لافترائه و لكذبه و الله إن أول من أخذ الإيلاف و حمى عيرات شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 129قريش لهاشم و إن أول من سقى بمكة عذبا و جعل باب الكعبة ذهبا لعبد المطلب و الله لقد نشأت ناشئتنا مع ناة قريش و إن كنا لقالتهم إذا قالوا و خطباءهم إذا خطبوا و ما عد مجد كمجد أولنا و لا كان في قريش مجد لغيرنا لأنها في كفر ماحق و دين فاسق و ضلة و ضلالة في عشواء عمياء حتى اختار الله تعالى لها نورا و بعث لها سراجا فانتجبه طيبا من طيبين لا يسبه بمسبة و لا يبغي عليه غائلة فكان أحدنا و ولدنا و عمنا و ابن عمنا ثم إن أسبق السابقين إليه منا و ابن عمنا ثم تلاه في السبق أهلنا و لحمتنا واحدا بعد واحد. ثم إنا لخير الناس بعده و أكرمهم أدبا و أشرفهم حسبا و أقربهم منه رحما. وا عجبا كل العجب لابن الزبير يعيب بني هاشم و إنما شرف هو و أبوه و جده بمصاهرتهم أما و الله إنه لمسلوب قريش و متى كان العوام بن خويلد يطمع في صفية بنت عبد المطلب قيل للبغل من أبوك يا بغل فقال خالي الفرس ثم نزل. خطب ابن الزبير بمكة على المنبر و ابن عباس جالس مع الناس تحت المنبر فقال إن هاهنا رجلا قد أعمى الله قلبه كما أعمى بصره يزعم أن متعة النساء حلال من الله و رسوله و يفتي في القملة و النملة و قد احتمل بيت مال البصرة بالأمس و ترك المسلمين بها يرتضخون النوى و كيف ألومه في ذلك و قد قاتل أم المؤمنين و حواري رسول الله ص و من وقاه بيده. شرح نهج البلاغة ج : 20 : 130فقال ابن عباس لقائده سعد بن جبير بن هشام مولى بني أسد بن خزيمة استقبل بي وجه ابن الزبير و ارفع من صدري و كان ابن عباس قد كف بصره فاستقبل به قائده وجه ابن الزبير و أقام قامته فحسر عن ذراعيه ثم قال يا ابن الزبير
قد أنصف القارة من راماها إنا إذا ما فئة نلقاهانرد أولاها على أخراها حتى تصير حرضا دعواها(21/89)
يا ابن الزبير أما العمى فإن الله تعالى يقول فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَ لكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ و أما فتياي في القملة و النملة فإن فيها حكمين لا تعلمها أنت و لا أصحابك و أما حملي المال فإنه كان مالا جبيناه فأعطينا كل ذي حق حقه و بقيت بقية هي دون حقنا في كتاب الله فأخذناها بحقنا و أما المتعة فسل أمك أسماء إذا نزلت عن بردي عوسجة و أما قتالنا أم المؤمنين فبنا سميت أم المؤمنين لا بك و لا بأبيك فانطلق أبوك و خالك إلى حجاب مده الله عليها فهتكاه عنها ثم اتخذاها فتنة يقاتلان دونها و صانا حلائلهما في بيوتهما فما أنصفا الله و لا محمدا من أنفسهما أن أبرزا زوجة نبيه و صانا حلائلهما و أما قتالنا إياكم فإنا لقينا زحفا فإن كنا كفارا فقد كفرتم بفراركم منا و إن كنا مؤمنين فقد كفرتم بقتالكم إيانا و ايم الله لو لا مكان صفية فيكم و مكان خديجة فينا لما تركت لبني أسد بن عبد العزى عظما إلا كسرته. فلما عاد ابن الزبير إلى أمه سألها عن بردي عوسجة فقالت أ لم أنهك عن ابن عباس و عن بني هاشم فإنهم كعم الجواب إذا بدهوا فقال بلى و عصيتك. شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 131فقالت يا بني احذر هذا الأعمى الذي ما أطاه الإنس و الجن و اعلم أن عنده فضائح قريش و مخازيها بأسرها فإياك و إياه آخر الدهر فقال أيمن بن خريم بن فاتك الأسدي(21/90)
يا ابن الزبير لقد لاقيت بائقة من البوائق فالطف لطف محتال لاقيته هاشميا طاب منبته في مغرسيه كريم العم و الخال ما زال يقرع عنك العظم مقتدرا على الجواب بصوت مسمع عال حتى رأيتك مثل الكلب منجحرا خلف الغبيط و كنت الباذخ العالي إن ابن عباس المعروف حكمته خير ام له حال من الحال عيرته المتعة المتبوع سنتها و بالقتال و قد عيرت بالمال لما رماك على رسل بأسهمه جرت عليك بسيف الحال و البال فاحتز مقولك الأعلى بشفرته حزا وحيا بلا قيل و لا قال و اعلم بأنك إن عاودت غيبته عادت عليك مخاز ذات أذو روى عثمان بن طلحة العبدري