و قال أبو طالب أيضا يرثي خاله هشام بن المغيرة شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 29فقدنا عميد الحي و الركن خاشع كفقد أبي عثمان و البيت و الحجرو كان هشام بن المغيرة عصمة إذا عرك الناس المخاوف و الفقربأبياته كانت أرامل قومه تلوذ و أيتام العشيرة و السفرفودت قريش لو فدته بشطرها و قل لعمري لو فدوه له الشطرنقول لعمرو أنت منه و إننا لنرجوك في جل الملمات يا عمرو
عمرو هذا هو أبو جهل بن هشام و أبو عثمان هو هشام. و قالت ضباعة بنت عامر بن سلمة بن قرط ترثيه
إن أبا عثمان لم أنسه و إن صبرا عن بكاه لحوب تفاقدوا من معشر ما لهم أي ذنوب صوبوا في القليبو قال حسان بن ثابت و هو يهجو أبا جهل و كان يكنى أبا الحكم
الناس كنوه أبا حكم و الله كناه أبا جهل أبقت رئاسته لأسرته لؤم الفروع و دقة الأصلفاعترف له بالرئاسة و التقدم. و قال أبو عبيد معمر بن المثنى لما تنافر عامر بن الطفيل و علقمة بن علاثة إلى هرم بن قطبة و توارى عنهما أرسل إليهما عليكما بالفتى الحديث السن الحديد الذهن فصارا إلى أبي جهل فقال له ابن الزبعرى
فلا تحكم فداك أبي و خالي و كن كالمرء حاكم آل عمرو
شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 293فأبى أن يحكم فرجعا إلى هرم. و قال عبد الله بن ثورهريقا من دموعكما سجاما ضباع و حاربي نوحا قيامافمن للركب إذ جاءوا طروقا و غلقت البيوت فلا هشاما
و قال أيضا في كلمة له
و ما ولدت نساء بني نزار و لا رشحن أكرم من هشام هشام بن المغيرة خير فهر و أفضل من سقى صوب الغمامو قال عمارة بن أبي طرفة الهذلي سمعت ابن جريح يقول في كلام له هلك سيد البطحاء بالرعاف قلت و من سيد البطحاء قال هشام بن المغيرة. و
قال النبي ص لو دخل أحد من مشركي قريش الجنة لدخلها هشام بن المغيرة كان أبذلهم للمعروف و أحملهم للكل(19/230)
و قال عمر بن الخطاب لا قليل في الله و لا كثير في غير الله و لو بالخلق الجزل و الفعال الدثر تنال المثوبة لنالها هشام بن المغيرة و لكن بتوحيد الله و الجهاد في سبيله. و قال خداش بن زهير في يوم شمطة و هو أحد أيام الفجار و هو عدو قريش و خصمها
و بلغ أن بلغت بنا هشاما و ذا الرمحين بلغ و الوليداأولئك إن يكن في الناس جود فإن لديهم حسبا و جوداهم خير المعاشر من قريش و أوراها إذا قدحوا زنودا
شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 294و قال أيضا و ذكرهما في تلك الحروبيا شدة ما شددنا غير كاذبة على سخينة لو لا الليل و الحرم إذا ثقفنا هشاما بالوليد و لو أنا ثقفنا هشاما شالت الجذمو ذكرهم ابن الزبعرى في تلك الحروب فقال
ألا لله قوم ولدت أخت بني سهم هشام و أبو عبد مناف مدره الخصم و ذو الرمحين أشباك من القوة و الحزم فهذان يذودان و ذا عن كثب يرمي و هم يوم عكاظ منعوا الناس من الهزم بجأواء طحون فخمة القونس كالنجم أسود تزدهى الأقران مناعون للهضم فإن أحلف و بيت الله لا أحإثم و ما من إخوة بين دروب الشام و الردم بأزكى من بني ريطة أو أرزن من حلريطة هي أم ولد المغيرة و هي ريطة بنت سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب و أبو عبد مناف هو أبو أمية بن المغيرة و يعرف بزاد الركب و اسمه حذيفة و إنما قيل له زاد الركب لأنه كان إذا خرج مسافرا لم يتزود معه أحد و كانت شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 295عنده عاتكة ت عبد المطلب بن هشام و أما ذو الرمحين فهو أبو ربيعة بن المغيرة و اسمه عمرو و كان المغيرة يكنى باسم ابنه الأكبر و هو هاشم و لم يعقب إلا من حنتمة ابنته و هي أم عمر بن الخطاب. و قال ابن الزبعرى يمدح أبا جهل
رب نديم ماجد الأصل مهذب الأعراق و النجل منهم أبو عبد مناف و كم سربت بالضخم على العدل عمرو الندى ذاك و أشياعه ما شئت من قول و من فعو قال الورد بن خلاس السهمي سهم بأهله يمدح الوليد(19/231)
إذا كنت في حيي جذيمة ثاويا فعند عظيم القريتين وليدفذاك وحيد الرأي مشترك الندى و عصمة ملهوف الجنان عميد
و قال أيضا
إن الوليدين و الأبناء ضاحية ربا تهامة في الميسور و العسرهم الغياث و بعض القوم قرقمة عز الذليل و غيظ الحاسد الوغر
و قال
و رهطك يا ابن الغيث أكرم محتد و امنع للجار اللهيف المهضم
