التي تعاهدت و تعاقدت على قتل رسول الله ص يوم أحد عبد الله بن حميد بن زهير بن الحارث بن أسد بن عبد العزى بن قصي. قال و ابن شهاب الذي شج رسول الله ص في جبهته هو عبد الله شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 6بن شهاب الزهري جد الفقيه المحدث محمبن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب و كان ابن قميئة أدرم ناقص الذقن و لم يذكر اسمه و لا ذكره الواقدي أيضا. قلت سألت النقيب أبا جعفر عن اسمه فقال عمرو فقلت له أ هو عمرو بن قميئة الشاعر قال لا هو غيره فقلت له ما بال بني زهرة في هذا اليوم فعلوا الأفاعيل برسول الله ص و هم أخواله ابن شهاب و عتبة بن أبي وقاص فقال يا ابن أخي حركهم أبو سفيان و هاجهم على الشر لأنهم رجعوا يوم بدر من الطريق إلى مكة فلم يشهدوها فاعترض عيرهم و منعهم عنها و أغرى بها سفهاء أهل مكة فعيروهم برجوعهم و نسبوهم إلى الجبن و إلى الإدهان في أمر محمد ص و اتفق أنه كان فيهم مثل هذين الرجلين فوقع منهما يوم أحد ما وقع. قال البلاذري مات عتبة يوم أحد من وجع أليم أصابه فتعذب به و أصيب ابن قميئة في المعركة و قيل نطحته عنز فمات. قال و لم يذكر الواقدي ابن شهاب كيف مات و أحسب ذلك بالوهم منه. قال و حدثني بعض قريش أن أفعى نهشت عبد الله بن شهاب في طريقه إلى مكة فمات قال و سألت بعض بني زهرة عن خبره فأنكروا أن يكون رسول الله ص دعا عليه أو يكون شج رسول الله ص و قالوا إن الذي شجه في وجهه عبد الله بن حميد الأسدي. فأما عبد الله بن حميد الفهري فإن الواقدي و إن لم يذكره في الجماعة الذين شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 7تعاقدوا على قتل رسول الله ص إلا أنه قد ذكر كيفية قتله. قال الواقدي و يقبل عبد الله بن حميد بن زهير حين رأى رسول الله ص على تلك الحال يعني سقوطه من ضربة ابن قميئة يركض فرسه مقنعا في الحديد يقول أنا ابن زهيرلوني على محمد فو الله لأقتلنه أو لأموتن دونه فتعرض له أبو دجانة فقال هلم إلى من يقي نفس(16/3)
محمد ص بنفسه فضرب فرسه فعرقبها فاكتسعت ثم علاه بالسيف و هو يقول خذها و أنا ابن خرشة حتى قتله
و رسول الله ص ينظر إليه و يقول اللهم ارض عن ابن خرشة كما أنا عنه راض
هذه رواية الواقدي و بها قال البلاذري إن عبد الله بن حميد قتله أبو دجانة. فأما محمد بن إسحاق فقال إن الذي قتل عبد الله بن حميد علي بن أبي طالب ع و به قالت الشيعة. و روى الواقدي و البلاذري أن قوما قالوا إن عبد الله بن حميد هذا قتل يوم بدر. فالأول الصحيح أنه قتل يوم أحد و قد روى كثير من المحدثين أن رسول الله ص قال لعلي ع حين سقط ثم أقيم اكفني هؤلاء لجماعة قصدت نحوه فحمل عليهم فهزمهم و قتل منهم عبد الله بن حميد من بني أسد بن عبد العزى ثم حملت عليه طائفة أخرى فقال له اكفني هؤلاء فحمل عليهم فانهزموا من بين يديه و قتل منهم أمية بن أبي حذيفة بن المغيرة المخزومي. قال فأما أبي بن خلف فروى الواقدي أنه أقبل يركض فرسه حتى إذا دنا من رسول الله ص اعترض له ناس من أصحابه ليقتلوه فقال لهم استأخروا شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 