قال الزبير و حدثني محمد بن حسن عن إبراهيم بن محمد عن يزيد بن عبد الله بن الهادي الليثي أن محمد بن الحارث أخبره قال كان بين الحسين بن علي ع و بين الوليد بن عتبة بن أبي سفيان كلام في مال كان بينهما بذي المروءة و الوليد يومئذ أمير المدينة في أيام معاوية فقال الحسين ع أ يستطيل الوليد علي بسلطانه شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 227أقسم بالله لينصفني من حقي أو لآخذن سيفي ثم أقوم في مسجد الله فأدعو بحلف الفضول فبلغت كلمته عبد الله بن الزبير فقال أحلف باه لئن دعا به لآخذن سيفي ثم لأقومن معه حتى ينتصف أو نموت جميعا فبلغت المسور بن مخرمة بن نوفل الزهري فقال مثل ذلك فبلغت عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التيمي فقال مثل ذلك فبلغ ذلك الوليد بن عتبة فأنصف الحسين ع من نفسه حتى رضي. قال الزبير و قد كان للحسين ع مع معاوية قصة مثل هذه كان بينهما كلام في أرض للحسين ع فقال له الحسين ع اختر مني ثلاث خصال إما أن تشتري مني حقي و إما أن ترده علي أو تجعل بيني و بينك ابن عمر أو ابن الزبير حكما و إلا فالرابعة و هي الصيلم قال معاوية و ما هي قال أهتف بحلف الفضول ثم قام فخرج و هو مغضب فمر بعبد الله بن الزبير فأخبره فقال و الله لئن هتفت به و أنا مضطجع لأقعدن أو قاعد لأقومن أو قائم لأمشين أو ماش لأسعين ثم لتنفدن روحي مع روحك أو لينصفنك فبلغت معاوية فقال لا حاجة لنا بالصيلم ثم أرسل إليه أن ابعث فانتقد مالك فقد ابتعناه منك. قال الزبير و حدثني بهذه القصة علي بن صالح عن جدي عبد الله بن مصعب عن أبيه قال خرج الحسين ع من عند معاوية و هو مغضب فلقي عبد الله بن الزبير فحدثه بما دار بينهما و قال لأخيرنه في خصال فقال له ابن الزبير ما قال ثم ذهب إلى معاوية فقال لقد لقيني الحسين فخيرك في ثلاث خصال و الرابعة الصيلم قال معاوية فلا حاجة لنا بالصيلم أظنك لقيته مغضبا فهات الثلاث قال أن تجعلني(16/198)


شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 228أو ابن عمر بينك و بينه قال قد جعلتك بيني و بينه أو جعلت ابن عمر أو جعلتكما جميعا قال أو تقر له بحقه ثم تسأله إياه قال قد أقررت له بحقه و أنا أسأله إياه قال أو تشريه منه قال قد اشتريته منه فما الصيلم قال يهتف بحلف الفضول و أ أول من يجيبه قال فلا حاجة لنا في ذلك. و بلغ الكلام عبد الله بن أبي بكر و المسور بن مخرمة فقالا للحسين مثل ما قاله ابن الزبير. فأما تفجر الماء من تحت أخفاف بعير عبد المطلب في الأرض الجرز فقد ذكره محمد بن إسحاق بن يسار في كتاب السيرة قال لما أنبط عبد المطلب الماء في زمزم حسدته قريش فقالت له يا عبد المطلب إنها بئر أبينا إسماعيل و إن لنا فيها حقا فأشركنا معك قال ما أنا بفاعل إن هذا الأمر أمر خصصت به دونكم و أعطيته من بينكم قالوا له فإنا غير تاركيك حتى نخاصمك فيها قال فاجعلوا بيني و بينكم حكما أحاكمكم إليه قالوا كاهنة بني سعد بن هذيم قال نعم و كانت بأشراف الشام فركب عبد المطلب في نفر من بني عبد مناف و خرج من كل قبيلة من قبائل قريش قوم و الأرض إذ ذاك مفاوز حتى إذا كانوا ببعض تلك المفاوز بين الحجاز و الشام نفد ما كان مع عبد المطلب و بني أبيه من الماء فعطشوا عطشا شديدا فاستسقوا قومهم فأبوا أن يسقوهم و قالوا نحن بمفازة و نخشى على أنفسنا مثل الذي أصابكم فلما رأى عبد المطلب ما صنع القوم و خاف على نفسه و أصحابه الهلاك قال لأصحابه ما ترون قالوا ما رأينا إلا تبع لرأيك فمرنا بما أحببت قال فإني أرى أن يحفر كل رجل منا حفرة لنفسه بما معه الآن من القوة فكلما مات رجل دفنه أصحابه في حفرته حتى يكون رجل واحد فضيعة شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 229رجل واحد أيسر من ضيعة ركب قالوا نعم ما أشرت فقام كل رجل منهم فحفر حفيرة لنفسه و قعدوا ينتظرون الموت ثم إن عبد المطلب قال لأصحابه و الله إنلقاءنا بأيدينا كذا للموت لا نضرب في الأرض فنطلب الماء لعجز قوموا(16/199)


