شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 1الجزء السادس عشرتتمة باب الكتب و الرسائل
شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 3بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الواحد العدل29- و من كتاب له ع إلى أهل البصرة
وَ قَدْ كَانَ مِنِ انْتِشَارِ حَبْلِكُمْ وَ شِقَاقِكُمْ مَا لَمْ تَغْبَوْا عَنْهُ فَعَفَوْتُ عَنْ مُجْرِمِكُمْ وَ رَفَعْتُ السَّيْفَ عَنْ مُدْبِرِكُمْ وَ قَبِلْتُ مِنْ مُقْبِلِكُمْ فَإِنْ خَطَتْ بِكُمُ الْأُمُورُ الْمُرْدِيَةُ وَ سَفَهُ الآْرَاءِ الْجَائِرَةِ إِلَى مُنَابَذَتِي وَ خِلَافِي فَهَأَنَذَا قَدْ قَرَّبْتُ جِيَادِي وَ رَحَلُتْ رِكَابِي وَ لَئِنْ أَلْجَأْتُمُونِي إِلَى الْمَسِيرِ إِلَيْكُمْ لَأُوقِعَنَّ بِكُمْ وَقْعَةً لَا يَكُونُ يَوْمُ الْجَمَلِ إِلَيْهَا إِلَّا كَلَعْقَةِ لَاعِقٍ مَعَ أَنِّي عَارِفٌ لِذِي الطَّاعَةِ مِنْكُمْ فَضْلَهُ وَ لِذِي النَّصِيحَةِ حَقَّهُ غَيْرُ مُتَجَاوِزٍ مُتَّهَماً إِلَى بَرِيٍّ وَ لَا نَاكِثاً إِلَى وَفِيٍّ(17/1)


ما لم تغبوا عنه أي لم تسهوا عنه و لم تغفلوا يقال غبيت عن الشي ء أغبي غباوة إذا لم يفطن و غبي الشي ء علي كذلك إذا لم تعرفه و فلان غبي على فعيل أي قليل الفطنة و قد تغابى أي تغافل يقول لهم قد كان من خروجكم يوم الجمل عن الطاعة شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 4وكم حبل الجماعة و شقاقكم لي ما لستم أغبياء عنه فغفرت و رفعت السيف و قبلت التوبة و الإنابة. و المدبر هاهنا الهارب و المقبل الذي لم يفر لكن جاءنا فاعتذر و تنصل. ثم قال فإن خطت بكم الأمور خطا فلان خطوة يخطو و هو مقدار ما بين القدمين فهذا لازم فإن عديته قلت أخطيت بفلان و خطوت به و هاهنا قد عداه بالباء. و المردية المهلكة و الجائرة العادلة عن الصواب و المنابذة مفاعلة من نبذت إليه عهده أي ألقيته و عدلت عن السلم إلى الحرب أو من نبذت زيدا أي أطرحته و لم أحفل به. قوله قربت جيادي أي أمرت بتقريب خيلي إلى لأركب و أسير إليكم. و رحلت ركابي الركاب الإبل و رحلتها شددت على ظهورها الرحل قال
رحلت سمية غدوة أجمالها غضبى عليك فما تقول بدا لها(17/2)


