شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 65قلت قد قيل إن النبي ص فوض إليه أمر نسائه بعد موته و جعل إليه أن يقطع عصمة أيتهن شاء إذا رأى ذلك و له من الصحابة جماعة يشهدون له بذلك فقد كان قادرا على أن يقطع عصمة أم حبيبة و يبيح نكاحها الرجال عقوبة لها و لمعاوية أخيها فإنهكانت تبغض عليا كما يبغضه أخوها و لو فعل ذلك لانتهس لحمه و هذا قول الإمامية و قد رووا عن رجالهم أنه ع تهدد عائشة بضرب من ذلك و أما نحن فلا نصدق هذا الخبر و نفسر كلامه على معنى آخر و هو أنه قد كان معه من الصحابة قوم كثيرون سمعوا من رسول الله ص يلعن معاوية بعد إسلامه و يقول إنه منافق كافر و إنه من أهل النار و الأخبار في ذلك مشهورة فلو شاء أن يحمل إلى أهل الشام خطوطهم و شهاداتهم بذلك و يسمعهم قولهم ملافظة و مشافهة لفعل و لكنه رأى العدول عن ذلك مصلحة لأمر يعلمه هو ع و لو فعل ذلك لانتهس لحمه و إنما أبقى عليه. و قلت لأبي زيد البصري لم أبقى عليه فقال و الله ما أبقى عليه مراعاة له و لا رفقا به و لكنه خاف أن يفعل كفعله فيقول لعمرو بن العاص و حبيب بن مسلمة و بسر بن أبي أرطاة و أبي الأعور و أمثالهم ارووا أنتم عن النبي ص أن عليا ع منافق من أهل النار ثم يحمل ذلك إلى أهل العراق فلهذا السبب أبقى عليه
شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 7466- و من حلف له ع كتبه بين ربيعة و اليمنو نقل من خط هشام بن الكلبي(19/50)


هَذَا مَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْيَمَنِ حَاضِرُهَا وَ بَادِيهَا وَ رَبِيعَةُ حَاضِرُهَا وَ بَادِيهَا أَنَّهُمْ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ يَدْعُونَ إِلَيْهِ وَ يَأْمُرُونَ بِهِ وَ يُجِيبُونَ مَنْ دَعَا إِلَيْهِ وَ أَمَرَ بِهِ لَا يَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا وَ لَا يَرْضَوْنَ بِهِ بَدَلًا وَ أَنَّهُمْ يَدٌ وَاحِدَةٌ عَلَى مَنْ خَالَفَ ذَلِكَ وَ تَرَكَهُ وَ أَنَّهُمْ أَنْصَارٌ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ دَعْوَتُهُمْ وَاحِدَةٌ لَا يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ لِمَعْتَبَةِ عَاتِبٍ وَ لَا لِغَضَبِ غَاضِبٍ وَ لَا لِاسْتِذْلَالِ قَوْمٍ قَوْماً وَ لَا لِمَسَبَّةِ قَوْمٍ قَوْماً عَلَى ذَلِكَ شَاهِدُهُمْ وَ غَائِبُهُمْ وَ سَفِيهُهُمْ وَ عَالِمُهُمْ وَ حَلِيمُهُمْ وَ جَاهِلُهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ عَهْدَ اللَّهِ وَ مِيثَاقَهُ إِنَّ عَهْدَ اللَّهِ كَانَ مَسْئُولًا وَ كَتَبَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ(19/51)


الحلف العهد أي و من كتاب حلف فحذف المضاف و اليمن كل من ولده قحطان نحو حمير و عك و جذام و كندة و الأزد و غيرهم. و ربيعة هو ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان و هم بكر و تغلب و عبد القيس. و هشام هو هشام بن محمد بن السائب الكلبي نسابة ابن نسابة عالم بأيام العرب و أخبارها و أبوه أعلم منه و هو يروى عن أبيه. شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 67و الحاضر ساكنو الحضر و البادي ساكنو البادية و اللفظ لفظ المفرد و المعنى الجمع. قوله إنهم على كتاب الله حرف الجر يتعلق بمحذوف أي مجتمعون. قوله لا يشترون به ثمنا قليلا أي لا يتعوضون عنبالثمن فسمى التعوض اشتراء و الأصل هو أن يشترى الشي ء بالثمن لا الثمن بالشي ء لكنه من باب اتساع العرب و هو من ألفاظ القرآن العزيز. و إنهم يد واحدة أي لا خلف بينهم. قوله لمعتبة عاتب أي لا يؤثر في هذا العهد و الحلف و لا ينقضه أن يعتب أحد منهم على بعضهم لأنهستجداه فلم يجده أو طلب منه أمرا فلم يقم به و لا لأن أحدا منهم غضب من أمر صدر من صاحبه و لا لأن عزيزا منهم استذل ذليلا منهم و لا لأن إنسانا منهم سب أو هجا بعضهم فإن أمثال هذه الأمور يتعذر ارتفاعها بين الناس و لو كانت تنقض الحلف لما كان حلف أصلا. و اعلم أنه قد ورد
في الحديث عن النبي ص كل حلف كان في الجاهلية فلا يزيده الإسلام إلا شدة
و لا حلف في الإسلام لكن فعل أمير المؤمنين ع أولى بالاتباع من خبر الواحد و قد تحالفت العرب في الإسلام مرارا و من أراد الوقوف على ذلك فليطلبه من كتب التواريخ
شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 7568- و من كتاب له ع إلى معاوية من المدينة في أول ما بويع له بالخلافةذكره الواقدي في كتاب الجمل(19/52)


مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ عَلِمْتَ إِعْذَارِي فِيكُمْ وَ إِعْرَاضِي عَنْكُمْ حَتَّى كَانَ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ وَ لَا دَفْعَ لَهُ وَ الْحَدِيثُ طَوِيلٌ وَ الْكَلَامُ كَثِيرٌ وَ قَدْ أَدْبَرَ مَا أَدْبَرَ وَ أَقْبَلَ مَا أَقْبَلَ فَبَايِعْ مَنْ قِبَلَكَ وَ أَقْبِلْ إِلَيَّ فِي وَفْدٍ مِنْ أَصْحَابِكَ وَ السَّلَامُ
كتابه إلى معاوية و مخاطبته لبني أمية جميعا قال و قد علمت إعذاري فيكم أي كوني ذا عذر لو لمتكم أو ذممتكم يعني في أيام عثمان. ثم قال و إعراضي عنكم أي مع كوني ذا عذر لو فعلت ذلك فلم أفعله بل أعرضت عن إساءتكم إلي و ضربت عنكم صفحا حتى كان ما لا بد منه يعني قتل عثمان و ما جرى من الرجبة بالمدينة. ثم قاطعه الكلام مقاطعة و قال له و الحديث طويل و الكلام كثير و قد أدبر ذلك الزمان و أقبل زمان آخر فبايع و أقدم فلم يبايع و لا قدم و كيف يبايع شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 69و عينه طامحة إلى الملك و الرئاسة منذ أمره عمر على شام و كان عالي الهمة تواقا إلى معالي الأمور و كيف يطيع عليا و المحرضون له على حربه عدد الحصى و لو لم يكن إلا الوليد بن عقبة لكفى و كيف يسمع قوله
فو الله ما هند بأمك إن مضى النهار و لم يثأر بعثمان ثائرأ يقتل عبد القوم سيد أهله و لم تقتلوه ليت أمك عاقرو من عجب أن بت بالشام وادعا قريرا و قد دارت عليه الدوائر
و يطيع عليا و يبايع له و يقدم عليه و يسلم نفسه إليه و هو نازل بالشام في وسط قحطان و دونه منهم حرة لا ترام و هم أطوع له من نعله و الأمر قد أمكنه الشروع فيه و تالله لو سمع هذا التحريض أجبن الناس و أضعفهم نفسا و أنقصهم همة لحركه و شحذ من عزمه فكيف معاوية و قد أيقظ الوليد بشعره من لا ينام(19/53)


شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 7670- و من وصية له ع لعبد الله بن العباس عند استخلافه إياه على البصرةسَعِ النَّاسَ بِوَجْهِكَ وَ مَجْلِسِكَ وَ حُكْمِكَ وَ إِيَّاكَ وَ الْغَضَبَ فَإِنَّهُ طَيْرَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ وَ اعْلَمْ أَنَّ مَا قَرَّبَكَ مِنَ اللَّهِ يُبَاعِدُكَ مِنَ النَّارِ وَ مَا بَاعَدَكَ مِنَ اللَّهِ يُقَرِّبُكَ مِنَ النَّارِ
روي و حلمك و القرب من الله هو القرب من ثوابه و لا شبهة أن ما قرب من الثواب باعد من العقاب و بالعكس لتنافيهما. فأما وصيته له أن يسع الناس بوجهه و مجلسه و حكمه فقد تقدم شرح مثله و كذلك القول في الغضب. و طيرة من الشيطان بفتح الطاء و سكون الياء أي خفة و طيش قال الكميت
و حلمك عز إذا ما حلمت و طيرتك الصاب و الحنظل
شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 7771- و من وصية له ع لعبد الله بن العباس أيضا لما بعثه للاحتجاج على الخوارجلَا تُخَاصِمْهُمْ بِالْقُرْآنِ فَإِنَّ الْقُرْآنَ حَمَّالٌ ذُو وُجُوهٍ تَقُولُ وَ يَقُولُونَ... وَ لَكِنْ حَاجِجْهُمْ بِالسُّنَّةِ فَإِنَّهُمْ لَنْ يَجِدُوا عَنْهَا مَحِيصاً(19/54)

56 / 150
ع
En
A+
A-