إن النساء كأشجار نبتن معا هن المرار و بعض المر مأكول إن النساء متى ينهين عن خلق فإنه واجب لا بد مفعول شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 60201إِذَا حُيِّيتَ بِتَحِيَّةٍ فَحَيِّ بِأَحْسَنَ مِنْهَا وَ إِذَا أُسْدِيَتْ إِلَيْكَ يَدٌ فكَاَفِئْهَا بِمَا يُرْبِي عَلَيْهَا وَ الْفَضْلُ مَعَ ذَلِكَ لِلْبَادِئِاللفظة الأولى من القرآن العزيز و الثانية تتضمن معنى مشهورا. و قوله و الفضل مع ذلك للبادئ يقال في الكرم و الحث على فعل الخير. و روى المدائني قال قدم على أسد بن عبد الله القشيري بخراسان رجل فدخل مع الناس فقال أصلح الله الأمير إن لي عندك يدا قال و ما يدك قال أخذت بركابك يوم كذا قال صدقت حاجتك قال توليني أبيورد قال لم قال لأكسب مائة ألف درهم قال فإنا قد أمرنا لك بها الساعة فنكون قد بلغناك ما تحب و أقررنا صاحبنا على عمله قال أصلح الله الأمير إنك لم تقض ذمامي قال و لم و قد أعطيتك ما أملت قال فأين الإمارة و أين حب الأمر و النهي قال قد وليتك أبيورد و سوغت لك ما أمرت لك به و أعفيتك من المحاسبة إن صرفتك عنها قال و لم تصرفني عنها و لا يكون الصرف إلا من عجز أو خيانة شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 202و أنا بري ء منهما قال اذهب فأنت أميرها ما دامت لنا خراسان فلم يزل أميرا أبيورد حتى عزل أسد. قال المدائني و جاء رجل إلى نصر بن سيار يذكر قرابة قال و ما قرابتك قال ولدتني و إياك فلانة قال نصر قرابة عورة قال إن العورة كالشن البالي يرقعه أهله فينتفعون به قال حاجتك قال مائة ناقة لاقح و مائة نعجة ربى أي معها أولادها قال أما النعاج فخذها و أما النوق فنأمر لك بأثمانها. و روى الشعبي قال حضرت مجلس زياد و حضره رجل فقال أيها الأمير إن لي حرمة أ فأذكرها قال هاتها قال رأيتك بالطائف و أنت غليم ذو ذؤابة و قد أحاطت بك جماعة من الغلمان و أنت تركض هذا مرة برجلك و تنطح هذا مرة برأسك و تكدم مرة بأنيابك فكانوا مرة ينثالون(19/180)


عليك و هذه حالهم و مرة يندون عنك و أنت تتبعهم حتى كاثروك و استقووا عليك فجئت حتى أخرجتك من بينهم و أنت سليم و كلهم جريح قال صدقت أنت ذاك الرجل قال أنا ذاك قال حاجتك قال الغنى عن الطلب قال يا غلام أعطه كل صفراء و بيضاء عندك فنظر فإذا قيمة كل ما يملك ذلك اليوم من الذهب و الفضة أربعة و خمسون ألف درهم فأخذها و انصرف فقيل له بعد ذلك أنت رأيت زيادا و هو غلام بذلك الحال قال إي و الله لقد رأيته و قد اكتنفه صبيان صغيران كأنهما من سخال المعز فلو لا أني أدركته لظننت أنهما يأتيان على نفسه. و جاء رجل إلى معاوية و هو في مجلس العامة فقال يا أمير المؤمنين إن لي حرمة قال و ما هي قال دنوت من ركابك يوم صفين و قد قربت فرسك لتفر و أهل شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 203العراق قد رأوا الفتح و الظفر فقلت لك و الله لو كانت هند بنت عتبة مكانك ما فرت و لا اختارتلا أن تموت كريمة أو تعيش حميدة أين تفر و قد قلدتك العرب أزمة أمورها و أعطتك قياد أعنتها فقلت لي اخفض صوتك لا أم لك ثم تماسكت و ثبت و ثابت إليك حماتك و تمثلت حينئذ بشعر أحفظ منه
و قولي كلما جشأت و جاشت مكانك تحمدي أو تستريحي
فقال معاوية صدقت وددت أنك الآن أيضا خفضت من صوتك يا غلام أعطه خمسين ألف درهم فلو كنت أحسنت في الأدب لأحسنا لك في الزيادة
شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 61204الشَّفِيعُ جَنَاحُ الطَّالِبِ جاء في الحديث مرفوعا اشفعوا إلي تؤجروا و يقضي الله على لسان نبيه ما شاءو قال المأمون لإبراهيم بن المهدي لما عفا عنه إن أعظم يدا عندك من عفوي عنك أني لم أجرعك مرارة امتنان الشافعين. و من كلام قابوس بن وشمكير بزند الشفيع تورى نار النجاح و من كف المفيض ينتظر فوز القداح. قال المبرد أتاني رجل يستشفع بي في حاجة فأنشدني لنفسه(19/181)


