فخالف حكم الله تعالى و رسوله جهارا و جعل الولد لغير الفراش و الحجر لغير العاهر فأحل بهذه الدعوة من محارم الله و رسوله في أم حبيبة أم المؤمنين و في غيرها من النساء من شعور و وجوه قد شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 178حرمها الله و أثبت بها من قربى قد أبعدها اللما لم يدخل الدين خلل مثله و لم ينل الإسلام تبديل يشبهه. و من ذلك إيثاره لخلافة الله على عباده ابنه يزيد السكير الخمير صاحب الديكة و الفهود و القردة و أخذ البيعة له على خيار المسلمين بالقهر و السطوة و التوعد و الإخافة و التهديد و الرهبة و هو يعلم سفهه و يطلع على رهقه و خبثه و يعاين سكراته و فعلاته و فجوره و كفره فلما تمكن قاتله الله فيما تمكن منه طلب بثارات المشركين و طوائلهم عند المسلمين فأوقع بأهل المدينة في وقعة الحرة الوقعة التي لم يكن في الإسلام أشنع منها و لا أفحش فشفى عند نفسه غليله و ظن أنه قد انتقم من أولياء الله و بلغ الثأر لأعداء الله فقال مجاهرا بكفره و مظهرا لشركه
ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل(16/153)


قول من لا يرجع إلى الله و لا إلى دينه و لا إلى رسوله و لا إلى كتابه و لا يؤمن بالله و بما جاء من عنده. ثم أغلظ ما انتهك و أعظم ما اجترم سفكه دم الحسين بن علي ع مع موقعه من رسول الله ص و مكانه و منزلته من الدين و الفضل و الشهادة له و لأخيه بسيادة شباب أهل الجنة اجتراء على الله و كفرا بدينه و عداوة لرسوله و مجاهرة لعترته و استهانة لحرمته كأنما يقتل منه و من أهل بيته قوما من كفره الترك شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 179و الديلم و لا يخاف من الله نقمة و لا يراقب منه سطوة فبتر الله عمره أخبث أصله و فرعه و سلبه ما ت يده و أعد له من عذابه و عقوبته ما استحقه من الله بمعصيته. هذا إلى ما كان من بني مروان من تبديل كتاب الله و تعطيل أحكام الله و اتخاذ مال الله بينهم دولا و هدم بيت الله و استحلالهم حرمه و نصبهم المجانيق عليه و رميهم بالنيران إياه لا يألون له إحراقا و إخرابا و لما حرم الله منه استباحة و انتهاكا و لمن لجأ إليه قتلا و تنكيلا و لمن أمنه الله به إخفاقة و تشريدا حتى إذا حقت عليهم كلمة العذاب و استحقوا من الله الانتقام و ملئوا الأرض بالجور و العدوان و عموا عباد بلاد الله بالظلم و الاقتسار و حلت عليهم السخطة و نزلت بهم من الله السطوة أتاح الله لهم من عترة نبيه و أهل وراثته و من استخلصه منهم لخلافته مثل ما أتاح من أسلافهم المؤمنين و آبائهم المجاهدين لأوائلهم الكافرين فسفك الله به دماءهم و دماء آبائهم مرتدين كما سفك بآبائهم مشركين و قطع الله دابر الذين ظلموا و الحمد لله رب العالمين. أيها الناس إن الله إنما أمر ليطاع و مثل ليتمثل و حكم ليفعل قال الله سبحانه و تعالى إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ وَ أَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً و قال أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَ يَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ. فالعنوا أيها الناس من لعنه الله و رسوله و فارقوا من لا تنالون القربة من الله إلا بمفارقته(16/154)


