لعمري لقد أخزى نميلة رهطه و فجع أصناف النساء بمقيس فلله عينا من رأى مثل مقيس إذا النفساء أصبحت لم تخرسو كان جرم مقيس من قبل أن أخاه هاشم بن صبابة أسلم و شهد المريسيع مع رسول الله ص فقتله رجل من رهط عبادة بن الصامت و قيل من بني عمرو بن عوف و هو لا يعرفه فظنه من المشركين فقضى له رسول الله ص بالدية على العاقلة فقدم مقيس أخوه المدينة فأخذ ديته و أسلم ثم عدا على قاتل أخيه فقتله و هرب مرتدا كافرا يهجو رسول الله ص بالشعر فأهدر دمه. شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 16قال الواقدي فأما سارة مولاة بني هاشم و كانت مغنية نواحة بمكة و كانت قد قدمت على رسول الله ص المدينة تطلب أن يصلها و شكت إليه الحاجة و ذلك بعد بدر و أحد فق لها أ ما كان لك في غنائك و نياحك ما يغنيك قالت يا محمد إن قريشا منذ قتل من قتل منهم ببدر تركوا استماع الغناء فوصلها رسول الله ص و أوقر لها بعيرا طعاما فرجعت إلى قريش و هي على دينها و كانت يلقى عليها هجاء رسول الله ص فتغنى به فأمر بها رسول الله ص يوم الفتح أن تقتل فقتلت و أما قينتا ابن خطل فقتل يوم الفتح إحداهما و هي أرنب أو قرينة و أما قريني فاستؤمن لها رسول الله ص فأمنها و عاشت حتى ماتت في أيام عثمان. قال الواقدي و قد روي أن رسول الله ص أمر بقتل وحشي يوم الفتح فهرب إلى الطائف فلم يزل بها مقيما حتى قدم مع وفد الطائف على رسول الله ص فدخل عليه فقال أشهد أن لا إله إلا الله و أنك رسول الله فقال أ وحشي قال نعم قال اجلس و حدثني كيف قتلت حمزة فلما أخبره قال قم و غيب عني وجهك فكان إذا رآه توارى عنه.
قال الواقدي و حدثني ابن أبي ذئب و معمر عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي عمرو بن عدي بن أبي الحمراء قال سمعت رسول الله ص يقول بعد فراغه من أمر الفتح و هو يريد الخروج من مكة أما و الله إنك لخير أرض الله و أحب بلاد الله إلي و لو لا أن أهلك أخرجوني ما خرجت(19/10)


و زاد محمد بن إسحاق في كتاب المغازي أن هند بنت عتبة جاءت إلى رسول الله شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 17ص مع نساء قريش متنكرة متنقبة لحدثها الذي كان في الإسلام و ما صنعت بحمزة حين جدعته و بقرت بطنه عن كبده فهي تخاف أن يأخذها رسول الله ص بحدثها ذلك فلما دنت م و قال حين بايعنه على ألا يشركن بالله شيئا قلن نعم قال و لا يسرقن فقالت هند و الله أنا كنت لأصيب من مال أبي سفيان الهنة و الهنيهة فما أعلم أ حلال ذلك أم لا فقال رسول الله ص و إنك لهند قالت نعم أنا هند و أنا أشهد أن لا إله إلا الله و أنك رسول الله فاعف عما سلف عفا الله عنك فقال رسول الله ص و لا يزنين فقالت هند و هل تزني الحرة فقال لا و لا يقتلن أولادهن فقالت هند قد لعمري ربيناهم صغارا و قتلتهم كبارا ببدر فأنت و هم أعرف فضحك عمر بن الخطاب من قولها حتى أسفرت نواجذه قال و لا يأتين ببهتان يفترينه فقالت هند إن إتيان البهتان لقبيح فقال و لا يعصينك في معروف فقالت ما جلسنا هذه الجلسة و نحن نريد أن نعصيك. قال محمد بن إسحاق و من جيد شعر عبد الله بن الزبعرى الذي اعتذر به إلى رسول الله ص حين قدم عليه(19/11)


منع الرقاد بلابل و هموم فالليل ممتد الرواق بهيم مما أتاني أن أحمد لامني فيه فبت كأنني محموم يا خير من حملت على أوصالها عيرانة سرح اليدين سعو شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 18إني لمعتذر إليك من الذي أسديت إذ أنا في الضلال أهيم أيان تأمرني بأغوى خطة سهم و تأمرني به مخزوم و أمد أسباب الردى و يقودني أمر الغواة و أمرهم مشئوم فاليوم آمن بالنبي محمد قلبي و مخطئ هذه محروم مضت العداوة و انقضت أسبابها أواصر بيننا و حلوم فاغفر فدى لك والدي كلاهما زللي فإنك راحم مرحوم و عليك من علم المليك علامة نور أغر و خاتم مختوم أعطاك بعد محبة برهانه شرفا و برهان الإله عظيم و لقد شهدت بأن دينك صادق بر و شأنك في العباد جسيم و الله يشهد أن أحمد مصطفى متقبل في الصالريم فرع علا بنيانه من هاشم دوح تمكن في العلا و أرومقال الواقدي و في يوم الفتح سمى رسول الله ص أهل مكة الذين دخلها عليهم الطلقاء لمنه عليهم بعد أن أظفره الله بهم فصاروا أرقاء له و قد قيل له يوم الفتح قد أمكنك الله تعالى فخذ ما شئت من أقمار على غصون يعنون النساء فقال ع يأبى ذلك إطعامهم الضيف و إكرامهم البيت و وجؤهم مناحر الهدي.(19/12)


