خلاصة صدر هذا الفصل أن من أحسن إليك حسن ظنه فيك و من أساء إليك استوحش منك و ذلك لأنك إذا أحسنت إلى إنسان و تكرر منك ذلك الإحسان تبع ذلك اعتقادك أنه قد أحبك ثم يتبع ذلك الاعتقاد أمر آخر و هو أنك تحبه لأن الإنسان مجبول على أن يحب من يحبه و إذا أحببته سكنت إليه و حسن ظنك فيه و بالعكس من ذلك إذا أسأت إلى زيد لأنك إذا أسأت إليه و تكررت الإساءة تبع ذلك اعتقادك أنه قد أبغضك ثم يتبع ذلك الاعتقاد أمر آخر و هو أن تبغضه أنت و إذا أبغضته انقبضت منه و استوحشت و ساء ظنك به. قال المنصور للربيع سلني لنفسك قال يا أمير المؤمنين ملأت يدي فلم يبق عندي موضع للمسألة قال فسلني لولدك قال أسألك أن تحبه فقال المنصور يا ربيع إن الحب لا يسأل و إنما هو أمر تقتضيه الأسباب قال يا أمير المؤمنين و إنما أسألك أن تزيد من إحسانك فإذا تكرر أحبك و إذا أحبك أحببته فاستحسن شرح نهج البلاغة ج : 17 : 48المنصور ذلك ثم نهاه عن نقض السنن الصالحة التي قد عمل بها من قبله من صالحي الأمة فيكون الوزر عليه بما نقض و الأجر لأولئك بما أسسوا ثم أمره بمطارحة العلماء و الحكماء في مصالح عمله فإن المشورة بركة و من استشار فقد أضاف عقلا إلى عقله. و مما جاء في معنى الأول قال رجل لإياس بن معاوية من أحب الناس إليك قال الذين يعطوني قال ثم من قال الذين أعطيهم. و قال رجل لهشام بن عبد الملك إن الله جعل العطاء محبة و المنع مبغضة فأعني على حبك و لا تعني في بغضك(18/37)


150 / 150
ع
En
A+
A-