شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 23آحاد الصحابة كما يجوز على آحادنا اليوم و لسنا نقدح في الإجماع و لا ندعي إجماعا حقيقيا على قتل عثمان و إنما نقول إن كثيرا من المسلمين فعلوا ذلك و الخصم يسلم أن ذلك كان خطأ و معصية فقد سلم أن الصحابي يجوز أن يخطئ و يعصي و هو اطلوب. و هذا المغيرة بن شعبة و هو من الصحابة ادعى عليه الزنا و شهد عليه قوم بذلك فلم ينكر ذلك عمر و لا قال هذا محال و باطل لأن هذا صحابي من صحابة رسول الله ص لا يجوز عليه الزنا و هلا أنكر عمر على الشهود و قال لهم ويحكم هلا تغافلتم عنه لما رأيتموه يفعل ذلك فإن الله تعالى قد أوجب الإمساك عن مساوئ أصحاب رسول الله ص و أوجب الستر عليهم و هلا تركتموه لرسول الله ص في قوله دعوا لي أصحابي ما رأينا عمر إلا قد انتصب لسماع الدعوى و إقامة الشهادة و أقبل يقول للمغيرة يا مغيرة ذهب ربعك يا مغيرة ذهب نصفك يا مغيرة ذهب ثلاثة أرباعك حتى اضطرب الرابع فجلد الثلاثة و هلا قال المغيرة لعمر كيف تسمع في قول هؤلاء و ليسوا من الصحابة و أنا من الصحابة و
رسول الله ص قد قال أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم
ما رأيناه قال ذلك بل استسلم لحكم الله تعالى و هاهنا من هو أمثل من المغيرة و أفضل قدامة بن مظعون لما شرب الخمر في أيام عمر فأقام عليه الحد و هو رجل من علية الصحابة و من أهل بدر و المشهود لهم بالجنة فلم يرد عمر الشهادة و لا درأ عنه الحد لعلة أنه بدري و لا قال قد نهى رسول الله ص عن ذكر مساوئ الصحابة و قد ضرب عمر أيضا ابنه حدا فمات و كان ممن عاصر رسول الله ص و لم تمنع معاصرته له من إقامة الحد عليه. و هذا
علي ع يقول ما حدثني أحد بحديث عن رسول الله ص شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 24إلا استحلفته عليهأ ليس هذا اتهاما لهم بالكذب و ما استثنى أحدا من المسلمين إلا أبا بكر على ما ورد في الخبر و قد صرح غير مرة بتكذيب أبي هريرة و(21/19)


قال لا أحد أكذب من هذا الدوسي على رسول الله ص
و قال أبو بكر في مرضه الذي مات فيه وددت أني لم أكشف بيت فاطمة و لو كان أغلق على حرب فندم و الندم لا يكون إلا عن ذنب. ثم ينبغي للعاقل أن يفكر في تأخر علي ع عن بيعة أبي بكر ستة أشهر إلى أن ماتت فاطمة فإن كان مصيبا فأبو بكر على الخطإ في انتصابه في الخلافة و إن كان أبو بكر مصيبا فعلي على الخطإ في تأخره عن البيعة و حضور المسجد ثم قال أبو بكر في مرض موته أيضا للصحابة فلما استخلفت عليكم خيركم في نفسي يعني عمر فكلكم ورم لذلك أنفه يريد أن يكون الأمر له لما رأيتم الدنيا قد جاءت أما و الله لتتخذن ستائر الديباج و نضائد الحرير أ ليس هذا طعنا في الصحابة و تصريحا بأنه قد نسبهم إلى الحسد لعمر لما نص عليه بالعهد و لقد قال له طلحة لما ذكر عمر للأمر ما ذا تقول لربك إذا سألك عن عباده و قد وليت عليهم فظا غليظا فقال أبو بكر أجلسوني أجلسوني بالله تخوفني إذا سألني قلت وليت عليهم خير أهلك ثم شتمه بكلام كثير منقول فهل قول طلحة إلا طعن في عمر و هل قول أبي بكر إلا طعن في طلحة. ثم الذي كان بين أبي بن كعب و عبد الله بن مسعود من السباب حتى نفى كل واحد منهما الآخر عن أبيه و كلمة أبي بن كعب مشهورة منقولة ما زالت هذه الأمة مكبوبة على وجهها منذ فقدوا نبيهم و قوله ألا هلك أهل العقيدة و الله ما آسى عليهم إنما آسى على من يضلون من الناس. شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 25ثم قول عبد الرحمن بن عوف ما كنت أرى أن أعيش حتى يقول لي عثمان يا منافق و قوله لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما وليت عثمان شسع نعلي ووله اللهم إن عثمان قد أبى أن يقيم كتابك فافعل به و افعل. و قال عثمان لعلي ع في كلام دار بينهما أبو بكر و عمر خير منك فقال علي كذبت أنا خير منك و منهما عبدت الله قبلهما و عبدته بعدهما. و روى سفيان بن عينية عن عمرو بن دينار قال كنت عند عروة بن الزبير فتذاكرناكم أقام النبي(21/20)


