قال ذلك في شي ء كان بينه و بين بعض قريش فدعاه مطرود إلى المحاكمة إلى هاشم و قال ابن الزبعرى كانت قريش بيضة فتفلقت فالمخ خالصة لعبد مناف الرائشون و ليس يوجد رائش و القائلون هلم للأضياف عمرو العلي هشم الثريد لقومه و رجال مكة مسنتون عجافعم كما ترى أهل مكة بالأزل و العجف و جعله الذي هشم لهم الخبز ثريدا فغلب هذا اللقب على اسمه حتى صار لا يعرف إلا به و ليس لعبد شمس لقب كريم و لا اشتق له من صالح أعماله اسم شريف و لم يكن لعبد شمس ابن يأخذ بضبعه و يرفع من قدره و يزيد في ذكره و لهاشم عبد المطلب سيد الوادي غير مدافع أجمل الناس جمالا و أظهرهم جودا و أكملهم كمالا و هو صاحب الفيل و الطير الأبابيل و صاحب زمزم و ساقي الحجيج و ولد عبد شمس أمية بن عبد شمس و أمية في نفسه ليس هناك و إنما ذكر بأولاده و لا لقب له و لعبد المطلب لقب شهير و اسم شريف شيبة الحمد قال مطرود الخزاعي في مدحه
يا شيبة الحمد الذي تثني له أيامه من خير ذخر الذاخرالمجد ما حجت قريش بيته و دعا هذيل فوق غصن ناضرو الله لا أنساكم و فعالكم حتى أغيب في سفاه القابر
و قال حذافة بن غانم العدوي و هو يمدح أبا لهب و يوصي ابنه خارجة بن حذافة بالانتماء إلى بني هاشم
أ خارج إما أهلكن فلا تزل لهم شاكرا حتى تغيب في القبر
شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 201بني شيبة الحمد الكريم فعاله يضي ء ظلام الليل كالقمر البدرلساقي الحجيج ثم للشيخ هاشم و عبد مناف ذلك السيد الغمرأبو عتبة الملقى إلي جواره أغر هجان اللون من نفر غرأبوكم قصي كان يدعى مجمعا به جمع الله القبائل من ففأبو عتبة هو أبو لهب عبد العزى بن عبد المطلب بن هاشم و ابناه عتبة و عتيبة و قال العبدي حين احتفل في الجاهلية فلم يترك
لا ترى في الناس حيا مثلنا ما خلا أولاد عبد المطلب(16/173)


و إنما شرف عبد شمس بأبيه عبد مناف بن قصي و بني ابنه أمية بن عبد شمس و هاشم شرف بنفسه و بأبيه عبد مناف و بابنه عبد المطلب و الأمر في هذا بين و هو كما أوضحه الشاعر في قوله
إنما عبد مناف جوهر زين الجوهر عبد المطلب
قال أبو عثمان و لسنا نقول إن عبد شمس لم يكن شريفا في نفسه و لكن الشرف يتفاضل و قد أعطى الله عبد المطلب في زمانه و أجرى على يديه و أظهر من كرامته ما لا يعرف مثله إلا لنبي مرسل و إن في كلامه لأبرهة صاحب الفيل و توعده إياه برب الكعبة و تحقيق قوله من الله تعالى و نصره وعيده بحبس الفيل و قتل أصحابه بالطير الأبابيل و حجارة السجيل حتى تركوا كالعصف المأكول لأعجب البرهانات و أسنى الكرامات و إنما كان ذلك إرهاصا لنبوة النبي ص و تأسيسا لما يريده الله به من الكرامة و ليجعل ذلك البهاء متقدما له و مردودا عليه و ليكون أشهر في الآفاق و أجل في صدور الفراعنة و الجبابرة و الأكاسرة و أجدر أن يقهر المعاند و يكشف غباوة الجاهل و بعد فمن يناهض و يناضل رجالا ولدوا محمدا ص و لو عزلنا شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 202ما أكرمه الله به من النبوة حتى نقتصر على أخلاقه و مذاهبه و شيمه لما وفبه بشر و لا عدله شي ء و لو شئنا أن نذكر ما أعطى الله به عبد المطلب من تفجر العيون و ينابيع الماء من تحت كلكل بعيره و أخفافه بالأرض القسي و بما أعطي من المساهمة و عند المقارعة من الأمور العجيبة و الخصال البائنة لقلنا و لكنا أحببنا ألا نحتج عليكم إلا بالموجد في القرآن الحكيم و المشهور في الشعر القديم الظاهر على ألسنة الخاصة و العامة و رواة الأخبار و حمال الآثار. قال و مما هو مذكور في القرآن عدا حديث الفيل قوله تعالى لِإِيلافِ قُرَيْشٍ و قد اجتمعت الرواة على أن أول من أخذ الإيلاف لقريش هاشم بن عبد مناف فلما مات قام أخوه المطلب مقامه فلما مات قام عبد شمس مقامه فلما مات قام نوفل مقامه و كان أصغرهم و الإيلاف هو أن هاشما(16/174)


