الكثير الجم الذي يخرج عن الحصر و يحتاج إلى تاريخ مفرد يشتمل على جلود كثيرة. فأما الفقه و العلم و التفسير و التأويل فإن ذكرتموه لم يكن لكم فيه أحد و كان لنا فيه مثل علي بن أبي طالب ع و عبد الله بن العباس و زيد بن علي و محمد بن علي ابني علي بن الحسين بن علي و جعفر بن محمد الذي ملأ الدنيا علمه و فقهه و يقال إن أبا حنيفة من تلامذته و كذلك سفيان الثوري و حسبك بهما في هذا الباب و لذلك نسب سفيان إلى أنه زيدي المذهب و كذلك أبو حنيفة. و من مثل علي بن الحسين زين العابدين و قال الشافعي في الرسالة في إثبات خبر الواحد وجدت علي بن الحسين و هو أفقه أهل المدينة يعول على أخبار الآحاد. و من مثل محمد بن الحنفية و ابنه أبي هاشم الذي قرر علوم التوحيد و العدل و قالت المعتزلة غلبنا الناس كلهم بأبي هاشم الأول و أبي هاشم الثاني. و إن ذكرتم النجدة و البسالة و الشجاعة فمن مثل علي بن أبي طالب ع و قد وقع اتفاق أوليائه و أعدائه على أنه أشجع البشر. و من مثل حمزة بن عبد المطلب أسد الله و أسد رسوله و من مثل الحسين بن علي ع قالوا يوم الطف ما رأينا مكثورا قد أفرد من إخوته و أهله و أنصاره أشجع منه كان كالليث المحرب يحطم الفرسان حطما و ما ظنك برجل أبت نفسه الدنية و أن يعطي(16/243)
شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 275بيده فقاتل حتى قتل هو و بنوه و إخوته و بنو عمه بعد بذل الأمان لهم و التوثقة بالأيمان المغلظة و هو الذي سن للعرب الإباء و اقتدى بعده أبناء الزبير و بنو المهلب و غيرهم. و من لكم مثل محمد و إبراهيم بن عبد الله و من لكم كزيد بنلي و قد علمتم كلمته التي قالها حيث خرج من عند هشام ما أحب الحياة إلا من ذل فلما بلغت هشاما قال خارج و رب الكعبة فخرج بالسيف و نهى عن المنكر و دعا إلى إقامة شعائر الله حتى قتل صابرا محتسبا. و قد بلغتكم شجاعة أبي إسحاق المعتصم و وقوفه في مشاهد الحرب بنفسه حتى فتح الفتوح الجليلة و بلغتكم شجاعة عبد الله بن علي و هو الذي أزال ملك بني مروان و شهد الحروب بنفسه و كذلك صالح بن علي و هو الذي اتبع مروان بن محمد إلى مصر حتى قتله. قالوا و إن كان الفضل و الفخر في تواضع الشريف و إنصاف السيد و سجاحة الخلق و لين الجانب للعشيرة و الموالي فليس لأحد من ذلك ما لبني العباس و لقد سألنا طارق بن المبارك و هو مولى لبني أمية و صنيعة من صنائعهم فقلنا أي القبيلتين أشد نخوة و أعظم كبرياء و جبرية أ بنو مروان أم بنو العباس فقال و الله لبنو مروان في غير دولتهم أعظم كبرياء من بني العباس في دولتهم و قد كان أدرك الدولتين و لذلك قال شاعرهم
إذا نابه من عبد شمس رأيته يتيه فرشحه لكل عظيم(16/244)
شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 276و إن تاه تياه سواهم فإنما يتيه لنوك أو يتيه للوو من كلامهم من لم يكن من بني أمية تياها فهو دعي قالوا و إن كان الكبر مفخرا يمدح به الرجال و يعد من خصال الشرف و الفضل فمولانا عمارة بن حمزة أعظم كبرا من كل أموي كان و يكون في الدنيا و أخباره في كبره و تيهه مشهورة متعالمة. قالوا و إن كان الشرف و الفخر في الجمال و في الكمال و في البسطة في الجسم و تمام القوام فمن كان كالعباس بن عبد المطلب. قالوا رأينا العباس يطوف بالبيت و كأنه فسطاط أبيض. و من مثل علي بن عبد الله بن العباس و ولده و كان كل واحد منهم إذا قام إلى جنب أبيه كان رأسه عند شحمة أذنه و كانوا من أطول الناس و إنك لتجد ميراث ذلك اليوم في أولادهم. ثم الذي رواه أصحاب الأخبار و حمال الآثار في عبد المطلب من التمام و القوام و الجمال و البهاء و ما كان من لقب هاشم بالقمر لجماله و لأنهم يستضيئون برأيه و كما رواه الناس أن عبد المطلب ولد عشرة كان الرجل منهم يأكل في المجلس الجذعة