بمكة بعد الوحي فقال عروة أقام عشرا فقلت كان ابن عباس يقول ثلاث عشرة فقال كذب ابن عباس و قال ابن عباس المتعة حلال فقال له جبير بن مطعم كان عمر ينهى عنها فقال يا عدي نفسه من هاهنا ضللتم أحدثكم عن رسول الله ص و تحدثني عن عمر. و
جاء في الخبر عن علي ع لو لا ما فعل عمر بن الخطاب في المتعة ما زنى إلا شقي و قيل ما زنى إلا شفا أي قليلا
فأما سبب بعضهم بعضا و قدح بعضهم في بعض في المسائل الفقهية فأكثر من أن يحصى مثل قول ابن عباس و هو يرد على زيد مذهبه القول في الفرائض إن شاء أو قال من شاء باهلته إن الذي أحصى رمل عالج عددا أعدل من أن يجعل في مال نصفا و نصفا و ثلثا هذان النصفان قد ذهبا بالمال فأين موضع الثلث. شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 26و مثل قول أبي بن كعب في القرآن لقد قرأت القرآن و زيد هذا غلام ذو ذؤابتين يلعب بين صبيان اليهود في المكتب. و قال علي ع في أمهات الأولاد و هو على المنبر كان رأيي و رأي عمر ألا يبعن و أنا أرى الآن بيعهن فقام إليه عبيدة السلماني فقال رأيك في الجماعة أحب إلينا من رأيك في الفرقة
و كان أبو بكر يرى التسوية في قسم الغنائم و خالفه عمر و أنكر فعله. و أنكرت عائشة على أبي سلمة بن عبد الرحمن خلافه على ابن عباس في عدة المتوفى عنها زوجها و هي حامل و قالت فروج يصقع مع الديكة. و أنكرت الصحابة على ابن عباس قوله في الصرف و سفهوا رأيه حتى قيل إنه تاب من ذلك عند موته. و اختلفوا في حد شارب الخمر حتى خطأ بعضهم بعضا. و
روى بعض الصحابة عن النبي ص أنه قال الشؤم في ثلاثة المرأة و الدار و الفرس فأنكرت عائشة ذلك و كذبت الراوي و قالت إنه إنما قال ع ذلك حكاية عن غيره
و روى بعض الصحابة عنه ع أنه قال التاجر فاجر فأنكرت عائشة ذلك و كذبت الراوي و قالت إنما قاله ع في تاجر دلس
و أنكر قوم من الأنصار
رواية أبي بكر الأئمة من قريش(21/21)


