ترمرم على أصحابنا فتغشمروا عليه فقال عن أي حاليه تسأل أ عن دينه أم عن دنياه فقال عن كل قال و الله ما رأيت جلدا قط ركب على لحم و لا لحما على عصب و لا عصبا على عظم مثل جلده على لحمه و لا مثل لحمه على عصبه و لا مثل عصبه على عظمه و لا رأيت نفسا ركبت بين جنبين مثل نفس له ركبت بين جنبين و لقد قام يوما إلى الصلاة فمر به حجر من حجارة المنجنيق بلبنة مطبوخة من شرفات المسجد فمرت بين لحييه و صدره فو الله ما خشع لها بصره و لا قطع لها قراءته و لا ركع دون الركوع الذي كان يركع و لقد كان إذا دخل في الصلاة خرج من كل شي ء إليها و لقد كان يركع في الصلاة فيقع الرخم على ظهره و يسجد فكأنه مطروح. قال الزبير و حدث هشام بن عروة قال سمعت عمي يقول ما أبالي إذا وجدت ثلاثمائة يصبرون صبري لو أجلب علي أهل الأرض. قال الزبير و سم عبد الله بن الزبير ثلث ماله و هو حي و كان أبوه الزبير قد أوصى أيضا بثلث ماله قال و ابن الزبير أحد الرهط الخمسة الذين وقع اتفاق أبي موسى الأشعري و عمرو بن العاص على إحضارهم و الاستشارة بهم في يوم التحكيم(21/74)


شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 114و هم عبد الله بن الزبير و عبد الله بن عمرو و أبو الجهم بن حذيفة و جبير بن مطعم و عبد الرحمن بن الحارث بن هشام. قال الزبير و عبد الله هو الذي صلى بالناس بالبصرة لما ظهر طلحة و الزبير على عثمان بن حنيف بأمر منهما له قال و أعطعائشة من بشرها بأن عبد الله لم يقتل يوم الجمل عشرة آلاف درهم. قلت الذي يغلب على ظني أن ذلك كان يوم إفريقية لأنها يوم الجمل كانت في شغل بنفسها عن عبد الله و غيره. قال الزبير و حدثني علي بن صالح مرفوعا أن رسول الله ص كلم في صبية ترعرعوا منهم عبد الله بن جعفر و عبد الله بن الزبير و عمر بن أبي سلمة فقيل يا رسول الله لو بايعتهم فتصيبهم بركتك و يكون لهم ذكر فأتي بهم فكأنهم تكعكعوا حين جي ء بهم إليه و اقتحم ابن الزبير فتبسم رسول الله ص و قال إنه ابن أبيه و بايعهم. قال و سئل رأس الجالوت ما عندكم من الفراسة في الصبان فقال ما عندنا فيهم شي ء لأنهم يخلقون خلقا من بعد خلق غير أنا نرمقهم فإن سمعناه منهم من يقول في لعبه من يكون معي رأيناها همة و خب ء صدق فيه و إن سمعناه يقول مع من أكون كرهناها منه قال فكان أول شي ء سمع من عبد الله بن الزبير أنه كان ذات يوم يلعب مع الصن فمر رجل فصاح عليهم ففروا منه و مشى ابن الزبير القهقرى ثم قال يا صبيان اجعلوني أميركم و شدوا بنا عليه قال و مر به عمر بن الخطاب و هو مع الصبيان ففروا و وقف فقال لم لم تفر مع أصحابك فقال لم أجرم فأخافك و لم تكن الطريق ضيقة فأوسع عليك. و روى الزبير بن بكار أن عبد الله بن سعد بن أبي سرح غزا إفريقية في خلافة شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 115عثمان فقتل عبد الله بن الزبير جرجير أمير جيش الروم فقال ابن أبي سرح إني موجه بشيرا إلى أمير المؤمنين بما فتح علينا و أنت أولى من هاهنا فانطلق إلى أمير المؤمنين فأخبره الخبر ل عبد الله فلما قدمت على عثمان أخبرته بفتح الله و صنعه و نصره و وصفت له(21/75)


أمرنا كيف كان فلما فرغت من كلامي قال هل تستطيع أن تؤدي هذا إلى الناس قلت و ما يمنعني من ذلك قال فاخرج إلى الناس فأخبرهم قال عبد الله فخرجت حتى جئت المنبر فاستقبلت الناس فتلقاني وجه أبي فدخلتني له هيبة عرفها أبي في وجهي فقبض قبضة من حصباء و جمع وجهه في وجهي و هم أن يحصبني فأحزمت فتكلمت. فزعموا أن الزبير لما فرغ عبد الله من كلامه قال و الله لكأني أسمع كلام أبي بكر الصديق من أراد أن يتزوج امرأة فلينظر إلى أبيها و أخيها فإنها تأتيه بأحدهما. قال الزبير و يلقب عبد الله بعائذ البيت لاستعاذته به. قال و حدثني عمي مصعب بن عبد الله قال إن الذي دعا عبد الله إلى التعوذ بالبيت شي ء سمعه من أبيه حين سار من مكة إلى البصرة فإن الزبير التفت إلى الكعبة بعد أن ودع و وجه يريد الركوب فأقبل على ابنه عبد الله قال تالله ما رأيت مثلها لطالب رغبة أو خائف رهبة. و روى الزبير بن بكار قال كان سبب تعوذ ابن الزبير بالكعبة أنه كان يمشي بعد عتمة في بعض شوارع المدينة إذ لقي عبد الله بن سعد بن أبي سرح متلثما لا يبدو منه إلا عيناه قال فأخذت بيده و قلت ابن أبي سرح كيف كنت بعدي و كيف تركت أمير المؤمنين يعني معاوية و قد كان ابن أبي سرح عنده بالشام فلم يكلمني فقلت ما لك أمات أمير المؤمنين فلم يكلمني فتركته و قد أثبت معرفته ثم خرجت حتى لقيت الحسين بن علي رضي الله عنه فأخبرته خبره و قلت ستأتيك رسل الوليد و كان الأمير على المدينة الوليد بن عتبة بن(21/76)


شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 116أبي سفيان فانظر ما أنت صانع و اعلم أن رواحلي في الدار معدة و الموعد بيني و بينك أن تغفل عنا عيونهم ثم فارقته فلم ألبث أن أتاني رسول الوليد فجئته فوجدت الحسين عنده و وجدت عنده مروان بن الحكم فنعى إلي معاوية فاسترجعت فأقبل علو قال هلم إلى بيعة يزيد فقد كتب إلينا يأمرنا أن نأخذها عليك فقلت إني قد علمت أن في نفسه علي شيئا لتركي بيعته في حياة أبيه و إن بايعت له على هذه الحال توهم أني مكره على البيعة فلم يقع منه ذلك بحيث أريد و لكن أصبح و يجتمع الناس و يكون ذلك علانية إن شاء الله فنظر الوليد إلى مروان فقال مروان هو الذي قلت لك إن يخرج لم تره فأحببت أن ألقي بيني و بين مروان شرا نتشاغل به فقلت له و ما أنت و ذاك يا ابن الزرقاء فقال لي و قلت له حتى تواثبنا فتناصيت أنا و هو و قام الوليد فحجز بيننا فقال مروان أ تحجز بيننا بنفسك و تدع أن تأمر أعوانك فقال قد أرى ما تريد و لكن لا أتولى ذلك منه و الله أبدا اذهب يا ابن الزبير حيث شئت قال فأخذت بيد الحسين و خرجنا من الباب حتى صرنا إلى المسجد و أنا أقول
و لا تحسبني يا مسافر شحمة تعجلها من جانب القدر جائع
فلما دخل المسجد افترق هو و الحسين و عمد كل واحد منهما إلى مصلاه يصلي فيه و جعلت الرسل تختلف إليهما يسمع وقع أقدامهم في الحصباء حتى هدأ عنهما الحس ثم انصرفا إلى منازلهما فأتى ابن الزبير رواحله فقعد عليها و خرج من أدبار داره و وافاه الحسين بن علي فخرجا جميعا من ليلتهم و سلكوا طريق الفرع حتى مروا بالجثجاثة و بها جعفر بن الزبير قد ازدرعها و غمز عليهم بعير من إبلهم فانتهوا إلى جعفر فلما رآهم قال مات معاوية فقال عبد الله نعم انطلق شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 117معنا و أعطنا أحد جمليك و كان ينضح على جملين له فقالعفر متمثلا
إخوتي لا تبعدوا أبدا و بلى و الله قد بعدوا(21/77)


فقال عبد الله و تطير منها بفيك التراب فخرجوا جميعا حتى قدموا مكة قال الزبير
فأما الحسين ع فإنه خرج من مكة يوم التروية يطلب الكوفة و العراق و قد كان قال لعبد الله بن الزبير قد أتتني بيعة أربعين ألفا يحلفون لي بالطلاق و العتاق من أهل العراق
فقال أ تخرج إلى قوم قتلوا أباك و خذلوا أخاك قال و بعض الناس يزعم أن عبد الله بن عباس هو الذي قال للحسين ذلك قال الزبير و قال هشام بن عروة كان أول ما أفصح به عمي عبد الله و هو صغير السيف فكان لا يضعه من فيه و كان أبوه الزبير إذا سمع منه ذلك يقول أما و الله ليكونن لك منه يوم و يوم و أيام. فأما خبر مقتل عبد الله بن الزبير فنحن نورده من تاريخ أبي جعفر محمد بن جرير الطبري رحمه الله قال أبو جعفر حصر الحجاج عبد الله بن الزبير ثمانية أشهر فروى إسحاق بن يحيى عن يوسف بن ماهك قال رأيت منجنيق أهل الشام يرمى به فرعدت السماء و برقت و علا صوت الرعد على صوت المنجنيق فأعظم أهل الشام ما سمعوه فأمسكوا أيديهم فرفع الحجاج بركة قبائه فغرزها في منطقته و رفع حجر المنجنيق فوضعه فيه ثم قال ارموا و رمى معهم قال ثم أصبحوا فجاءت شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 118صاعقة يتبعها أخرى فقتلت منصحاب الحجاج أثنى عشر رجلا فأنكر أهل الشام فقال الحجاج يا أهل الشام لا تنكروا هذا فإني ابن تهامة هذه صواعق تهامة هذا الفتح قد حضر فأبشروا فإن القوم يصيبهم مثل ما أصابكم فصعقت من الغد فأصيب من أصحاب ابن الزبير عدة ما أصاب الحجاج فقال الحجاج أ لا ترون أنهم يصابون و أنتم على الطاعة و هم على خلاف الطاعة فلم تزل الحرب بين ابن الزبير و الحجاج حتى تفرق عامة أصحاب ابن الزبير عنه و خرج عامة أهل مكة إلى الحجاج في الأمان. قال و روى إسحاق بن عبيد الله عن المنذر بن الجهم الأسلمي قال رأيت ابن الزبير و قد خذله من معه خذلانا شديدا و جعلوا يخرجون إلى الحجاج خرج إليه منهم نحو عشرة آلاف و ذكر أنه كان ممن(21/78)

24 / 69
ع
En
A+
A-