بن المعلى قال قيل لأم عمارة يا أم عمارة هل كن نساء قريش يومئذ يقاتلن مع أزواجهن فقالت أعوذ بالله لا و الله ما رأيت امرأة منهن رمت بسهم و لا حجر و لكن رأيت معهن الدفاف و الأكبار يضربن و يذكرن القوم قتلى بدر و معهن مكاحل و مراود فكلما ولى رجل أو تكعكع ناولته إحداهن مرودا و مكحلة و يقلن إنما أنت امرأة و لقد رأيتهن ولين منهزمات مشمرات و لها عنهن الرجال أصحاب الخيل و نجوا على متون خيلهم و جعلن يتبعن الرجال على أقدامهن فجعلن يسقطن في الطريق و لقد رأيت هندا بنت عتبة و كانت امرأة ثقيلة و لها خلق قاعدة خاشية من الخيل ما بها مشي و معها امرأة أخرى حتى كثر القوم علينا فأصابوا منا ما أصابوا فعند الله نحتسب ما أصابنا يومئذ من قبل الرماة و معصيتهم لرسول الله ص. قال الواقدي و حدثني ابن أبي سبرة عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة عن الحارث بن عبد الله قال سمعت عبد الله بن زيد بن عاصم يقول شهدت أحدا(15/241)
شرح نهج البلاغة ج : 14 ص : 269مع رسول الله ص فلما تفرق الناس عنه دنوت منه و أمي تذب عنه فقال يا ابن عمارة قلت نعم قال ارم فرميت بين يديه رجلا من المشركين بحجر و هو على فرس فأصيبت عين الفرس فاضطرب الفرس حتى وقع هو و صاحبه و جعلت أعلوه بالحجارة حتى نضدت عه منها وقرا و النبي ص ينظر إلي و يتبسم فنظر إلى جرح بأمي على عاتقها فقال أمك أمك اعصب جرحها بارك الله عليكم من أهل بيت لمقام أمك خير من مقام فلان و فلان و مقام ربيبك يعني زوج أمه خير من مقام فلان رحمكم الله من أهل بيت فقالت أمي ادع لنا الله يا رسول الله أن نرافقك في الجنة فقال اللهم اجعلهم رفقائي في الجنة قالت فما أبالي ما أصابني من الدنيا قال الواقدي و كان حنظلة بن أبي عامر تزوج جميلة بنت عبد الله بن أبي بن سلول فأدخلت عليه في الليلة التي في صبيحتها قتال أحد و كان قد استأذن رسول الله ص أن يبيت عندها فأذن له فلما صلى الصبح غدا يريد النبي ص فلزمته جميلة فعاد فكان معها فأجنب منها ثم أراد الخروج و قد أرسلت قبل ذلك إلى أربعة من قومها فأشهدتهم أنه قد دخل بها فقيل لها بعد لم أشهدت عليه قالت رأيت كأن السماء فرجت فدخل فيها ثم أطبقت فقلت هذه الشهادة فأشهدت عليه أنه قد دخل بي فعلقت منه بعبد الله بن حنظلة ثم تزوجها ثابت بن قيس بعد فولدت له محمد بن ثابت بن قيس و أخذ حنظلة بن أبي عامر سلاحه فلحق برسول الله ص بأحد و هو يسوي الصفوف فلما انكشف المشركون اعترض حنظلة لأبي سفيان بن حرب فضرب عرقوب فرسه فاكتسعت الفرس و يقع أبو سفيان إلى الأرض فجعل يصيح يا معشر قريش أنا أبو سفيان بن حرب و حنظلة يريد ذبحه بالسيف فأسمع الصوت رجالا لا يلتفتون إليه من الهزيمة حتى عاينه الأسود بن شعوب فحمل على حنظلة بالرمح شرح نهج البلاغة ج : 14 ص : 270فأنفذه و مشى حنظلة إليه في الرمح فضربه ثانية فقتله هرب أبو سفيان يعدو على قدميه فلحق ببعض قريش فنزل عن صدر فرسه و ردف(15/242)
وراءه أبا سفيان فذلك قول أبي سفيان يذكر صبره و وقوفه و أنه لم يفر و ذكره محمد بن إسحاق
و لو شئت نجتني كميت طمرة و لم أحمل النعماء لابن شعوب و ما زال مهري مزجر الكلب فيهم لدن غدوة حتى دنت لغروب أقاتلهم و أدعي يال غالب و أدفعهم عني بركن صليب فبكي و لا ترعى مقالة عاذل و لا تسأمي من عبرة و نحيب أياك و إخوانا لنا قد تتابعوا و حق لهم من حسرة ب و سلي الذي قد كان في النفس إنني قتلت من النجار كل نجيب و من هاشم قرما كريما و مصعبا و كان لدى الهيجاء غير هيوب و لو أنني لم أشف نفسي منهم لكانت شجا في الصدر ذات ندوب فآبوا و قد أودى الجلابيب منهم بهم كمد من واجم و كئيب أصابهم من لم يكن لدمائهم كفاء وي سنخهم بضريب