و نسبوه إلى افتعال هذه الكلمة. شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 27و كان أبو بكر يقضي بالقضاء فينقضه عليه أصاغر الصحابة كبلال و صهيب و نحوهما قد روي ذلك في عدة قضايا. و قيل لابن عباس إن عبد الله بن الزبير يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس موسى بني إسرائيل فقال كذب عدالله أخبرني أبي بن كعب قال خطبنا رسول الله ص و ذكر كذا بكلام يدل على أن موسى صاحب الخضر هو موسى بني إسرائيل. و باع معاوية أواني ذهب و فضة بأكثر من وزنها فقال له أبو الدرداء سمعت رسول الله ص ينهى عن ذلك فقال معاوية أما أنا فلا أرى به بأسا فقال أبو الدرداء من عذيري من معاوية أخبره عن الرسول ص و هو يخبرني عن رأيه و الله لا أساكنك بأرض أبدا. و طعن ابن عباس في أبي هريرة
عن رسول الله ص إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يدخلن يده في الإناء حتى يتوضأ
و قال فما نصنع بالمهراس. و
قال علي ع لعمر و قد أفتاه الصحابة في مسألة و أجمعوا عليها إن كانوا راقبوك فقد غشوك و إن كان هذا جهد رأيهم فقد أخطئوا
و قال ابن عباس أ لا يتقي الله زيد بن ثابت يجعل ابن الابن ابنا و لا يجعل أب الأب أبا. و قالت عائشة أخبروا زيد بن أرقم أنه قد أحبط جهاده مع رسول الله ص. شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 28و أنكرت الصحابة على أبي موسى قوله إن النوم لا ينقض الوضوء و نسبته إلى الغف و قلة التحصيل و كذلك أنكرت على أبي طلحة الأنصاري قوله إن أكل البرد لا يفطر الصائم و هزئت به و نسبته إلى الجهل. و سمع عمر عبد الله بن مسعود و أبي بن كعب يختلفان في صلاة الرجل في الثوب الواحد فصعد المنبر و قال إذا اختلف اثنان من أصحاب رسول الله ص فعن أي فتياكم يصدر المسلمون لا أسمع رجلين يختلفان بعد مقامي هذا إلا فعلت و صنعت. و
قال جرير بن كليب رأيت عمر ينهى عن المتعة و علي ع يأمر بها فقلت إن بينكما لشرا فقال علي ع ليس بيننا إلا الخير و لكن خيرنا أتبعنا لهذا الدين(21/22)


قال هذا المتكلم و كيف يصح أن يقول رسول الله ص أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم لا شبهة أن هذا يوجب أن يكون أهل الشام في صفين على هدى و أن يكون أهل العراق أيضا على هدى و أن يكون قاتل عمار بن ياسر مهتديا و
قد صح الخبر الصحيح أنه قال له تقتلك الفئة الباغية
و قال في القرآن فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِي ءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ فدل على أنها ما دامت موصوفة بالمقام على البغي مفارقة لأمر الله و من يفارق أمر الله لا يكون مهتديا. و كان يجب أن يكون بسر بن أبي أرطاة الذي ذبح ولدي عبيد الله بن عباس الصغيرين متديا لأن بسرا من الصحابة أيضا و كان يجب أن يكون عمرو بن العاص و معاوية اللذان كانا يلعنان عليا أدبار الصلاة و ولديه مهتديين و قد كان في الصحابة من يزني و من يشرب الخمر كأبي محجن الثقفي و من يرتد عن الإسلام كطليحة بن خويلد فيجب أن يكون كل من اقتدى بهؤلاء في أفعالهم مهديا. شرح نهج البلاغة ج : 20 ص : 29قال و إنما هذا من موضوعات متعصبة الأموية فإن لهم من ينصرهم بلسانه و بوضعه الأحاديث إذا عجز عن نصرهم بالسيف. و كذا القول في الحديث الآخر و هو قوله القرن الذي أنا فيه و مما يدل على بطلانه أن القرن الذي جاء بعده مسين سنة شر قرون الدنيا و هو أحد القرون التي ذكرها في النص و كان ذلك القرن هو القرن الذي قتل فيه الحسين و أوقع بالمدينة و حوصرت مكة و نقضت الكعبة و شربت خلفاؤه و القائمون مقامه و المنتصبون في منصب النبوة الخمور و ارتكبوا الفجور كما جرى ليزيد بن معاوية و ليزيد بن عاتكة و للوليد بن يزيد و أريقت الدماء الحرام و قتل المسلمون و سبي الحريم و استعبد أبناء المهاجرين و الأنصار و نقش على أيديهم كما ينقش على أيدي الروم و ذلك في خلافة عبد الملك و إمرة الحجاج و إذا تأملت كتب التواريخ وجدت الخمسين الثانية شرا كلها لا خير فيها و لا في رؤسائها و أمرائها و الناس برؤسائهم و أمرائهم و(21/23)

13 / 69
ع
En
A+
A-