلك دخل معن بن أوس المزني فقال له معاوية إيه هل أحدثت بعدنا شيئا قال نعم قال قل فأنشد هذه الأبيات فعجب معاوية و قال لابن(21/94)
الزبير أ لم تنشدها لنفسك آنفا فقال أنا سويت المعاني و هو ألف الألفاظ و نظمها و هو بعد ظئري فما قال من شي ء فهو لي و كان ابن الزبير مسترضعا في مزينة فقال معاوية و كذبا يا أبا خبيب فقام عبد الله فخرج. شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 136و قال الشعبي فقد رأيت عجبا بفناء الكعبة أنا و عبد الله بن الزبير و عبد الملك بن مروان و مصعب بن الزبير فقالقوم بعد ما فرغوا من حديثهم فقالوا ليقم كل واحد منكم فليأخذ بالركن اليماني ثم يسأل الله تعالى حاجته فقام عبد الله بن الزبير فالتزم الركن و قال اللهم إنك عظيم ترجى لكل عظيم أسألك بحرمة وجهك و حرمة عرشك و حرمة بيتك هذا ألا تخرجني من الدنيا حتى ألي الحجاز و يسلم علي بالخلافة و جاء فجلس. فقام أخوه مصعب فالتزم الركن و قال اللهم رب كل شي ء و إليك مصير كل شي ء أسألك بقدرتك على كل شي ء ألا تميتني حتى ألي العراق و أتزوج سكينة بنت الحسين بن علي ثم جاء فجلس. فقام عبد الملك فالتزم الركن و قال اللهم رب السموات السبع لأرض ذات النبت و القفر أسألك بما سألك به المطيعون لأمرك و أسألك بحق وجهك و بحقك على جميع خلقك ألا تميتني حتى ألي شرق الأرض و غربها لا ينازعني أحد إلا ظهرت عليه ثم جاء فجلس. فقام عبد الله بن عمر فأخذ بالركن و قال يا رحمان يا رحيم أسألك برحمتك التي سبقت غضبك و بقدرتك على جميع خلقك ألا تميتني حتى توجب لي الرحمة. قال الشعبي فو الله ما خرجت من الدنيا حتى بلغ كل من الثلاثة ما سأل و أخلق بعبد الله بن عمر أن تجاب دعوته و أن يكون من أهل الرحمة. شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 137قال الحجاج في خطبته يوم دخل الكوفة هذا أ ابن نهية أما و الله لأؤدبنكم غير هذا الأدب. قال ابن ماكولا في كتاب الإكمال يعني مصعب بن الزبير و عبد الله أخاه و هي نهية بنت سعيد بن سهم بن هصيص و هي أم ولد أسد بن عبد العزى بن قصي و هذا من المواضع الغامضة. و روى الزبير بن بكار في كتاب أنساب(21/95)
قريش قال قدم وفد من العراق على عبد الله بن الزبير فأتوه في المسجد الحرام فسلموا عليه فسألهم عن مصعب أخيه و عن سيرته فيهم فأثنوا عليه و قالوا خيرا و ذلك في يوم جمعة فصلى عبد الله بالناس الجمعة ثم صعد المنبر فحمد الله ثم تمثل
قد جربوني ثم جربوني من غلوتين و من المئين حتى إذا شابوا و شيبوني خلوا عناني ثم سيبونيأيها الناس إني قد سألت هذا الوفد من أهل العراق عن عاملهم مصعب بن الزبير فأحسنوا الثناء عليه و ذكروا عنه ما أحب ألا إن مصعبا اطبى القلوب حتى لا تعدل به و الأهواء حتى لا تحول عنه و استمال الألسن بثنائها و القلوب بنصائحها و الأنفس بمحبتها و هو المحبوب في خاصته المأمون في عامته بما أطلق الله به لسانه من الخير و بسط به يديه من البذل ثم نزل. و روى الزبير قال لما جاء عبد الله بن الزبير نعي المصعب صعد المنبر فقال شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 138الحمد لله الذي له الخلق و الأمر يؤتي الملك من يشاء و ينزع الملك ممن يشاو يعز من يشاء و يذل من يشاء إلا و إنه لم يذلل الله من كان الحق معه و لو كان فردا و لم يعزز الله ولي الشيطان و حزبه و إن كان الأنام كلهم معه إلا و إنه قد أتانا من العراق خبر أحزننا و أفرحنا أتانا قتل المصعب رحمه الله فأما الذي أحزننا فإن لفراق الحميم لذعة يجدها حميمه عند المصيبة ثم يرعوي بعدها ذو الرأي إلى جميل الصبر و كرم العزاء و أما الذي أفرحنا فإن قتله كان عن شهادة و إن الله تعالى جعل ذلك لنا و له ذخيرة ألا إن أهل العراق أهل الغدر و النفاق أسلموه و باعوه بأقل الثمن فإن يقتل المصعب فإنا لله و إنا إليه راجعون ما نموت جبحا كما يموت بنو العاص ما نموت إلا قتلا قعصا بالرماح و موتا تحت ظلال السيوف ألا إنما الدنيا عارية من الملك الأعلى الذي لا يزول سلطانه و لا يبيد فإن تقبل الدنيا علي لا آخذها أخذ الأشر البطر و إن تدبر عني لا أبكي عليها بكاء الخرف المهتر و إن يهلك المصعب(21/96)
