ابن عمه. قال و نقشوا أكف المسلمين علامة لاسترقاقهم كما يصنع بالعلوج من الروم و الحبشة و كانت خطباء بني أمية تأكل و تشرب على المنبر يوم الجمعة لإطالتهم
شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 243في الخطبة و كان المسلمون تحت منبر الخطبة يأكلون و يشربون قال أبو عثمان و يفخر بنو العباس على بني مروان و هاشم على عبد شمس بأن الملك كان في أيديهم فانتزعوه منهم و غلبوهم بالبطش الشديد و بالحيلة اللطيفة ثم لم ينزعوه إلا من يدشجعهم شجاعة و أشدهم تدبيرا و أبعدهم غورا و من نشأ في الحروب و ربي في الثغور و من لا يعرف إلا الفتوح و سياسة الجنود ثم أعطى الوفاء من أصحابه و الصبر من قواده فلم يغدر منهم غادر و لا قصر منهم مقصر كما قد بلغك عن حنظلة بن نباتة و عامر بن ضبارة و يزيد بن عمر بن هبيرة و لا أحد من سائر قواده حتى من أحبابه و كتابه كعبد الحميد الكاتب ثم لم يلقه و لا لقي تلك الحروب في عامة تلك الأيام إلا رجال ولد العباس بأنفسهم و لا قام بأكثر الدولة إلا مشايخهم كعبد الله بن علي و صالح بن علي و داود بن علي و عبد الصمد بن علي و قد لقيهم المنصور نفسه. قال و تفخر هاشم أيضا عليهم
بقول النبي ص و هو الصادق المصدق نقلت من الأصلاب الزاكية إلى الأرحام الطاهرة و ما افترقت فرقتان إلا كنت في خيرهما
و قال أيضا بعثت من خيرة قريش
و معلوم أن بني عبد مناف افترقوا فكانت هاشم و المطلب يدا و عبد شمس و نوفل يدا قال و إن كان الفخر بكثرة العدد فإنه من أعظم مفاخر العرب فولد علي بن عبد الله بن العباس اليوم مثل جميع بني عبد شمس و كذلك ولد الحسين بن علي ع هذا مع قرب ميلادهما و
قد قال النبي ص شوهاء ولود خير من حسناء عقيم
و قال أنا مكاثر بكم الأمم(16/213)
و قد روى الشعبي عن جابر بن عبد الله أن النبي ص قدم من سفر شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 244فأراد الرجال أن يطرقوا النساء ليلا فقال أمهلوا حتى تمتشط الشعثة و تستحد المغيبة فإذا قدمتم فالكيس الكيسقالوا ذهب إلى طلب الولد و كانت العرب تفخر بكثرة الولد و تمدح الفحل القبيس و تذم العاقر و العقيم. و قال عامر بن الطفيل يعني نفسه
لبئس الفتى إن كنت أعور عاقرا جبانا فما عذري لدى كل محضر
و قال علقمة بن علاثة يفخر على عامر آمنت و كفر و وفيت و غدر و ولدت و عقر. و قال الزبرقان
فاسأل بني سعد و غيرهم يوم الفخار فعندهم خبري أي امرئ أنا حين يحضرني رفد العطاء و طالب النصرو إذا هلكت تركت وسطهم ولدي الكرام و نابه الذكرو قال طرفة بن العبد
فلو شاء ربي كنت قيس بن خالد و لو شاء ربي كنت عمرو بن مرثدفأصبحت ذا مال كثير و عادني بنون كرام سادة لمسود
و مدح النابغة الذبياني ناسا فقال
لم يحرموا طيب النساء و أمهم طفحت عليك بناتق مذكار
شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 245و قال نهشل بن حريعلى بني يشد الله عظمهم و النبع ينبت قضبانا فيكتهل
و مكث الفرزدق زمانا لا يولد له فعيرته امرأته فقال
قالت أراه واحدا لا أخا له يؤمله في الوارثين الأباعدلعلك يوما أن تريني كأنما بني حوالي الليوث الحواردفإن تميما قبل أن يلد الحصى أقام زمانا و هو في الناس واحد
و قال الآخر و قد مات إخوته و ملأ حوضه ليسقي فجاء رجل صاحب عشيرة و عترة فأخذ بضبعه فنحاه ثم قال لراعيه اسق إبلك
لو كان حوض حمار ما شربت به إلا بإذن حمار آخر الأبدلكنه حوض من أودى بإخوته ريب المنون فأمسى بيضة البلدلو كان يشكي إلى الأموات ما لقي الحياء بعدهم من قلة العددثم اشتكيت لأشكاني و أنجدني قبر بسنجار أو قبر على فحد
و قال الأعشى و هو يذكر الكثرة
و لست بالأكثر منهم حصى و إنما العزة للكاثر(16/214)
قال و قد ولد رجال من العرب كل منهم يلد لصلبه أكثر من مائة فصاروا بذلك مفخرا منهم عبد الله بن عمير الليثي و أنس بن مالك الأنصاري و خليفة بن بر السعدي أتى على عامتهم الموت الجارف و مات جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس عن ثلاثة و أربعين ذكرا و خمس و ثلاثين امرأة كلهم لصلبه فما ظنك بمن مات من ولده في حياته و ليس طبقة من طبقات الأسنان الموت إليها أسرع و فيها أعم شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 246و أفشى من سن الطفولية و أمر جعفر بن سليمان قد عاينه عالم من الناس و عامتهم أحياء و ليس خبر جعفر كخبر غيره من ناس. قال الهيثم بن عدي أفضى الملك إلى ولد العباس و جميع ولد العباس يومئذ من الذكور ثلاثة و أربعون رجلا و مات جعفر بن سليمان وحده عن مثل ذلك العدد من الرجال و ممن قرب ميلاده و