مررت به على نار من نيران المسلمين قالوا من هذا فإذا رأوني قالوا عم رسول الله ص على بغلة رسول الله حتى مررت بنار عمر بن الخطاب فلما رآني قال من هذا قلت العباس فذهب ينظر فرأى أبا سفيان خلفي فق أبو سفيان عدو الله الحمد لله الذي أمكن منك بغير عهد و لا عقد ثم خرج يشتد نحو رسول الله ص و ركضت البغلة حتى اجتمعنا جميعا على باب قبة رسول الله ص فدخلت و دخل عمر بن الخطاب على أثري فقال عمر يا رسول الله هذا أبو سفيان عدو الله قد أمكن الله منه بغير عقد و لا عهد فدعني أضرب عنقه فقلت يا رسول الله إني قد أجرته ثم لزمت رسول الله ص فقلت و الله لا يناجيه الليلة أحد دوني فلما أكثر عمر فيه قلت مهلا يا عمر فإنه لو كان رجلا من عدي بن كعب ما قلت هذا و لكنه أحد بني عبد مناف فقال عمر مهلا يا أبا الفضل فو الله لإسلامك كان أحب إلي من إسلام الخطاب أو قال من إسلام رجل من ولد الخطاب لو أسلم فقال رسول الله ص اذهب به فقد أجرناه فليبت عندك حتى تغدو به علينا إذا أصبحت فلما أصبحت غدوت به فلما رآه رسول الله ص قال ويحك يا أبا سفيان أ لم يأن لك أن تعلم لا إله إلا الله قال بأبي أنت ما أحلمك و أكرمك و أعظم عفوك قد كان يقع في نفسي أن لو كان مع الله إله آخر لأغنى قال يا أبا سفيان أ لم يأن لك أن تعلم أني رسول الله قال بأبي أنت ما أحلمك و أكرمك و أعظم عفوك أما هذه فو الله إن في النفس منها لشيئا بعد قال العباس فقلت ويحك تشهد و قل لا إله الله محمد رسول الله قبل أن تقتل فتشهد و قال العباس يا رسول الله إنك قد عرفت أبا سفيان و فيه الشرف و الفخر فاجعل له شيئا(18/248)


فقال من دخل دار أبي سفيان فهو آمن و من أغلق داره فهو آمن ثم قال خذه فاحبسه بمضيق الوادي إلى خطم الجبل شرح نهج البلاغة ج : 17 ص : 270حتى تمر عليه جنود الله فيراهاقال العباس فعدلت به في مضيق الوادي إلى خطم الجبل فحبسته هناك فقال أ غدرا يا بني هاشم فقلت له إن أهل النبوة لا يغدرون و إنما حبستك لحاجة قال فهلا بدأت بها أولا فأعلمتنيها فكان أفرخ لروعي ثم مرت به القبائل على قادتها و الكتائب على راياتها فكان أول من مر به خالد بن الوليد في بني سليم و هم ألف و لهم لواءان يحمل أحدهما العباس بن مرداس و الآخر خفاف بن ندبة و راية يحملها المقداد فقال أبو سفيان يا أبا الفضل من هؤلاء قال هؤلاء بنو سليم و عليهم خالد بن الوليد قال الغلام قال نعم فلما حاذى خالد العباس و أبا سفيان كبر ثلاثا و كبروا معه ثم مضوا و مر على أثره الزبير بن العوام في خمسمائة فيهم جماعة من المهاجرين و قوم من أفناء الناس و معه راية سوداء فلما حاذاهما كبر ثلاثا و كبر أصحابه فقال من هذا قال هذا الزبير قال ابن أختك قال نعم قال ثم مرت به بنو غفار في ثلاثمائة يحمل رايتهم أبو ذر و يقال إيماء بن رحضة فلما حاذوهما كبروا ثلاثا قال يا أبا الفضل من هؤلاء قال بنو غفار قال ما لي و لبني غفار ثم مرت به أسلم في أربعمائة يحمل لواءها يزيد بن الخصيب و لواء آخر مع ناجية بن الأعجم فلما حاذوه كبروا ثلاثا فسأل عنهم فقال هؤلاء أسلم فقال ما لي و لأسلم ما كان بيننا و بينهم ترة قط ثم مرت بنو كعب بن عمرو بن خزاعة في خمسمائة يحمل رايتهم بشر بن سفيان فقال من هؤلاء قال كعب بن عمرو قال نعم حلفاء محمد فلما حاذوه كبروا ثلاثا ثم مرت مزينة في ألف فيها ثلاثة ألوية مع النعمان بن مقرن و بلال بن الحارث و عبد الله بن عمرو فلما حاذوهما كبروا قال من هؤلاء قال مزينة قال يا أبا الفضل ما لي و لمزينة قد جاءتني تقعقع من شواهقها شرح نهج البلاغة ج : 17 ص : 271ثم مرت(18/249)