اللهم العن أبا سفيان بن حرب بن أمية و معاوية بن أبي سفيان و يزيد بن معاوية و مروان بن الحكم و ولده و ولد ولده اللهم العن أئمة الكفر و قادة الضلال و أعداء الدين و مجاهدي الرسول و معطلي الأحكام و مبدلي الكتاب و منتهكي الدم الحرام اللهم إنا نبرأ إليك من موالاة أعدائك و من الإغماض لأهل معصيتك
شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 180كما قلت لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ. أيها الناس اعرفوا الحق تعرفوا أهله و تأملوا سبل الضلالة تعرفوا سابلها فقفوا عند ما وقفكم الله عليه و انفذوا ا أمركم الله به و أمير المؤمنين يستعصم بالله لكم و يسأله توفيقكم و يرغب إليه في هدايتكم و الله حسبه و عليه توكله و لا قوة إلا بالله العلي العظيم. قلت هكذا ذكر الطبري الكتاب و عندي أنه الخطبة لأن كل ما يخطب به فهو خطبة و ليس بكتاب و الكتاب ما يكتب إلى عامل أو أمير و نحوهما و قد يقرأ الكتاب على المنبر فيكون كالخطبة و لكن ليس بخطبة و لكنه كتاب قرئ على الناس. و لعل هذا الكلام كان قد أنشئ ليكون كتابا و يكتب به إلى الآفاق و يؤمروا بقراءته على الناس و ذلك بعد قراءته على أهل بغداد و الذي يؤكد كونه كتابا و ينصر ما قاله الطبري إن في آخره كتب عبيد الله بن سليمان في سنة أربع و ثمانين و مائتين و هذا لا يكون في الخطب بل في الكتب و لكن الطبري لم يذكر أنه أمر بأن يكتب إلى الآفاق و لا قال وقع العزم على ذلك و لم يذكر إلا وقوع العزم على أن يقرأ في الجوامع ببغداد
شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 28181- و من كتاب له ع إلى معاوية جواباو هو من محاسن الكتب(16/155)


أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ أَتَانِي كِتَابُكَ تَذْكُرُ فِيهِ اصْطِفَاءَ اللَّهِ مُحَمَّداً ص لِدِينِهِ وَ تَأْيِيدَهُ إِيَّاهُ لِمَنْ أَيَّدَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ فَلَقَدْ خَبَّأَ لَنَا الدَّهْرُ مِنْكَ عَجَباً إِذْ طَفِقْتَ تُخْبِرُنَا بِبَلَاءِ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَنَا وَ نِعْمَتِهِ عَلَيْنَا فِي نَبِيِّنَا فَكُنْتَ فِي ذَلِكَ كَنَاقِلِ التَّمْرِ إِلَى هَجَرَ أَوْ دَاعِي مُسَدِّدِهِ إِلَى النِّضَالِ وَ زَعَمْتَ أَنَّ أَفْضَلَ النَّاسِ فِي الْإِسْلَامِ فُلَانٌ وَ فُلَانٌ فَذَكَرْتَ أَمْراً إِنْ تَمَّ اعْتَزَلَكَ كُلُّهُ وَ إِنْ نَقَصَ لَمْ يَلْحَقْكَ ثَلْمُهُ وَ مَا أَنْتَ وَ الْفَاضِلَ وَ الْمَفْضُولَ وَ السَّائِسَ وَ الْمَسُوسَ وَ مَا لِلطُّلَقَاءِ وَ أَبْنَاءِ الطُّلَقَاءِ وَ التَّمْيِيزَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ وَ تَرْتِيبَ دَرَجَاتِهِمْ وَ تَعْرِيفَ طَبَقَاتِهِمْ هَيْهَاتَ لَقَدْ حَنَّ قِدْحٌ لَيْسَ مِنْهَا وَ طَفِقَ يَحْكُمُ فِيهَا مَنْ عَلَيْهِ الْحُكْمُ لَهَا أَ لَا تَرْبَعُ أَيُّهَا الْإِنْسَانُ عَلَى ظَلْعِكَ وَ تَعْرِفُ قُصُورَ ذَرْعِكَ وَ تَتَأَخَّرُ حَيْثُ أَخَّرَكَ الْقَدَرُ فَمَا عَلَيْكَ غَلَبَةُ الْمَغْلُوبِ وَ لَا ظَفَرُ الظَّافِرِ فَإِنَّكَ لَذَهَّابٌ فِي التِّيهِ رَوَّاغٌ عَنِ الْقَصْدِ أَ لَا تَرَى غَيْرَ مُخْبِرٍ لَكَ وَ لَكِنْ بِنِعْمَةِ اللَّهِ أُحَدِّثُ أَنَّ قَوْماً اسْتُشْهِدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ وَ لِكُلٍّ فَضْلٌ حَتَّى إِذَا اسْتُشْهِدَ شَهِيدُنَا قِيلَ سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ وَ خَصَّهُ رَسُولُ اللَّهِ ص بِسَبْعِينَ تَكْبِيرَةً عِنْدَ صَلَاتِهِ عَلَيْهِ شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 182أَ وَ لَا تَرَى أَنَّ قَوْماً قُطِّعَتْ أَيْدهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ لِكُلٍّ فَضْلٌ حَتَّى إِذَا فُعِلَ(16/156)


