يا أمين الله إني قائل قول ذي دين و بر و حسب عبد شمس لا تهنها إنما عبد شمس عم عبد المطلب عبد شمس كان يتلو هاشما و هما بعد لأم و لأقال الزبير و حدثني محمد بن حسن عن محمد بن طلحة عن عثمان بن عبد الرحمن قال قال عبد الله بن عباس و الله لقد علمت قريش أن أول من أخذ الإيلاف و أجاز لها العيرات لهاشم و الله ما شدت قريش رحالا و لا حبلا بسفر و لا أناخت بعيرا لحضر شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 21لا بهاشم و الله إنه أول من سقى بمكة ماء عذبا و جعل باب الكعبة ذهبا لعبد المطلب. قال الزبير و كانت قريش تجارا لا تعدو تجارتهم مكة إنما تقدم عليهم الأعاجم بالسلع فيشترونها منهم يتبايعون بها بينهم و يبيعون من حولهم من العرب حتى رحل هاشم بن عبد مناف إلى الشام فنزل بقيصر فكان يذبح كل يوم شاة و يصنع جفنة من ثريد و يدعو الناس فيأكلون و كان هاشم من أحسن الناس خلقا و تماما فذكر لقيصر و قيل له هاهنا شاب من قريش يهشم الخبز ثم يصب عليه المرق و يفرغ عليه اللحم و يدعو الناس قال و إنما كانت الأعاجم و الروم تصنع المرق في الصحاف ثم تأتدم عليه بالخبز فدعا به قيصر فلما رآه و كلمه أعجب به و جعل يرسل إليه فيدخل عليه فلما رأى مكانه سأله أن يأذن لقريش في القدوم عليه بالمتاجر و أن يكتب لهم كتب الأمان فيما بينهم و بينه ففعل فبذلك ارتفع هاشم من قريش قال الزبير و كان هاشم يقوم أول نهار اليوم الأول من ذي الحجة فيسند ظهره إلى الكعبة من تلقاء بابها فيخطب قريشا فيقول يا معشر قريش أنتم سادة العرب أحسنها وجوها و أعظمها أحلاما و أوسطها أنسابا و أقربها أرحاما يا معشر قريش أنتم جيران بيت الله أكرمكم بولايته و خصكم بجواره دون بني إسماعيل و حفظ منكم أحسن ما حفظ منكم جار من جاره فأكرموا ضيفه و زوار بيته فإنهم يأتونكم شعثا غبرا من كل بلد فو رب هذه البنية لو كان لي مال يحمل ذلك لكفيتموه ألا و إني مخرج من طيب مالي و حلاله ما لم تقطع فيه(16/183)
رحم و لم يؤخذ بظلم و لم يدخل فيه حرام فواضعه فمن شاء منكم أن يفعل مثل ذلك فعل و أسألكم بحرمة هذا البيت ألا يخرج منكم رجل من ماله لكرامة زوار بيت الله و معونتهم إلا طيبا لم يؤخذ ظلما و لم تقطع فيه رحم و لم يغتصب قال فكانت قريش تخرج من صفو أموالها ما تحتمله أحوالها و تأتي بها إلى هاشم فيضعه في دار الندوة لضيافة الحاج. شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 212قال الزبير و مما رثى به مطرود الخزاعي هاشما قولهمات الندى بالشام لما أن ثوى أودى بغزة هاشم لا يبعدفجفانه رذم لمن ينتابه و النصر أدنى باللسان و باليد
و من مراثيه له(16/184)
يا عين جودي و أذري الدمع و احتفلي و ابكي خبيئة نفسي في الملمات و ابكي على كل فياض أخي حسب ضخم الدسيعة وهاب الجزيلات ماضي الصريمة عالي الهم ذي شرف جلد النحيزة حمال العظيمات صعب المقادة لا نكس و لا وكل ماض على الهول متلاف الكريمات محض توسط من كعب إذا نسبحبوحة المجد في الشم الرفيعات فابكي على هاشم في وسط بلقعة تسقي الرياح عليه وسط غزات يا عين بكي أبا الشعث الشجيات يبكينه حسرا مثل البنيات يبكين عمرو العلا إذ حان مصرعه سمح السجية بسام العشيات يبكينه معولات في معاوزها يا طول ذلك من حزن و عولات محزمات علىطهن لما جر الزمان من أحداث المصيبات أبيت أرعى نجوم الليل من ألم أبكي و تبكي معي شجوا بنياتيقال الزبير و حدثني إبراهيم بن المنذر عن الواقدي عن عبد الرحمن بن الحارث عن عكرمة عن ابن عباس قال أول من سن دية النفس مائة من الإبل عبد المطلب فجرت في قريش و العرب سنته و أقرها رسول الله ص قال و أم عبد المطلب سلمى بنت عمرو بن زيد بن لبيد من بني النجار من الأنصار و كان سبب شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 213تزوج هاشم بها أنه قدم في تجارة له المدينة فنزل على عمرو بن زيد فجاءته سلمى بطعام فأعجبت هاشما فخطبها إلى أبيها فأنكحه إياها و شرط عليه أن تلد عند أهلها فبنى عليها بالمدينة و أقام معها سنتين ثم ارتحل بها إلى م فحملت و أثقلت فخرج بها إلى المدينة فوضعها عند أهلها و مضى إلى الشام فمات بغزة من وجهه ذلك و ولدت عبد المطلب فسمته شيبة الحمد لشعرة بيضاء كانت في ذوائبه حين ولد فمكث بالمدينة ست سنين أو ثمانيا ثم إن رجلا من تهامة مر بالمدينة فإذا غلمان ينتضلون و غلام منهم يقول كلما أصاب أنا ابن هاشم بن عبد مناف سيد البطحاء فقال له الرجل من أنت يا غلام قال أنا ابن هاشم بن عبد مناف قال ما اسمك قال شيبة الحمد فانصرف الرجل حتى قدم مكة فيجد المطلب بن عبد مناف جالسا في الحجر فقال قم إلي يا أبا الحارث فقام إليه(16/185)
