يمجن بذلك و يحكي ما قاله الوليد في الصلاة و كان أبو العجاج أحمق فظن أن هذا الكلام من القرآن فجعل يقول صدق الله و رسوله ويلكم كم تعلمون و لا تعملون. قال أبو الفرج و أخبرني أحمد بن عبد العزيز قال حدثنا عمر بن شبة عن المدائني عن مبارك بن سلام عن فطر بن خليفة عن أبي الضحى قال كان ناس من أهل الكوفة يتطلبون عثرة الوليد بن عقبة منهم أبو زينب الأزدي و أبو مورع فجاءا يوما و لم يحضر الوليد الصلاة فسألا عنه فتلطفا حتى علما أنه يشرب فاقتحما الدار فوجداه يقي ء فاحتملاه و هو سكران حتى وضعاه على سريره و أخذا خاتمه من يدهفأفاق فافتقد خاتمه فسأل عنه أهله فقالوا لا ندري و قد رأينا رجلين دخلا عليك شرح نهج البلاغة ج : 17 ص : 232فاحتملاك فوضعاك على سريرك فقال صفوهما لي فقالوا أحدهما آدم طوال حسن الوجه و الآخر عريض مربوع عليه خميصة فقال هذا أبو زينب و هذا أبو مورع. قال و لقي أ زينب و صاحبه عبد الله بن حبيش الأسدي و علقمة بن يزيد البكري و غيرهما فأخبروهم فقالوا أشخصوا إلى أمير المؤمنين فأعلموه و قال بعضهم إنه لا يقبل قولكم في أخيه فشخصوا إليه فقالوا إنا جئناك في أمر و نحن مخرجوه إليك من أعناقنا و قد قيل إنك لا تقبله قال و ما هو قالوا رأينا الوليد و هو سكران من خمر شربها و هذا خاتمه أخذناه من يده و هو لا يعقل
فأرسل عثمان إلى علي ع فأخبره فقال أرى أن تشخصه فإذا شهدوا عليه بمحضر منه حددته فكتب عثمان إلى الوليد فقدم عليه فشهد عليه أبو زينب و أبو مورع و جندب الأزدي و سعد بن مالك الأشعري فقال عثمان لعلي ع قم يا أبا الحسن فاجلده فقال علي ع للحسن ابنه قم فاضربه فقال الحسن ما لك و لهذا يكفيك غيرك فقال علي لعبد الله بن جعفر قم فاضربه فضربه بمخصرة فيها سير له رأسان فلما بلغ أربعين قال حسبك(18/213)


قال أبو الفرج و حدثني أحمد قال حدثنا عمر قال حدثني المدائني عن الوقاصي عن الزهري قال خرج رهط من أهل الكوفة إلى عثمان في أمر الوليد فقال أ كلما غضب رجل على أميره رماه بالباطل لئن أصبحت لكم لأنكلن بكم فاستجاروا بعائشة و أصبح عثمان فسمع من حجرتها صوتا و كلاما فيه بعض الغلظة فقال أ ما يجد فساق العراق و مراقها ملجأ إلا بيت عائشة فسمعت فرفعت نعل رسول الله ص و قالت تركت سنة صاحب هذا النعل و تسامع الناس فجاءوا حتى ملئوا المسجد فمن قائل قد أحسنت و من قائل ما للنساء و لهذا حتى تخاصموا شرح نهج البلاغة ج : 17 ص : 233تضاربوا بالنعال و دخل رهط من أصحاب رسول الله ص على عثمان فقالوا له اتق الله و لا تعطل الحدود و اعزل أخاك عنهم ففعل قال أبو الفرج حدثنا أحمد قال حدثني عمر عن المدائني عن أبي محمد الناجي عن مطر الوراق قال قدم رجل من أهل الكوفة إلى المدينة فقال لعثمان إني صليت صلاة الغداة خلف الوليد فالتفت في الصلاة إلى الناس فقال أ أزيدكم فإني أجد اليوم نشاطا و شممنا منه رائحة الخمر فضرب عثمان الرجل فقال الناس عطلت الحدود و ضربت الشهود. قال أبو الفرج و حدثنا أحمد قال حدثنا عمر قال حدثنا أبو بكر الباهلي عن بعض من حدثه قال لما شهد على الوليد عند عثمان بشرب الخمر كتب إليه يأمره بالشخوص فخرج و خرج معه قوم يعذرونه منهم عدي بن حاتم الطائي فنزل الوليد يوما يسوق بهم فارتجز و قال(18/214)


