فوجده هو ص فلم يقتله. قال الواقدي و أصاب أبو بردة بن نيار أسيرا من المشركين يقال له معبد بن وهب من بني سعد بن ليث فلقيه عمر بن الخطاب و كان عمر يحض على قتل الأسرى لا يرى أحدا في يديه أسيرا إلا أمر بقتله و ذلك قبل أن يتفرق الناس فلقيه معبد و هو أسير مع أبي بردة فقال أ ترون يا عمر أنكم قد غلبتم كلا و اللات و العزى فقال عمر عباد الله المسلمين أ تتكلم و أنت أسير في أيدينا ثم أخذه من أبي بردة فضرب عنقه و يقال إن أبا بردة قتله. قال الواقدي و روى أبو بكر بن إسماعيل عن أبيه عن عامر بن سعد قال قال النبي ص يومئذ لا تخبروا سعدا بقتل أخيه فيقتل كل أسير في أيديكم. قال الواقدي و لما جي ء بالأسرى كره ذلك سعد بن معاذ فقال له رسول الله ص كأنه شق عليك أن يؤسروا قال نعم يا رسول الله كانت أول شرح نهج البلاغة: 14 ص : 171وقعة التقينا فيها بالمشركين فأحببت أن يذلهم الله و أن يثخن فيهم القتل. قال الواقدي و كان النضر بن الحارث أسره المقداد يومئذ فلما خرج رسول الله ص من بدر فكان الأثيل عرض عليه الأسرى فنظر إلى النضر بن الحارث فأبده البصر فقال لرجل إلى جنبه محمد و الله قاتلي لقد نظر إلي بعينين فيهما الموت فقال الذي إلى جنبه و الله ما هذا منك إلا رعب فقال النضر لمصعب بن عمير يا مصعب أنت أقرب من هاهنا بي رحما كلم صاحبك أن يجعلني كرجل من أصحابي هو و الله قاتلي إن لم تفعل قال مصعب إنك كنت تقول في كتاب الله كذا و كذا و تقول في نبيه كذا و كذا قال يا مصعب فليجعلني كأحد أصحابي إن قتلوا قتلت و إن من عليهم من علي قال مصعب إنك كنت تعذب أصحابه قال أما و الله لو أسرتك قريش ما قتلت أبدا و أنا حي قال مصعب و الله إني لأراك صادقا و لكن لست مثلك قطع الإسلام العهود. قال الواقدي و عرضت الأسرى على رسول الله ص فرأى النضر بن الحارث فقال اضربوا عنقه فقال المقداد أسيري يا رسول الله فقال اللهم أغن المقداد من فضلك قم يا علي(15/146)


فاضرب عنقه فقام علي فضرب عنقه بالسيف صبرا و ذلك بالأثيل فقالت أخته
يا راكبا إن الأثيل مظنة من صبح خامسة و أنت موفق بلغ به ميتا فإن تحية ما إن تزال بها الركائب تخفق مني إليه و عبرة مسفوحة جادت لمائحها و أخرى تخن شرح نهج البلاغة ج : 14 ص : 172فليسمعن النضر إن ناديته إن كان يسمع ميت أو ينطق ظلت سيوف بني أبيه تنوشه لله أرحام هناك تمزق صبرا يقاد إلى المدينة راغما رسف المقيد و هو عان موثق أ محمد و لأنت نجل نجيبة في قومها و الفحل فحل معرق ما كان ضرك لو مننت و ربملفتى و هو المغيظ المحنق و النضر أقرب من قتلت وسيلة و أحقهم إن كان عتق يعتققال الواقدي و روي أن النبي ص لما وصل إليه شعرها رق له و قال لو كنت سمعت شعرها قبل أن أقتله لما قتلته. قال الواقدي و لما أسر سهيل بن عمرو قال عمر بن الخطاب يا رسول الله انزع ثنيتيه يدلع لسانه فلا يقوم عليك خطيبا أبدا فقال رسول الله ص لا أمثل به فيمثل الله بي و إن كنت نبيا و لعله يقوم مقاما لا تكرهه فقام سهيل بن عمرو بمكة حين جاءه وفاة النبي ص بخطبة أبي بكر بالمدينة كأنه كان يسمعها فقال عمر حين بلغه كلام سهيل أشهد أنك رسول الله يريد قوله ص لعله يقوم مقاما لا تكرهه. قال الواقدي و كان علي ع يحدث فيقول أتى جبريل النبي ص يوم بدر فخيره في الأسرى أن يضرب أعناقهم أو يأخذ منهم الفداء و يستشهد من المسلمين في قابل عدتهم فدعا رسول الله ص أصحابه و قال هذا جبريل يخيركم في الأسرى بين أن تضرب أعناقهم أو تؤخذ منهم الفدية و يستشهد شرح نهج البلاغة ج : 14 ص : 173منكم قابلا عدت قالوا بل نأخذ الفدية و نستعين بها و يستشهد منا من يدخل الجنة فقبل منهم الفداء و قتل من المسلمين قابلا عدتهم بأحد. قلت لو كان هذا الحديث صحيحا لما عوتبوا فقيل لهم ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَ اللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثم(15/147)


