يديه منه فتلا ذريعا و هو ينادي يا معشر الأنصار أمية بن خلف رأس الكفر لا نجوت إن نجوت قال لأنه كان يعذبه بمكة فأقبلت الأنصار كأنهم عوذ حنت إلى أولادها حتى طرحوا أمية على ظهره و اضطجعت عليه أحميه منهم فأقبل الخباب بن المنذر فأدخل سيفه فاقتطع أرنبة أنفه فلما فقد أمية أنفه قال لي إيها عنك أي خل بيني و بينهم قال عبد الرحمن فذكرت قول حسان
أو عن ذلك الأنف جادع
قال و يقبل إليه خبيب بن يساف فضربه حتى قتله و قد كان أمية ضرب خبيب بن يساف حتى قطع يده من المنكب فأعادها النبي ص فالتحمت و استوت فتزوج خبيب بن يساف بعد ذلك ابنة أمية بن خلف فرأت تلك الضربة فقالت لا يشل الله يد رجل فعل هذا فقال خبيب و أنا و الله قد أوردته شعوب فكان خبيب يحدث يقول فأضربه فوق العاتق فأقطع عاتقه حتى بلغت مؤتزره و عليه الدرع و أنا أقول خذها و أنا ابن يساف و أخذت سلاحه و درعه و أقبل علي بن أمية فتعرض له الخباب فقطع رجله فصاح صيحة ما سمع مثلها قط و لقيه عمار فضربه ضربة فقتله و يقال إن عمارا لاقاه قبل ضربة الخباب فاختلفا ضربات فقتله عمار و الأولى أثبت أنه ضربه بعد أن قطعت رجله. قال الواقدي و قد سمعنا في قتل أمية غير ذلك حدثني عبيد بن يحيى عن معاذ بن شرح نهج البلاغة ج : 14 ص : 137رفاعة عن أبيه قال لما كان يوم بدر و أحدقنا بأمية بن خلف و كان له فيهمأن و معي رمحي و معه رمحه فتطاعنا حتى سقطت أزجتها ثم صرنا إلى السيفين فتضاربنا بهما حتى انثلما ثم بصرت بفتق في درعه تحت إبطه فحششت السيف فيه حتى قتلته و خرج السيف عليه الودك قال الواقدي و قد سمعنا وجها آخر حدثني محمد بن قدامة بن موسى عن أبيه عن عائشة بنت قدامة قالت قال صفوان بن أمية بن خلف يوما يا قدام لقدامة بن مظعون أنت المشلي بأبي يوم بدر الناس فقال قدامة لا و الله ما فعلت و لو فعلت ما اعتذرت من قتل مشرك قال صفوان فمن يا قدام المشلي به يوم بدر قال رأيت فتية من الأنصار(15/116)
أقبلوا إليه فيهم معمر بن خبيب بن عبيد الحارث يرفع سيفه و يضعه فيه فقال صفوان أبو قرد و كان معمر رجلا دميما فسمع بذلك الحارث بن حاطب فغضب له فدخل على أم صفوان فقال ما يدعنا صفوان من الأذى في الجاهلية و الإسلام قالت و ما ذاك فأخبرها بمقالة صفوان لمعمر حين قال أبو قرد فقالت أم صفوان يا صفوان أ تنتقص معمر بن خبيب من أهل بدر و الله لا أقبل لك كرامة سنة قال صفوان يا أمة لا أعود و الله أبدا تكلمت بكلمة لم ألق لها بالا. قال الواقدي و حدثني محمد بن قدامة عن أبيه عن عائشة بنت قدامة قالت قيل لأم صفوان بن أمية و نظرت إلى الخباب بن المنذر بمكة هذا الذي قطع رجل علي بن أمية يوم بدر قالت دعونا عن ذكر من قتل على الشرك قد أهان الله عليا بضربة الخباب بن المنذر و أكرم الله الخباب بضربته عليا و لقد كان على الإسلام حين خرج من هاهنا فقتل على غير ذلك. شرح نهج البلاغة ج : 14 ص : 138فأما محمد بن إسحاق فإنه قال قال عبدلرحمن بن عوف أخذت بيد أمية بن خلف و يد ابنه علي بن أمية أسيرين يوم بدر فبينا أنا أمشي بينهما رآنا بلال و كان أمية هو