الحارث بن سويد قتل المجذر غيلة و أمره بقتله فركب رسول الله ص إلى قباء في اليوم الذي أخبره جبرائيل في يوم حار و كان ذلك يوما لا يركب فيه رسول الله ص إلى قباء إنما كانت الأيام التي يأتي فيها رسول الله ص قباء يوم السبت و يوم الإثنين فلما دخل رسول الله ص مسجد قباء صلى فيه ما شاء الله أن يصلي و سمعت الأنصار فجاءوا يسلمون عليه و أنكروا إتيانه تلك الساعة في ذلك اليوم فجلس ع يتحدث و يتصفح الناس حتى طلع الحارث بن سويد في ملحفة مورسة فلما رآه رسول الله ص دعا عويم بن ساعدة فقال له قدم الحارث بن سويد إلى باب المسجد فاضرب عنقه بمجذر بن زياد فإنه قتله يوم أحد فأخذه عويم فقال الحارث دعني أكلم رسول الله و رسول الله ص يريد أن يركب و دعا بحماره إلى باب المسجد فجعل الحارث يقول قد و الله قتلته يا رسول الله و ما كان قتلي إياه رجوعا عن الإسلام شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 50و لا ارتيابا فيه و لكنه حمية الشيطان و أمر وكلت فيه إلى نفسي و إني أتوب إلى الله و إلى رسوله مما عملت و أخرج ديته و أصوم شهرين متتابعين و أعتق رقبة و أطعم ستين مسكينا إني أتوب إلى الله يا رسول اللو جعل يمسك بركاب رسول الله ص و بنو المجذر حضور لا يقول لهم رسول الله ص شيئا حتى إذا استوعب كلامه قال قدمه يا عويم فاضرب عنقه و ركب رسول الله ص فقدمه عويم بن ساعدة على باب المسجد فضرب عنقه. قال الواقدي و يقال إن الذي أعلم رسول الله قتل الحارث المجذر يوم أحد حبيب بن يساف نظر إليه حين قتله فجاء إلى النبي ص فأخبره فركب رسول الله ص يتفحص عن هذا الأمر فبينا هو على حماره نزل جبرائيل ع فخبره بذلك فأمر رسول الله ص عويما فضرب عنقه ففي ذلك قال حسان
يا حار في سنة من نوم أولكم أم كنت ويحك مغترا بجبريل(16/43)
فأما البلاذري فإنه ذكر هذا و قال و يقال إن الجلاس بن سويد بن الصامت هو الذي قتل المجذر يوم أحد غيلة إلا أن شعر حسان يدل على أنه الحارث. قال الواقدي و البلاذري و كان سويد بن الصامت حين ضربه المجذر بقي قليلا ثم مات فقال قبل أن يموت يخاطب أولاده
أبلغ جلاسا و عبد الله مالكه و إن دعيت فلا تخذلهما حار
شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 51اقتل جذارة إذ ما كنت لاقيهم و الحي عوفا على عرف و إنكاقال البلاذري جذرة و جذارة أخوان و هما ابنا عوف بن الحارث بن الخزرج. قلت هذه الروايات كما ترى و قد ذكر ابن ماكولا في الإكمال أن الحارث بن سويد قتل المجذر غيلة يوم أحد ثم التحق بمكة كافرا ذكره في حرف الميم من هذا الكتاب و هذا هو الأشبه عندي
القول فيمن مات من المسلمين بأحد جملة
قال الواقدي ذكر سعيد بن المسيب و أبو سعيد الخدري أنه قتل من الأنصار خاصة أحد و سبعون و بمثله قال مجاهد. قال فأربعة من قريش و هم حمزة بن عبد المطلب قتله وحشي و عبد الله بن جحش بن رئاب قتله أبو الحكم بن الأخنس بن شريق و شماس بن عثمان بن الشريد من بني مخزوم قتله أبي بن خلف و مصعب بن عمير قتله ابن قميئة. قال و قد زاد قوم خامسا و هو سعد مولى حاطب من بني أسد بن عبد العزى و قال قوم أيضا إن أبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي جرح يوم أحد و مات من تلك الجراحة بعد أيام. قال الواقدي و قال قوم قتل ابنا الهبيب من بني سعد بن ليث و هما عبد الله شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 52و عبد الرحمن و رجلان من بني مزينة و هما وهب بن قابوس و ابن أخيه الحارث بن عتبة بن قابوس فيكون جميع من قتل من المسلمين ذلك اليوم نحو أحد و ثمانين رجلا فأما تفصيل أسماء الأنصار فمذكور في كتب المحدثين و ليس هذالموضع مكان ذكره
القول فيمن قتل من المشركين بأحد(16/44)