لا تحسبنا قد نسينا الأحقاف و النشوات من معتق صاف و عزف قينات علينا عزاففقال عدي فأين تذهب بنا إذن فأقم. قال أبو الفرج و قد روى أحمد عن عمر عن رجاله عن الشعبي عن جندب الأزدي قال كنت فيمن شهد على الوليد عند عثمان فلما استتممنا عليه الشهادة حبسه عثمان ثم ذكر باقي الخبر و ضرب علي ع إياه و قول الحسن ابنه ما لك و لهذا و زاد فيه و قال علي ع لست إذن مسلما أو قال من المسلمين. شرح نهج البلاغة ج : 17 ص : 23 قال أبو الفرج و أخبرني أحمد عن عمر عن رجاله أن الشهادة لما تمت قال عثمان لعلي ع دونك ابن عمك فأقم عليه الحد فأمر علي ع ابنه الحسن ع فلم يفعل فقال يكفيك غيرك فقال علي ع بل ضعفت و وهنت و عجزت قم يا عبد الله بن جعفر فاجلده فقام فجلده و علي ع يعد حتى بلغ أربعين فقال له علي ع أمسك حسبك جلد رسول الله ص أربعين و جلد أبو بكر أربعين و كملها عمر ثمانين و كل سنة
قال أبو الفرج و حدثني أحمد عن عمر عن عبد الله بن محمد بن حكيم عن خالد بن سعيد قال و أخبرني بذلك أيضا إبراهيم بن محمد بن أيوب عن عبد الله بن مسلم قالوا جميعا لما ضرب عثمان الوليد الحد قال إنك لتضربني اليوم بشهادة قوم ليقتلنك عاما قابلا. قال أبو الفرج و حدثني أحمد بن عبد العزيز الجوهري عن عمر بن شبة عن عبد الله بن محمد بن حكيم عن خالد بن سعيد و أخبرني أيضا إبراهيم عن عبد الله قالوا جميعا كان أبو زبيد الطائي نديما للوليد بن عقبة أيام ولايته الكوفة فلما شهدوا عليه بالسكر من الخمر خرج عن الكوفة معزولا فقال أبو زبيد يتذكر أيامه و ندامته(18/215)


