تفعل لا تقاتل محمدا و الله ليضلن هذا عنك لو رأيت محمدا و أصحابه قال سترين و أقبل رسول الله ص و هو على ناقته القصواء معتجرا ببرد حبرة و عليه عمامة سوداء و رايته سوداء و لواؤه أسود حتى وقف بذي طوى و توسط الناس و إن عثنونه ليمس واسطة الرحل أو يقرب منه تواضعا لله حيث رأى ما رأى من الفتح و كثرة المسلمين و
قال لا عيش إلا عيش الآخرة
شرح نهج البلاغة ج : 17 ص : 274و جعلت الخيل تعج بذي طوى في كل وجه ثم ثابت و سكنت و التفت رسول الله ص إلى أسيد بن حضير فقال كيف قال حسان بن ثابت قال فأنشدهعدمنا خيلنا إن لم تروها تثير النقع موعدها كداءتظل جيادنا متمطرات تلطمهن بالخمر النساء(18/253)
فتبسم رسول الله ص و حمد الله و أمر الزبير بن العوام أن يدخل من كداء و أمر خالد بن الوليد أن يدخل من الليط و أمر قيس بن سعد أن يدخل من كدى و دخل هو ص من أذاخر. قال الواقدي و حدثني مروان بن محمد عن عيسى بن عميلة الفزاري قال دخل رسول الله ص مكة بين الأقرع بن حابس و عيينة بن حصن. قال الواقدي و روى عيسى بن معمر عن عباد بن عبد الله عن أسماء بنت أبي بكر قالت صعد أبو قحافة بصغرى بناته و اسمها قريبة و هو يومئذ أعمى و هي تقوده حتى ظهرت به إلى أبي قبيس فلما أشرفت به قال يا بنية ما ذا ترين قالت أرى سوادا مجتمعا مقبلا كثيرا قال يا بنية تلك الخيل فانظري ما ذا ترين قالت أرى رجلا يسعى بين ذلك السواد مقبلا و مدبرا قال ذاك الوازع فانظري ما ذا ترين قالت قد تفرق السواد قال قد تفرق الجيش البيت البيت قالت فنزلت الجارية به و هي ترعب لما ترى فقال يا بنية لا تخافي فو الله إن أخاك عتيقا لآثر أصحاب محمد عند محمد قالت و عليها طوق من فضة فاختلسه بعض من دخل شرح نهج البلاغة ج : 17 ص : 275فلما دخل رسول الله ص مكة جعل أبو بكر ينادي أنشدكم الله أيها الناس طوق أختي فلم يرد أحد عليه فقال يا أخية احتسبي طوقك فإن الأمانة في الناس قليل. قال الواي و نهى رسول الله ص عن الحرب و أمر بقتل ستة رجال و أربع نسوة عكرمة بن أبي جهل و هبار بن الأسود و عبد الله بن سعد بن أبي سرح و مقيس بن صبابة الليثي و الحويرث بن نفيل و عبد الله بن هلال بن خطل الأدرمي و هند بنت عتبة و سارة مولاة لبني هاشم و قينتين لابن خطل قريبا و قريبة و يقال قرينا و أرنب. قال الواقدي و دخلت الجنود كلها فلم تلق حربا إلا خالد بن الوليد فإنه وجد جمعا من قريش و أحابيشها قد جمعوا له فيهم صفوان بن أمية و عكرمة بن أبي جهل و سهيل بن عمرو فمنعوه الدخول و شهروا السلاح و رموه بالنبل و قالوا لا تدخلها عنوة أبدا فصاح خالد في أصحابه و قاتلهم فقتل من قريش أربعة و عشرون(18/254)
و من هذيل أربعة و انهزموا أقبح انهزام حتى قتلوا بالحزورة و هم مولون من كل وجه و انطلقت طائفة منهم فوق رءوس الجبال و اتبعهم المسلمون و جعل أبو سفيان بن حرب و حكيم بن حزام يناديان يا معشر قريش علام تقتلون أنفسكم من دخل داره فهو آمن و من أغلق عليه بابه فهو آمن و من وضع السلاح فهو آمن فجعل الناس يقتحمون الدور و يغلقون عليهم الأبواب و يطرحون السلاح في الطرق حتى يأخذه المسلمون. قال الواقدي و أشرف رسول الله ص من على ثنية أذاخر فنظر إلى البارقة فقال ما هذه البارقة أ لم أنه عن القتال قيل يا رسول الله خالد بن الوليد شرح نهج البلاغة ج : 17 ص : 276قوتل و لو لم يقاتل ما قاتل فقال قضاء الله خير و أقبل ابن خطل مدججا في الحديد على فرس ذنوب بيده قناة يقول لا و الله لا يدخلها عنوة حتى يرى ضربا كأفواه المزاد فا انتهى إلى الخندمة و رأى القتال دخله رعب حتى ما يستمسك من الرعدة و مر هاربا حتى انتهى إلى الكعبة فدخل بين أستارها بعد أن طرح سلاحه و ترك فرسه و أقبل حماس بن خالد الدؤلي منهزما حتى أتى بيته فدقه ففتحت له امرأته فدخل و قد ذهبت روحه فقالت أين الخادم التي وعدتني ما زلت منتظرتك منذ اليوم تسخر به فقال دعي هذا و أغلقي الباب فإنه من أغلق بابه فهو آمن قالت ويحك أ لم أنهك عن قتال محمد و قلت لك إني ما رأيته يقاتلكم مرة إلا و ظهر عليكم و ما بابنا قال إنه لا يفتح على أحد بابه ثم أنشدها(18/255)