جهينة في ثمانمائة فيها أربعة ألوية مع معبد بن خالد و سويد بن صخر و رافع بن مكيث و عبد الله بن بدر ما حاذوه كبروا ثلاثا فسأل عنهم فقيل جهينة ثم مرت بنو كنانة و بنو ليث و ضمرة و سعد بن أبي بكر في مائتين يحمل لواءهم أبو واقد الليثي فلما حاذوه كبروا ثلاثا قال من هؤلاء قال بنو بكر قال نعم أهل شؤم هؤلاء الذين غزانا محمد لأجلهم أما و الله ما شوورت فيهم و لا علمته و لقد كنت له كارها حيث بلغني و لكنه أمر حم قال العباس لقد خار الله لك في غزو محمد إياكم و دخلتم في الإسلام كافة ثم مرت أشجع و هم آخر من مر به قبل أن تأتي كتيبة رسول الله ص و هم ثلاثة يحمل لواءهم معقل بن سنان و لواء آخر مع نعيم بن مسعود فكبروا قال من هؤلاء قال أشجع فقال هؤلاء كانوا أشد العرب على محمد قال العباس نعم و لكن الله أدخل الإسلام قلوبهم و ذلك من فضل الله فسكت و قال أ ما مر محمد بعد قال لا و لو رأيت الكتيبة التي هو فيها لرأيت الحديد و الخيل و الرجال و ما ليس لأحد به طاقة فلما طلعت كتيبة رسول الله ص الخضراء طلع سواد شديد و غبرة من سنابك الخيل و جعل الناس يمرون كل ذلك يقول أ ما مر محمد بعد فيقول العباس لا حتى مر رسول الله ص يسير على ناقته القصوى بين أبي بكر و أسيد بن حضير و هو يحدثهما و قال له العباس هذا رسول الله ص في كتيبته الخضراء فانظر قال و كان في تلك الكتيبة وجوه المهاجرين و الأنصار و فيها الألوية و الرايات و كلهم منغمسون في الحديد لا يرى منهم إلا الحدق و لعمر بن الخطاب فيها زجل و عليه الحديد و صوته عال و هو يزعها فقال يا أبا الفضل من هذا المتكلم قال هذا شرح نهج البلاغة ج : 17 ص : 272عمر بن خطاب قال لقد أمر أمر بني عدي بعد قلة و ذلة فقال إن الله يرفع من يشاء بما يشاء و إن عمر ممن رفعه الإسلام و كان في الكتيبة ألفا دارع و راية رسول الله ص مع سعد بن عبادة و هو أمام الكتيبة فلما حاذاهما سعد نادى يا أبا سفيان(18/250)


اليوم يوم الملحمة اليوم تسبى الحرمة
اليوم أذل الله قريشا فلما حاذاهما رسول الله ص ناداه أبو سفيان يا رسول الله أمرت بقتل قومك أن سعدا قال
اليوم يوم الملحمة اليوم تسبى الحرمة
اليوم أذل الله قريشا و إني أنشدك الله في قومك فأنت أبر الناس و أرحم الناس و أوصل الناس فقال عثمان بن عفان و عبد الرحمن بن عوف يا رسول الله إنا لا نأمن سعدا أن يكون له في قريش صولة
فوقف رسول الله ص و ناداه يا أبا سفيان بل اليوم يوم المرحمة اليوم أعز الله قريشا و أرسل إلى سعد فعزله عن اللواء(18/251)


و اختلف فيمن دفع إليه اللواء فقيل دفعه إلى علي بن أبي طالب ع فذهب به حتى دخل مكة فغرزه عند الركن و هو قول ضرار بن الخطاب الفهري و قيل دفعه إلى قيس بن سعد بن عبادة و رأى رسول الله ص أنه لم يخرجه عن سعد حيث دفعه إلى ولده فذهب به حتى غرزه بالحجون قال و قال أبو سفيان للعباس ما رأيت مثل هذه الكتيبة قط و لا أخبرنيه مخبر سبحان الله ما لأحد بهؤلاء طاقة و لا يدان لقد أصبح ملك ابن أخيك يا عباس عظيما قال فقلت ويحك إنه ليس بملك و إنها النبوة قال نعم. قال الواقدي قال العباس فقلت له انج ويحك فأدرك قومك قبل أن يدخل شرح نج البلاغة ج : 17 ص : 273عليهم فخرج أبو سفيان حتى دخل من كداء و هو ينادي من دخل دار أبي سفيان فهو آمن و من أغلق عليه بابه فهو آمن حتى انتهى إلى هند بنت عتبة فقالت ما وراءك قال هذا محمد في عشرة آلاف عليهم الحديد و قد جعل لي أنه من دخل داري فهو آمن و من أغلقعليه بابه فهو آمن و من ألقى سلاحه فهو آمن فقالت قبحك الله من رسول قوم و جعلت تقول ويحكم اقتلوا وافدكم قبحه الله من وافد قوم فيقول أبو سفيان ويحكم لا تغرنكم هذه من أنفسكم فإني رأيت ما لم تروا الرجال و الكراع و السلاح ليس لأحد بهذا طاقة محمد في عشرة آلاف فأسلموا تسلموا و قال المبرد في الكامل أمسكت هند برأس أبي سفيان و قالت بئس طليعة القوم و الله ما خدشت خدشا يا أهل مكة عليكم الحميت الدسم فاقتلوه قال الحميت الزق المزفت. قال الواقدي و خرج أهل مكة إلى ذي طوى ينظرون إلى رسول الله ص و انضوى إلى صفوان بن أمية و عكرمة بن أبي جهل و سهيل بن عمرو ناس من أهل مكة و من بني بكر و هذيل فلبسوا السلاح و أقسموا لا يدخل محمد مكة عنوة أبدا و كان رجل من بني الدؤل يقال له حماس بن قيس بن خالد الدؤلي لما سمع برسول الله ص جلس يصلح سلاحه فقالت له امرأته لم تعد السلاح قال لمحمد و أصحابه و إني لأرجو أن أخدمك منهم خادما فإنك إليه محتاجة قالت ويحك لا(18/252)

43 / 150
ع
En
A+
A-