و يشرب الفرق و ترد آنفهم قبل شفاههم و إن عامر بن مالك لما رآهم يطوفون بالبيت كأنهم جمال جون قال بهؤلاء تمنع مكة و تشرف مكة. و قد سمعتم ما ذكره الناس من جمال السفاح و حسنه و كذلك المهدي و ابنه هارون الرشيد و ابنه محمد بن زبيدة و كذلك هارون الواثق و محمد المنتصر و الزبير المعتز. شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 277قالوا ما رئي في العرب و لا في العجم أحسن صورة منه و كان المكتفي علي بن المعتضد بارع الجمال و لذلك قال الشاعر يضرب المثل بهو الله لا كلمته و لو أنه كالشمس أو كالبدر أو كالمكتفي(16/245)
فجعله ثالث القمرين و كان الحسن بن علي ع أصبح الناس وجها كان يشبه برسول الله ص و كذلك عبد الله بن الحسن المحض. قالوا و لنا ثلاثة في عصر بنو عم كلهم يسمى عليا و كلهم كان يصلح للخلافة بالفقه و النسك و المركب و الرأي و التجربة و الحال الرفيعة بين الناس علي بن الحسين بن علي و علي بن عبد الله بن العباس و علي بن عبد الله بن جعفر كل هؤلاء كان تاما كاملا بارعا جامعا و كانت لبابة بنت عبد الله بن العباس عند علي بن عبد الله بن جعفر قالت ما رأيته ضاحكا قط و لا قاطبا و لا قال شيئا احتاج إلى أن يعتذر منه و لا ضرب عبدا قط و لا ملكه أكثر من سنة. قالوا و بعد هؤلاء ثلاثة بنو عم و هم بنو هؤلاء الثلاثة و كلهم يسمى محمدا كما أن كل واحد من أولئك يسمى عليا و كلهم يصلح للخلافة بكرم النسب و شرف الخصال محمد بن علي بن الحسين بن علي و محمد بن علي بن عبد الله بن العباس و محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر. قالوا كان محمد بن علي بن الحسين لا يسمع المبتلى الاستعاذة و كان ينهى الجارية و الغلام أن يقولا للمسكين يا سائل و هو سيد فقهاء الحجاز و منه و من ابنه جعفر تعلم الناس الفقه و هو الملقب بالباقر باقر العلم لقبه به رسول الله ص و لم يخلق بعد و بشر به و وعد جابر بن عبد الله برؤيته و قال ستراه طفلا فإذا رأيته فأبلغه عني السلام فعاش جابر حتى رآه و قال له ما وصى به. شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 278و توعد خالد بن عبد الله القسري هشام بن عبد الملك في رسالة له إليه و قال و الله إني لأعرف رجلا حجازي الأصشامي الدار عراقي الهوى يريد محمد بن علي بن عبد الله بن العباس. قالوا و أما ما ذكرتم من أمر عاتكة بنت يزيد بن معاوية فإنا نذكر فاطمة بنت رسول الله ص و هي سيدة نساء العالمين و أمها خديجة سيدة نساء العالمين و بعلها علي بن أبي طالب سيد المسلمين كافة و ابن عمها جعفر ذو الجناحين و ذو الهجرتين و ابناها الحسن و الحسين سيدا شباب(16/246)
أهل الجنة و جدهما أبو طالب بن عبد المطلب أشد الناس عارضة و شكيمة و أجودهم رأيا و أشهمهم نفسا و أمنعهم لما وراء ظهره منع النبي ص من جميع قريش ثم بني هاشم و بني المطلب ثم منع بني إخوانه من بني أخواته من بني مخزوم الذين أسلموا و هو أحد الذين سادوا مع الإقلال و هو مع هذا شاعر خطيب و من يطيق أن يفاخر بني أبي طالب و أمهم فاطمة بنت أسد بن هاشم و هي أول هاشمية ولدت لهاشمي و هي التي ربي رسول الله في حجرها و كان يدعوها أمي و نزل في قبرها و كان يوجب حقها كما يوجب حق الأم من يستطيع أن يسامي رجالا ولدهم هاشم مرتين من قبل أبيهم و من قبل أمهم قالوا و من العجائب أنها ولدت أربعة كل منهم أسن من الآخر بعشر سنين طالب و عقيل و جعفر و علي. و من الذي يعد من قريش أو من غيرهم ما يعده الطالبيون عشرة في نسق كل واحد منهم عالم زاهد ناسك شجاع جواد طاهر زاك فمنهم خلفاء و منهم مرشحون ابن ابن ابن ابن هكذا إلى عشرة و هم الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي ع و هذا لم يتفق لبيت من بيوت العرب و لا من بيوت العجم.(16/247)