شرح نهج البلاغة ج : 14 ص : 273و أبشر بالجنة فقام و قمت على أثره يعلم الله أني أطلب مثل ما يطلب يومئذ من الشهادة فخضنا حومتهم حتى رجعنا فيهم الثانية فأصابوه رحمه الله و وددت و الله أني كنت أصبت يومئذ معه و لكن أجل استأخر ثم دعا من ساعته بسهمه فأعطاه و فض و قال اختر في المقام عندنا أو الرجوع إلى أهلك فقال بلال إنه يستحب الرجوع فرجع. فقال الواقدي و قال سعد بن أبي وقاص أشهد لرأيت رسول الله ص واقفا على المزني و هو مقتول و هو يقول رضي الله عنك فإني عنك راض ثم رأيت رسول الله ص قام على قدميه و قد ناله ع من ألم الجراح ما ناله و إني لأعلم أن القيام يشق عليه على قبره حتى وضع في لحده و عليه بردة لها أعلام حمر فمد رسول الله ص البردة على رأسه فخمره و أدرجه فيها طولا فبلغت نصف ساقيه فأمرنا فجمعنا الحرمل فجعلناه على رجليه و هو في لحده ثم انصرف فما حال أحب إلي من أن أموت عليها و ألقى الله عليها من حال المزني قال الواقدي و كان رسول الله ص يوم أحد قد خاصم إليه يتيم من الأنصار أبا لبابة بن عبد المنذر فطلب بينهما فقضى رسول الله ص لأبي لبابة فجزع اليتيم على العذق فطلب رسول الله ص العذق إلى أبي لبابة لليتيم فأبى أن يدفعه إليه فجعل رسول الله ص يقول لأبي لبابة ادفعه إليه و لك عذق في الجنة فأبى أبو لبابة و قال ثابت بن أبي الدحداحة يا رسول الله أ رأيت إن أعطيت اليتيم عذقه من مالي قال لك به عذق في الجنة فذهب ثابت بن الدحداحة فاشترى من أبي لبابة ذلك العذق بحديقة نخل ثم رد العذق إلى الغلام شرح نهج البلاغة ج : 14 ص : 274فقال رسول الله ص رب عذق مذلل لابن الدحداحة في الجنة فكانت ترجى له الشهادة بذلك القول فقتل يوم أحد. قال الواقدي و يقبل ضرار بن الخطاب فارسا يجر قناة له طويلة فيطعن عمرو بن معاذ فأنفذه و يمشي عمرو إليه حتى غلب فوقع لوجهه ق يقول ضرار لا تعدمن رجلا زوجك من الحور العين و كان يقول زوجت يوم(15/246)


أحد عشرة من أصحاب محمد الحور العين. قال الواقدي فسألت شيوخ الحديث هل قتل عشرة قالوا ما بلغنا أنه قتل إلا ثلاثة و لقد ضرب يومئذ عمر بن الخطاب حين جال المسلمون تلك الجولة بالقناة و قال يا ابن الخطاب إنها نعمة مشكورة ما كنت لأقتلك. قال الواقدي و كان ضرار يحدث بعد و يذكر وقعة أحد و يذكر الأنصار فيترحم عليهم و يذكر غناءهم في الإسلام و شجاعتهم و إقدامهم على الموت ثم يقول لقد قتل أشراف قومي ببدر فأقول من قتل أبا الحكم فيقال ابن عفراء من قتل أمية بن خلف فيقال خبيب بن يساف من قتل عقبة بن أبي معيط فيقال عاصم بن ثابت من قتل فلان بن فلان فيسمي لي من الأنصار من أسر سهيل بن عمرو فيقال مالك بن الدخشم فلما خرجنا إلى أحد و أنا أقول إن قاموا في صياصيهم فهي منيعة لا سبيل لنا إليهم نقيم أياما ثم ننصرف و إن خرجوا إلينا من صياصيهم أصبنا منهم فإن معنا عددا أكثر من عددهم و نحن قوم موتورون خرجنا بالظعن يذكرننا قتلى بدر و معنا كراع و لا كراع معهم و سلاحنا أكثر من سلاحهم فقضي لهم أن خرجوا فالتقينا فو الله ما قمنا لهم حتى هزمنا و انكشفنا مولين فقلت(15/247)


