و مع كونه ص لم يقل فيه ذلك المقال فقد غلت فيه غلاة كثيرة العدد منتشرة في الدنيا يعتقدون فيه ما يعتقد النصارى في ابن مريم و أشنع من ذلك الاعتقاد. فأما المبغض القالي فقد رأينا من يبغضه و لكن ما رأينا من يلعنه و يصرح بالبراءة منه و يقال إن في عمان و ما والاها من صحار و ما يجري مجراها قوما يعتقدون فيه ما كانت الخوارج تعتقده فيه و أنا أبرأ إلى الله منهما
شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 114283إِضَاعَةُ الْفُرْصَةِ غُصَّةٌ في المثل انتهزوا الفرص فإنها تمر مر السحاب. و قال الشاعرو إن أمكنت فرصة في العدو فلا يك همك إلا بهافإن تك لم تأت من بابها أتاك عدوك من بابهاو إياك من ندم بعدها و تأميل أخرى و أنى بها
شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 115284مَثَلُ الدُّنْيَا كَمَثَلِ الْحَيَّةِ لَيِّنٌ مَسُّهَا وَ السَّمُّ النَّاقِعُ فِي جَوْفِهَا يَهْوِي إِلَيْهَا الْغِرُّ الْجَاهِلُ وَ يَحْذَرُهَا ذُو اللُّبِّ الْعَاقِلُقد تقدم القول في الدنيا مرارا و قد أخذ أبو العتاهية هذا المعنى فقال إنما الدهر أرقم لين المس و في نابه السقام العقام
شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 116285وَ قَالَ ع وَ قَدْ سُئِلَ عَنْ قُرَيْشٍ فَقَالَ أَمَّا بَنُو مَخْزُومٍ فَرَيْحَانَةُ قُرَيْشٍ تُحِبُّ حَدِيثَ رِجَالِهِمْ وَ النِّكَاحَ فِي نِسَائِهِمْ وَ أَمَّا بَنُو عَبْدِ شَمْسٍ فَأَبْعَدُهَا رَأْياً وَ أَمْنَعُهَا لَا وَرَاءَ ظُهُورِهَا وَ أَمَّا نَحْنُ فَأَبْذَلُ لِمَا فِي أَيْدِينَا وَ أَسْمَحُ عِنْدَ الْمَوْتِ بِنُفُوسِنَا وَ هُمْ أَكْثَرُ وَ أَمْكَرُ وَ أَنْكَرُ وَ نَحْنُ أَفْصَحُ وَ أَنْصَحُ وَ أَصْبَحُ
فصل في نسب بني مخزوم و طرف من أخبارهم(19/225)


قد تقدم القول في مفاخرة هاشم و عبد شمس فأما بنو مخزوم فإنهم بعد هذين البيتين أفخر قريش و أعظمها شرفا. قال شيخنا أبو عثمان حظيت مخزوم بالأشعار فانتشر لهم صيت عظيم بها و اتفق لهم فيها ما لم يتفق لأحد و ذلك أنه يضرب بهم المثل في العز و المنعة و الجود و الشرف و أوضعوا في كل غاية فمن ذلك قول سيحان الجسري حليف بني أمية في كلمة له
و حين يناغي الركب موت هشام
فدل ذلك على أن ما تقوله مخزوم في التاريخ حق و ذلك أنهم قالوا كانت قريش و كنانة و من والاهم من الناس يؤرخون بثلاثة أشياء كانوا يقولون كان ذلك زمن شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 286مبنى الكعبة و كان ذلك من مجي ء الفيل و كان ذلك عام مات هشام بن المغيرة كما كانلعرب تؤرخ فتقول كان ذلك زمن الفطحل و كان ذلك زمن الحيان و كان ذلك زمن الحجارة و كان ذلك عام الحجاف و الرواة تجعل ضرب المثل من أعظم المفاخر و أظهر الدلائل و الشعر كما علمت كما يرفع يضع كما رفع من بني أنف الناقة قول الحطيئة
قوم هم الأنف و الأذناب غيرهم و من يسوي بأنف الناقة الذنبا
و كما وضع من بني نمير قول جرير
فعض الطرف إنك من نمير فلا كعبا بلغت و لا كلابا
فلقيت نمير من هذا البيت ما لقيت. و جعلهم الشاعر مثلا فيمن وضعه الهجاء و هو يهجو قوما من العرب
و سوف يزيدكم ضعة هجائي كما وضع الهجاء بني نمير
و نمير قبيل شريف و قد ثلم في شرفهم هذا البيت. و قال ابن غزالة الكندي و هو يمدح بني شيبان و لم يكن في موضع رغبة إلى بني مخزوم و لا في موضع رهبة
كأني إذ حططت الرحل فيهم بمكة حين حل بها هشام
فضرب بهشام المثل. و قال رجل من بني حزم أحد بني سلمى و هو يمدح حرب بن معاوية الخفاجي و خفاجة من بني عقيل(19/226)


