شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 319- و من وصيته ع للحسن ع كتبها إليه بحاضرين عند انصرافه من صفينمِنَ الْوَالِدِ الْفَانِ الْمُقِرِّ لِلزَّمَانِ الْمُدْبِرِ الْعُمُرِ الْمُسْتَسْلِمِ لِلدَّهْرِ الذَّامِّ لِلدُّنْيَا السَّاكِنِ مَسَاكِنَ الْمَوْتَى الظَّاعِنِ عَنْهَا غَداً إِلَى الْمَوْلُودِ الْمُؤَمِّلِ مَا لَا يُدْرِكُ السَّالِكِ سَبِيلَ مَنْ قَدْ هَلَكَ غَرَضِ الْأَسْقَامِ وَ رَهِينَةِ الْأَيَّامِ وَ رَمِيَّةِ الْمَصَائِبِ وَ عَبْدِ الدُّنْيَا وَ تَاجِرِ الْغُرُورِ وَ غَرِيمِ الْمَنَايَا وَ أَسِيرِ الْمَوْتِ وَ حَلِيفِ الْهُمُومِ وَ قَرِينِ الْأَحْزَانِ وَ نُصُبِ الآْفَاتِ وَ صَرِيعِ الشَّهَوَاتِ وَ خَلِيفَةِ الْأَمْوَاتِ
ترجمة الحسن بن علي و ذكر بعض أخباره
قال الزبير بن بكار في كتاب أنساب قريش ولد الحسن بن علي ع للنصف من شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة و سماه رسول الله ص حسنا و توفي لليال خلون من شهر ربيع الأول سنة خمسين. قال و المروي أن رسول الله ص سمى حسنا و حسينا رضي الله عنهما يوم سابعهما و اشتق اسم حسين من اسم حسن. شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 1 قال و روى جعفر بن محمد ع أن فاطمة ع حلقت حسنا و حسينا يوم سابعهما و وزنت شعرهما فتصدقت بوزنه فضة
قال الزبير و روت زينب بنت أبي رافع قالت أتت فاطمة ع بابنيها إلى رسول الله ص في شكوه الذي توفي فيه فقالت يا رسول الله هذان ابناك فورثهما شيئا فقال أما حسن فإن له هيبتي و سوددي و أما حسين فإن له جرأتي و جودي
و روى محمد بن حبيب في أماليه أن الحسن ع حج خمس عشرة حجة ماشيا تقاد الجنائب معه و خرج من ماله مرتين و قاسم الله عز و جل ثلاث مرات ماله حتى أنه كان يعطي نعلا و يمسك نعلا و يعطي خفا و يمسك خفا. و(17/6)


روى أبو جعفر محمد بن حبيب أيضا أن الحسن ع أعطى شاعرا فقال له رجل من جلسائه سبحان الله أ تعطي شاعرا يعصي الرحمن و يقول البهتان فقال يا عبد الله إن خير ما بذلت من مالك ما وقيت به عرضك و إن من ابتغاء الخير اتقاء الشر
و روى أبو جعفر قال قال ابن عباس رحمه الله أول ذل دخل على العرب موت الحسن ع. و
روى أبو الحسن المدائني قال سقي الحسن ع السم أربع مرات فقال لقد سقيته مرارا فما شق علي مثل مشقته هذه المرة فقال له الحسين ع أخبرني من سقاك قال لتقتله قال نعم قال ما أنا بمخبرك إن يكن صاحبي الذي أظن فالله أشد نقمة و إلا فما أحب أن يقتل بي بري ء شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 11و روى أبو الحسن قال قال معاوية لابن عباس و لقيه بمكة يا عجبا من وفاة الحسن شرب علة بماء رومة فقضى نحبة فوجم ابن عباس فقال معاوية لا يحزنك الله و لا يسوءك فقال لا يسوءني ما أبقاك الله فأمر له بمائة ألف درهم. و روى أبو الحسن ق أول من نعى الحسن ع بالبصرة عبد الله بن سلمة نعاه لزياد فخرج الحكم بن أبي العاص الثقفي فنعاه فبكى الناس و أبو بكرة يومئذ مريض فسمع الضجة فقال ما هذا فقالت امرأته ميسة بنت سخام الثقفية مات الحسن بن علي فالحمد لله الذي أراح الناس منه فقال اسكتي ويحك فقد أراحه الله من شر كثير و فقد الناس بموته خيرا كثيرا يرحم الله حسنا. قال أبو الحسن المدائني و كانت وفاته في سنة تسع و أربعين و كان مرضه أربعين يوما و كانت سنه سبعا و أربعين سنة دس إليه معاوية سما على يد جعدة بنت الأشعث بن قيس زوجة الحسن و قال لها إن قتلتيه بالسم فلك مائة ألف و أزوجك يزيد ابني فلما مات وفى لها بالمال و لم يزوجها من يزيد قال أخشى أن تصنع بابني كما صنعت بابن رسول الله ص. و(17/7)


