و الله حتى تأتيني بعلامة أعرفها فرجع إلى رسول الله ص فأخبره و قال يا رسول الله جئته و هو يريد أن يقتل نفسه فقال لا أرجع إلا بعلامة أعرفها فقال خذ عمامتي فرجع عمير إليه بعمامة رسول الله ص و هي البرد الذي دخل فيه رسول الله ص مكة معتجرا به برد حبرة أحمر فخرج عمير في طلبه الثانية حتى جاءه بالبرد فقال يا أبا وهب جئتك من عند خير الناس و أوصل الناس و أبر الناس و أحلم الناس مجده مجدك و عزه عزك و ملكه ملكك ابن أبيك و أمك أذكرك الله في نفسك فقال أخاف أن أقتل قال فإنه دعاك إلى الإسلام فإن رضيت و إلا سيرك شهرين فهو أوفى الناس و أبرهم و قد بعث إليك ببرده الذي دخل به معتجرا أ تعرفه قال نعم فأخرجه فقال نعم هو هو فرجع صفوان حتى انتهى إلى رسول الله ص فوجده يصلي العصر بالناس فقال كم يصلون قالوا خمس صلوات في اليوم و الليلة قال أ محمد يصلي بهم قالوا نعم فلما سلم من صلاته صاح صفوان يا محمد إن عمير(19/5)


شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 12بن وهب جاءني ببردك و زعم أنك دعوتني إلى القدوم إليك فإن رضيت أمرا و إلا سيرتني شهرين فقال رسول الله ص انزل أبا وهب فقال لا و الله أو تبين لي قال بل سر أربعة أشهر فنزل صفوان و خرج معه إلى حنين و هو كافر و أرسل إليه يستعير أدره و كانت مائة درع فقال أ طوعا أم كرها فقال ع بل طوعا عارية مؤداة فأعاره إياها ثم أعادها إليه بعد انقضاء حنين و الطائف فلما كان رسول الله ص بالجعرانة يسير في غنائم هوازن ينظر إليها فنظر صفوان إلى شعب هناك مملوء نعما وشاء ورعاء فأدام النظر إليه و رسول الله ص يرمقه فقال أبا وهب يعجبك هذا الشعب قال نعم قال هو لك و ما فيه فقال صفوان ما طابت نفس أحد بمثل هذا إلا نفس نبي أشهد أن لا إله إلا الله و أنك رسول الله ص. قال الواقدي فأما عبد الله بن سعد بن أبي سرح فكان قد أسلم و كان يكتب لرسول الله ص الوحي فربما أملى عليه رسول الله ص سميع عليم فيكتب عزيز حكيم و نحو ذلك و يقرأ على رسول الله ص فيقول كذلك الله و يقرأ فافتتن و قال و الله ما يدري ما يقول إني لأكتب له ما شئت فلا ينكر و إنه ليوحى إلي كما يوحى إلى محمد و خرج هاربا من المدينة إلى مكة مرتدا فأهدر رسول الله دمه و أمر بقتله يوم الفتح فلما كان يومئذ جاء إلى عثمان و كان أخاه من الرضاعة فقال يا أخي إني قد أجرتك فاحتبسني هاهنا و اذهب إلى محمد فكلمه في فإن محمدا إن رآني ضرب عنقي أن جرمي أعظم الجرم و قد جئت تائبا فقال عثمان قم فاذهب معي إليه قال كلا و الله إنه إن رآني ضرب عنقي و لم يناظرني قد أهدر دمي و أصحابه يطلبونني في كل موضع فقال عثمان انطلق معي فإنه لا يقتلك إن شاء الله فلم يرع رسول الله ص إلا بعثمان شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 13آخذا بيد عبد الله بن سعد واقفين بين يديه فقال عثمان يا رسول الله هذا أخي من الرضاعة إن أمهانت تحملني و تمشيه و ترضعني و تفطمه و تلطفني و تتركه فهبه لي فأعرض(19/6)


