الدباس. قال روى هشام بن الكلبي عن أبيه أن نوفل بن عبد مناف ظلم عبد المطلب ابن هاشم أركاحا له بمكة و هي الساحات و كان بنو نوفل يدا مع عبد شمس و عبد المطلب يدا مع هاشم فاستنصر عبد المطلب قوما من قومه فقصروا عن ذلك فاستنجد أخواله من بني النجار بيثرب فأقبل معه سبعون راكبا فقالوا لنوفل لا و الله يا أبا عدي ما رأينا بهذا الغائط ناشئا أحسن وجها و لا أمد جسما و لا أعف نفسا و لا أبعد من كل سوء من هذا الفتى يعنون عبد المطلب و قد عرفت قرابته منا و قد منعته ساحات له و نحن نحب أن ترد عليه حقه فرده عليه فقال عبد المطلب(16/203)


تأبى مازن و بنو عدي و ذبيان بن تيم اللات ضيمي و زادت مالك حتى تناهت و نكب بعد نوفل عن حريميقال و يقال إن ذلك كان سبب مخالفة خزاعة عبد المطلب. قال و روى أبو اليقظان سحيم بن حفص أن عبد المطلب جمع بنيه عند وفاته و هم عشرة يومئذ فأمرهم و نهاهم و أوصاهم و قال إياكم و البغي فو الله ما خلق الله شيئا شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 233أعجل عقوبة من البغي وا رأيت أحدا بقي على البغي إلا إخوتكم من بني عبد شمس. و روى الوليد بن هشام بن قحذم قال قال عثمان يوما وددت أني رأيت رجلا قد أدرك الملوك يحدثني عما مضى فذكر له رجل بحضرموت فبعث إليه فحدثه حديثا طويلا تركنا ذكره إلى أن قال أ رأيت عبد المطلب بن هاشم قال نعم رأيت رجلا قعدا أبيض طويلا مقرون الحاجبين بين عينيه غرة يقال إن فيها بركة و إن فيه بركة قال أ فرأيت أمية بن عبد شمس قال نعم رأيت رجلا آدم دميما قصيرا أعمى يقال إنه نكد و إن فيه نكدا فقال عثمان يكفيك من شر سماعه و أمر بإخراج الرجل. و روى هشام بن الكلبي أن أمية بن عبد شمس لما كان غلاما كان يسرق الحاج فسمي حارسا. و روى ابن أبي رؤبة في هذا الكتاب أن أول قتيل قتله بنو هاشم من بني عبد شمس عفيف بن أبي العاص بن أمية قتله حمزة بن عبد المطلب و لم أقف على هذا الخبر إلا من كتاب ابن أبي رؤبة. قال و مما يصدق قول من روى أن أمية بن عبد شمس استعبده عبد المطلب شعر أبي طالب بن عبد المطلب حين تظاهرت عبد شمس و نوفل عليه و على رسول الله ص و حصروهما في الشعب فقال أبو طالب
توالى علينا موليانا كلاهما إذا سئلا قالا إلى غيرنا الأمربلى لهما أمر و لكن تراجما كما ارتجمت من رأس ذي القلع الصخرأخص خصوصا عبد شمس و نوفلا هما نبذانا مثل ما تنبذ الخمرهما أغمضا للقوم في أخويهما فقد أصبحت أيديهما و هما صفر(16/204)


شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 234قديما أبوهم كان عبدا لجدنا بني أمة شهلاء جاش بها البحرلقد سفهوا أحلامهم في محمد فكانوا كجعر بئس ما ضفطت جعثم نرجع إلى حكاية شيخنا أبي عثمان و قد نمزجه بكلام آخر لنا أو لغيرنا ممن تعاطى الموازنة بين هذين البيتين. قال أبو عثمان فإن قالت أمية لنا الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي أربعة خلفاء في نسق قلنا لهم و لبني هاشم هارون الواثق بن محمد المعتصم بن هارون الرشيد بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور بن محمد الكامل بن علي السجاد كان يصلي كل يوم و ليلة ألف ركعة فكان يقال له السجاد لعبادته و فضله و كان أجمل قريش على وجه الأرض و أوسمها ولد ليلة قتل علي بن أبي طالب ع فسمي باسمه و كني بكنيته فقال عبد الملك لا و الله لا أحتمل لك الاسم و لا الكنية فغير أحدهما فغير الكنية فصيرها أبا محمد بن عبد الله و هو البحر و هو حبر قريش و هو المفقه في الدين المعلم التأويل ابن العباس ذي الرأي و حليم قريش بن شيبة الحمد و هو عبد المطلب سيد الوادي بن عمرو و هو هاشم هشم الثريد و هو القمر سمي بذلك لجماله و لأنهم كانوا يقتدون و يهتدون برأيه ابن المغيرة و هو عبد مناف بن زيد و هو قصي و هو مجمع فهؤلاء ثلاثة عشر سيدا لم يحرم منهم واحد و لا قصر عن الغاية و ليس منهم واحد إلا و هو ملقب بلقب اشتق له من فعله الكريم و من خلقه الجميل و ليس منهم إلا خليفة أو موضع للخلافة أو سيد في قديم الدهر منيع أو ناسك مقدم أو فقيه بارع أو حليم ظاهر الركانة و ليس هذا لأحد سواهم و منهم خمسة خلفاء في نسق و هم أكثر مما عدته الأموية و لم يكن شرح نهج البلاغة ج : 15 : 235مروان كالمنصور لأن المنصور ملك البلاد و دوخ الأقطار و ضبط الأطراف اثنتين و عشرين سنة و كانت خلافة مروان على خلاف ذلك كله و إنما بقي في الخلافة تسعة أشهر حتى قتلته امرأته عاتكة(16/205)