قال الواقدي مر أبو عامر الراهب على حنظلة ابنه و هو مقتول إلى جنب شرح نهج البلاغة ج : 14 ص : 271حمزة بن عبد المطلب و عبد الله بن جحش فقال إن كنت لأحدرك هذا الرجل يعني رسول الله ص من قبل هذا المصرع و الله إن كنت لبرا بالوالد شريف الخلق في حياتك و إن مماتك ع سراة أصحابك و أشرافهم إن جزى الله هذا القتيل يعني حمزة خيرا أو جزى أحدا من أصحاب محمد خيرا فليجزك ثم نادى يا معشر قريش حنظلة لا يمثل به و إن كان خالفني و خالفكم فلم يأل لنفسه فيما يرى خيرا فمثل بالناس و ترك حنظلة فلم يمثل به. و كانت هند بنت عتبة أول من مثل بأصحاب النبي ص و أمرت النساء بالمثل و بجدع الأنوف و الآذان فلم تبق امرأة إلا عليها معضدان و مسكتان و خدمتان إلا حنظلة لم يمثل به و
قال رسول الله ص إني رأيت الملائكة تغسل حنظلة بن أبي عامر بين السماء و الأرض بماء المزن في صحاف الفضة(15/243)
قال أبو أسيد الساعدي فذهبنا فنظرنا إليه فإذا رأسه يقطر ماء فرجعت إلى رسول الله ص فأخبرته فأرسل إلى امرأته فسألها فأخبرته أنه خرج و هو جنب. قال الواقدي و أقبل وهب بن قابوس المزني و معه ابن أخيه الحارث بن عقبة بن قابوس بغنم لهما من جبل مزينة فوجد المدينة خلوا فسألا أين الناس قالوا بأحد خرج رسول الله ص يقاتل المشركين من قريش فقال لا نبتغي أثرا بعد عين فخرجا حتى أتيا النبي ص بأحد فيجدان القوم يقتتلون و الدولة لرسول الله ص و أصحابه فأغارا مع المسلمين في النهب و جاءت الخيل من ورائهم خالد بن الوليد و عكرمة بن أبي جهل فاختلط الناس فقاتلا أشد القتال فانفرقت فرقة من المشركين فقال رسول الله ص من لهذه الفرقة فقال وهب بن قابوس أنا يا رسول الله فقام فرماهم بالنبل حتى انصرفوا ثم رجع فانفرقت فرقة شرح نهج البلاغة ج : 14 ص : 272أخرى فقال رسول الله ص من لهذه الكتيبة فقال المي أنا يا رسول الله فقام فذبها بالسيف حتى ولت ثم رجع فطلعت كتيبة أخرى فقال النبي ص من يقوم لهؤلاء فقال المزني أنا يا رسول الله فقال قم و أبشر بالجنة. فقال المزني مسرورا يقول و الله لا أقيل و لا أستقيل فجعل يدخل فيهم فيضرب بالسيف و رسول الله ص ينظر إليه و المسلمون حتى خرج من أقصى الكتيبة و رسول الله ص يقول اللهم ارحمه ثم يرجع فيهم فما زال كذلك و هم محدقون به حتى اشتملت عليه أسيافهم و رماحهم فقتلوه فوجد به يومئذ عشرون طعنة بالرماح كلها قد خلصت إلى مقتلي و مثل به أقبح المثل يومئذ ثم قام ابن أخيه فقاتل كنحو قتاله حتى قتل فكان عمر بن الخطاب يقول إن أحب ميتة أموت عليها لما مات عليها المزني. قال الواقدي و كان بلال بن الحارث المزني يحدث يقول شهدنا القادسية مع سعد بن أبي وقاص فلما فتح الله علينا و قسمت بيننا غنائمنا أسقط فتى من آل قابوس من مزينة فجئت سعدا حين فزع من نومه فقال بلال قلت بلال قال مرحبا بك من هذا معك قلت رجل من قومي(15/244)
قال ما أنت يا فتى من المزني الذي قتل يوم أحد قال ابن أخيه قال سعد مرحبا و أهلا أنعم الله بك عينا لقد شهدت من ذلك الرجل يوم أحد مشهدا ما شهدت من أحد قط لقد رأيتنا و قد أحدق المشركون بنا من كل ناحية و رسول الله ص وسطنا و الكتائب تطلع من كل ناحية و إن رسول الله ص يرمي ببصره في الناس يتوسمهم و يقول من لهذه الكتيبة كل ذلك يقول المزني أنا يا رسول الله كل ذلك يرد الكتيبة فما أنسى آخر مرة قالها فقال له رسول الله ص قم(15/245)