8عنه ثم قام إليه و حربته في يده فرماه بها بين سابغالبيضة و الدرع فطعنه هناك فوقع عن فرسه فانكسر ضلع من أضلاعه و احتمله قوم من المشركين ثقيلا حتى ولوا قافلين فمات في الطريق و قال و فيه أنزلت وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ رَمى قال يعني قذفه إياه بالحربة قال الواقدي و حدثني يونس بن محمد الظفري عن عاصم بن عمر عن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه قال كان أبي بن خلف قدم في فداء ابنه و كان أسر يوم بدر فقال يا محمد إن عندي فرسا لي أعلفها فرقا من ذرة كل يوم لأقتلك عليها فقال رسول الله ص بل أنا أقتلك عليها إن شاء الله تعالى. و يقال إن أبيا إنما قال ذلك بمكة فبلغ رسول الله ص بالمدينة كلمته فقال بل أنا أقتله عليها إن شاء الله قال و كان رسول الله ص في القتال لا يلتفت وراءه فكان يوم أحد يقول لأصحابه إني أخشى(16/4)
أن يأتي أبي بن خلف من خلفي فإذا رأيتموه فآذنوني و إذا بأبي يركض على فرسه و قد رأى رسول الله ص فعرفه فجعل يصيح بأعلى صوته يا محمد لا نجوت إن نجوت فقال القوم يا رسول الله ما كنت صانعا حين يغشاك أبي فاصنع فقد جاءك و إن شئت عطف عليه بعضنا فأبى رسول الله ص و دنا أبي فتناول رسول الله ص الحربة من الحارث بن الصمة ثم انتفض كما ينتفض البعير قال فتطايرنا شرح نهجلبلاغة ج : 15 ص : 9عنه تطاير الشعارير و لم يكن أحد يشبه رسول الله ص إذا جد الجد ثم طعنه بالحربة في عنقه و هو على فرسه لم يسقط إلا أنه خار كما يخور الثور فقال له أصحابه أبا عامر و الله ما بك بأس و لو كان هذا الذي بك بعين أحدنا ما ضره قال و اللات و العزى لو كان الذي بي بأهل ذي المجاز لماتوا كلهم أجمعون أ ليس قال لأقتلنه فاحتملوه و شغلهم ذلك عن طلب رسول الله ص حتى التحق بعظم أصحابه في الشعب. قال الواقدي و يقال إنه تناول الحربة من الزبير بن العوام قال و يقال إنه لما تناول الحربة من الزبير حمل أبي على رسول الله ص ليضربه بالسيف فاستقبله مصعب بن عمير حائلا بنفسه بينهما و إن مصعبا ضرب بالسيف أبيا في وجهه و أبصر رسول الله ص فرجة من بين سابغة البيضة و الدرع فطعنه هناك فوقع و هو يخور. قال الواقدي و كان عبد الله بن عمر يقول مات أبي بن خلف ببطن رابغ منصرفهم إلى مكة قال فإني لأسير ببطن رابغ بعد ذلك و قد مضى هوي من الليل إذا نار تأجج فهبتها و إذا رجل يخرج منها في سلسلة يجتذبها يصيح العطش و إذا رجل يقول لا تسقه فإن هذا قتيل رسول الله ص هذا أبي بن خلف فقلت ألا سحقا و يقال إنه مات بسرف(16/5)
شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 10القول في الملائكة نزلت بأحد و قاتلت أم لاقال الواقدي حدثني الزبير بن سعيد عن عبد الله بن الفضل قال أعطى رسول الله ص مصعب بن عمير اللواء فقتل فأخذه ملك في صورة مصعب فجعل رسول الله ص يقول له في آخر النهار تقدم يا مصعب فالتفت إليه الملك فقال لست بمصعب فعرف رسول الله ص أنه ملك أيد به. قال الواقدي سمعت أبا معشر يقول مثل ذلك. قال و حدثتني عبيدة بنت نائل عن عائشة بنت سعد بن أبي وقاص عنه قال لقد رأيتني أرمى بالسهم يومئذ فيرده عني رجل