بنت يزيد بن معاوية حين قال لابنها خالد من بعلها الأول يا ابن الرطبة و لئن كان مروان مستوجبا لاسم الخلافة مع قلة الأيام و كثرة الاختلاف و اضطراب البلدان فضلا عن الأطراف فابن الزبير أولى بذلك منه فقد كان ملك الأرض إلا بعض الأردن و لكن سلطان عبد الملك و أولاده لما اتصل بسلطان مروان اتصل عند القوم ما انقطع منه و أخفى موضع الوهن عند من لا علم له و سنو المهدي كانت سني سلامة و ما زال عبد الملك في انتقاض و انتكاث و لم يكن ملك يزيد كملك هارون و لا ملك الوليد كملك المعتصم. قلت رحم الله أبا عثمان لو كان اليوم لعد من خلفاء بني هاشم تسعة في نسق المستعصم بن المستنصر بن الطاهر بن المستضي ء بن لمستنجد بن المقتفي بن المستظهر بن المقتدر و الطالبيون بمصر يعدون عشرة في نسق الآمر بن المستعلي بن المستنصر بن الطاهر بن الحاكم بن العزيز بن المعتز بن المنصور بن القائم بن المهدي. قال أبو عثمان و تفخر عليهم بنو هاشم بأن سني ملكهم أكثر و مدته أطول فإنه قد بلغت مدة ملكهم إلى اليوم أربعا و تسعين سنة و يفخرون أيضا عليهم بأنهم ملكوا بالميراث و بحق العصبة و العمومة و إن ملكهم في مغرس نبوة و إن أسبابهم غير أسباب بني مروان بل ليس لبني مروان فيها سبب و لا بينهم و بينها نسب إلا أن يقولوا إنا من قريش فيساووا في هذا الاسم قريش الظواهر لأن رواية الراوي الأئمة من قريش واقعة على كل قرشي و أسباب الخلافة معروفة و ما يدعيه كل جيل معلوم و إلى كل ذلك قد ذهب الناس فمنهم من ادعاه لعلي ع لاجتماع القرابة و السابقة و الوصية فإن كان الأمر كذلك فليس لآل أبي سفيان و آل مروان فيها دعوى و إن كانت(16/206)


شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 236إنما تنال بالوراثة و تستحق بالعمومة و تستوجب بحق العصبة فليس لهم أيضا فيها دعوى و إن كانت لا تنال إلا بالسوابق و الأعمال و الجهاد فليس لهم في ذلك قدم مذكور و لا يوم مشهور بل كانوا إذ لم تكن لهم سابقة و لم يكن فيهم ما يستحقوبه الخلافة و لم يكن فيهم ما يمنعهم منها أشد المنع لكان أهون و لكان الأمر عليهم أيسر قد عرفنا كيف كان أبو سفيان في عداوة النبي ص و في محاربته له و إجلابه عليه و غزوة إياه و عرفنا إسلامه حيث أسلم و إخلاصه كيف أخلص و معنى كلمته يوم الفتح حين رأى الجنود و كلامه يوم حنين و قوله يوم صعد بلال على الكعبة فأذن على أنه إنما أسلم على يدي العباس رحمه الله و العباس هو الذي منع الناس من قتله و جاء به رديفا إلى رسول الله ص و سأله فيه أن يشرفه و أن يكرمه و ينوه به و تلك يد بيضاء و نعمة غراء و مقام مشهود و يوم حنين غير مجحود فكان جزاء بني هاشم من بنيه أن حاربوا عليا و سموا الحسن و قتلوا الحسين و حملوا النساء على الأقتاب حواسر و كشفوا عن عورة علي بن الحسين حين أشكل عليهم بلوغه كما يصنع بذراري المشركين إذا دخلت دورهم عنوة و بعث معاوية بسر بن أرطاة إلى اليمن فقتل ابني عبيد الله بن العباس و هما غلامان لم يبلغا الحلم و قتل عبيد الله بن زياد يوم الطف تسعة من صلب علي ع و سبعة من صلب عقيل و لذلك قال ناعيهم
عين جودي بعبرة و عويل و اندبي إن ندبت آل الرسول تسعة كلهم لصلب علي قد أصيبوا و سبعة لعقيلثم إن أمية تزعم أن عقيلا أعان معاوية على علي ع فإن كانوا كاذبين فما أولاهم بالكذب و إن كانوا صادقين فما جازوا عقيلا بما صنع و ضرب عنق مسلم شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 237بن عقيل صبرا و غدرا بعد الأمان و قتلوا معه هانئ بن عروة لأنه آواه و نصره و لذلك قال ااعر(16/207)

77 / 150
ع
En
A+
A-