فقال تعلم أني جئت الآن من يثرب فوجدت بها غلمانا ينتضلون... و قص عليه ما رأى من عبد المطلب و قال إنه أضرب غلام رأيته قط فقال له المطلب أغفلته و الله أما إني لا أرجع إلى أهلي و مالي حتى آتيه فخرج المطلب حتى أتى المدينة فأتاها عشاء ثم خرج براحلته حتى أتى بني عدي بن النجار فإذا الغلمان بين ظهراني المجلس فلما نظر إلى ابن أخيه قال للقوم هذا ابن هاشم قالوا نعم و عرفه القوم فقالوا هذا ابن أخيك فإن كنت تريد أخذه فالساعة لا نعلم أمه فإنها إن علمت حلنا بينك و بينه فأناخ راحلته ثم دعاه فقال يا ابن أخي أنا عمك و قد أردت الذهاب بك إلى قومك فاركب قال فو الله ما كذب أن جلس على عجز الراحلة و جلس المطلب على الراحلة ثم بعثها فانطلقت فلما علمت أمه قامت تدعو حزنها على ابنها فأخبرت أنه عمه و أنه ذهب به إلى قومه قال فانطلق به المطلب فدخل به مكة ضحوة مردفه خلفه و الناس في أسواقهم و مجالسهم فقاموا يرحبون به و يقولون من هذا الغلام معك فيقول عبد لي ابتعته بيثرب ثم خرج به شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 214حتى جاء إلى الحزورة فابتاع له حلة ثم أدخله على امرأته خديجة بنت سعد بن سهم فرجلت شعره ثم ألبسه الحلة عشية فجاء به فأجلسه في مجلس بني عبد مناف و أخبرهم خبرفكان الناس بعد ذلك إذا رأوه يطوف في سكك مكة و هو أحسن الناس يقولون هذا عبد المطلب لقول المطلب هذا عبدي فلج به الاسم و ترك به شيبة. و روى الزبير رواية أخرى أن سلمى أم عبد المطلب حالت بين المطلب و بين ابنها شيبة و كان بينها و بينه في أمره محاورة ثم غلبها عليه و قال
عرفت شيبة و النجار قد حلفت أبناؤها حوله بالنبل تنتضل
فأما الشعر الذي لحذافة العذري و الذي ذكره شيخنا أبو عثمان فقد ذكره الزبير بن بكار في كتاب النسب و زاد فيه(16/186)
كهولهم خير الكهول و نسلهم كنسل الملوك لا يبور و لا يجري ملوك و أبناء الملوك و سادة تفلق عنهم بيضة الطائر الصقرمتى تلق منهم طامحا في عنانه تجده على أجراء والده يجري هم ملكوا البطحاء مجدا و سؤددا و هم نكلوا عنها غواة بني بكرو هم يغفرون الذنب ينقم مثله و همركوا رأي السفاهة و الهجرأ خارج إما أهلكن فلا تزل لهم شاكرا حتى تغيب في القبر
قال الزبير و حدثني عن سبب هذا الشعر محمد بن حسن عن محمد بن طلحة عن أبيه قال إن ركبا من جذام خرجوا صادرين عن الحج من مكة ففقدوا رجلا منهم عالية بيوت مكة فيلقون حذافة العذري فربطوه و انطلقوا به فتلقاهم عبد المطلب مقبلا من الطائف و معه ابنه أبو لهب يقود به و عبد المطلب حينئذ قد ذهب بصره فلما نظر إليه حذافة بن غانم هتف به فقال عبد المطلب لابنه شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 215ويلك من هذا قال هذا حذافة بن غانم مربوطا مع ركب قال فالحقهم فسلهم ما شأنهم و شأنه فلحقهم أبو لهب فأخبروه الخبر فرجع إلى أبيه فأخبره فقال وك ما معك قال لا و الله ما معي شي ء قال فالحقهم لا أم لك فأعطهم بيدك و أطلق الرجل فلحقهم أبو لهب فقال قد عرفتم تجارتي و مالي و أنا أحلف لكم لأعطينكم عشرين أوقية ذهبا و عشرا من الإبل و فرسا و هذا ردائي رهن فقبلوا ذلك منه و أطلقوا حذافة فلما أقبل به و قربا م عبد المطلب سمع عبد المطلب صوت أبي لهب و لم يسمع صوت حذافة فصاح به و أبي إنك لعاص ارجع لا أم لك قال يا أبتا هذا الرجل معي فناداه عبد المطلب يا حذافة أسمعني صوتك قال ها أنا ذا بأبي أنت و أمي يا ساقى الحجيج أردفني فأردفه حتى دخل مكة فقال حذافة هذا الشعر. قال الزبير و حدثني عبد الله بن معاذ عن معمر عن ابن شهاب قال أول ما ذكر من عبد المطلب أن قريشا خرجت فارة من الحرم خوفا من أصحاب الفيل و عبد المطلب يومئذ غلام شاب فقال و الله لا أخرج من حرم الله أبغي العز في غيره فجلس في البيت و أجلت قريش عنه فقال عبد(16/187)