قوله ع استكثروا من الطواف بهذا البيت قبل أن يحال بينكم و بينه فكأني برجل من الحبشة أصعل أصمع حمش الساقين قاعدا عليها و هي تقدم
قال أبو عبيدة هكذا يروى أصعل و كلام العرب المعروف صعل و هو الصغير الرأس و كذا رءوس الحبشة و لهذا قيل للظليم صعل و قال عنترة يصف ظليما
صعل يلوذ بذي العشيرة بيضه كالعبد ذي الفرو الطويل الأصلم
شرح نهج البلاغة ج : 19 ص : 121قال و قد أجاز بعضهم أصعل في الصعل و ذكر أنها لغة لا أدري عمن هي و الأصمع الصغير الأذن و امرأة صمعاء. و في حديث ابن عباس أنه كان لا يرى بأسا أن يضحي بالصمعاء و حمش الساقين بالتسكين دقيقها. و منهاأن قوما أتوه برجل فقالوا إن هذا يؤمنا و نحن له كارهون فقال له إنك لخروط أ تؤم قوما هم لك كارهون
قال أبو عبيد الخروط المتهور في الأمور الراكب برأسه جهلا و منه قيل انخرط علينا فلان أي اندرأ بالقول السيئ و الفعل قال و فقه هذا الحديث أنه ما أفتى ع بفساد صلاته لأنه لم يأمره بالإعادة و لكنه كره له أن يؤم قوما هم له كارهون و منها
أن رجلا أتاه و عليه ثوب من قهز فقال إن بني فلان ضربوا بني فلانة بالكناسة فقال ع صدقني سن بكره
قال أبو عبيد هذا مثل تضربه العرب للرجل يأتي بالخبر على وجهه و يصدق فيه و يقال إن أصله أن الرجل ربما باع بعيره فيسأل المشتري عن سنه فيكذبه فعرض رجل بكرا له فصدق في سنه فقال الآخر صدقني سن بكره فصار مثلا. و القهز بكسر القاف ثياب بيض يخالطها حرير و لا أراها عربية و قد استعملها العرب قال ذو الرمة يصف البزاة البيض شرح نهج البلاغة ج : 19 ص : 12من الورق أو صق كأن رءوسها من القهز و القوهي بيض المقانع
و منهاذكر ع آخر الزمان و الفتن فقال خير أهل ذلك الزمان كل نومة أولئك مصابيح الهدى ليسوا بالمسابيح و لا المذاييع البذر
و قد تقدم شرح ذلك. و منها(20/66)
أن رجلا سافر مع أصحاب له فلم يرجع حين رجعوا فاتهم أهله أصحابه و رفعوهم إلى شريح فسألهم البينة على قتله فارتفعوا إلى علي ع فأخبروه بقول شريح فقال
أوردها سعد و سعد مشتمل يا سعد لا تروى بهذاك الإبل
ثم قال إن أهون السقي التشريع ثم فرق بينهم و سألهم فاختلفوا ثم أقروا بقتلهم فقتلهم به
قال أبو عبيد هذا مثل أصله أن رجلا أورد إبله ماء لا تصل إليه الإبل إلا بالاستقاء ثم اشتمل و نام و تركها لم يستسق لها و الكلمة الثانية مثل أيضا يقول إن أيسر ما كان ينبغي أن يفعل بالإبل أن يمكنها من الشريعة و يعرض عليها الماء يقول أقل ما كان يجب على شريح أن يستقصي في المسألة و البحث عن خبر الرجل و لا يقتصر على طلب البينة. شرح نهج البلاغة ج : 19 ص : 123و منها قوله و قد خرج على الناس و هم ينتظرونه للصلاة قياما ما لي أراكم سامدين قال أبو عبيد أي قائمين و كل رافع رأسه فهو سامد و كانوا يكرهون أن ينتظروا الإمام قياما و لكن قعودا و السامد في غير هذا الموضع اللاهي اللاعب و منه قوله تعالى وَ أَنْتُمْ سامِدُونَ و قيل السمود الغناء بلغة حمير. و منها
