فصلوات الله عليه و رحمته ثم نزل فقال معاوية أخطأ عجل أو كاد و أصاب مثبت أو كاد ما ذا أردت من خطبة الحسن. فأما أبو الفرج علي بن الحسين الأصفهاني فإنه قال كان في لسان أبي محمد الحسن ع ثقل كالفأفأة حدثني بذلك محمد بن الحسين الأشناني قال حدثني محمد بن إسماعيل الأحمسي عن مفضل بن صالح عن جابر قال كان في لسان الحسن ع رتة فكان سلمان الفارسي رحمه الله يقول أتته من قبل عمه موسى بن عمران ع. قال أبو الفرج و مات شهيدا مسموما دس معاوية إليه و إلى سعد بن أبي وقاص حين أراد أن يعهد إلى يزيد ابنه بالأمر بعده سما فماتا منه في أيام متقاربة و كان الذي تولى ذلك من الحسن ع زوجته جعدة بنت الأشعث بن قيس بمال بذله لها معاوية و يقال إن اسمها سكينة و يقال عائشة و يقال شعثاء و الصحيح أن اسمها جعدة. قال أبو الفرج فروى عمرو بن ثابت قال كنت أختلف إلى أبي إسحاق شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : السبيعي سنة أسأله عن الخطبة التي خطب بها الحسن بن علي ع عقيب وفاة أبيه و لا يحدثني بها فدخلت إليه في يوم شات و هو في الشمس و عليه برنسه فكأنه غول فقال لي من أنت فأخبرته فبكى و قال كيف أبوك و كيف أهلك قلت صالحون قال في أي شي ء تتردد منذ سنة قلت في خطبة الحن بن علي بعد وفاه أبيه.(17/26)


حدثني هبيرة ابن مريم قال خطب الحسن ع بعد وفاة أمير المؤمنين ع فقال قد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون و لا يدركه الآخرون بعمل لقد كان يجاهد مع رسول الله ص فيسبقه بنفسه و لقد كان يوجهه برايته فيكنفه جبرائيل عن يمينه و ميكائيل عن يساره فلا يرجع حتى يفتح الله عليه و لقد توفي في الليلة التي عرج فيها بعيسى ابن مريم و التي توفي فيها يوشع بن نوح و ما خلف صفراء و لا بيضاء إلا سبعمائة درهم من عطائه أراد أن يبتاع بها خادما لأهله ثم خنقته العبرة فبكى و بكى الناس معه ثم قال أيها الناس من عرفني فقد عرفني و من لم يعرفني فأنا الحسن بن محمد رسول الله ص أنا ابن البشير أنا ابن النذير أنا ابن الداعي إلى الله بإذنه و السراج المنير أنا من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا و الذين افترض الله مودتهم في كتابه إذ يقول وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت
قال أبو الفرج فلما انتهى إلى هذا الموضع من الخطبة قام عبد الله بن العباس بين شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 31يديه فدعا الناس إلى بيعته فاستجابوا و قالوا ما أحبه إلينا و أحقه بالخلافة فبايعوه ثم نزل من المنبر. قال أبو الفرج و دس معاوية رجلا من حمير إلى الكوفو رجلا من بني القين إلى البصرة يكتبان إليه بالأخبار فدل على الحميري و على القيني فأخذا و قتلا. و
كتب الحسن ع إلى معاوية أما بعد فإنك دسست إلي الرجال كأنك تحب اللقاء لا أشك في ذلك فتوقعه إن شاء الله و بلغني أنك شمت بما لم يشمت به ذو الحجى و إنما مثلك في ذلك كما قال الأول(17/27)


فإنا و من قد مات منا لكالذي يروح فيمسي في المبيت ليغتدي فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى تجهز لأخرى مثلها فكأن قد. فأجابه معاوية أما بعد فقد وصل كتابك و فهمت ما ذكرت فيه و لقد علمت بما حدث فلم أفرح و لم أحزن و لم أشمت و لم آس و إن عليا أباك لكما قال أعشى بني قيس ابن ثعلبة
فأنت الجواد و أنت الذي إذا ما القلوب ملأن الصدوراجدير بطعنة يوم اللقاء يضرب منها النساء النحوراو ما مزيد من خليج البحار يعلو الإكام و يعلو الجسورابأجود منه بما عنده فيعطي الألوف و يعطي البدورا
شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 32قال أبو الفرج و كتب عبد الله بن العباس من البصرة إلى معاوية أما بعد فإنك و دسك أخا بني القين إلى البصرة تلتمس من غفلات قريش بمثل ما ظفرت به من يمانيتك لكما قال أمية بن أبي الأسكرلعمرك إني و الخزاعي طارقا كنعجة عاد حتفها تتحفرأثارت عليها شفرة بكراعها فظلت بها من آخر الليل تنحرشمت بقوم من صديقك أهلكوا أصابهم يوم من الدهر أصفر
فأجابه معاوية أما بعد فإن الحسن بن علي قد كتب إلي بنحو مما كتبت به و أنبأني بما لم يحقق سوء ظن و رأي في و إنك لم تصب مثلي و مثلكم و إنما مثلنا كما قال طارق الخزاعي يجيب أمية عن هذا الشعر
فو الله ما أدري و إني لصادق إلى أي من يظنني أتعذرأعنف إن كانت زبينة أهلكت و نال بني لحيان شر فأنفروا(17/28)


شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 33قال أبو الفرج و كان أول شي ء أحدثه الحسن ع أنه زاد المقاتلة مائة مائة و قد كان علي ع فعل ذلك يوم الجمل و فعله الحسن حال الاستخلاف فتبعه الخلفاء من بعده في ذلك قال و كتب الحسن ع إلى معاوية مع حرب بن عبد الله الأزدي من الحسن بن علي أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فإن الله جل جلاله بعث محمدا رحمة للعالمين و منة للمؤمنين و كافة للناس أجمعين لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَ يَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ فبلغ رسالات الله و قام بأمر الله حتى توفاه الله غير مقصر و لا وان و بعد أن أظهر الله به الحق و محق به الشرك و خص به قريشا خاصة فقال له وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ فلما توفي تنازعت سلطانه العرب فقالت قريش نحن قبيلته و أسرته و أولياؤه و لا يحل لكم أن تنازعونا سلطان محمد و حقه فرأت العرب أن القول ما قالت قريش و أن الحجة في ذلك لهم على من نازعهم أمر محمد فأنعمت لهم و سلمت إليهم ثم حاججنا نحن قريشا بمثل ما حاججت به العرب فلم تنصفنا قريش إنصاف العرب لها إنهم أخذوا هذا الأمر دون العرب بالانتصاف و الاحتجاج فلما صرنا أهل بيت محمد و أولياءه إلى محاجتهم و طلب النصف منهم باعدونا و استولوا بالإجماع على ظلمنا و مراغمتنا و العنت منهم لنا فالموعد الله و هو الولي النصير شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 34و لقد كنتعجبنا لتوثب المتوثبين علينا في حقنا و سلطان نبينا و إن كانوا ذوي فضيلة و سابقة في الإسلام و أمسكنا عن منازعتهم مخافة على الدين أن يجد المنافقون و الأحزاب في ذلك مغمزا يثلمونه به أو يكون لهم بذلك سبب إلى ما أرادوا من إفساده فاليوم فليتعجب المتعجب من توثبك يا معاوية على أمر لست من أهله لا بفضل في الدين معروف و لا أثر في الإسلام محمود و أنت ابن حزب من الأحزاب و ابن أعدى قريش لرسول الله ص(17/29)


و لكتابه و الله حسيبك فسترد فتعلم لمن عقبى الدار و بالله لتلقين عن قليل ربك ثم ليجزينك بما قدمت يداك و ما الله بظلام للعبيد إن عليا لما مضى لسبيله رحمة الله عليه يوم قبض و يوم من الله عليه بالإسلام و يوم يبعث حيا ولاني المسلمون الأمر بعده فأسأل الله ألا يؤتينا في الدنيا الزائلة شيئا ينقصنا به في الآخرة مما عنده من كرامة و إنما حملني على الكتاب إليك الإعذار فيما بيني و بين الله عز و جل في أمرك و لك في ذلك إن فعلته الحظ الجسيم و الصلاح للمسلمين فدع التمادي في الباطل و ادخل فيما دخل فيه الناس من بيعتي فإنك تعلم أني أحق بهذا الأمر منك عند الله و عند كل أواب حفيظ و من له قلب منيب و اتق الله و دع البغي و احقن دماء المسلمين فو الله ما لك خير في أن تلقى الله من دمائهم بأكثر مما أنت لاقيه به و ادخل في السلم و الطاعة و لا تنازع الأمر أهله و من هو أحق به منك ليطفئ الله النائرة بذلك و يجمع الكلمة و يصلح ذات البين و إن أنت أبيت إلا التمادي في غيك سرت إليك بالمسلمين فحاكمتك حتى يحكم الله بيننا و هو خير الحاكمين(17/30)

94 / 150
ع
En
A+
A-