من يرى العير أن تمشي على ظهر المرورى حداتهن عجال ناعجات و البيت بيت أبي وهب خلاء تحن فيه الشمال يعرف الجاهل المضلل أن الدهر فيه النكراء و الزلزال ليت شعري كذا كم العهد أم كانوا أناسا كمن يزول فزال شرح نهج البلاغة ج : 17 ص : 235بعد ما تعلمين يا أم عمرو كان فيهم عز لنا و جمال و وجوه تودنا مشرقات و نوال إذا أريد النوال أصبح البيت قد تبدل بالحي وجوها كأنها الأقيال كل شي ء يحتال فيه الرجال غير أن ليس للمنايا احتيال و لعمر الإله لو كان للسيف مضاء مقال ما تناسيتك الصفاء و لا الود و لا حال دونك الإشغال و لحرمت لحمك المتعضي ضلة ضل حلمهم ما اغتالواقولهم شربك الحرام و قد كان شراب سوى الحرام حلال و أبي ظاهر العداوة و الشنآن إلا مقال ما لا يقال من رجال تقارضوا منكرات لينالوا الذي أرادوا فنالواغير ما ين ذحلا و لكن مال دهر على أناس فمالوامن يخنك الصفاء أو يتبدل أو يزل مثل ما يزول الظلال فاعلمن أنني أخوك أخو الود حياتي حتى تزول الجبال ليس بخلي عليك يوما بمال أبدا ما أقل نعلا قبال و لك النصر باللسان و بالكف إذا كان لليدين مصقال أبو الفرج و حدثني أحمد قال حدثني عمر قال لما قدم الوليد بن عقبة الكوفة قدم عليه أبو زبيد فأنزله دار عقيل بن أبي طالب على باب المسجد و هي التي شرح نهج البلاغة ج : 17 ص : 236تعرف بدار القبطي فكان مما احتج به عليه أهل الكوفة أن أبا زبيد كان يخرج إليه مناره و هو نصراني يخترق المسجد فيجعله طريقا. قال أبو الفرج و أخبرني محمد بن العباس اليزيدي قال حدثني عمي عبيد الله عن ابن حبيب عن ابن الأعرابي أن أبا زبيد وفد على الوليد حين استعمله عثمان على الكوفة فأنزله الوليد دار عقيل بن أبي طالب عند باب المسجد و استوهبها منه فوهبها له فكان ذلك أول الطعن عليه من أهل الكوفة لأن أبا زبيد كان يخرج من داره حتى يشق المسجد إلى الوليد فيسمر عنده و يشرب معه و يخرج فيشق المسجد و هو سكران فذاك(18/216)


نبههم عليه قال و قد كان عثمان ولى الوليد صدقات بني تغلب فبلغه عنه شعر فيه خلاعه فعزله قال فلما ولاه الكوفة اختص أبا زبيد الطائي و قربه و مدحه أبو زبيد بشعر كثير و قد كان الوليد استعمل الربيع بن مري بن أوس بن حارثة بن لام الطائي على الحمى فيما بين الجزيرة و ظهر الحيرة فأجدبت الجزيرة و كان أبو زبيد في بني تغلب نازلا فخرج بإبلهم ليرعيهم فأبى عليهم الربيع بن مري و منعهم و قال لأبي زبيد إن شئت أرعيك وحدك فعلت فأتى أبو زبيد إلى الوليد فشكاه فأعطاه ما بين القصور الحمر من الشام إلى القصور الحمر من الحيرة و جعلها له حمى و أخذها من الربيع بن مري فقال أبو زبيد يمدح الوليد و الشعر يدل على أن الحمى كان بيد مري بن أوس لا بيد الربيع ابنه و هكذا هو في رواية عمر بن شبة
لعمر أبيك يا ابن أبي مري لغيرك من أباح لنا الدياراأباح لنا أبارق ذات قور و نرعى القف منها و القفارا
شرح نهج البلاغة ج : 17 ص : 237بحمد الله ثم فتى قريش أبي وهب غدت بدنا غزاراأباح لنا و لا نحمي عليكم إذا ما كنتم سنة جزارقال يقول إذا أجدبتم فإنا لا نحميها عليكم و إذا كنتم أسأتم و حميتموها علينا.
فتى طالت يداه إلى المعالي و طحطحت المجذمة القصارا
قال و من شعر أبي زبيد فيه يذكر نصره له على مري بن أوس بن حارثة
يا ليت شعري بأنباء أنبؤها قد كان يعنى بها صدري و تقديري عن امرئ ما يزده الله من شرف أفرح به و مري غير مسرورإن الوليد له عندي و حق له ود الخليل و نصح غير مذخورلقد دعاني و أدناني أظهرني على الأعادي بنصر غير تغريرو شذب القوم عني غير مكترث حتى تناهوا على رغم تصغيرنفسي فداء أبي وهب و قل له يا أم عمرو فحلي اليوم أو سيري
و قال أبو زبيد يمدح الوليد و يتألم لفراقه حين عزل عن الكوفة(18/217)

36 / 150
ع
En
A+
A-