فعسى الله أن يرزقنا ماء ببعض الأرض ارتحلوا فارتحلوا و من معهم من قبائل قريش ينظرون إليهم ما هم صانعون فتقدم عبد المطلب إلى راحلته فركبها فلما انبعثت به انفجر من تحت خفها عين من ماء عذب فكبر عبد المطلب و كبر أصحابه ثم نزل فشرب و شرب أصحابه و استقوا حتى ملئوا أسقيتهم ثم دعا القبائل من قريش فقال لهم هلموا إلى الماء فقد أسقانا الله فاشربوا و استقوا فجاءوا فشربوا و استقوا ثم قالوا قد و الله قضى الله لك علينا و الله لا نخاصمك في زمزم أبدا إن الذي سقاك هذا الماء بهذه الفلاة هو الذي سقاك زمزم فارجع إلى سقايتك راشدا فرجع و رجعوا معه لم يصلوا إلى الكاهنة و خلوا بينه و بين زمزم. و روى صاحب كتاب الواقدي أن عبد الله بن جعفر فاخر يزيد بن معاوية بين يدي معاوية فقال له بأي آبائك تفاخرني أ بحرب الذي أجرناه أم بأمية الذي ملكناه أم بعبد شمس الذي كفلناه فقال معاوية لحرب بن أمية يقال هذا ما كنت أحسب أن أحدا في عصر حرب يزعم أنه أشرف من حرب فقال عبد الله بلى أشرف منه من كفأ عليه إناءه و جلله بردائه فقال معاوية ليزيد رويدا يا بني إن عبد الله يفخر عليك بك لأنك منه و هو منك فاستحيا عبد الله و قال يا أمير المؤمنين يدان انتشطتا و أخوان اصطرعا فلما قام عبد الله قال معاوية ليزيد يا بني إياك و منازعة شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 230بني هاشم فإنهم لا يجهلون ما علموا و لا يجد مبغضهم لهم سبا قال أما قوله أ بحرب الذي أجرناه فإن قرا كانت إذا سافرت فصارت على العقبة لم يتجاوزها أحد حتى تجوز قريش فخرج حرب ليلة فلما صار على العقبة لقيه رجل من بني حاجب بن زرارة تميمي فتنحنح حرب بن أمية و قال أنا حرب بن أمية فتنحنح التميمي و قال أنا ابن حاجب بن زرارة ثم بدر فجاز العقبة فقال حرب لاها الله لا تدخل بعدها مكة و أنا حي فمكث التميمي حينا لا يدخل و كان متجره بمكة فاستشار بها بمن يستجير من حرب فأشير عليه بعبد المطلب أو(16/200)


بابنه الزبير بن عبد المطلب فركب ناقته و صار إلى مكة ليلا فدخلها و أناخ ناقته بباب الزبير بن عبد المطلب فرغت الناقة فخرج إليه الزبير فقال أ مستجير فتجار أم طالب قرى فتقرى فقال
لاقيت حربا بالثنية مقبلا و الليل أبلج نوره للساري فعلا بصوت و اكتنى ليروعني و دعا بدعوة معلن و شعارفتركته خلفي و جزت أمامه و كذاك كنت أكون في الأسفارفمضى يهددني و يمنع مكة إلا أحل بها بدار قرارفتركته كالكلب ينبح وحده و أتيت قرم مكارم و فخارليثا هزبرا يستجر بقربه رحب المباءة مكرما للجارو حلفت بالبيت العتيق و حجه و بزمزم و الحجر و الأستارإن الزبير لمانعي بمهند صافي الحديدة صارم بتار(16/201)


فقال الزبير اذهب إلى المنزل فقد أجرتك فلما أصبح نادى الزبير أخاه الغيداق شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 231فخرجا متقلدين سيفيهما و خرج التميمي معهما فقالا له إنا إذا أجرنا رجلا لم نمش أمامه فامش أمامنا ترمقك أبصارنا كي لا تختلس من خلفنا فجعل التميمي يشق مكة ى دخل المسجد فلما بصر به حرب قال و إنك لهاهنا و سبق إليه فلطمه و صاح الزبير ثكلتك أمك أ تلطمه و قد أجرته فثنى عليه حرب فلطمه ثانية فانتضى الزبير سيفه فحمل على حرب بين يديه و سعى الزبير خلفه فلم يرجع عنه حتى هجم حرب على عبد المطلب داره فقال ما شأنك قال الزبير قال اجلس و كفأ عليه إناء كان هاشم يهشم فيه الثريد و اجتمع الناس و انضم بنو عبد المطلب إلى الزبير و وقفوا على باب أبيهم بأيديهم سيوفهم فأزر عبد المطلب حربا بإزار كان له و رداه برداء له طرفان و أخرجه إليهم فعلموا أن أباهم قد أجاره. و أما معنى قوله أم بأمية الذي ملكناه فإن عبد المطلب راهن أمية بن عبد شمس على فرسين و جعل الخطر ممن سبقت فرسه مائة من الإبل و عشرة أعبد و عشر إماء و استعباد سنة و جز الناصية فسبق فرس عبد المطلب فأخذ الخطر فقسمه في قريش و أراد جز ناصيته فقال أو أفتدي منك باستعباد عشر سنين ففعل فكان أمية بعد في حشم عبد المطلب و عضاريطه عشر سنين. و أما قوله أم بعبد شمس الذي كفلناه فإن عبد شمس كان مملقا لا مال له فكان أخوه هاشم يكفله و يمونه إلى أن مات هاشم. و في كتاب الأغاني لأبي الفرج إن معاوية قال لدغفل النسابة أ رأيت عبد المطلب قال نعم قال كيف رأيته قال رأيته رجلا نبيلا جميلا وضيئا كان على شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 232وجهه نور النبوة قال أ فرأيت أمية بن عبد شمس قال نعم قال كيف رأيته قال رأيته رجلا ضئيلا منحنيا أعمى يقوده عبده ذكوان فقال معاوية ذلك ابنه أبو عمرو قال أنتم تقولون ذلك فأما قريش فلم ن تعرف إلا أنه عبده. و نقلت من كتاب هاشم و عبد شمس لابن أبي رؤبة(16/202)

76 / 150
ع
En
A+
A-