شرح نهج البلاغة ج : 14 ص : 275في نفسي هذه أشد من وقعة بدر و جعلت أقول لخالد بن الوليد كر على القوم فيقول و ترى وجها نكر فيه حتى نظرت إلى الجبل الذي كان عليه الرماة خاليا فقلت يا أبا سليمان انظر وراءك فعطف عنان فرسه و كررنا معه فانتهينا إلى الجبل فلم نجدليه أحدا له بال وجدنا نفيرا فأصبناهم ثم دخلنا العسكر و القوم غارون ينتبهون عسكرنا فأقحمنا الخيل عليهم فتطايروا في كل وجه و وضعنا السيوف فيهم حيث شئنا و جعلت أطلب الأكابر من الأوس و الخزرج قتلة الأحبة فلا أرى أحدا هربوا فما كان حلب ناقة حتى تداعت الأنصار بينها فأقبلت فخالطونا و نحن فرسان فصبرنا لهم و صبروا لنا و بذلوا أنفسهم حتى عقروا فرسي و ترجلت فقتلت منهم عشرة و لقيت من رجل منهم الموت الناقع حتى وجدت ريح الدم و هو معانقي ما يفارقني حتى أخذته الرماح من كل ناحية فوقع فالحمد لله الذي أكرمهم بيدي و لم يهني بأيديهم. قال الواقدي و قال رسول الله ص يوم أحد من له علم بذكوان بن عبد قيس فقال علي ع أنا رأيت يا رسول الله فارسا يركض في أثره حتى لحقه و هو يقول لا نجوت إن نجوت فحمل عليه فرسه و ذكوان راجل فضربه و هو يقول خذها و أنا ابن علاج فقتله فأهويت إلى الفارس فضربت رجله بالسيف حتى قطعتها من نصف الفخذ ثم طرحته عن فرسه فذففت عليه و إذا هو أبو الحكم بن أخنس بن شريق بن علاج بن عمرو بن وهب الثقفي. قال الواقدي و قال علي ع لما كان يوم أحد و جال الناس تلك الجولة أقبل أمية بن أبي حذيفة بن المغيرة و هو دارع مقنع في الحديد ما يرى منه إلا عيناه و هو يقول يوم بيوم بدر فيعرض له رجل من المسلمين فقتله أمية قال علي ع و أصمد له فأضربه بالسيف على هامته و عليه بيضة و تحت البيضة مغفر فنبا سيفي شرح نهج البلاغة ج : 14 ص : 276و كنت رجلا قصيرا و يضربني بسيفه فأتقي بالدرقة فلحج سيفه فأضربه و كت درعه مشمرة فأقطع رجليه فوقع و جعل يعالج سيفه حتى خلصه من الدرقة و(15/248)


جعل يناوشني و هو بارك حتى نظرت إلى فتق تحت إبطه فأحش فيه بالسيف فمال فمات و انصرفت. قال الواقدي و في يوم أحد انتمى رسول الله ص فقال أنا ابن العواتك و قال أيضا
أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب
قال الواقدي بينا عمر بن الخطاب يومئذ في رهط من المسلمين قعود مر بهم أنس بن النضر بن ضمضم عم أنس بن مالك فقال ما يقعدكم قالوا قتل رسول الله ص قال فما تصنعون بالحياة بعده قوموا فموتوا على ما مات عليه ثم قام فجالد بسيفه حتى قتل فقال عمر بن الخطاب إني لأرجو أن يبعثه الله أمة وحده يوم القيامة وجد به سبعون ضربة في وجهه ما عرف حتى عرفته أخته. قال الواقدي و قالوا إن مالك بن الدخشم مر على خارجة بن زيد بن زهير يومئذ و هو قاعد و في حشوته ثلاثة عشر جرحا كلها قد خلصت إلى مقتل فقال له مالك أ ما علمت أن محمدا قد قتل قال خارجة فإن كان محمد قد قتل فإن الله حي لا يقتل و لا يموت و إن محمدا قد بلغ رسالة ربه فاذهب أنت فقاتل عن دينك. قال و مر مالك بن الدخشم أيضا على سعد بن الربيع و به اثنا عشر جرحا كلها قد خلصت إلى مقتل فقال أ علمت أن محمدا قد قتل فقال سعد أشهد أن محمدا قد بلغ رسالة ربه فقاتل أنت عن دينك فإن الله حي لا يموت. شرح نهج البلاغة ج : 14 ص : 277قال محمد بن إسحاق و حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة المازني أخو بني النجار قال قال رسول الله ص يومئذ من رجل ينظر ما فعل سعد بن الربيع أ في الأحياء هو أم في الأات فقال رجل من الأنصار أنا أنظر يا رسول الله ما فعل فنظر فوجده جريحا في القتلى و به رمق فقال له إن رسول الله ص أمرني أن أنظر في الأحياء أنت أم في الأموات قال أنا في الأموات فأبلغ رسول الله مني السلام و قل له إن سعد بن الربيع يقول جزاك الله خيرا عنا ما جزى نبيا عن أمته و أبلغ قومك السلام عني و قل لهم إن سعد بن الربيع يقول لكم لا عذر لكم عند الله أن يخلص إلى نبيكم و منكم عين تطرف(15/249)


قال فلم أبرح عنده حتى مات ثم جئت إلى رسول الله ص فأخبرته فقال اللهم ارض عن سعد بن الربيع قال الواقدي و حدثني عبد الله بن عمار عن الحارث بن الفضيل الخطمي قال أقبل ثابت بن الدحداحة يومئذ و المسلمون أوزاع قد سقط في أيديهم فجعل يصيح يا معشر الأنصار إلي إلي أنا ثابت بن الدحداحة إن كان محمد قد قتل فإن الله حي لا يموت قاتلوا عن دينكم فإن الله مظهركم و ناصركم فنهض إليه نفر من الأنصار فجعل يحمل بمن معه من المسلمين و قد وقفت لهم كتيبة خشناء فيها رؤساؤهم خالد بن الوليد و عمرو بن العاص و عكرمة بن أبي جهل و ضرار بن الخطاب و جعلوا يناوشونهم ثم حمل عليه خالد بن الوليد بالرمح فطعنه فأنفذه فوقع ميتا و قتل من كان معه من الأنصار فيقال إن هؤلاء آخر من قتل من المسلمين في ذلك اليوم و قال عبد الله بن الزبعرى يذكر يوم أحد
ألا ذرفت من مقلتيك دموع و قد بان في حبل الشباب قطوع(15/250)

35 / 150
ع
En
A+
A-