قال لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ لأنه إذا كان خيرهم فقد أباحهم أخذ الفداء و أخبرهم أنه حسن فلا يجوز فيما بعد أن ينكره عليهم و يقول إنه قبيح قال الواقدي لما حبس الأسرى و جعل عليهم شقران مولى رسول الله ص طمعوا في الحياة فقالوا لو بعثنا إلى أبي بكر فإنه أوصل قريش لأرحامنا فبعثوا إلى أبي بكر فأتاهم فقالوا يا أبا بكر إن فينا الآباء و الأبناء و الإخوان و العمومة و بني العم و أبعدنا قريب كلم صاحبك فليمن علينا و يفادنا فقال نعم إن شاء الله لا آلوكم خيرا ثم انصرف إلى رسول الله ص قالوا و ابعثوا إلى عمر بن الخطاب فإنه من قد علمتم و لا يؤمن أن يفسد عليكم لعله يكف عنكم فأرسلوا إليه فجاءهم فقالوا له مثل ما قالوا لأبي بكر فقال لا آلوكم شرا ثم انصرف إلى النبي ص فوجد أبا بكر عنده و الناس حوله و أبو بكر يلينه و يغشاه و يقول يا رسول الله بأبي أنت و أمي قومك فيهم الآباء و الأبناء و العمومة و الإخوان و بنو العم و أبعدهم عنك قريب فامنن عليهم من الله عليك أو فادهم قوة للمسلمين فلعل الله يقبل بقلوبهم إليك ثم قام فتنحى ناحية و سكت رسول الله ص فلم يجبه فجاء عمر فجلس مجلس أبي بكر فقال يا رسول الله هم أعداء الله كذبوك(15/148)


شرح نهج البلاغة ج : 14 ص : 174و قاتلوك و أخرجوك اضرب رقابهم فهم رءوس الكفر و أئمة الضلالة يوطئ الله بهم الإسلام و يذل بهم الشرك فسكت رسول الله ص و لم يجبه و عاد أبو بكر إلى مقعده الأول فقال بأبي أنت و أمي قومك فيهم الآباء و الأبناء و العمومة و الإخوان ونو العم و أبعدهم منك قريب فامنن عليهم أو فادهم هم عشيرتك و قومك لا تكن أول من يستأصلهم و أن يهديهم الله خير من أن يهلكهم فسكت ص عنه فلم يرد عليه شيئا و قام ناحية فقام عمر فجلس مجلسه فقال يا رسول الله ما تنتظر بهم اضرب أعناقهم يوطئ الله بهم الإسلام و يذل أهل الشرك هم أعداء الله كذبوك و أخرجوك يا رسول الله اشف صدور المؤمنين لو قدروا منا على مثل هذا ما أقالونا أبدا فسكت رسول الله ص فلم يجبه فقام ناحية فجلس و عاد أبو بكر فكلمه مثل كلامه الأول فلم يجبه ثم تنحى فجاء عمر فكلمه بمثل كلامه الأول فلم يجبه ثم قام رسول الله ص فدخل قبته فمكث فيها ساعة ثم خرج و الناس يخوضون في شأنهم يقول بعضهم القول ما قال أبو بكر و آخرون يقولون القول ما قال عمر فلما خرج قال للناس ما تقولون في صاحبيكم هذين دعوهما فإن لهما مثلا مثل أبي بكر في الملائكة كميكائيل ينزل برضا الله و عفوه على عباده و مثله في الأنبياء كمثل إبراهيم كان ألين على قومه من العسل أوقد له قومه النار فطرحوه فيها فما زاد على أن قال أُفٍّ لَكُمْ وَ لِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ و قال فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَ مَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ و كعيسى إذ يقول إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَ إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ و مثل عمر في الملائكة كمثل جبريل ينزل بالسخط من الله و النقمة على أعداء الله و مثله في الأنبياء كمثل نوح كان أشد على قومه من الحجارة إذ يقول رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى شرح نهج البلاغة ج : 14 ص :(15/149)


175الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً فدعا عليهم دعوة أغرق الله بها الأرض جميعا و مثل موسى إذ يقول رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَ اشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ و إن بكم عيلة فلا يفوتنكم رجل من هؤلاء إلا بفداء أو ضربة عنق فقال عبد الله بن مسعود يا رسول الله إلا سهيل بن بيضاء. قال الواقدي هكذا روى ابن أبي حبيبة و هذا وهم سهيل بن بيضاء مسلم من مهاجرة الحبشة و شهد بدرا و إنما هو أخ له و يقال له سهيل قال قال عبد الله بن مسعود فإني رأيته يظهر الإسلام بمكة قال فسكت النبي ص قال عبد الله فما مرت علي ساعة قط كانت أشد علي من تلك الساعة جعلت أنظر إلى السماء أتخوف أن تسقط علي الحجارة لتقدمي بين يدي الله و رسوله بالكلام فرفع رسول الله ص رأسه فقال إلا سهيل بن بيضاء قال فما مرت علي ساعة أقر لعيني منها إذ قالها رسول الله ص ثم
قال إن الله عز و جل ليشدد القلب حتى يكون أشد من الحجارة و إنه ليلين القلب حتى يكون ألين من الزبد(15/150)

15 / 150
ع
En
A+
A-