الذي يعذب بلالا بمكة يخرجه إلى رمضاء مكة إذا حميت فيضجعه على ظهره ثم يأمره بالصخرة العظيمة فتوضع بحرارتها على صدره و يقول له لا تزال هكذا أو تفارق دين محمد فيقول بلال أحد أحد لا يزيده على ذلك فلما رآه صاح رأس الكفر أمية بن خلف لا نجوت إن نجوت قال عبد الرحمن فقلت أي بلال أسيري فقال لا نجوت إن نجا فقلت استمع يا ابن السوداء قال لا نجوت إن نجا ثم صرخ بأعلى صوته يا أنصار الله أمية بن خلف رأس الكفر لا نجوت إن نجا فأحاطوا بنا حتى جعلونا في مثل المسكة و أنا أذب عنه و يحذف عمار بن ياسر عليا ابنه بالسيف فأصاب رجله فوقع و صاح أمية صيحة ما سمعت مثلها قط فخليت عنه و قلت انج بنفسك و لا نجاء به فو الله ما أغني عنك شيئا قال فهبروهما بأسيافهم حتى فرغوا منهما قال فكان عبد الرحمن بن عوف(15/117)
يقول رحم الله بلالا أذهب أدرعي و فجعني بأسيري. قال الواقدي و كان الزبير بن العوام يحدث فيقول لما كان يومئذ لقيت عبيدة بن سعد بن العاص على فرس عليه لأمة كاملة لا يرى منه إلا عيناه و هو يقول و كانت له صبية صغيرة يحملها و كان لها بطين و كانت مقسمة أنا أبو ذات الكرش أنا أبو ذات
شرح نهج البلاغة ج : 14 ص : 139الكرش قال و في يدي عنزة فأطعن بها في عينه و وقع و أطؤه برجلي على خده حتى أخرجت العنزة متعقفة و أخرجت حدقته و أخذ رسول الله ص تلك العنزة فكانت تحمل بين يديه ثم صارت تحمل بين يدي أبي بكر و عمر و عثمان. قال الواقدي و أقبل عاصمن أبي عوف بن صبيرة السهمي لما جال الناس و اختلطوا و كأنه ذئب و هو يقول يا معشر قريش عليكم بالقاطع مفرق الجماعة الآتي بما لا يعرف محمد لا نجوت إن نجا و يعترضه أبو دجانة فاختلفا ضربتين و يضربه أبو دجانة فقتله و وقف على سلبه يسلبه فمر به عمر بن الخطاب فقال دع سلبه حتى يجهض العدو و أنا أشهد لك به قال الواقدي و يقبل معبد بن وهب أحد بني عامر بن لؤي فضرب أبا دجانة ضربة برك منها أبو دجانة كما يبرك الجمل ثم انتهض و أقبل على معبد فضربه ضربات لم يصنع سيفه شيئا حتى يقع معبد بحفرة أمامه لا يراها و نزل أبو دجانة عليه فذبحه ذبحا و أخذ سلبه. قال الواقدي و لما كان يومئذ و رأت بنو مخزوم مقتل من قتل قالت أبو الحكم لا يخلص إليه فإن ابني ربيعة عجلا و بطرا و لم تحام عنهما عشيرتهما فاجتمعت بنو مخزوم فأحدقوا به فجعلوه في مثل الحرجة و أجمعوا أن يلبسوا لأمة أبي جهل رجلا منهم فألبسوها عبد الله بن المنذر بن أبي رفاعة فصمد له علي ع فقتله و هو يراه أبا جهل و مضى عنه و هو يقول أنا ابن عبد المطلب ثم ألبسوها أبا قيس بن شرح نهج البلاغة ج : 14 ص : 140الفاكه بن المغيرة فصمد له حمزة و هو يراه أبا جهل فضربه فقتله و هو يقول خذها و أنا ابن عبد اللب ثم ألبسوها حرملة بن عمرو فصمد له علي ع فقتله(15/118)