كان رجلا كثير السفر و التجارة فكان يسافر في الشتاء إلى اليمن و في الصيف إلى الشام و شرك في تجارته رؤساء القبائل من العرب و من ملوك اليمن و الشام نحو العباهلة باليمن و اليكسوم من بلاد الحبشة و نحو ملوك الروم بالشام فجعل لهم معه ربحا فيما يربح و ساق لهم إبلا مع إبله فكفاهم مئونة الأسفار على أن يكفوه مئونة الأعداء في طريقه و منصرفه فكان في ذلك صلاح عام للفريقين و كان المقيم رابحا و المسافر محفوظا فأخصبت قريش بذلك و حملت معه أموالها و أتاها الخير من البلاد السافلة و العالية و حسنت حالها و طاب عيشها قال و قد ذكر حديث الإيلاف الحارث بن الحنش السلمي و هو خال هاشم و المطلب و عبد شمس فقال
إن أخي هاشما ليس أخا واحدالآخذ الإيلاف و القائم للقاعد
قال أبو عثمان و قيل إن تفسير قوله تعالى وَ آمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ هو خوف من كان هؤلاء الإخوة يمرون به من القبائل و الأعداء و هم مغتربون و معهم شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 203الأموال و هذا ما فسرنا به الإيلاف آنفا و قد فسره قوم بغير ذلك قالوا إن هاشما جعل ع رؤساء القبائل ضرائب يؤدونها إليه ليحمي بها أهل مكة فإن ذؤبان العرب و صعاليك الأحياء و أصحاب الغارات و طلاب الطوائل كانوا لا يؤمنون على الحرم لا سيما و ناس من العرب كانوا لا يرون للحرم حرمة و لا للشهر الحرام قدرا مثل طيئ و خثعم و قضاعة و بعض بلحارث بن كعب و كيفما كان الإيلاف فإن هاشما كان القائم به دون غيره من إخوته. قال أبو عثمان ثم حلف الفضول و جلالته و عظمته و هو أشرف حلف كان في العرب كلها و أكرم عقد عقدته قريش في قديمها و حديثها قبل الإسلام لم يكن لبني عبد شمس فيه نصيب
قال النبي ص و هو يذكر حلف الفضول لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا لو دعيت إلى مثله في الإسلام لأجبت(16/175)


