الله لا نرجع حتى يحكم الله بيننا و بين محمد فغضب عتبة فقال يا مصفرا استه ستعلم أينا أجبن و ألأم و ستعلم قريش من الجبان المفسد لقومه و أنشد
هذاي و أمرت أمري فبشري بالثكل أم عمرو
قال الواقدي و ذهب أبو جهل إلى عامر بن الحضرمي أخي عمرو بن الحضرمي المقتول بنخلة فقال له هذا حليفك يعني عتبة يريد أن يرجع بالناس و قد رأيت ثأرك بعينك و تخذل بين الناس أ قد تحمل دم أخيك و زعم أنك قابل الدية أ لا تستحي تقبل الدية و قد قدرت على قاتل أخيك قم فانشد خفرتك فقام عامر بن الحضرمي فاكتشف ثم حثا على استه التراب و صرخ وا عمراه يخزي بذلك عتبة لأنه حليفه من بين قريش فأفسد على الناس الرأي الذي دعاهم إليه عتبة و حلف عامر لا يرجع حتى يقتل من أصحاب محمد و قال أبو جهل لعمير بن وهب حرش بين الناس فحمل عمير فناوش المسلمين لأن ينفض الصف فثبت المسلمون على صفهم و لم يزولوا و تقدم ابن الحضرمي فشد على القوم فنشبت الحرب. قال الواقدي فروى نافع بن جبير عن حكيم بن حزام قال لما أفسد الرأي أبو جهل على الناس و حرش بينهم عامر بن الحضرمي فأقحم فرسه كان أول من خرج إليه من المسلمين مهجع مولى عمر بن الخطاب فقتله عامر و كان أول قتيل قتل من الأنصار حارثة بن سراقة قتله حيان بن العرقة. قال الواقدي و قال عمر بن الخطاب في مجلس ولايته يا عمير بن وهب أنت شرح نهج البلاغة ج : 14 ص : 126حاذرنا للمشركين يوم بدر تصعد في الوادي و تصوب كأني أنظرلى فرسك تحتك تخبر المشركين أنه لا كمين لنا و لا مدد قال إي و الله يا أمير المؤمنين و أخرى أنا و الله الذي حرشت بين الناس يومئذ و لكن الله جاءنا بالإسلام و هدانا له و ما كان فينا من الشرك أعظم من ذلك قال عمر صدقت. قال الواقدي و كان عتبة بن ربيعة كلم حكيم بن حزام و قال ليس عند أحد خلاف إلا عند ابن الحنظلية فاذهب إليه فقل له إن عتبة يحمل دم حليفه و يضمن العير قال حكيم فدخلت على أبي جهل و هو يتخلق(15/106)


بخلوق طيب و درعه موضوعة بين يديه فقلت إن عتبة بن ربيعة بعثني إليك فأقبل علي مغضبا فقال ما وجد عتبة أحدا يرسله غيرك فقلت و الله لو كان غيره أرسلني ما مشيت في ذلك و لكني مشيت في إصلاح بين الناس و كان أبو الوليد سيد العشيرة فغضب غضبة أخرى قال و تقول أيضا سيد العشيرة فقلت أنا أقوله و قريش كلها تقوله فأمر عامرا أن يصيح بخفرته و اكتشف و قال إن عتبة جاع فاسقوه سويقا و جعل المشركين يقولون عتبة جاع فاسقوه سويقا و جعل أبو جهل يسر بما صنع المشركون بعتبة قال حكيم فجئت إلى منبه بن الحجاج فقلت له مثل ما قلت لأبي جهل فوجدته خيرا من أبي جهل قال نعما مشيت فيه و ما دعا إليه عتبة فرجعت إلى عتبة فوجدته قد غضب من كلام قريش فنزل عن جمله و قد كان طاف عليهم في عسكرهم يأمرهم بالكف عن القتال فيأبون فحمي فنزل فلبس درعه و طلبوا له بيضة فلم يوجد في الجيش بيضة تسع رأسه من عظم هامته فلما رأى ذلك اعتجر ثم برز راجلا بين أخيه شيبة و بين ابنه الوليد بن عتبة فبينا أبو جهل في الصف على فرس أنثى حاذاه عتبة و سل سيفه فقيل هو و الله يقتله فضرب بالسيف عرقوب فرس أبي جهل فاكتسعت الفرس شرح نهج البلاغة ج : 14 ص : 127و قال انزل فإن هذا اليوم ليس بيوم ركوب ليس كل قومك راكبا فنزل أبو جهل و عتبة يقول سيعلم أينا شؤم عشيرته الغداة قال حكيم فقلت تالله ما رأيت كاليوم. قال واقدي ثم دعا عتبة إلى المبارزة و رسول الله ص في العريش و أصحابه على صفوفهم فاضطجع فغشيه النوم و قال لا تقاتلوا حتى أوذنكم و إن كثبوكم فارموهم و لا تسلوا السيوف حتى يغشوكم فقال أبو بكر يا رسول الله قد دنا القوم و قد نالوا منا فاستيقظ و قد أراه الله إياهم في منامه قليلا و قلل بعضهم في أعين بعض
ففزع رسول الله ص و هو رافع يديه يناشد ربه ما وعده من النصر و يقول اللهم إن تظهر علي هذه العصابة يظهر الشرك و لا يقم لك دين(15/107)