ثم نعود إلى تفسير ما بقي من ألفاظ الفصل قوله فإن كان فيك عجل فاسترفه شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 19أي كن ذا رفاهية و لا ترهقن نفسك بالعجل فلا بد من لقاء بعضنا بعضا فأي حاجة بك إلى أن تعجل ثم فسر ذلك فقال إن أزرك في بلادك أي إن غزوتك في بلادك فخليق أن يكونلله بعثني للانتقام منك و إن زرتني أي إن غزوتني في بلادي و أقبلت بجموعك إلي. كنتم كما قال أخو بني أسد كنت أسمع قديما أن هذا البيت من شعر بشر بن أبي خازم الأسدي و الآن فقد تصفحت شعره فلم أجده و لا وقفت بعد على قائله و إن وقفت فيما يستقبل من الزمان عليه ألحقته. و ريح حاصب تحمل الحصباء و هي صغار الحصى و إذا كانت بين أغوار و هي ما سفل من الأرض و كانت مع ذلك ريح صيف كانت أعظم مشقة و أشد ضررا على من تلاقيه و جلمود يمكن أن يكون عطفا على حاصب و يمكن أن يكون عطفا على أغوار أي بين غور من الأرض و حرة و ذلك أشد لأذاها لما تكسبه الحرة من لفح السموم و وهجها و الوجه الأول أليق. و أعضضته أي جعلته معضوضا برءوس أهلك و أكثر ما يأتي أفعلته أن تجعله فاعلا و هي هاهنا من المقلوب أي أعضضت رءوس أهلك به كقوله قد قطع الحبل بالمرود. و جده عتبة بن ربيعة و خاله الوليد بن عتبة و أخوه حنظلة بن أبي سفيان قتلهم علي ع يوم بدر. و الأغلف القلب الذي لا بصيرة له كأن قلبه في غلاف قال تعالى وَ قالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ. شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 20و المقارب العقل بالكسر الذي ليس عقله بجيد و العامة تقول فيما هذا شأنه مقارب بفتح الراء. ثم قال الأولى أيقال هذه الكلمة لك. و نشدت الضالة طلبتها و أنشدتها عرفتها أي طلبت ما ليس لك. و السائمة المال الراعي و الكلام خارج مخرج الاستعارة. فإن قلت كل هذا الكلام يطابق بعضه بعضا إلا قوله فما أبعد قولك من فعلك و كيف استبعد ع ذلك و لا بعد بينهما لأنه يطلب الخلافة قولا و فعلا فأي بعد بين قوله و فعله. قلت لأن فعله البغي و الخروج على(19/13)


الإمام الذي ثبتت إمامته و صحت و تفريق جماعة المسلمين و شق العصا هذا مع الأمور التي كانت تظهر عليه و تقتضي الفسق من لبس الحرير و المنسوج بالذهب و ما كان يتعاطاه في حياة عثمان من المنكرات التي لم تثبت توبته منها فهذا فعله. و أما قوله فزعمه أنه أمير المؤمنين و خليفة المسلمين و هذا القول بعيد من ذلك الفعل جدا. و ما في قوله و قريب ما أشبهت مصدرية أي و قريب شبهك بأعمام و أخوال و قد ذكرنا من قتل من بني أمية في حروب رسول الله ص فيما تقدم و إليهم الإشارة بالأعمام و الأخوال لأن أخوال معاوية من بني عبد شمس كما أن أعمامه من بني عبد شمس. قوله و لم تماشها الهوينى أي لم تصحبها يصفها بالسرعة و المضي في الرءوس الأعناق
شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 21و أما قوله ادخل فيما دخل فيه الناس و حاكم القوم فهي الحجة التي يحتج بها أصحابنا له في أنه لم يسلم قتلة عثمان إلى معاوية و هي حجة صحيحة لأن الإمام يجب أن يطاع ثم يتحاكم إليه أولياء الدم و المتهمون فإن حكم بالحق استديمت حكومته إلا فسق و بطلت إمامته. قوله فأما تلك التي تريدها قيل إنه يريد التعلق بهذه الشبهة و هي قتلة عثمان و قيل أراد به ما كان معاوية يكرر طلبه من أمير المؤمنين ع و هو أن يقره على الشام وحده و لا يكلفه البيعة قال إن ذلك كمخادعة الصبي في أول فطامه عن اللبن بما تصنعه النساء له مما يكره إليه الثدي و يسليه عنه و يرغبه في التعوض بغيره و كتاب معاوية الذي ذكرناه لم يتضمن حديث الشام(19/14)

48 / 150
ع
En
A+
A-