قد كان جرى له معه مثل هذه في يوم أحد و قد ذكر هاتين القصتين معا محمد بن عمر الواقدي في كتاب المغازي
شرح نهج البلاغة ج : 19 ص : 23165خِيَارُ خِصَالِ النِّسَاءِ شِرَارُ خِصَالِ الرِّجَالِ الزَّهْوُ وَ الْجُبْنُ وَ الْبُخْلُ فَإِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ مَزْهُوَّةً لَمْ تُمَكِّنْ مِنْ نَفْسِهَا وَ إِذَا كَانَتْ بَخِيلَةً حَفِظَتْ مَالَهَا وَ مَالَ بَعْلِه وَ إِذَا كَانَتْ جَبَانَةً فَرِقَتْ مِنْ كُلِّ شَيْ ءٍ يَعْرِضُ لَهَا أخذ هذا المعنى الطغرائي شاعر العجم فقال
الجود و الإقدام في فتيانهم و البخل في الفتيات و الإشفاق و الطعن في الأحداق دأب رماتهم و الراميات سهاما الأحداقو له
قد زاد طيب أحاديث الكرام بها ما بالكرائم من جبن و من بخل
و في حكمة أفلاطون من أقوى الأسباب في محبة الرجل لامرأته و اتفاق ما بينهما أن يكون صوتها دون صوته بالطبع و تميزها دون تميزه و قلبها أضعف من قلبه فإذا زاد من هذا عندها شي ء على ما عند الرجل تنافرا على مقداره. و تقول زهي الرجل علينا فهو مزهو إذا افتخر و كذلكنخي فهو منخو من النخوة و لا يجوز زها إلا في لغة ضعيفة. و فرقت خافت و الفرق الخوف
شرح نهج البلاغة ج : 19 ص : 23266وَ قِيلَ لَهُ ع صِفْ لَنَا الْعَاقِلَ فَقَالَ هُوَ الَّذِي يَضَعُ الشَّيْ ءَ مَوَاضِعَهُ فَقِيلَ فَصِفْ لَنَا الْجَاهِلَ قَالَ قَدْ قُلْت قال الرضي رحمه الله تعالى يعني أن الجاهل هو الذي لا يضع الشي ء مواضعه فكان ترك صفته صفة له إذ كان بخلاف وصف العاقل هذا مثل الكلام الذي تنسبه العرب إلى الضب قالوا اختصمت الضبع و الثعلب إلى الضب فقالت الضبع يا أبا الحسل إني التقطت تمرة قال طيبا جنيت قالت و إن هذا أخذها مني قال حظ نفسه أحرز قالت فإني لطمته قال كريم حمى حقيقته قالت فلطمني قال حر انتصر قالت اقض بيننا قال قد فعلت(20/36)


شرح نهج البلاغة ج : 19 ص : 23367وَ اللَّهِ لَدُنْيَاكُمْ هَذِهِ أَهْوَنُ فِي عَيْنِي مِنْ عُرَاقِ خِنْزِيرٍ فِي يَدِ مَجْذُومٍالعراق جمع عرق و هو العظم عليه شي ء من اللحم و هذا من الجموع النادرة نحو رخل و رخال و توأم و تؤام و لا يكون شي ء أحقر و لا أبغض إلى الإنسان من عراق خنزير في يد مجذوم فإنه لم يرض بأن يجعله في يد مجذوم و هو غاية ما يكون من التنفير حتى جعله عراق خنزير. و لعي لقد صدق و ما زال صادقا و من تأمل سيرته في حالتي خلوه من العمل و ولايته الخلافة عرف صحة هذا القول
شرح نهج البلاغة ج : 19 ص : 23468إِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللَّهَ رَغْبَةً فَتِلْكَ عِبَادَةُ التُّجَّارِ وَ إِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللَّهَ رَهْبَةً فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْعَبِيدِ وَ إِنَّ قَوْماً عَبَدُوا اللَّهَ شُكْراً فَتِلْكَ عِبَادَةُ الْأَحْرَارِهذا مقام جليل تتقاصر عنه قوى أكثر البشر و قد شرحناه فيما تقدم و قلنا إن العبادة لرجاء الثواب تجارة و معاوضة و إن العبادة لخوف العقاب لمنزلة من يستجدي لسلطان قاهر يخاف سطوته. و هذا معنى قوله عبادة العبيد أي خوف السوط و العصا و تلك ليس عبادة نافعة و هي كمن يعتذر إلى إنسان خوف أذاه و نقمته لا لأن ما يعتذر منه قبيح لا ينبغي له فعله فأما العبادة لله تعالى شكرا لأنعمه فهي عبادة نافعة لأن العبادة شكر مخصوص فإذا أوقعها على هذا الوجه فقد أوقعها الموقع الذي وضعت عليه. فأما أصحابنا المتكلمون فيقولون ينبغي أن يفعل الإنسان الواجب لوجه وجوبه و يترك القبيح لوجه قبحه و ربما قالوا يفعل الواجب لأنه واجب و يترك القبيح لأنه قبيح و الكلام في هذا الباب مشروح مبسوط في الكتب الكلامية(20/37)