إلى حزن الحزون سمت ركابي بوابل خلفها عسلان جيش شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 287فلما أن أنخت إلى ذراه أمنت فراشني منه بريش توسط بيته في آل كعب كبيت بني مغيرة في قرفضرب المثل ببيتهم في قريش. و قال عبد الرحمن بن حسان لعبد الرحمن بن الحكم
ما رست أكيس من بني قحطان صعب الذرا متمنع الأركان إني طمعت بفخر من لو رامه آل المغيرة أو بنو ذكوان لملأتها خيلا تضب لثاتها مثل الدبا و كواسر العقبان منهم هشام و الوليد و عدلهم و أبو أمية مفزع الركبفضرب المثل بآل المغيرة. و أما بنو ذكوان فبنو بدر بن عمرو بن حوية بن ذكوان أحد بني عدي بن فزارة منهم حذيفة و حمل و رهطهما و قال مالك بن نويرة
أ لم ينه عنا فخر بكر بن وائل هزيمتهم في كل يوم لزام فمنهن يوم الشر أو يوم منعج و بالجزع إذ قسمن حي عصام أحاديث شاعت في معد و غيرها و خبرها الركبان حي هشافجعل قريشا كلها حيا لهشام. و قال عبد الله بن ثور الخفاجي
و أصبح بطن مكة مقشعرا كأن الأرض ليس بها هشام
و هذا مثل و فوق المثل. قالوا و قال الخروف الكلبي و قد مر به ناس من تجار قريش يريدون الشام بادين شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 288قشفين ما لكم معاشر قريش هكذا أجدبتم أم مات هشام فجعل موت هشام بإزاء الجدب و المحل و في هذا المعنى قال مسافر بن أبي عمروتقول لنا الركبان في كل منزل أ مات هشام أم أصابكم جدب
فجعل موت هشام و فقد الغيث سواء. و قال عبد الله بن سلمة بن قشير
دعيني أصطبح يا بكر إني رأيت الموت نقب عن هشام
و قال أبو الطمحان القيني أو أخوه
و كانت قريش لا تخون حريمها من الخوف حتى ناهضت بهشام
و قال أبو بكر بن شعوب لقومه كنانة
يا قومنا لا تهلكوا إخفاتا إن هشام القرشي ماتا
و قال خداش بن زهير
و قد كنت هجاء لهم ثم كفكفوا نوافذ قولي بالهمام هشام
و قال علي بن هرمة عم إبراهيم بن هرمة(19/227)