كثر نسله حتى صار كبعض القبائل و العمائر أبو بكر صاحب رسول الله ص و المهلب بن أبي صفرة و مسلم بن عمرو الباهلي و زياد بن عبيد أمير العراق و مالك بن مسمع و ولد جعفر بن سليمان اليوم أكثر عددا من أهل هذه القبائل و أربعة من قريش ترك كل واحد منهم عشرة بنين مذكورين معروفين و هم عبد المطلب بن هاشم و المطلب بن عبد مناف و أمية بن عبد شمس و المغيرة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم و ليس على ظهر الأرض هاشمي إلا من ولد عبد المطلب و لا يشك أحد أن عدد الهاشميين شبيه بعدد الجميع فهذا ما في الكثرة و القلة. قلت رحم الله أبا عثمان لو كان حيا اليوم لرأى ولد الحسن و الحسين ع أكثر من جميع العرب الذين كانوا في الجاهلية على عصر النبي ص المسلمين منهم و الكافرين لأنهم لو أحصوا لما نقص ديوانهم عن مائتي ألف إنسان. قال أبو عثمان و إن كان الفخر بنبل الرأي و صواب القول فمن مثل عباس بن عبد المطلب و عبد الله بن العباس و إن كان في الحكم و السؤدد و أصالة الرأي و الغناء العظيم فمن مثل عبد المطلب و إن كان إلى الفقه و العلم بالتأويل(16/215)
و معرفة التأويل و إلى القياس السديد و إلى الألسنة الحداد و الخطب الطوال فمن مثل علي بن أبي طالب ع و عبد الله بن عباس. شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 247قالوا خطبنا عبد الله بن عباس خطبة بمكة أي حصار عثمان لو شهدها الترك و الديلم لأسلموا. و في عبد الله بن العباس يقول حسان بن ثابت
إذا قال لم يترك مقالا لقائل بملتقطات لا ترى بينها فضلاشفى و كفى ما في النفوس فلم يدع لذي إربة في القول جدا و لا هزلا
و هو البحر و هو الحبر و كان عمر يقول له في حداثته عند إجالة الرأي غص يا غواص و كان يقدمه على جلة السلف. قلت أبى أبو عثمان إلا إعراضا عن علي ع هلا قال فيه كما قال في عبد الله فلعمري لو أراد لوجد مجالا و لألفى قولا وسيعا و هل تعلم الناس الخطب و العهود و الفصاحة إلا من كلام علي ع و هل أخذ عبد الله رحمه الله الفقه و تفسير القرآن إلا عنه فرحم الله أبا عثمان لقد غلبت البصرة و طينتها على إصابة رأيه. قال أبو عثمان و إن كان الفخر في البسالة و النجدة و قتل الأقران و جزر الفرسان فمن كحمزة بن عبد المطلب و علي بن أبي طالب و كان الأحنف إذا ذكر حمزة قال أكيس و كان لا يرضى أن يقول شجاع لأن العرب كانت تجعل ذلك أربع طبقات فتقول شجاع فإذا كان فوق ذلك قالت بطل فإذا كان فوق ذلك قالت بهمة فإذا كان فوق ذلك قالت أكيس و قال العجاج
أكيس عن حوبائه سخي(16/216)
و هل أكثر ما يعد الناس من جرحاهما و صرعاهما إلا سادتكم و أعلامكم قتل حمزة و علي ع عتبة و الوليد و قتلا شيبة أيضا شركا عبيدة بن الحارث فيه و قتل علي ع حنظلة بن أبي سفيان فأما آباء ملوككم من بني مروان فإنهم كما قال شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 248عبد الله بنلزبير لما أتاه خبر المصعب إنا و الله ما نموت حبجا كما يموت آل أبي العاص و الله ما قتل منهم قتيل في جاهلية و لا إسلام و ما نموت إلا قتلا قعصا بالرماح و موتا تحت ظلال السيوف. قال أبو عثمان كأنه لم يعد قتل معاوية بن المغيرة بن أبي العاص قتلا إذ كان إنما قتل في غير معركة و كذلك قتل عثمان بن عفان إذ كان إنما قتل محاصرا و لا قتل مروان بن الحكم لأنه قتل خنقا خنقته النساء قال و إنما فخر عبد الله بن الزبير بما في بني أسد بن عبد العزى من القتلى لأن من شأن العرب أن يفخروا بذلك كيف كانوا قاتلين أو مقتولين أ لا ترى أنك لا تصيب كثرة القتلى إلا في القوم المعروفين بالبأس و النجدة و بكثرة اللقاء و المحاربة كآل أبي طالب و آل الزبير و آل المهلب. قال و في آل الزبير خاصة سبعة مقتولون في نسق و لم يوجد ذلك في غيرهم قتل عمارة و حمزة ابنا عبد الله بن الزبير يوم قديد في المعركة قتلهما الإباضية و قتل عبد الله بن الزبير في محاربة الحجاج و قتل مصعب بن الزبير بدير الجاثليق في المعركة أكرم قتل و بإزائه عبد الملك بن مروان و قتل الزبير بوادي السباع منصرفه عن وقعة الجمل و قتل العوام بن خويلد في حرب الفجار و قتل خويلد بن أسد بن عبد العزى في حرب خزاعة فهؤلاء سبعة في نسق. قال و في بني أسد بن عبد العزى قتلى كثيرون غير هؤلاء قتل المنذر بن الزبير بمكة قتله أهل الشام في حرب الحجاج و هو على بغل ورد كان نفر به فأصعد به في الجبل شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 249و إياه يعني يزيد بن مفرغ الحميري و هو يهجو حبكم عبيد الله بن زياد و يعيره بفراره يوم البصرة(16/217)