شرح نهج البلاغة ج : 19 ص : 23569الْمَرْأَةُ شَرٌّ كُلُّهَا وَ شَرُّ مَا فِيهَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهَاحلف إنسان عند بعض الحكماء أنه ما دخل بابي شر قط فقال الحكيم فمن أين دخلت امرأتك. و كان يقال أسباب فتنة النساء ثلاثة عين ناظرة و صورة مستحسنة و شهوة قادرة فالحكيم من لا يردد النظرة حتى يعرف حقائق الصورة و لو أن رجلا رأى امرأة فأعجبته ثم طالبها فامتنعت هل كان إلا تاركها فإن تأبى عقله عليه في مطالبتها كتأبيها عليه في مساعفتها قدع نفسه عن لذته قدع الغيور إياه عن حرمة مسلم. و كان يقال من أتعب نفسه في الحلال من النساء لم يتق إلى الحرام منهن كالطليح مناه أن يستريح(20/38)


شرح نهج البلاغة ج : 19 ص : 23670مَنْ أَطَاعَ التَّوَانِيَ ضَيَّعَ الْحُقُوقَ وَ مَنْ أَطَاعَ الْوَاشِيَ ضَيَّعَ الصَّدِيقَقد تقدم الكلام في التواني و العجز و تقدم أيضا الكلام في الوشاية و السعاية. و رفع إلى كسرى أبرويز أن النصارى الذين يحضرون باب الملك يعرفون بالتجسس إلى ملك الروم فقال من لم يظهر له ذنب لم يظهر منا عقوبة له. و رفع إليه أن بعض الناس ينكر إصغاء الملك إلى أصحاب الأخبار فوقع هؤلاء بمنزلة مداخل الضياء إلى البيت المظلم و ليس لقطع مواد النور مع الحاجة إليه وجه عند العقلاء. قال أبو حيان أما الأصل في التدبير فصحيح لأن الملك محتاج إلى الأخبار لكن الأخبار تنقسم إلى ثلاثة أوجه خبر يتصل بالدين فالواجب عليه أن يبالغ و يحتاط في حفظه و حراسته و تحقيقه و نفى القذى عن طريقه و ساحته. و خبر يتصل بالدولة و رسومها فينبغي أن يتيقظ في ذلك خوفا من كيد ينفذ و بغي يسري. و خبر يدور بين الناس في منصرفهم و شأنهم و حالهم متى زاحمتهم فيه اضطغنوا شرح نهج البلاغة ج : 19 ص : 71عليك و تمنوا زوا ملكك و ارصدوا العداوة لك و جهروا إلى عدوك و فتحوا له باب الحيلة إليك. و إنما لحق الناس من هذا الخبر هذا العارض لأن في منع الملك إياهم عن تصرفاتهم و تتبعه لهم في حركاتهم كربا على قلوبهم و لهيبا في صدورهم و لا بد لهم في الدهر الصالح و الزمان المعتدل و الخصب المتتابع و السبيل الآمن و الخير المتصل من فكاهة و طيب و استرسال و أشر و بطر و كل ذلك من آثار النعمة الدارة و القلوب القارة فإن أغضى الملك بصره على هذا القسم عاش محبوبا و إن تنكر لهم فقد استأسدهم أعداء و السلام
شرح نهج البلاغة ج : 19 ص : 23772الْحَجَرُ الْغَصْبُ فِي الدَّارِ رَهْنٌ عَلَى خَرَابِهَا قال الرضي رحمه الله تعالى و قد روي ما يناسب هذا الكلام عن النبي ص و لا عجب أن يشتبه الكلامان فإن مستقاهما من قليب و مفرغهما من ذنوب(20/39)


الذنوب الدلو الملأى و لا يقال لها و هي فارغة ذنوب و معنى الكلمة أن الدار المبنية بالحجارة المغصوبة و لو بحجر واحد لا بد أن يتعجل خرابها و كأنما ذلك الحجر رهن على حصول التخرب أي كما أن الرهن لا بد أن يفتك كذلك لا بد لما جعل ذلك الحجر رهنا عليه أن يحصل. و قال ابن بسام لأبي علي بن مقلة لما بنى داره بالزاهر ببغداد من الغصب و ظلم الرعية
بجنبك داران مهدومتان و دارك ثالثة تهدم فليت السلامة للمنصفين دامت فكيف لمن يظلم شرح نهج البلاغة ج : 19 ص : 73و الداران دار أبي الحسن بن الفرات و دار محمد بن داود بن الجراح و قال فيه أيضاقل لابن مقلة مهلا لا تكن عجلا فإنما أنت في أضغاث أحلام تبني بأنقاض دور الناس مجتهدا دارا ستنقض أيضا بعد أيامو كان ما تفرسه ابن بسام فيه حقا فإن داره نقضت حتى سويت بالأرض في أيام الراضي بالله
شرح نهج البلاغة ج : 19 ص : 23874يَوْمُ الْمَظْلُومِ عَلَى الظَّالِمِ أَشَدُّ مِنْ يَوْمِ الظَّالِمِ عَلَى الْمَظْلُومِقد تقدم الكلام في الظلم مرارا و كان يقال اذكر عند الظلم عدل الله تعالى فيك و عند القدرة قدرة الله تعالى عليك. و إنما كان يوم المظلوم على الظالم أشد من يومه على المظلوم لأن ذلك اليوم يوم الجزاء الكلي و الانتقام الأعظم و قصارى أمر الظالم في الدنيا أن يقتل غيره فيميته ميتة واحدة ثم لا سبيل له بعد إماتته إلى أن يدخل عليه ألما آخر و أما يوم الجزاء فإنه يوم لا يموت الظالم فيه فيستريح بل عذابه دائم متجدد نعوذ بالله من سخطه و عقابه(20/40)

114 / 150
ع
En
A+
A-