و أبو بكر يقول و الله لينصرنك الله و ليبيضن وجهك قال عبد الله بن رواحة يا رسول الله إني أشير عليك و أنت أعظم و أعلم بالله من أن يشار عليك إن الله أجل و أعظم من أن ينشد وعده فقال ع يا ابن رواحة أ لا أنشد الله وعده إن الله لا يخلف الميعاد و أقبل عتبة يعمد إلى القتال فقال له حكيم بن حزام مهلا مهلا يا أبا الوليد لا تنه عن شي ء و تكون أوله. قال الواقدي قال خفاف بن إيماء فرأيت أصحاب النبي ص يوم بدر و قد تصاف الناس و تزاحفوا و هم لا يسلون السيوف و لكنهم قد انتضوا القسي و قد تترس بعضهم عن بعض بصفوف متقاربة لا فرج ينها و الآخرون قد سلوا السيوف حين طلعوا فعجبت من ذلك فسألت بعد ذلك رجلا من المهاجرين فقال أمرنا رسول الله ص ألا نسل السيوف حتى يغشونا. قال الواقدي فلما تزاحف الناس قال الأسود بن عبد الأسد المخزومي حين دنا من شرح نهج البلاغة ج : 14 ص : 128الحوض أعاهد اللهأشربن من حوضهم أو لأهدمنه أو لأموتن دونه فشد حتى دنا من الحوض و استقبله حمزة بن عبد المطلب فضربه فأطن قدمه فزحف الأسود ليبر قسمه زعم حتى وقف في الحوض فهدمه برجله الصحيحة و شرب منه و أتبعه حمزة فضربه في الحوض فقتله و المشركون ينظرون ذلك على صفوفهم. قال الواقدي و دنا الناس بعضهم من بعض فخرج عتبة و شيبة و الوليد حتى فصلوا من الصف ثم دعوا إلى المبارزة فخرج إليهم فتيان ثلاثة من الأنصار و هم بنو عفراء معاذ و معوذ و عوف بنو الحارث و يقال إن ثالثهم عبد الله بن رواحة و الثابت عندنا أنهم بنو عفراء فاستحى رسول الله ص من ذلك و كره أن يكون أول قتال لقي المسلمون فيه المشركين في الأنصار و أحب أن تكون الشوكة لبني عمه و قومه فأمرهم فرجعوا إلى مصافهم و قال لهم خيرا ثم نادى منادي المشركين يا محمد أخرج إلينا الأكفاء من قومنا فقال لهم رسول الله ص يا بني هاشم قوموا فقاتلوا بحقكم الذي بعث الله به نبيكم إذ جاءوا بباطلهم ليطفئوا نور الله فقام حمزة(15/108)