إني قصدتك لا أدلى بمعرفة و لا بقربى و لكن قد فشت نعمك فبت حيران مكروبا يؤرقني ذل الغريب و يغشيني الكرى كرمك و لو هممت بغير العرف ما علقت به يداك و لا انقادت له شيمك ما زلت أنكب حتى زلزلت قدمي فاحتل لتثبيتها لا زلزلت قدقال فشفعت له و قمت بأمره حتى بلغت له ما أحب. بزرجمهر من لم يستغن بنفسه عن شفيعه و وسائله وهت قوى أسبابه و كان إلى شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 205الحرمان أقرب منه إلى بلوغ المراد و مثله من لم يرغب أوداؤه في اجتنابه لم يحظ بمدح شفعائه و مثله إذا زرت الملوك ن حسبي شفيعا عندهم أن يعرفوني. كلم الأحنف مصعب بن الزبير في قوم حبسهم فقال أصلح الله الأمير إن كان هؤلاء حبسوا في باطل فالحق يخرجهم و إن كانوا حبسوا في حق فالعفو يسعهم فأمر بإخراجهم. آخر
إذا أنت لم تعطفك إلا شفاعة فلا خير في ود يكون بشافع
خرج العطاء في أيام المنصور و أقام الشقراني من ولد شقران مولى رسول الله ص ببابه أياما لا يصل إليه عطاؤه فخرج جعفر بن محمد من عند المنصور فقام الشقراني إليه فذكر له حاجته فرحب به ثم دخل ثانيا إلى المنصور و خرج و عطاء الشقراني في كمه فصبه في كمه ثم
قال يا شقران إن الحسن من كل أحد حسن و إنه منك أحسن لمكانك منا و إن القبيح من كل أحد قبيح و هو منك أقبح لمكانك منا
فاستحسن الناس ما قاله و ذلك لأن الشقراني كان صاحب شراب قالوا فانظر كيف أحسن السعي في استنجاز طلبته و كيف رحب به و أكرمه مع معرفته بحاله و كيف وعظه و نهاه عن المنكر على وجه التعريض قال الزمخشري و ما هو إلا من أخلاق الأنبياء. كتب سعيد بن حميد شفاعة لرجل كتابي هذا كتاب معتن بمن كتب له واثق بمن كتب إليه و لن يضيع حامله بين الثقة و العناية إن شاء الله. أبو الطيب
إذا عرضت حاج إليه فنفسه إلى نفسه فيها شفيع مشفع(19/182)


شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 206محمد بن جعفر و المنصوركان المنصور معجبا بمحادثة محمد بن جعفر بن عبيد الله بن العباس و كان الناس لعظم قدره عند المنصور يفزعون إليه في الشفاعات و قضاء الحاجات فثقل ذلك على المنصور فحجبه مدة ثم تتبعته نفسه فحادث الربيع فيه و قال إنه لا صبر لي عنه لكني قد ذكرت شفاعاته فقال الربيع أنا أشترط ألا يعود فكلمه الربيع فقال نعم فمكث أياما لا يشفع ثم وقف له قوم من قريش و غيرهم برقاع و هو يريد دار المنصور فسألوه أن يأخذ رقاعهم فقص عليهم القصة فضرعوا إليه و سألوه فقال أما إذ أبيتم قبول العذر فإني لا أقبضها منكم و لكن هلموا فاجعلوها في كمي فقذفوها في كمه و دخل على المنصور و هو في الخضراء يشرف على مدينة السلام و ما حولها بين البساتين و الضياع فقال له أ ما ترى إلى حسنها قال بلى يا أمير المؤمنين فبارك الله لك فيما آتاك و هنأك بإتمام نعمته عليك فيما أعطاك فما بنت العرب في دولة الإسلام و لا العجم في سالف الأيام أحصن و لا أحسن من مدينتك و لكن سمجتها في عيني خصلة قال ما هي قال ليس لي فيها ضيعة فضحك و قال نحسنها في عينك ثلاث ضياع قد أقطعتكها فقال أنت و الله يا أمير المؤمنين شريف الموارد كريم المصادر فجعل الله باقي عمرك أكثر من ماضيه و جعلت الرقاع تبدر من كميه في أثناء كلامه و خطابه للمنصور و هو يلتفت إليها و يقول ارجعن خاسئات ثم يعود إلى حديثه فقال المنصور ما هذه بحقي عليك أ لا أعلمتني خبرها فأعلمه فضحك فقال أبيت يا ابن معلم الخير إلا كرما ثم تمثل بقول عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 20لسنا و إن أحسابنا كملت يوما على الأحساب نتكل نبني كما كانت أوائلنا تبني و نفعل مثل ما فعلواثم أخذها و تصفحها و وقع فيها كلها بما طلب أصحابها. قال محمد بن جعفر فخرجت من عنده و قد ربحت و أربحت.(19/183)


قال المبرد لعبد الله بن يحيى بن خاقان أنا أشفع إليك أصلحك الله في أمر فلان فقال له قد سمعت و أطعت و سأفعل في أمره كذا فما كان من نقص فعلي و ما كان من زيادة فله قال المبرد أنت أطال الله بقاءك كما قال زهير
و جار سار معتمدا إلينا أجاءته المخافة و الرجاءضمنا ماله فغدا سليما علينا نقصه و له النماء
و قال دعبل
و إن امرأ أسدى إلي بشافع إليه و يرجو الشكر مني لأحمق شفيعك يا شكر الحوائج إنه يصونك عن مكروهها و هو يخلقآخر
مضى زمنى و الناس يستشفعون بي فهل لي إلى ليلى الغداة شفيع
آخر
و نبئت ليلى أرسلت بشفاعة إلي فهلا نفس ليلى شفيعهاأ أكرم من ليلى علي فتبتغي به الجاه أم كنت امرأ لا أطيعها
شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 208آخرو من يكن الفضل بن يحيى بن خالد شفيعا له عند الخليفة ينجح
آخر
و إذا امرؤ أسدى إليك صنيعة من جاهه فكأنها من ماله
و هذا مثل قول الآخر
و عطاء غيرك إن بذلت عناية فيه عطاؤك
ابن الرومي
ينام الذي استسعاك في الأمر إنه إذا أيقظ الملهوف مثلك ناماكفى العود منك البدء في كل موقف و جردت للجلى فكنت حسامافما لك تنبو في يدي عن ضريبتي و لم أرث من هز و كنت كهاما
شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 62209أَهْلُ الدُّنْيَا كَرَكْبٍ يُسَارُ بِهِمْ وَ هُمْ نِيَامٌهذا التشبيه واقع و هو صورة الحال لا محالة. و قد أتيت بهذا المعنى في رسالة لي كتبتها إلى بعض الأصدقاء تعزية فقلت و لو تأمل الناس أحوالهم و تبينوا مآلهم لعلموا أن المقيم منهم بوطنه و الساكن إلى سكنه أخو سفر يسرى به و هو لا يسري و راكب بحر يجرى به و هو لا يدري
شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 63210فَقْدُ الْأَحِبَّةِ غُرْبَةٌ مثل هذا قول الشاعرفلا تحسبي أن الغريب الذي نأى و لكن من تنأين عنه غريب
و مثله قوله ع الغريب من ليس له حبيب
و قال الشاعر(19/184)

82 / 150
ع
En
A+
A-