بِوَاحِدِنَا مَا فُعِلَ بِوَاحِدِهِمْ قِيلَ الطَّيَّارُ فِي الْجَنَّةِ وَ ذُو الْجَنَاحَيْنِ وَ لَوْ لَا مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ مِنْ تَزْكِيَةِ الْمَرْءِ نَفْسَهُ لَذَكَرَ ذَاكِرٌ فَضَائِلَ جَمَّةً تَعْرِفُهَا قُلُوبُ الْمُؤْمِنِينَ وَ لَا تَمُجُّهَا آذَانُ السَّامِعِينَ فَدَعْ عَنْكَ مَنْ مَالَتْ بِهِ الرَّمِيَّةُ فَإِنَّا صَنَائِعُ رَبِّنَا وَ النَّاسُ بَعْدُ صَنَائِعُ لَنَا لَمْ يَمْنَعْنَا قَدِيمُ عِزِّنَا وَ لَا عَادِيُّ طَوْلِنَا عَلَى قَوْمِكَ أَنْ خَلَطْنَاكُمْ بِأَنْفُسِنَا فَنَكَحْنَا وَ أَنْكَحْنَا فِعْلَ الْأَكْفَاءِ وَ لَسْتُمْ هُنَاكَ وَ أَنَّى يَكُونُ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَ مِنَّا النَّبِيُّ وَ مِنْكُمُ الْمُكَذِّبُ وَ مِنَّا أَسَدُ اللَّهِ وَ مِنْكُمْ أَسَدُ الْأَحْلَافِ وَ مِنَّا سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ مِنْكُمْ صِبْيَةُ النَّارِ وَ مِنَّا خَيْرُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ وَ مِنْكُمْ حَمَّالَةُ الْحَطَبِ فِي كَثِيرٍ مِمَّا لَنَا وَ عَلَيْكُمْ فَإِسْلَامُنَا مَا قَدْ سُمِعَ وَ جَاهِلِيَّتُنَا لَا تُدْفَعُ وَ كِتَابُ اللَّهِ يَجْمَعُ لَنَا مَا شَذَّ عَنَّا وَ هُوَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالَى وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ وَ قَوْلُهُ تَعَالَى إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ فَنَحْنُ مَرَّةً أَوْلَى بِالْقَرَابَةِ وَ تَارَةً أَوْلَى بِالطَّاعَةِ وَ لَمَّا احْتَجَّ الْمُهَاجِرُونَ عَلَى الْأَنْصَارِ يَوْمَ السَّقِيفَةِ بِرَسُولِ اللَّهِ ص فَلَجُوا عَلَيْهِمْ فَإِنْ يَكُنِ الْفَلَجُ بِهِ فَالْحَقُّ لَنَا دُونَكُمْ وَ إِنْ يَكُنْ بِغَيْرِهِ فَالْأَنْصَارُ عَلَى دَعْوَاهُمْ وَ زَعَمْتَ أَنِّي لِكُلِّ الْخُلَفَاءِ(16/157)

67 / 150
ع
En
A+
A-