قال شهدت من ابن عباس رحمه الله مشهدا ما سمعته من رجل من قريش كان يوضع إلى جانب سرير مروان بن الحكم و هو يومئذ أمير المدينة سرير آخر أصغر من سريره فيجلس عليه عبد الله بن عباس إذا دخل و توضع الوسائد فيما سوى ذلك فأذن مروان يوما للناس و إذا سرير آخر قد أحدث تجاه سرير مروان فأقبل ابن عباس فجلس على سريره و جاء عبد الله بن الزبير فجلس على السرير المحدث و سكت مروان و القوم فإذا يد ابن الزبير شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 132تتحرك فعلم أنه يريد أن ينطق ثم نطق فقال إن ناسا يزعمون أن بيعة أ بكر كانت غلطا و فلتة و مغالبة ألا إن شأن أبي بكر أعظم من أن يقال فيه هذا و يزعمون أنه لو لا ما وقع لكان الأمر لهم و فيهم و الله ما كان من أصحاب محمد ص أحد أثبت إيمانا و لا أعظم سابقة من أبي بكر فمن قال غير ذلك فعليه لعنة الله فأين هم حين عقد أبو بكر لعمر فلم يكن إلا ما قال ثم ألقى عمر حظهم في حظوظ و جدهم في جدود فقسمت تلك الحظوظ فأخر الله سهمهم و أدحض جدهم و ولي الأمر عليهم من كان أحق به منهم فخرجوا عليه خروج اللصوص على التاجر خارجا من القرية فأصابوا منه غرة فقتلوه ثم قتلهم الله به قتلة و صاروا مطرودين تحت بطون الكواكب. فقال ابن عباس على رسلك أيها القائل في أبي بكر و عمر و الخلافة أما و الله ما نالا و لا(21/91)
نال أحد منهما شيئا إلا و صاحبنا خير ممن نالا و ما أنكرنا تقدم من تقدم لعيب عبناه عليه و لو تقدم صاحبنا لكان أهلا و فوق الأهل و لو لا أنك إنما تذكر حظ غيرك و شرف امرئ سواك لكلمتك و لكن ما أنت و ما لا حظ لك فيه اقتصر على حظك و دع تيما لتيم و عديا لعدي و أمية لأمية و لو كلمني تيمي أو عدوي أو أموي لكلمته و أخبرته خبر حاضر عن حاضر لا خبر غائب عن غائب و لكن ما أنت و ما ليس عليك فإن يكن في أسد بن عبد العزى شي ء فه لك أما و الله لنحن أقرب بك عهدا و أبيض عندك يدا و أوفر عندك نعمة ممن أمسيت تظن أنك تصول به علينا و ما أخلق ثوب صفية بعد و الله المستعان على ما تصفون. شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 133أوصى معاوية يزيد ابنه لما عقد له الخلافة بعده فقال إني لا أخاف عليك إلا م أوصيك بحفظ قرابته و رعاية حق رحمه من القلوب إليه مائلة و الأهواء نحوه جانحة و الأعين إليه طامحة و هو الحسين بن علي فاقسم له نصيبا من حلمك و اخصصه بقسط وافر من مالك و متعه بروح الحياة و أبلغ له كل ما أحب في أيامك فأما من عداه فثلاثة و هم عبد الله بن عمر رجل قد وقذته العبادة فليس يريد الدنيا إلا أن تجيئه طائعة لا تراق فيها محجمة دم و عبد الرحمن بن أبي بكر رجل هقل لا يحمل ثقلا و لا يستطيع نهوضا و ليس بذي همة و لا شرف و لا أعوان و عبد الله بن الزبير و هو الذئب الماكر و الثعلب الخاتر فوجه إليه جدك و عزمك و نكيرك و مكرك و اصرف إليه سطوتك و لا تثق إليه في حال فإنه كالثعلب راغ بالختل عند الإرهاق و الليث صال بالجراءة عند الإطلاق و أما ما بعد هؤلاء فإني قد وطئت لك الأمم و ذللت لك أعناق المنابر و كفيتك من قرب منك و من بعد عنك فكن للناس كما كان أبوك لهم يكونوا لك كما كانوا لأبيك. خطب عبد الله بن الزبير أيام يزيد بن معاوية فقال في خطبته يزيد القرود يزيد الفهود يزيد الخمور يزيد الفجور أما و الله لقد بلغني أنه لا يزال مخمورا يخطب الناس(21/92)
و هو طافح في سكره فبلغ ذلك يزيد بن معاوية فما أمسى ليلته حتى جهز جيش الحرة و هو عشرون ألفا و جلس و الشموع بين يديه و عليه ثياب معصفرة و الجنود تعرض عليه ليلا فلما أصبح خرج فأبصر الجيش و رأى تعبيته فقال
أبلغ أبا بكر إذا الجيش انبرى و أخذ القوم على وادي القرى
شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 134عشرين ألفا بين كهل و فتى أ جمع سكران من القوم ترى أم جمع ليث دونه ليث الشلما خرج الحسين ع من مكة إلى العراق ضرب عبد الله بن عباس بيده على منكب ابن الزبير و قال(21/93)