كلعقة لاعق مثل يضرب للشي ء الحقير التافه و يروى بضم اللام و هي ما تأخذه الملعقة. ثم عاد فقال مازجا الخشونة باللين مع أني عارف فضل ذي الطاعة منكم و حق ذي النصيحة و لو عاقبت لما عاقبت البري ء بالسقيم و لا أخذت الوفي بالناكث. خطب زياد بالبصرة الخطبة الغراء مشهورة و قال فيها و الله لآخذن البري ء بالسقيم و البر باللئيم و الوالد بالولد و الجار بالجار أو تستقيم إلي قناتكم فقام أبو بلال مرداس شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 5ابن أدية يهمس و هو حينئذ شيخ كبير فقال أيها الأمير أنبأنا الله بخلاف ما قلت و حكم بغير ما ح قال سبحانه وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى فقال زياد يا أبا بلال إني لم أجهل ما علمت و لكنا لا نخلص إلى الحق منكم حتى نخوض إليه الباطل خوضا. و في رواية الرياشي لآخذن الولي بالولي و المقيم بالظاعن و المقبل بالمدبر و الصحيح بالسقيم حتى يلقى الرجل منكم أخاه فيقول انج سعد فقد هلك سعيد أو تستقيم لي قناتكم
شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 306- و من كتاب له ع إلى معاويةفَاتَّقِ اللَّهَ فِيمَا لَدَيْكَ وَ انْظُرْ فِي حَقِّهِ عَلَيْكَ وَ ارْجِعْ إِلَى مَعْرِفَةِ مَا لَا تُعْذَرُ بِجَهَالَتِهِ فَإِنَّ لِلطَّاعَةِ أَعْلَاماً وَاضِحَةً وَ سُبُلًا نَيِّرَةً وَ مَحَجَّةً نَهْجَةً وَ غَايَةً مُطَّلَبَةً يَرِدُهَا الْأَكْيَاسُ وَ يُخَالِفُهَا الْأَنْكَاسُ مَنْ نَكَبَ عَنْهَا جَارَ عَنِ الْحَقِّ وَ خَبَطَ فِي التِّيهِ وَ غَيَّرَ اللَّهُ نِعْمَتَهُ وَ أَحَلَّ بِهِ نِقْمَتَهُ فَنَفْسَكَ نَفْسَكَ فَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ لَكَ سَبِيلَكَ وَ حَيْثُ تَنَاهَتْ بِكَ أُمُورُكَ فَقَدْ أَجْرَيْتَ إِلَى غَايَةِ خُسْرٍ وَ مَحَلَّةِ كُفْرٍ فَإِنَّ نَفْسَكَ قَدْ أَوْلَجَتْكَ شَرّاً وَ أَقْحَمَتْكَ غَيّاً وَ أَوْرَدَتْكَ الْمَهَالِكَ وَ أَوْعَرَتْ عَلَيْكَ الْمَسَالِكَ(17/3)


قوله و غاية مطلبة أي مساعفة لطالبها بما يطلبه تقول طلب فلان مني كذا فأطلبته أي أسعفت به قال الراوندي مطلبة بمعنى متطلبة يقال طلبت كذا و تطلبته و هذا ليس بشي ء و يخرج الكلام عن أن يكون له معنى. و الأكياس العقلاء و الأنكاس جمع نكس و هو الدني ء من الرجال و ب عنها عدل. قوله و حيث تناهت بك أمورك الأولى ألا يكون هذا معطوفا و لا متصلا شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 7بقوله فقد بين الله لك سبيلك بل يكون كقولهم لمن يأمرونه بالوقوف حيث أنت أي قف حيث أنت فلا يذكرون الفعل و مثله قولهم مكانك أي قف مكانك. قوله فقد أجريت يل فلان قد أجرى بكلامه إلى كذا أي الغاية التي يقصدها هي كذا مأخوذ من إجراء الخيل للمسابقة و كذلك قد أجرى بفعله إلى كذا أي انتهى به إلى كذا و يروى قد أوحلتك شرا أو أورطتك في الوحل و الغي ضد الرشاد. و أقحمتك غيا جعلتك مقتحما له. و أوعرت عليك المسالك جعلتها وعرة. و(17/4)


أول هذا الكتاب أما بعد فقد بلغني كتابك تذكر مشاغبتي و تستقبح موازرتي و تزعمني متحيرا و عن الحق مقصرا فسبحان الله كيف تستجيز الغيبة و تستحسن العضيهة أي لم أشاغب إلا في أمر بمعروف أو نهي عن منكر و لم أتجبر إلا على باغ مارق أو ملحد منافق و لم آخذ في ذلك إلا بقول الله سبحانه لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ و أما التقصير في حق الله تعالى فمعاذ الله و إنما المقصر في حق الله جل ثناؤه من عطل الحقوق المؤكدة و ركن إلى الأهواء المبتدعة و أخلد إلى الضلالة المحيرة و من العجب أن تصف يا معاوية الإحسان و تخالف البرهان و تنكث الوثائق التي هي لله عز و جل طلبة و على عباده حجة مع نبذ الإسلام و تضييع الأحكام و طمس الأعلام شرح نهج البلاغة ج : 1ص : 8و الجري في الهوى و التهوس في الردى فاتق الله فيما لديك و انظر في حقه عليك
الفصل المذكور في الكتاب. و في الخطبة زيادات يسيرة لم يذكرها الرضي رحمه الله منها
و إن للناس جماعة يد الله عليها و غضب الله على من خالفها فنفسك نفسك قبل حلول رمسك فإنك إلى الله راجع و إلى حشره مهطع و سيبهظك كربه و يحل بك غمه في يوم لا يغني النادم ندمه و لا يبل من المعتذر عذره يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ(17/5)

89 / 150
ع
En
A+
A-