روى أبو جعفر محمد بن حبيب عن المسيب بن نجبة قال سمعت أمير المؤمنين ع يقول أنا أحدثكم عني و عن أهل بيتي أما عبد الله ابن أخي فصاحب لهو و سماح و أما الحسن فصاحب جفنة و خوان فتى من فتيان قريش و لو قد التقت حلقتا البطان لم يغن عنكم شيئا في الحرب و أما أنا و حسين فنحن منكم و أنتم منا
شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 12 قال أبو جعفر و روى ابن عباس قال دخل الحسن بن علي ع على معاوية بعد عام الجماعة و هو جالس في مجلس ضيق فجلس عند رجليه فتحدث معاوية بما شاء أن يتحدث ثم قال عجبا لعائشة تزعم أني في غير ما أنا أهله و أن الذي أصبحت فيه ليس لي بحق لها و لهذا يغفر الله لها إنما كان ينازعني في هذا الأمر أبو هذا الجالس و قد استأثر الله به فقال الحسن أ و عجب ذلك يا معاوية قال إي و الله قال أ فلا أخبرك بما هو أعجب من هذا قال ما هو قال جلوسك في صدر المجلس و أنا عند رجليك فضحك معاوية و قال يا ابن أخي بلغني أن عليك دينا قال إن لعلي دينا قال كم هو قال مائة ألف فقال قد أمرنا لك بثلاثمائة ألف مائة منها لدينك و مائة تقسمها في أهل بيتك و مائة لخاصة نفسك فقم مكرما و اقبض صلتك فلما خرج الحسن ع قال يزيد بن معاوية لأبيه تالله ما رأيت رجلا استقبلك بما استقبلك به ثم أمرت له بثلاثمائة ألف قال يا بني إن الحق حقهم فمن أتاك منهم فاحث له
و روى أبو جعفر محمد بن حبيب قال قال علي ع لقد تزوج الحسن و طلق حتى خفت أن يثير عداوة(17/8)


قال أبو جعفر و كان الحسن إذا أراد أن يطلق امرأة جلس إليها فقال أ يسرك أن أهب لك كذا و كذا فتقول له ما شاءت أو نعم فيقول هو لك فإذا قام أرسل إليها بالطلاق و بما سمى لها. و روى أبو الحسن المدائني قال تزوج الحسن بن علي ع هندا بنت سهيل ابن عمرو و كانت عند عبد الله بن عامر بن كريز فطلقها فكتب معاوية إلى أبي هريرة أن يخطبها على يزيد بن معاوية فلقيه الحسن ع فقال أين تريد قال أخطب هندا بنت سهيل بن عمرو على يزيد بن معاوية قال الحسن ع شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 13فاذكرني لها فأتاها أبو هريرة فأخبرها الخبر فقالت اختلي فقال أختار لك الحسن فتزوجته فقدم عبد الله بن عامر المدينة فقال للحسن إن لي عند هند وديعة فدخل إليها و الحسن معه فخرجت حتى جلست بين يدي عبد الله بن عامر فرق لها رقة عظيمة فقال الحسن أ لا أنزل لك عنها فلا أراك تجد محللا خيرا لكما مني قال لا ثم قال لها وديعتي فأخرجت سفطين فيهما جوهر ففتحهما و أخذ من أحدهما قبضة و ترك الآخر عليها و كانت قبل ابن عامر عند عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد فكانت تقول سيدهم جميعا الحسن و أسخاهم ابن عامر و أحبهم إلي عبد الرحمن بن عتاب. و روى أبو الحسن المدائني قال تزوج الحسن حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر و كان المنذر بن الزبير يهواها فأبلغ الحسن عنها شيئا فطلقها فخطبها المنذر فأبت أن تتزوجه و قالت شهر بي فخطبها عاصم بن عمر بن الخطاب فتزوجها فأبلغه المنذر عنها شيئا فطلقها فخطبها المنذر فقيل لها تزوجيه فقالت لا و الله ما أفعل و قد فعل بي ما قد فعل مرتين لا و الله لا يراني في منزله أبدا. و روى المدائني عن جويرية بن أسماء قال لما مات الحسن ع أخرجوا جنازته فحمل مروان بن الحكم سريره فقال له الحسين ع تحمل اليوم جنازته و كنت بالأمس تجرعه الغيظ قال مروان نعم كنت أفعل ذلك بمن يوازن حلمه الجبال. و(17/9)


روى المدائني عن يحيى بن زكريا عن هشام بن عروة قال قال الحسن عند وفاته ادفنوني عند قبر رسول الله ص إلا أن تخافوا أن يكون في ذلك شر
فلما أرادوا دفنه قال مروان بن الحكم لا يدفن عثمان في حش كوكب و يدفن الحسن هاهنا شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 14فاجتمع بنو هاشم و بنو أمية و أعان هؤلاء قوم و هؤلاء قوم و جاءوا بالسلاح فقال أبو هريرة لمروان أ تمنع الحسن أن يدفن في هذا الموضع و قد سمعت رسول الله ص يقول الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة
قال مروان دعنا منك لقد ضاع حديث رسول الله ص إذ كان لا يحفظه غيرك و غير أبي سعيد الخدري و إنما أسلمت أيام خيبر قال أبو هريرة صدقت أسلمت أيام خيبر و لكنني لزمت رسول الله ص و لم أكن أفارقه و كنت أسأله و عنيت بذلك حتى علمت من أحب و من أبغض و من قرب و من أبعد و من أقر و من نفى و من لعن و من دعا له فلما رأت عائشة السلاح و الرجال و خافت أن يعظم الشر بينهم و تسفك الدماء قالت البيت بيتي و لا آذن لأحد أن يدفن فيه و أبى الحسين ع أن يدفنه إلا مع جده فقال له محمد بن الحنفية يا أخي إنه لو أوصى أن ندفنه لدفناه أو نموت قبل ذلك و لكنه قد استثنى و قال إلا أن تخافوا الشر فأي شر يرى أشد مما نحن فيه فدفنوه في البقيع. قال أبو الحسن المدائني وصل نعي الحسن ع إلى البصرة في يومين و ليلتين فقال الجارود بن أبي سبرة
إذا كان شر سار يوما و ليلة و إن كان خير أخر السير أربعاإذا ما بريد الشر أقبل نحونا بإحدى الدواهي الربد سار و أسرعا(17/10)

90 / 150
ع
En
A+
A-