أنه خرج فرأى قوما يصلون قد سدلوا ثيابهم فقال كأنهم اليهود خرجوا من فهرهم
قال أبو عبيد فهرهم بضم الفاء موضع مدراسهم الذي يجتمعون فيه كالعيد يصلون فيه و يسدلون ثيابهم و هي كلمة نبطية أو عبرانية أصلها بهر بالباء فعربت بالفاء. و السدل إسبال الرجل ثوبه من غير أن يضم جانبيه بين يديه فإن ضمه فليس بسدل و قد رويت فيه الكراهة عن النبي ص. و منها
أن رجلا أتاه في فريضة و عنده شريح فقال أ تقول أنت فيها أيها العبد الأبظر(20/67)
قال أبو عبيد هو الذي في شفته العليا طول و نتوء في وسطها محاذي الأنف قال و إنما نراه قال لشريح أيها العبد لأنه كان قد وقع عليه سبي في الجاهلية. شرح نهج البلاغة ج : 19 ص : 124و منهاأن الأشعث قال له و هو على المنبر غلبتنا عليك هذه الحمراء فقال ع من يعذرني من هؤلاء الضياطرة يتخلف أحدهم يتقلب على فراشه و حشاياه كالعير و يهجر هؤلاء للذكر أ أطردهم إني إن طردتهم لمن الظالمين و الله لقد سمعته يقول و الله ليضربنكم على الدين عودا كما ضربتموهم عليه بدءا
قال أبو عبيد الحمراء العجم و الموالي سموا بذلك لأن الغالب على ألوان العرب السمرة و الغالب على ألوان العجم البياض و الحمرة و الضياطرة الضخام الذين لا نفع عندهم و لا غناء واحدهم ضيطار. و منها
قوله ع اقتلوا الجان ذا الطفيتين و الكلب الأسود ذا الغرتين
قال أبو عبيد الجان حية بيضاء و الطفية في الأصل خوصة المقل و جمعها طفي ثم شبهت الخطتان على ظهر الحية بطفيتين و الغرة البياض في الوجه
نبذ من غريب كلام الإمام علي و شرحه لابن قتيبة
و قد ذكر ابن قتيبة في غريب الحديث له ع كلمات أخرى فمنها
قوله من أراد البقاء و لا بقاء فليباكر الغداء و ليخفف الرداء و ليقل غشيان النساء فقيل له يا أمير المؤمنين و ما خفة الرداء في البقاء فقال الدين
شرح نهج البلاغة ج : 19 ص : 125قال ابن قتيبة قوله الرداء الدين مذهب في اللغة حسن جيد و وجه صحيح لأن الدين أمانة و أنت تقول هو لك علي و في عنقي حتى أؤديه إليك فكأن الدين لازم للعنق و الرداء موضعه صفحتا العنق فسمى الدين رداء و كنى عنه به و قال الشاعرإن لي حاجة إليك فقالت بين أذني و عاتقي ما تريد(20/68)
يريد بقوله بين أذني و عاتقي ما تريد في عنقي و المعنى أني قد ضمنته فهو علي و إنما قيل للسيف رداء لأن حمالته تقع موقع الرداء و هو في غير هذا الموضع العطاء يقال فلان غمر الرداء أي واسع العطاء قال و قد يجوز أن يكون كنى بالرداء عن الظهر لأنه يقع عليه يقول فليخفف ظهره و لا يثقله بالدين كما قال الآخر خماص الأزر يريد خماص البطون. و قال و بلغني نحو هذا الكلام عن أبي عبيد قال قال فقيه العرب من سره النساء و لا نساء فليبكر العشاء و ليباكر الغداء و ليخفف الرداء و ليقل غشيان النساء قال فالنس ء التأخير و منه إِنَّمَا النَسِي ءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ. و قوله فليبكر العشاء أي فليؤخره قال الشاعر فأكريت العشاء إلى سهيل