إنك لو شهدتنا بالخندمه إذ فر صفوان و فر عكرمه و بو يزيد كالعجوز المؤتمه و ضربناهم بالسيوف المسلمه لهم زئير خلفنا و غمغمه لم تنطقي في اللوم أدنى كلمقال الواقدي و حدثني قدامة بن موسى عن بشير مولى المازنيين عن جابر بن عبد الله قال كنت ممن لزم رسول الله ص يومئذ فدخلت معه يوم الفتح من أذاخر فلما أشرف نظر إلى بيوت مكة فحمد الله و أثنى عليه و نظر إلى موضع قبة بالأبطح تجاه شعب بني هاشم حيث حصر رسول الله ص و أهله ثلاث شرح نهج البلاغة ج : 17 ص : 277سنين و قال يا جابر إن منزلنا اليوم حيث تقاسمت علينا قريش في كفرها قال جابر فذكرت كلاما كنت أسمعه في المدينة قبل ذلك كان يقول منزلنا غدا إن شاء الله إذا فتح علينا مكة في الخيف حيث تقاسموا على الكفر. قال الواقدي و كا قبته يومئذ بالأدم ضربت له بالحجون فأقبل حتى انتهى إليها و معه أم سلمة و ميمونة قال الواقدي و حدثني معاوية بن عبد الله بن عبيد الله عن أبيه عن أبي رافع قال قيل للنبي ص أ لا تنزل منزلك من الشعب قال و هل ترك لنا عقيل من منزل و كان عقيل قد باع منزل رسول الله ص و منازل إخوته من الرجال و النساء بمكة فقيل لرسول الله ص فانزل في بعض بيوت مكة من غير منازلك فأبى و قال لا أدخل البيوت فلم يزل مضطربا بالحجون لم يدخل بيتا و كان يأتي إلى المسجد من الحجون قال و كذلك فعل في عمرة القضية و في حجته. قال الواقدي و كانت أم هانئ بنت أبي طالب تحت هبيرة بن أبي وهب المخزومي فلما كان يوم الفتح دخل عليها حموان لها عبد الله بن أبي ربيعة و الحارث بن هشام المخزوميان فاستجارا بها و قالا نحن في جوارك فقالت نعم أنتما في جواري قالت أم هانئ فهما عندي إذ دخل علي فارس مدجج في الحديد و لا أعرفه فقلت له أنا بنت عم رسول الله فأسفر عن وجهه فإذا علي أخي فاعتنقته و نظر إليهما فشهر السيف عليهما فقلت أخي من بين الناس تصنع بي هذا فألقيت عليهما ثوبا فقال أ تجيرين المشركين(18/256)
فحلت دونهما و قلت لا و الله و ابتدئ بي قبلهما قالت فخرج و لم يكد فأغلقت عليهما بيتا و قلت لا تخافا و ذهبت إلى خباء رسول الله ص شرح نهج البلاغة ج : 17 ص : 278بالبطحاء فلم أجده و وجدت فيه فاطمة فقلت لها ما لقيت من ابن أمي علي أجرت حموين لي من المشركين فتفلت عليهما ليقتلهما قالت و كانت أشد علي من زوجها و قالت لم تجيرين المشركين و طلع رسول اه ص و عليه الغبار فقال مرحبا بفاختة و هو اسم أم هانئ فقلت ما ذا لقيت من ابن أمي علي ما كدت أفلت منه أجرت حموين لي من المشركين فتفلت عليهما ليقتلهما فقال ما كان ذلك له قد أجرنا من أجرت و أمنا من أمنت ثم أمر فاطمة فسكبت له غسلا فاغتسل ثم صلى ثماني ركعات في ثوب واحد ملتحفا به وقت الضحى قالت فرجعت إليهما و أخبرتهما و قلت إن شئتما فأقيما و إن شئتما فارجعا إلى منازلكما فأقاما عندي في منزلي يومين ثم انصرفا إلى منازلهما. و أتى آت إلى النبي ص فقال إن الحارث بن هشام و عبد الله بن أبي ربيعة جالسان في ناديهما متفضلان في الملإ المزعفر فقال لا سبيل إليهما قد أجرناهما. قال الواقدي و مكث رسول الله ص في قبة ساعة من النهار ثم دعا براحلته بعد أن اغتسل و صلى فأدنيت إلى باب القبة و خرج و عليه السلاح و المغفر على رأسه و قد صف له الناس فركبها و الخيل تمعج ما بين الخندمة إلى الحجون ثم مر و أبو بكر إلى جانبه على راحلة أخرى يسير و يحادثه و إذا بنات أبي أحيحة سعيد بن العاص بالبطحاء حذاء منزل أبي أحيحة و قد نشرن شعورهن فلطمن وجوه الخيل بالخمر فنظر رسول الله ص إلى أبي بكر فتبسم و أنشده قول حسان شرح نهج البلاغة ج : 17 ص : 27تظل جيادنا متمطرات تلطمهن بالخمر النساء(18/257)