أبيض حسن الوجه لا أعرفه حتى كان بعد فظننت أنه ملك. قال الواقدي و حدثني إبراهيم بن سعد عن أبيه عن جده سعد بن أبي وقاص قال رأيت ذلك اليوم رجلين عليهما ثياب بيض أحدهما عن يمين رسول الله ص و الآخر عن شماله يقاتلان أشد القتال ما رأيتهما قبل و لا بعد قال و حدثني عبد الملك بن سليمان عن قطن بن وهب عن عبيد بن عمير قال لما رجعت قريش من أحد جعلوا يتحدثون في أنديتهم بما ظفروا يقولون لم نر الخيل البلق و لا الرجال البيض الذين كنا نراهم يوم بدر. قال و قال عبيد بن عمير لم تقاتل الملائكة يوم أحد. قال الواقدي و حدثني ابن أبي سبرة عن عبد المجيد بن سهيل عن عمر بن الحكم قال لم يمد رسول الله ص يوم أحد بملك واحد و إنما كانوا يوم بدر قال و مثله عن عكرمة. شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 11قال و قال مجاهد حضرت الملائكة يوم أحد و لم تقاتل و إنما قاتلت يوم بدر. قال و روي عن أبي هريرة أنه قال وعدهم الله أن يمدهم لو صبروا فلما انكشفوا لم تقاتل الملائكة يومئذالقول في مقتل حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه(16/6)
قال الواقدي كان وحشي عبدا لابنة الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف و يقال كان لجبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف فقالت له ابنة الحارث إن أبي قتل يوم بدر فإن أنت قتلت أحد الثلاثة فأنت حر محمد و علي بن أبي طالب و حمزة بن عبد المطلب فإني لا أرى في القوم كفؤا لأبي غيرهم فقال وحشي أما محمد فقد علمت أني لا أقدر عليه و أن أصحابه لن يسلموه و أما حمزة فو الله لو وجدته نائما ما أيقظته من هيبته و أما علي فألتمسه قال وحشي فكنت يوم أحد ألتمسه فبينا أنا في طلبه طلع علي فطلع رجل حذر مرس كثير الالتفات فقلت ما هذا بصاحبي الذي ألتمس إذ رأيت حمزة يفري الناس فريا فكمنت له إلى صخرة و هو مكبس له كتيت فاعترض له سباع ابن أم نيار و كانت أمه ختانة بمكة مولاة لشريف بن علاج بن عمرو بن وهب الثقفي و كان سباع يكنى أبا نيار فقال له حمزة و أنت أيضا يا ابن مقطعة البظور ممن يكثر علينا هلم إلي فاحتمله حتى إذا برقت قدماه رمى به فبرك عليه فشحطه شحط الشاة ثم أقبل علي مكبا حين رآني فلما شرح نهج البلاغة ج : 15 ص : 12بلغ المسيل وطئ على جرف فزلت قدمه فهززت حربتي حتى رضيت منها فأضرب بها في خاصرته حتى خرجت من مثانته و كر عليه طائفة من أصحابه فأسهم يقولون أبا عمارة فلا يجيب فقلت قد و الله مات الرجل و ذكرت هندا و ما لقيت على أبيها و عمها و أخيها و انكشف عنه أصحابه حين أيقنوا بموته و لا يروني فأكر عليه فشققت بطنه فاستخرجت كبده فجئت بها إلى هند بنت عتبة فقلت ما ذا لي إن قتلت قاتل أبيك قالت سلني فقلت هذه كبد حمزة فمضغتها ثم لفظتها فلا أدري لم تسغها أو قذرتها فنزعت ثيابها و حليها فأعطتنيه ثم قالت إذا جئت مكة فلك عشرة دنانير ثم قالت أرني مصرعه فأريتها مصرعه فقطعت مذاكيره و جدعت أنفه و قطعت أذنيه ثم جعلت ذلك مسكتين و معضدين و خدمتين حتى قدمت بذلك مكة و قدمت بكبده أيضا معها. قال الواقدي و حدثني عبد الله بن جعفر عن ابن(16/7)