و يجوز أن يريد فلينقص العشاء قال الشاعر
و الطل لم يفضل و لم يكر
شرح نهج البلاغة ج : 19 ص : 126و منهاأنه أتي ع بالمال فكوم كومة من ذهب و كومة من فضة فقال يا حمراء و يا بيضاء احمري و ابيضي و غري غيريهذا جناي و خياره فيه و كل جان يده إلى فيه
قال ابن قتيبة هذا مثل ضربه و كان الأصمعي يقوله و هجانه فيه أي خالصه و أصل المثل لعمرو بن عدي ابن أخت جذيمة الأبرش كان يجني الكمأة مع أتراب له فكان أترابه يأكلون ما يجدون و كان عمرو يأتي به خاله و يقول هذا القول. و منها
حديث أبي جأب قال جاء عمي من البصرة يذهب بي و كنت عند أمي فقالت لا أتركك تذهب به ثم أتت عليا ع فذكرت ذلك له فجاء عمي من البصرة فقال نعم و الله لأذهبن به و إن رغم أنفك فقال علي ع كذبت و الله و ولقت ثم ضرب بين يديه بالدرة
قال ولقت مثل كذبت و كذلك ولعت بالعين و كانت عائشة تقرأ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ و قال الشاعر
و هن من الأحلاف و الولعان
يعني النساء أي من أهل الأحلاف. و منها
قوله ع إن من ورائكم أمورا متماحلة ردحا و بلاء مكلحا مبلحا(20/69)
شرح نهج البلاغة ج : 19 ص : 127قال ابن قتيبة المتماحلة الطوال يعني فتنا يطول أمرها و يعظم و يقال رجل متماحل و سبسب متماحل و الردح جمع رداح و هي العظيمة يقال للكتيبة إذا عظمت رداح و يقال للمرأة العظيمة العجيزة رداح. قال و منه حديث أبي موسى و قيل له زمن علو معاوية أ هي أ هي فقال إنما هذه الفتنة حيضة من حيضات الفتن و بقيت الرداح المظلمة التي من أشرف أشرفت له. و مكلحا أي يكلح الناس بشدتها يقال كلح الرجل و أكلحه الكلحة الهم و المبلح من قولهم بلح الرجل إذا انقطع من الإعياء فلم يقدر على أن يتحرك و أبلحه السير و قال الأعشى
و اشتكى الأوصال منه و بلح
و منها قوله ع يوم خيبر
أنا الذي سمتن أمي حيدرة كليث غابات كريه المنظرةأفيهم بالصاع كيل السندرة
قال ابن قتيبة كانت أم علي ع سمته و أبو طالب غائب حين ولدته أسدا باسم أبيها أسد بن هاشم بن عبد مناف فلما قدم أبو طالب غير اسمه و سماه عليا و حيدرة اسم من أسماء الأسد و السندرة شجرة يعمل منها القسي و النبل قال
حنوت لهم بالسندري المؤثر
فالسندرة في الرجز يحتمل أن تكون مكيالا يتخذ من هذه الشجرة سمي باسمها كما يسمى القوس بنبعة قال و أحسب إن كان الأمر كذلك أن الكيل بها قد كان شرح نهج البلاغة ج : 19 ص : 128جزافا فيه إفراط قال و يحتمل أن تكون السندرة هاهنا امرأة كانت تكيل كيلا وافيا أو رجلا. منها
قوله ع من يطل أير أبيه يتمنطق به
قال ابن قتيبة هذا مثل ضربه يريد من كثرت إخوته عز و اشتد ظهره و ضرب المنطقة إذا كانت تشد الظهر مثلا لذلك قال الشاعر
فلو شاء ربي كان أير أبيكم طويلا كأير الحارث بن سدوس(20/70)