بن أبي طالب ع و هو عبد الله المحض و أبوه الحسن بن الحسن و أمه فاطمة بنت الحسين و كان إذا قيل من شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 290أجمل الناس قالوا عبد الله بن الحسن فإذا قيل من أكرم الناس قالوا عبد الله بن الحسن فإذا قالوا من أشرف الناس قالوا عبد الله بن الحسن. و من رجالنا أخوه الحسن بن الحسن و عمه د بن الحسن و بنوه محمد و إبراهيم و موسى و يحيى أما محمد و إبراهيم فأمرهما مشهور و فضلهما غير مجحود في الفقه و الأدب و النسك و الشجاعة و السؤدد و أما يحيى صاحب الديلم فكان حسن المذهب و الهدي مقدما في أهل بيته بعيدا مما يعاب على مثله و قد روى الحديث و أكثر الرواية عن جعفر بن محمد و روى عن أكابر المحدثين و أوصى جعفر بن محمد إليه لما حضرته الوفاة و إلى ولده موسى بن جعفر و أما موسى بن عبد الله بن الحسن فكان شابا نجيبا صبورا شجاعا سخيا شاعرا. و من رجالنا الحسن المثلث و هو الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ع كان متألها فاضلا ورعا يذهب في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر مذهب أهله و إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ع كان مقدما في أهله يقال إنه أشبه أهل زمانه برسول الله ص. و من رجالنا عيسى بن زيد و يحيى بن زيد أخوه و كانا أفضل أهل زمانهما شجاعة و زهدا و فقها و نسكا. و من رجالنا يحيى بن عمر بن يحيى بن الحسين بن زيد صاحب الدعوة كان فقيها فاضلا شجاعا فصيحا شاعرا و يقال إن الناس ما أحبوا طالبيا قط دعا إلى نفسه حبهم يحيى و لا رثي أحد منهم بمثل ما رثي به.(16/258)
شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 291قال أبو الفرج الأصفهاني كان يحيى فارسا شجاعا شديد البدن مجتمع القلب بعيدا عن زهو الشباب و ما يعاب به مثله كان له عمود حديد ثقيل يصحبه في منزله فإذا سخط على عبد أو أمة من حشمه لواه في عنقه فلا يقدر أحد أن يحله عنه حتى يحله ه و من رجالنا محمد بن القاسم بن علي بن عمر بن الحسين بن علي بن أبي طالب ع صاحب الطالقان لقب بالصوفي لأنه لم يكن يلبس إلا الصوف الأبيض و كان عالما فقيها دينا زاهدا حسن المذهب يقول بالعدل و التوحيد. و من رجالنا محمد بن علي بن صالح بن عبد الله بن موسى بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب ع كان من فتيان آل أبي طالب و فتاكهم و شجعانهم و ظرفائهم و شعرائهم و له شعر لطيف محفوظ. و منهم أحمد بن عيسى بن زيد كان فاضلا عالما مقدما في عشيرته معروفا بالفضل و قد روى الحديث و روي عنه. و من رجالنا موسى بن جعفر بن محمد و هو العبد الصالح جمع من الفقه و الدين و النسك و الحلم و الصبر و ابنه علي بن موسى المرشح للخلافة و المخطوب له بالعهد كان أعلم الناس و أسخى الناس و أكرم الناس أخلاقا. قالوا و أما ما ذكرتم من أمر الشجرة الملعونة فإن المفسرين كلهم قالوا ذلك و رووا فيه أخبارا كثيرة عن النبي ص و لستم قادرين على جحد ذلك و قد عرفتم تأخركم عن الإسلام و شدة عداوتكم للرسول الداعي إليه و محاربتكم في بدر و أحد و الخندق و صدكم الهدي عن البيت و ليس ذلك مما يوجب أن يعمكم اللعن حتى شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 292لا يغادر واحدا فإن زعم ذلك زاعم فقد تى و أما اختصاص محمد بن علي بالوصية و الخلافة دون إخوته فقد علمتم أن وراثة السيادة و المرتبة ليس من جنس وراثة الأموال أ لا ترى أن المرأة و الصبي و المجنون يرثون الأموال و لا يرثون المراتب و سواء في الأموال كان الابن حارضا بائرا أو بارعا جامعا. و قيل وراثة المقام سبيل وراثة اللواء دفع رسول الله ص لواء بني عبد الدار إلى مصعب(16/259)
بن عمير و دفع عمر بن الخطاب لواء بني تميم إلى وكيع بن بشر ثم دفعه إلى الأحنف حين لم يوجد في بني زرارة من يستحق وراثة اللواء فإن كان الأمر بالسن فإنما كان بين محمد بن علي و أبيه علي بن عبد الله أربع عشرة سنة كان علي يخضب بالسواد و محمد يخضب بالحمرة فكان القادم يقدم عليهما و الزائر يأتيهما فيظن أكثرهم أن محمدا هو علي و أن عليا هو محمد حتى ربما قيل لعلي كيف أصبح الشيخ من علته و متى رجع الشيخ إلى منزله و أخرى أن أمه كانت العالية بنت عبد الله بن العباس فقد ولده العباس مرتين و ولده جواد بني العباس كما والده خيرهم و حبرهم و لم يكن لأحد من إخوته مثل ذلك و كان بعض ولد محمد أسن من عامة ولد علي و ولد محمد المهدي بن عبد الله المنصور و العباس بن محمد بن علي في عام واحد و كذلك محمد بن سليمان بن علي و لم يكن لأحد من ولد علي بن عبد الله بن العباس و إن كانوا فضلاء نجباء كرماء نبلاء مثل عقله و لا كجماله كان إذا دخل المدينة و مكة جلس الناس على أبواب دورهم و النساء على سطوحهن للنظر إليه و التعجب من كماله و بهائه و قد قاتل إخوته أعداءه في دفع الملك إلى ولده غير مكرهين و لا مجبرين على أن محمدا إنما أخذ الأمر عن أساس مؤسس و قاعدة مقررة و وصية انتقلت إليه من أبي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية و أخذها أبو هاشم عن أبيه محمد و أخذها محمد عن علي بن أبي طالب أبيه.(16/260)
شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 293قالوا لما سمت بنو أمية أبا هاشم مرض فخرج من الشام وقيذا يؤم المدينة فمر بالحميمة و قد أشفى فاستدعى محمد بن علي بن عبد الله بن العباس فدفع الوصية إليه و عرفه ما يصنع و أخبره بما سيكون من الأمر و قال له إني لم أدفعها إليك من قاء نفسي و لكن أبي أخبرني عن أبيه علي بن أبي طالب ع بذلك و أمرني به و أعلمني بلقائي إياك في هذا المكان ثم مات فتولى محمد بن علي تجهيزه و دفنه و بث الدعاة حينئذ في طلب الأمر و هو الذي قال لرجال الدعوة و القائمين بأمر الدولة حين اختارهم للتوجه و انتخبهم للدعاء و حين قال بعضهم ندعو بالكوفة و قال بعضهم بالبصرة و قال بعضهم بالجزيرة و قال بعضهم بالشام و قال بعضهم بمكة و قال بعضهم بالمدينة و احتج كل إنسان لرأيه و اعتل لقوله فقال محمد أما الكوفة و سوادها فشيعة علي و ولده و أما البصرة فعثمانية تدين بالكف و قبيل عبد الله المقتول يدينون بجميع الفرق و لا يعينون أحدا و أما الجزيرة فحرورية مارقة و الخارجية فيهم فاشية و أعراب كأعلاج و مسلمون في أخلاق النصارى و أما الشام فلا يعرفون إلا آل أبي سفيان و طاعة بني مروان عداوة راسخة و جهلا متراكما و أما مكة و المدينة فقد غلب عليهما أبو بكر و عمر و ليس يتحرك معنا في أمرنا هذا منهم أحد و لا يقوم بنصرنا إلا شيعتنا أهل البيت و لكن عليكم بخراسان فإن هناك العدد الكثير و الجلد الظاهر و صدورا سليمة و قلوبا مجتمعة لم تتقسمها الأهواء و لم تتوزعها النحل و لم تشغلها ديانة و لا هدم فيها فساد و ليس لهم اليوم همم العرب و لا فيهم تجارب كتجارب الأتباع مع السادات و لا تحالف كتحالف القبائل و لا عصبية كعصبية العشائر و ما زالوا ينالون و يمتهون و يظلمون فيكظمون و ينتظرون الفرج و يؤملون شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 294دولة و هم جند لهم أبدان و أجسام و منب و كواهل و هامات و لحي و شوارب و أصوات هائلة و لغات فخمة تخرج من(16/261)
أجواف منكرة. و بعد فكأني أتفاءل جانب المشرق فإن مطلع الشمس سراج الدنيا و مصباح هذا الخلق فجاء الأمر كما دبر و كما قدر فإن كان الرأي الذي رأى صوابا فقد وافق الرشاد و طبق المفصل و إن كان ذلك عن رواية متقدمة فلم يتلق تلك الرواية إلا عن نبوة. قالوا و أما قولكم إن منا رجلا مكث أربعين سنة أميرا و خليفة فإن الإمارة لا تعد فخرا مع الخلافة و لا تضم إليها و نحن نقول إن منا رجلا مكث سبعا و أربعين سنة خليفة و هو أحمد الناصر بن الحسن المستضي ء و منا رجل كث خمسا و أربعين سنة خليفة و هو عبد الله القائم و مكث أبوه أحمد القادر ثلاثا و أربعين سنة خليفة فملكهما أكثر من ملك بني أمية كلهم و هم أربعة عشر خليفة. و يقول الطالبيون منا رجل مكث ستين سنة خليفة و هو معد بن الطاهر صاحب مصر و هذه مدة لم يبلغها خليفة و لا ملك من ملوك العرب في قديم الدهر و لا في حديثه. و قلتم لنا عاتكة بنت يزيد يكتنفها خمسة من الخلفاء و نحن نقول لنا زبيدة بنت جعفر يكتنفها ثمانية من الخلفاء جدها المنصور خليفة و عم أبيها السفاح خليفة و عمها المهدي خليفة و ابن عمها الهادي خليفة و بعلها الرشيد خليفة و ابنها الأمين خليفة و ابنا بعلها المأمون و المعتصم خليفتان. قالوا و أما ما ذكرتموه من الأعياص و العنابس فلسنا نصدقكم فيما زعمتموه أصلا بهذه التسمية و إنما سموا الأعياص لمكان العيص و أبي العيص و العاص و أبي العاص و هذه أسماؤهم الأعلام ليست مشتقة من أفعال لهم كريمة و لا خسيسة و أما العنابس
شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 295فإنما سموا بذلك لأن حرب بن أمية كان اسمه عنبسة و أما حرب فلقبه ذكر ذلك النسابون و لما كان حرب أمثلهم سموا جماعتهم باسمه فقيل العنابس كما يقال المهالبة و المناذرة و لهذا المعنى سمي أبو سفيان بن حرب بن عنبسة و سمي سعيد بن الع بن عنبسة(16/262)