فإن في آل الزبير لخلفا ثم نزل. و روى الزبير بن بكار قال خطب عبد الله بن الزبير بعد أن جاءه مقتل المصعب فحمد الله و أثنى عليه ثم قال لئن أصبت بمصعب فلقد أصبت بإمامي عثمان فعظمت مصيبته ثم أحسن الله و أجمل و لئن أصبت بمصعب فلقد أصبت بأبي الزبير فعظمت مصيبته فظننت أني لا أجيزها ثم أحسن الله و سلم و استمرت مريرتي و هل كان مصعب إلا فتى من فتياني ثم غلبه البكاء فسالت دموعه و قال كان و الله سريا مريا ثم قال شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 13هم دفعوا الدنيا على حين أعرضت كراما و سنوا للكرام التأسيا
و روى أبو العباس في الكامل أن عروة لما صلب عبد الله جاء إلى عبد الملك فوقف ببابه و قال للحاجب أعلم أمير المؤمنين أن أبا عبد الله بالباب فدخل الحاجب فقال رجل يقول قولا عظيما قال و ما هو فتهيب فقال قل قال رجل يقول قل لأمير المؤمنين أبو عبد الله بالباب فقال عبد الملك قل لعروة يدخل فدخل فقال تأمر بإنزال جيفة أبي بكر فإن النساء يجزعن فأمر بإنزاله قال و قد كان كتب الحجاج إلى عبد الملك يقول إن خزائن عبد الله عند عروة فمره فليسلمها فدفع عبد الملك إلى عروة و ظن أنه يتغير فلم يحفل بذلك كأنه ما قرأه فكتب عبد الملك إلى الحجاج ألا يعرض لعروة. و من الكلام المشهور في بخل عبد الله بن الزبير الكلام الذي يحكى أن أعرابيا أتاه يستحمله فقال قد نقب خف راحلتي فاحملني إني قطعت الهواجر إليك عليها فقال له ارقعها بسبت و اخصفها بهلب و أنجد بها و سر بها البردين فقال إنما أتيتك مستحملا لم آتك مستوصفا لعن الله ناقة حملتني إليك قال إن و راكبها. شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 140و هذا الأعرابي هو فضالة بن شريك فهجاه فقالأرى الحاجات عند أبي خبيب نكدن و لا أمية بالبلادمن الأعياص أو من آل حرب أغر كغرة الفرس الجواد(21/97)
دخل عبد الله بن الزبير على معاوية فقال يا أمير المؤمنين لا تدعن مروان يرمي جماهير قريش بمشاقصه و يضرب صفاتهم بمعوله أما و الله إنه لو لا مكانك لكان أخف على رقابنا من فراشه و أقل في أنفسنا من خشاشة و ايم الله لئن ملك أعنة خيل تنقاد له لتركبن منه طبقا تخافه. فقال معاوية إن يطلب مروان هذا الأمر فقد طمع فيه من هو دونه و إن يتركه يتركه لمن فوقه و ما أراكم بمنتهين حتى يبعث الله عليكم من لا يعطف عليكم بقرابة و لا يذكركم عند ملمة يسومكم خسفا و يسوقكم عسفا. فقال ابن الزبير إذن و الله يطلق عقال الحرب بكتائب تمور كرجل الجراد تتبع غطريفا من قريش لم تكن أمه راعية ثلة. فقال معاوية أنا ابن هند أطلقت عقال الحرب فأكلت ذروة السنام و شربت عنفوان المكرع و ليس للآكل بعدي إلا الفلذة و لا للشارب إلا الرنق. شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 141فسكت ابن الزبير. قدم عبد الله بن الزبير علىعاوية وافدا فرحب به و أدناه حتى أجلسه على سريره ثم قال حاجتك أبا خبيب فسأله أشياء ثم قال له سل غير ما سألت قال نعم المهاجرون و الأنصار ترد عليهم فيئهم و تحفظ وصية نبي الله فيهم تقبل من محسنهم و تتجاوز عن مسيئهم. فقال معاوية هيهات هيهات لا و الله ما تأمن النعجة الذئب و قد أكل أليتها. فقال ابن الزبير مهلا يا معاوية فإن الشاة لتدر للحالب و إن المدية في يده و إن الرجل الأريب ليصانع ولده الذي خرج من صلبه و ما تدور الرحى إلا بقطبها و لا تصلح القوس إلا بمعجسها. فقال يا أبا خبيب لقد أجررت الطروقة قبل هباب الفحل هيهات و هي لا تصطك لحبائها اصطكاك القروم السوامي فقال ابن الزبير العطن بعد العل و العل بعد النهل و لا بد للرحاء من الثفال ثم نهض ابن الزبير. فلما كان العشاء أخذت قريش مجالسها و خرج معاوية على بني أمية فوجد عمرو شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 142بن العاص فيهم فق ويحكم يا بني أمية أ فيكم من يكفيني ابن الزبير فقال عمرو أنا أكفيكه(21/98)