و من يرتئي مدحي فإن مدائحي نوافق عند الأكرمين سوام نوافق عند المشتري الحمد بالندى نفاق بنات الحارث بن هشامو قال الشاعر و هو يهجو رجلا
أ حسبت أن أباك يوم نسبتني في المجد كان الحارث بن هشام أولى قريش بالمكارم كلها في الجاهلية كان و الإسلام شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 289و قال الأسود بن يعفر النهشليإن الأكارم من قريش كلها شهدوا فراموا الأمر كل مرام حتى إذا كثر التجادل بينهم حزم الأمور الحارث بن هشامو قال ثابت قطنة أو كعب الأشقري لمحمد بن الأشعث بن قيس
أ توعدني بالأشعثي و مالك و تفخر جهلا بالوسيط الطماطم كأنك بالبطحاء تذمر حارثا و خالد سيف الدين بين الملاحمو قال الخزاعي في كلمته التي يذكر فيها أبا أحيحة
له سرة البطحاء و العد و الثرى و لا كهاشم الخير و القلب مردف
و سأل معاوية صعصعة بن صوحان العبدي عن قبائل قريش فقال إن قلنا غضبتم و إن سكتنا غضبتم فقال أقسمت عليك قال فيمن يقول شاعركم
و عشرة كلهم سيد آباء سادات و أبناؤهاإن يسألوا يعطوا و إن يعدموا يبيض من مكة بطحاؤها
و قال عبد الرحمن بن سيحان الجسري حليف بني أمية و هو يهجو عبد الله بن مطيع من بني عدي
حرام كنتي مني بسوء و أذكر صاحبي أبدا بذام لقد أصرمت ود بني مطيع حرام الدهر للرجل الحرام و إن خيف الزمان مددت حبلا متينا من حبال بني هاشم وريق عودهم أبدا رطيب إذا ما اهتز عيدان الكر شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 290و قال أبو طالب بن عبد المطلب و هو يفخر بخاليه هشام و الوليد على أبي سفيان بن حربو خالي هشام بن المغيرة ثاقب إذا هم يوما كالحسام المهندو خالي الوليد العدل عال مكانه و خال أبي سفيان عمرو بن مرثد
و قال ابن الزبعرى فيهم
لهم مشية ليست تليق بغيرهم إذا احدودب المثرون في السنة الجدب
و قال شاعر من بني هوازن أحد بني أنف الناقة حين سقى إبله عبد الله بن أبي أمية المخزومي بعد أن منعه الزبرقان بن بدر(19/228)


أ تدري من منعت سيال حوض سليل خضارم منعوا البطاحاأ زاد الركب تمنع أم هشاما و ذا الرمحين أمنعهم سلاحاهم منعوا الأباطح دون فهر و من بالخيف و البلد الكفاحابضرب دون بيضهم طلخف إذا الملهوف لاذ بهم و صاحاو ما تدري بأيهم تلاقي صدور المشرفية و الرماحا
فقال عبد الله بن أبي أمية مجيبا له
لعمري لأنت المرء يحسن باديا و تحسن عودا شيمة و تصنعاعرفت لقوم مجدهم و قديمهم و كنت لما أسديت أهلا و موضعا
قالوا و كان الوليد بن المغيرة يجلس بذي المجاز فيحكم بين العرب أيام عكاظ و قد كان رجل من بني عامر بن لؤي رافق رجلا من بني عبد مناف بن قصي فجرى بينهما كلام في حبل فعلاه بالعصا حتى قتله فكاد دمه يطل فقام دونه أبو طالب شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 291بن عبد اللب و قدمه إلى الوليد فاستحلفه خمسين يمينا أنه ما قتله ففي ذلك يقول أبو طالب
أ من أجل حبل ذي رمام علوته بمنسأة قد جاء حبل و أحبل هلم إلى حكم ابن صخرة إنه سيحكم فيما بيننا ثم يعدلو قال أبو طالب أيضا في كلمة له
و حكمك يبقي الخير إن عز أمره تخمط و استعلى على الأضعف الفرد
و قال أبو طالب أيضا يرثي أبا أمية زاد الركب و هو خاله
كأن على رضراض قص و جندل من اليبس أو تحت الفراش المجامرعلى خير حاف من معد و ناعل إذا الخير يرجي أو إذا الشر حاسرألا إن زاد الركب غير مدافع بسرو سحيم غيبته المقابرتنادوا بأن لا سيد اليوم فيهم و قد فجع الحيان كعب و عامرو كان إذا يأتي من الشام قافلا تقدمه قبل الدنو البشائرفيصبح آل الله بيضا ثيابهم و قدما حباهم و العيون كواسرأخو جفنة لا تبرح الدهر عندنا مجعجعة تدمي وشاء و باقرضروب بنصل السيف سوق سمانها إذا أرسلوا يوما فإنك عاقرفيا لك من راع رميت بآلة شراعية تخضر منه الأظافر(19/229)

91 / 150
ع
En
A+
A-