و يكفي في جلالته و شرفه أن رسول الله ص شهده و هو غلام و كان عتبة بن ربيعة يقول لو أن رجلا خرج مما عليه قومه لداخلت في حلف الفضول لما أرى من كماله و شرفه و لما أعلم من قدره و فضيلته. قال و لفضل ذلك الحلف و فضيلة أهله سمي حلف الفضول و سميت تلك القبائل الفضول فكان هذا الحلف في بني هاشم و بني المطلب و بني أسد بن عبد العزى و بني زهرة و بني تميم بن مرة تعاقدوا في دار ابن جدعان في شهر حرام قياما يتماسحون بأكفهم صعدا ليكونن مع المظلوم حتى يؤدوا إليه حقه ما بل بحر صوفة و في التأسي في المعاش و التساهم بالمال و كانت النباهة في هذا الحلف للزبير بن عبد المطلب و لعبد الله بن جدعان أما ابن جدعان فلأن الحلف عقد في داره و أما الزبير فلأنه الذي نهض فيه و دعا إليه و حث عليه و هو الذي سماه حلف الفضول و ذلك لأنه لما سمع الزبيدي المظلوم شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 204ثمن سلعته قأوفى على أبي قبيس قبل طلوع الشمس رافعا عقيرته و قريش في أنديتها قائلا
يا للرجال لمظلوم بضاعته ببطن مكة نائي الحي و النفرإن الحرام لمن تمت حرامته و لا حرام لثوبي لابس الغدر
حمي و حلف ليعقدن حلفا بينه و بين بطون من قريش يمنعون القوي من ظلم الضعيف و القاطن من عنف الغريب ثم قال
حلفت لنعقدن حلفا عليهم و إن كنا جميعا أهل دارنسميه الفضول إذا عقدنا يعز به الغريب لدى الجوارو يعلم من حوالي البيت أنا أباة الضيم نهجر كل عار
فبنو هاشم هم الذين سموا ذلك الحلف حلف الفضول و هم كانوا سببه و القائمين به دون جميع القبائل العاقدة له و الشاهدة لأمره فما ظنك بمن شهده و لم يقم بأمره. قال أبو عثمان و كان الزبير بن عبد المطلب شجاعا أبيا و جميلا بهيا و كان خطيبا شاعرا و سيدا جوادا و هو الذي يقول(16/176)


و لو لا الحمس لم يلبس رجال ثياب أعزة حتى يموتواثيابهم شمال أو عباء بها دنس كما دنس الحميت و لكنا خلقنا إذا خلقنا لنا الحبرات و المسك الفتيت و كأس لو تبين لهم كلاما لقالت إنما لهم سبيت تبين لنا القذى إن كان فيها رضين الحلم يشربها هب شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 205و يقطع نخوة المختال عنا رقيق الحد ضربته صموت بكف مجرب لا عيب فيه إذا لقي الكريهة يستمقال و الزبير هو الذي يقول
و أسحم من راح العراق مملا محيط عليه الجيش جلد مرائره صبحت به طلقا يراح إلى الندى إذا ما انتشى لم يختصره معاقره ضعيف بجنب الكأس قبض بنانه كليل على جلد النديم أظافرقال و بنو هاشم هم الذين ردوا على الزبيدي ثمن بضاعته و كانت عند العاص بن وائل و أخذوا للبارقي ثمن سلعته من أبي بن خلف الجمحي و في ذلك يقول البارقي
و يأبى لكم حلف الفضول ظلامتي بني جمح و الحق يؤخذ بالغصب
و هم الذين انتزعوا من نبيه بن الحجاج قتول الحسناء بنت التاجر الخثعمي و كان كابره عليها حين رأى جمالها و في ذلك يقول نبيه بن الحجاج
و خشيت الفضول حين أتوني قد أراني و لا أخاف الفضولاإني و الذي يحج له شمط إياد و هللوا تهليلالبراء مني قتيلة يا للناس هل يتبعون إلا القتولا
و فيها أيضا يقول
لو لا الفضول و أنه لا أمن من عروائهالدنوت من أبياتها و لطفت حول خبائها
شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 206في كلمته التي يقول فيهاحي النخيلة إذ نأت منا على عدوائهالا بالفراق تنيلنا شيئا و لا بلقائهاحلت بمكة حلة في مشيها و وطائها(16/177)

71 / 150
ع
En
A+
A-