قال الواقدي قتل من بني عبد الدار طلحة بن أبي طلحة صاحب لواء قريش قتله علي بن أبي طالب ع مبارزة و عثمان بن أبي طلحة قتله حمزة بن عبد المطلب و أبو سعيد بن أبي طلحة قتله سعد بن أبي وقاص و مسافع بن طلحة بن أبي طلحة قتله عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح و كلاب بن طلحة بن أبي طلحة قتله الزبير بن العوام و الحارث بن طلحة بن أبي طلحة قتله عاصم بن ثابت و الجلاس بن طلحة بن أبي طلحة قتله طلحة بن عبيد الله و أرطاة بن عبد شرحبيل قتله علي بن أبي طالب ع و قارظ بن شريح بن عثمان بن عبد الدار و يروى قاسط بالسين و الطاء المهملتين قال الواقدي لا يدرى من قتله و قال البلاذري قتله علي بن أبي طالب ع و صواب مولاهم قتله علي بن أبي طالب ع و قيل قتله قزمان و أبو عزيز بن عمير أخو مصعب بن عمير قتله قزمان فهؤلاء أحد عشر. و من بني أسد بن عبد العزى عبد الله بن حميد بن زهير بن الحارث بن أسد قتله أبو دجانة في رواية الواقدي و في رواية محمد بن إسحاق قتله علي بن أبي طالب ع و قال البلاذري قال ابن الكلبي إن عبد الله بن حميد قتل يوم بدر شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 53و من بني زهرة أبو الحكم بن الأخنس بن شريق قتله علي بن أبي طالب ع و سباع بن عبد العزى الخزا و اسم عبد العزى عمر بن نضله بن عباس بن سليم و هو ابن أم أنمار الحجامة بمكة قتله حمزة بن عبد المطلب فهذان رجلان. و من بني مخزوم أمية بن أبي حذيفة بن المغيرة قتله علي ع و هشام بن أبي أمية بن المغيرة قتله قزمان و الوليد بن العاص بن هشام قتله قزمان و خالد بن أعلم العقيلي قتله قزمان و عثمان بن عبد الله بن المغيرة قتله الحارث بن الصمة فهؤلاء خمسة. و من بني عامر بن لؤي عبيد بن حاجز قتله أبو دجانة و شيبة بن مالك بن المضرب قتله طلحة بن عبيد الله و هذان اثنان. و من بني جمح أبي بن خلف قتله رسول الله ص بيده و أبو عزة قتله عاصم بن ثابت صبرا بأمر رسول الله ص فهذان اثنان. و من بني عبد(16/45)
مناة بن كنانة خالد بن سفيان بن عويف و أبو الشعثاء بن سفيان بن عويف و أبو الحمراء بن سفيان بن عويف و غراب بن سفيان بن عويف هؤلاء الإخوة الأربعة قتلهم علي بن أبي طالب ع في رواية محمد بن حبيب. فأما الواقدي فلم يذكر في باب من قتل من المشركين بأحد لهم قاتلا معينا و لكنه ذكر في كلام آخر قبل هذا الباب أن أبا سبرة بن الحارث بن علقمة قتل أحد بني سفيان بن عويف و أن رشيدا الفارسي مولى بني معاوية لقي آخر من بني سفيان بن عويف مقنعا في الحديد و هو يقول أنا ابن عويف فيعرض له سعد مولى حاطب فضربه ابن(16/46)
شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 54عويف ضربة جزله باثنتين فأقبل رشيد على ابن عويف فضربه على عاتقه فقطع الدرع حتى جزله اثنتين و قال خذها و أنا الغلام الفارسي فقال رسول الله ص و هو يراه و يسمعه أ لا قلت أنا الغلام الأنصاري قال فيعرض لرشيد أخ للمقتول أحد بني سفي بن عويف أيضا و أقبل يعدو نحوه كأنه كلب يقول أنا ابن عويف و يضربه رشيد أيضا على رأسه و عليه المغفر ففلق رأسه و قال خذها و أنا الغلام الأنصاري فتبسم رسول الله ص و قال أحسنت يا أبا عبد الله فكناه رسول الله ص يومئذ و لا ولد له. قلت فأما البلاذري فلم يذكر لهم قاتلا و لكنه عدهم في جملة من قتل من المشركين بأحد و كذلك ابن إسحاق لم يذكر من قتلهم فإن صحت رواية الواقدي فعلي ع لم يكن قد قتل منهم إلا واحدا و إن كانت رواية ابن حبيب صحيحة فالأربعة من قتلاه ع و قد رأيت في بعض كتب أبي الحسن المدائني أيضا أن عليا ع هو الذي قتل بني سفيان بن عويف يوم أحد و روى له شعرا في ذلك. و من بني عبد شمس معاوية بن المغيرة بن أبي العاص قتله علي ع في إحدى الروايات و قيل قتله زيد بن حارثة و عمار بن ياسر. فجميع من قتل من المشركين يوم أحد ثمانية و عشرون قتل علي ع منهم ما اتفق عليه و ما اختلف فيه اثني عشر و هو إلى جملة القتلى كعدة من قتل يوم بدر إلى جملة القتلى يومئذ و هو قريب من النصف(16/47)