بن عبد المطلب و علي بن أبي طالب و عبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف فمشوا إليهم فقال عتبة تكلموا نعرفكم و كان عليهم البيض فأنكروهم فإن كنتم أكفاءنا قاتلناكم و روى محمد بن إسحاق في كتاب المغازي خلاف هذه الرواية قال إن بني عفراء و عبد الله بن رواحة برزوا إلى عتبة و شيبة و الوليد فقالوا لهم من أنتم قالوا رهط من الأنصار فقالوا ارجعوا فما لنا بكم من حاجة ثم نادى مناديهم يا محمد شرح نهج البلاغة ج : 14 ص : 129أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا فقال ول الله ص قم يا فلان قم يا فلان قم يا فلان. قلت و هذه الرواية أشهر من رواية الواقدي و في رواية الواقدي ما يؤكد صحة رواية محمد بن إسحاق و هو قوله إن منادي المشركين نادى يا محمد أخرج إلينا الأكفاء من قومنا فلو لم يكن قد كلمهم بنو عفراء و كلموهم و ردوهم لما نادى مناديهم بذلك و يدل على ذلك قول بعض القرشيين لبعض الأنصار في فخر فخر به عليه أنا من قوم لم يرض مشركوهم أن يقتلوا مؤمني قومك. قال الواقدي فقال حمزة أنا حمزة بن عبد المطلب أسد الله و أسد رسوله فقال عتبة كف ء كريم و أنا أسد الحلفاء من هذان معك قال علي بن بي طالب و عبيدة بن الحارث بن المطلب فقال كفآن كريمان. قال الواقدي قال ابن أبي الزناد حدثني أبي قال لم أسمع لعتبة كلمة قط أوهن من قوله أنا أسد الحلفاء يعني بالحلفاء الأجمة. قلت قد روي هذه الكلمة على صيغة أخرى و أنا أسد الحلفاء و روي أنا أسد الأحلاف. قالوا في تفسيرهما أراد أنا سيد أهل الحلف المطيبين و كان الذين حضروه بني عبد مناف و بني أسد بن عبد العزى و بني تيم و بني زهرة و بني الحارث بن فهر خمس قبائل و رد قوم هذا التأويل فقالوا إن المطيبين لم يكن يقال لهم الحلفاء و لا الأحلاف و إنما ذلك لقب خصومهم و أعدائهم الذين وقع التحالف لأجلهم و هم بنو عبد الدار و بنو مخزوم و بنو سهم و بنو جمح و بنو عدي بن كعب خمس(15/109)


شرح نهج البلاغة ج : 14 ص : 130قبائل و قال قوم في تفسيرهما إنما عنى حلف الفضول و كان بعد حلف المطيبين بزمان و شهد حلف الفضول رسول الله ص و هو صغير في دار ابن جدعان و كان سببه أن رجلا من اليمن قدم مكة بمتاع فاشتراه العاص بن وائل السهمي و مطله بالثمن حتى أبه فقام بالحجر و ناشد قريشا ظلامته فاجتمع بنو هاشم و بنو أسد بن عبد العزى و بنو زهرة و بنو تميم في دار ابن جدعان فتحالفوا غمسوا أيديهم في ماء زمزم بعد أن غسلوا به أركان البيت أن ينصروا كل مظلوم بمكة و يردوا عليه ظلامته و يأخذوا على يد الظالم و ينهوا عن كل منكر ما بل بحر صوفة فسمي حلف الفضول لفضله و
قد ذكره رسول الله ص فقال شهدته و ما أحب أن لي به حمر النعم و لا يزيده الإسلام إلا شدة
و هذا التفسير أيضا غير صحيح لأن بني عبد الشمس لم يكونوا في حلف الفضول فقد بان أن ما ذكره الواقدي أصح و أثبت. قال الواقدي ثم قال عتبة لابنه قم يا وليد فقام الوليد و قام إليه علي و كانا أصغر النفر فاختلفا ضربتين فقتله علي بن أبي طالب ع ثم قام عتبة و قام إليه حمزة فاختلفا ضربتين فقتله حمزة رضي الله عنه ثم قام شيبة و قام إليه عبيدة و هو يومئذ أسن أصحاب رسول الله ص فضرب شيبة رجل عبيدة بذباب السيف فأصاب عضلة ساقه فقطعها و كر حمزة و علي على شيبة فقتلاه و احتملا عبيدة فحازاه إلى الصف و مخ ساقه يسيل فقال عبيدة يا رسول الله أ لست شهيدا قال بلى قال أما و الله لو كان أبو طالب حيا لعلم أني أحق بما قال حين يقول(15/110)

7 / 150
ع
En
A+
A-