ثم أرادوا أن يلبسوها خالد بن الأعلم فأبى أن يلبسها قال معاذ بن عمرو بن الجموح فنظرت يومئذ إلى أبي جهل في مثل الحرجة و هم يقولون أبو الحكم لا يخلص إليه فعرفت أنه هو فقلت و الله لأموتن دونه اليوم أو لأخلصن إليه فصمدت له حتى إذا أمكنتني منه غرة حملت عليه فضربته ضربة طرحت رجله من الساق فشبهتها النواة تنزو من تحت المراضخ فأقبل ابنه عكرمة علي فضربني على عاتقي فطرح يدي من العاتق إلا أنه بقيت جلدة فذهبت أسحب يدي بتلك الجلدة خلفي فلما آذتني وضعت عليها رجلي ثم تمطيت عليها فقطعتها ثم لاقيت عكرمة و هو يلوذ كل ملاذ و لو كانت يدي معي لرجوت يومئذ أن أصيبه و مات معاذ في زمن عثمان. قال الواقدي فروي أن رسول الله ص نفل معاذ بن عمرو بن الجموح سيف أبي جهل و أنه عند آل معاذ بن عمرو اليوم و به فل بعد أن أرسل النبي ص إلى عكرمة بن أبي جهل يسأله من قتل أباك قال الذي قطعت يده فدفع رسول الله ص سيفه إلى معاذ بن عمرو لأن عكرمة بن أبي جهل قطع يده يوم بدر. قال الواقدي و ما كان بنو المغيرة يشكون أن سيف أبي الحكم صار إلى معاذ بن عمرو بن الجموح و أنه قاتله يوم بدر. قال الواقدي و قد سمعت في قتله و أخذ سلبه غير هذا حدثني عبد الحميد بن جعفر عن عمر بن الحكم بن ثوبان عن عبد الرحمن بن عوف قال عبأنا رسول الله ص بليل فأصبحنا و نحن على صفوفنا فإذا بغلامين ليس منهما واحد إلا قد(15/119)
شرح نهج البلاغة ج : 14 ص : 141ربطت حمائل سيفه في عنقه لصغره فالتفت إلي أحدهما فقال يا عم أيهم أبو جهل قال قلت و ما تصنع به يا ابن أخي قال بلغني أنه يسب رسول الله ص فحلفت لئن رأيته لأقتلنه أو لأموتن دونه فأشرت إليه فالتفت إلي الآخر و قال لي مثل ذلك فأشرته إليه و قلت له من أنتما قالا ابنا الحارث قال فجعلا لا يطرفان عن أبي جهل حتى إذا كان القتال خلصا إليه فقتلاه و قتلهما. قال الواقدي فحدثني محمد بن عوف عن إبراهيم بن يحيى بن زيد بن ثابت قال لما كان يومئذ قال عبد الرحمن و نظر إليهما عن يمينه و عن شماله ليته كان إلى جنبي من هو أبدن من هذين الصبيين فلم أنشب أن التفت إلى عوف فقال أيهم أبو جهل فقلت ذاك حيث ترى فخرج يعدو إليه كأنه سبع و لحقه أخوه فأنا أنظر إليهم يضطربون بالسيوف ثم نظرت إلى رسول الله ص يمر بهم في القتلى و هما إلى جانب أبي جهل. قال الواقدي و حدثني محمد بن رفاعة بن ثعلبة قال سمعت أبي ينكر ما يقول الناس في ابني عفراء من صغرهما و يقول كانا يوم بدر أصغرهما ابن خمس و ثلاثين سنة فهذا يربط حمائل سيفه قال الواقدي و القول الأول أثبت. و روى محمد بن عمار بن ياسر عن ربيع بنت معوذ قالت دخلت في نسوة من الأنصار على أسماء أم أبي جهل في زمن عمر بن الخطاب و كان ابنها عبد الله بن أبي ربيعة يبعث إليها بعطر من اليمن فكانت تبيعه إلى الأعطية فكنا نشتري منها فلما جعلت لي في قواريري و وزنت لي كما وزنت لصواحبي قال اكتبن لي عليكن حقي قلت نعم اكتب لها على الربيع بنت معوذ فقالت أسماء خلفي و إنك شرح نهج البلاغة ج : 14 ص : 142لابنة قاتل سيده فقلت لا و لكن ابنة قاتل عبده فقالت و الله لا أبيعك شيئا أبدا فقلت أنا و الله لا أشتري منك أبدا فو الله ما هو بطيب و لا عرف و الله يا بني ما شممت عطرا قط كان أطيب منه و لكني يا بني غضبت قال الواي فلما وضعت الحرب أوزارها أمر رسول الله ص أن يلتمس أبو جهل قال ابن(15/120)