قالوا الغيث لقب المغيرة و جعل الوليد و أخاه هشاما ربي تهامة كما قال لبيد بن ربيعة في حذيفة بن بدر
و أهلكن يوما رب كندة و ابنه و رب معد بين خبت و عرعر(19/232)
فجعله رب معد. شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 296قالوا يدل على قدر مخزوم ما رأينا من تعظيم القرآن لشأنهم دون غيرهم من سائر قريش قال الله تعالى مخبرا عن العرب إنهم قالوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ فأحد الرجلين العظين بلا شك الوليد بن المغيرة و الآخر مختلف فيه أ هو عروة بن مسعود أم جد المختار بن أبي عبيد. و قال سبحانه في الوليد ذَرْنِي وَ مَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً وَ جَعَلْتُ لَهُ مالًا مَمْدُوداً وَ بَنِينَ شُهُوداً الآيات. قالوا و في الوليد نزلت أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى. و في أبي جهل نزلت ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ. و فيه نزلت فَلْيَدْعُ نادِيَهُ. و في مخزوم وَ ذَرْنِي وَ الْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ. و فيهم نزلت ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ. و زعم اليقطري أبو اليقظان و أبو الحسن أن الحجاج سأل أعشى همدان عن بيوتات قريش في الجاهلية فقال إني قد آليت ألا أنفر أحدا على أحد و لكن أقول و تسمعون قالوا فقل قال من أيهم المحبب في أهله المؤرخ بذكره محلي الكعبة و ضارب القبة و الملقب بالخير و صاحب الخير و المير قالوا من بني مخزوم قال فمن أيهم ضجيع بسباسة و المنحور عنه ألف ناقة و زاد الركب و مبيض البطحاء قالوا من بني مخزوم قال فمن أيهم كان المقنع في حكمه و المنفذ وصيته على تهكمه و عدل الجميع في الرفادة و أول من وضع أساس الكعبة قالوا من بني مخزوم قال فمن شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 297أي صاحب الأريكة و مطعم الخزيرة قالوا من بني مخزوم قال فمن أيهم الإخوة العشرة الكرام البررة قالوا من بني مخزوم قال فهو ذاك فقال رجل من بني أمية أيها الأمير لو كان لهم مع قديمهم حديث إسلام فقال الحجاج أ و ما علمت بأن منهم رداد الردة و قاتل مسيلمة و آسر طليحة و المدرك بالطائلة مع الفتوح العظام و الأيادي الجسام فهذا آخر ما ذكره(19/233)
أبو عثمان. و يمكن أن يزاد عليه فيقال قالت مخزوم ما أنصفنا من اقتصر في ذكرنا على أن قال مخزوم ريحانة قريش تحب حديث رجالهم و النكاح في نسائهم و لنا في الجاهلية و الإسلام أثر عظيم و رجال كثيرة و رؤساء شهيرة فمنا المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم كان سيد قريش في الجاهلية و هو الذي منع فزارة من الحج لما عير خشين بن لأي الفزاري ثم الشمخي قوما من قريش إنهم يأخذون ما ينحره العرب من الإبل في الموسم فقال خشين لما منع من الحج
يا رب هل عندك من عقيره أصلح مالي و أدع تنحيره فإن منا مانع المغيره و مانعا بعد منى بثيره و مانعا بيتك أن أزورمنا بنو المغيرة العشرة أمهم ريطة و قد تقدم ذكر نسبها و أمها عاتكة بنت عبد العزى بن قصي و أمها الحظيا بنت كعب بن سعد بن تيم بن مرة أول امرأة من قريش ضربت قباب الأدم بذي المجاز و لها يقول الشاعر
مضى بالصالحات بنو الحظيا و كان بسيفهم يغنى الفقير
فمن هؤلاء أعني الحظيا الوليد بن المغيرة أمه صخرة بنت الحارث بن عبد الله شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 298بن عبد شمس القشيري كان أبو طالب بن عبد المطلب يفتخر بأنه خاله و كفاك من رجل يفتخر أبو طالب بخئولته أ لا ترى إلى قول أبي طالبو خالي الوليد قد عرفتم مكانه و خالي أبو العاصي إياس بن معبد
و منهم حفص بن المغيرة و كان شريفا و عثمان بن المغيرة و كان شريفا و منهم السيد المطاع هشام بن المغيرة و كان سيد قريش غير مدافع له يقول أبو بكر بن الأسود بن شعوب يرثيه
ذريني أصطبح يا بكر إني رأيت الموت نقب عن هشام تخيره و لم يعدل سواه و نعم المرء بالبلد الحرام و كنت إذا ألاقيه كأني إلى حرم و في شهر حرام فود بنو المغيرة لو فدوه بألف مقاتل و بألف رام و ود بنو المغيرة لو فدوه بألف من رجال أو سوام فبكيه ضباع و لا تملي هإنه غيث الأنام
و يقول له الحارث بن أمية الضمري(19/234)