رسول الله ص عنه و جعل عثمان كلما أعرض رسول الله عنه استقبله بوجهه و أعاد عليه هذا الكلام و إنما أعرض ع عنه إرادة لأن يقوم رجل فيضرب عنقه فلما رأى ألا يقوم أحد و عثمان قد انكب عليه يقبل رأسه و يقول يا رسول الله بايعه فداك أبي و أمي على الإسلام فقال رسول الله ص نعم فبايعه. قال الواقدي قال رسول الله ص بعد ذلك للمسلمين ما منعكم أن يقوم منكم واحد إلى هذا الكلب فيقتله أو قال الفاسق فقال عباد بن بشر و الذي بعثك بالحق إني لأتبع طرفك من كل ناحية رجاء أن تشير إلي فأضرب عنقه و يقال إن أبا البشير هو الذي قال هذا و يقال بل قاله عمر بن الخطاب فقال ع إني لا أقتل بالإشارة و قيل إنه قال إن النبي لا يكون له خائنة الأعين. قال الواقدي فجعل عبد الله بن سعد يفر من رسول الله ص كلما رآه فقال له عثمان بأبي أنت و أمي لو ترى ابن أم عبد يفر منك كلما رآك فتبسم رسول الله ص فقال أ و لم أبايعه و أؤمنه قال بلى و لكنه يتذكر عظم جرمه في الإسلام
فقال إن الإسلام يجب ما قبله(19/7)


قال الواقدي و أما الحويرث بن معبد و هو من ولد قصي بن كلاب فإنه كان يؤذي رسول الله ص بمكة فأهدر دمه فبينما هو في منزله يوم الفتح و قد أغلق عليه بابه جاء علي ع يسأل عنه فقيل له هو في البادية و أخبر الحويرث أنه جاء يطلبه و تنحى علي ع عن بابه فخرج الحويرث يريد أن شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 14يهرب من بيت إلى بيت آخر فتلقاه علي ع فضرب عنقه. قال الواقدي و أما هبار بن الأسود فقد كان رسول الله ص أمر أن يحرقه بالنار ثم قال إنما يعذب بالنار رب النار اقطعوا يديه و رجليه إن قدرتم عليه ثم اقتلوه و كان جرمه أن نخس زينب ت رسول الله ص لما هاجرت و ضرب ظهرها بالرمح و هي حبلى فأسقطت فلم يقدر المسلمون عليه يوم الفتح فلما رجع رسول الله ص إلى المدينة طلع هبار بن الأسود قائلا أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا رسول الله فقبل النبي ص إسلامه فخرجت سلمى مولاة النبي ص فقالت لا أنعم الله بك عينا أنت الذي فعلت و فعلت فقال رسول الله ص و هبار يعتذر إليه أن الإسلام محا ذلك و نهى عن التعرض له. قال الواقدي قال ابن عباس رضي الله عنه رأيت رسول الله ص و هبار يعتذر إليه و هو يطأطئ رأسه استحياء مما يعتذر هبار و يقول له قد عفوت عنك. قال الواقدي و أما ابن خطل فإنه خرج حتى دخل بين أستار الكعبة فأخرجه أبو برزة الأسلمي منها فضرب عنقه بين الركن و المقام و يقال بل قتله عمار بن ياسر و قيل سعد بن حريث المخزومي و قيل شريك بن عبدة العجلاني و الأثبت أنه أبو برزة قال و كان جرمه أنه أسلم و هاجر إلى المدينة و بعثه رسول الله ص ساعيا و بعث معه رجلا من خزاعة فقتله و ساق ما أخذ من مال الصدقة و رجع إلى مكة فقالت له قريش ما جاء بك قال لم أجد دينا خيرا من دينكم و كانت له قينتان إحداهما قرينى و الأخرى قرينة أو أرنب و كان ابن خطل يقول شرح نهج البلاغة ج : 18 ص : 15اعر يهجو به رسول الله ص و يغنيان به و يدخل عليه المشركون بيته(19/8)


فيشربون عنده الخمر و يسمعون الغناء بهجاء رسول الله ص. قال الواقدي و أما مقيس بن صبابة فإن أمه سهمية و كان يوم الفتح عند أخواله بني سهم فاصطبح الخمر ذلك اليوم في ندامى له و خرج ثملا يتغنى و يتمثل بأبيات منها
دعيني أصطبح يا بكر إني رأيت الموت نقب عن هشام و نقب عن أبيك أبي يزيد أخي القينات و الشرب الكرام يخبرنا ابن كبشة أن سنحيا و كيف حياة أصداء و هام إذا ما الرأس زال بمنكبيه فقد شبع الأنيس من الطعام أ تقتلني إذا ما كنت حيا و تحييني إذا رمت عظفلقيه نميلة بن عبد الله الليثي و هو من رهطه فضربه بالسيف حتى قتله فقالت أخته ترثيه(19/9)

47 / 150
ع
En
A+
A-