شرح نهج البلاغة ج : 17 ص : 5119- و من كتاب له ع إلى عماله على الخراجمِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى أَصْحَابِ الْخَرَاجِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ مَنْ لَمْ يَحْذَرْ مَا هُوَ سَائِرٌ إِلَيْهِ لَمْ يُقَدِّمْ لِنَفْسِهِ مَا يُحْرِزُهَا وَ اعْلَمُوا أَنَّ مَا كُلِّفْتُمْ يَسِيرٌ وَ أَنَّ ثَوَابَهُ كَثِيرٌ وَ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الْبَغْيِ وَ الْعُدْوَانِ عِقَابٌ يُخَافُ لَكَانَ فِي ثَوَابِ اجْتِنَابِهِ مَا لَا عُذْرَ فِي تَرْكِ طَلَبِهِ فَأَنْصِفُوا النَّاسَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ وَ اصْبِرُوا لِحَوَائِجِهِمْ فَإِنَّكُمْ خُزَّانُ الرَّعِيَّةِ وَ وُكَلَاءُ الْأُمَّةِ وَ سُفَرَاءُ الْأَئِمَّةِ وَ لَا تُحْشِمُوا أَحَداً عَنْ حَاجَتِهِ وَ لَا تَحْبِسُوهُ عَنْ طَلِبَتِهِ وَ لَا تَبِيعُنَّ النَّاسَ فِي الْخَرَاجِ كِسْوَةَ شِتَاءٍ وَ لَا صَيْفٍ وَ لَا دَابَّةً يَعْتَمِلُونَ عَلَيْهَا وَ لَا عَبْداً وَ لَا تَضْرِبُنَّ أَحَداً سَوْطاً لِمَكَانِ دِرْهَمٍ وَ لَا تَمَسُّنَّ مَالَ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ مُصَلٍّ وَ لَا مُعَاهَدٍ إِلَّا أَنْ تَجِدُوا فَرَساً أَوْ سِلَاحاً يُعْدَى بِهِ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَدَعَ ذَلِكَ فِي أَيْدِي أَعْدَاءِ الْإِسْلَامِ فَيَكُونَ شَوْكَةً عَلَيْهِ وَ لَا تَدَّخِرُوا أَنْفُسَكُمْ نَصِيحَةً وَ لَا الْجُنْدَ حُسْنَ سِيرَةٍ وَ لَا الرَّعِيَّةَ مَعُونَةً وَ لَا دِينَ اللَّهِ قُوَّةً وَ أَبْلُوهُ فِي سَبِيلِ مَا اسْتَوْجَبَ عَلَيْكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَدِ اصْطَنَعَ عِنْدَنَا شرح نهج البلاغة ج : 17 ص : 20وَ عِنْدَكُمْ أَنْ نَشْكُرَهُ بِجُهْدِنَا وَ أَنْ نَنْصُرَهُ بِمَا بَلَغَتْ قُوَّتُنَا وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِيقول لو قدرنا أن(18/12)


القبائح العقلية كالظلم و البغي لا عقاب على فعلها بل في تركها ثواب فقط لم يكن الإنسان معذورا إذا فرط في ذلك الترك لأنه يكون قد حرم نفسه نفعا هو قادر على إيصاله إليها. قوله و لا تحشموا أحدا أي لا تغضبوا طالب حاجة فتقطعوه عن طلبها أحشمت زيدا و جاء حشمته و هو أن يجلس إليك فتغضبه و تؤذيه و قال ابن الأعرابي حشمته أخجلته و أحشمته أغضبته و الاسم الحشمة و هي الاستحياء و الغضب. ثم نهاهم أن يبيعوا لأرباب الخراج ما هو من ضرورياتهم كثياب أبدانهم و كدابة يعتملون عليها نحو بقر الفلاحة و كعبد لا بد للإنسان منه يخدمه و يسعى بين يديه. ثم نهاهم عن ضرب الأبشار لاستيفاء الخراج. و كتب عدي بن أرطاة إلى عمر بن عبد العزيز يستأذنه في عذاب العمال فكتب إليه كأني لك جنة من عذاب الله و كأن رضاي ينجيك من سخط الله من قامت عليه بينة أو أقر بما لم يكن مضطهدا مضطرا إلا الإقرار به فخذه بأدائه فإن كان قادرا عليه فاستأد و إن أبى فاحبسه و إن لم يقدر فخل سبيله بعد أن تحلفه بالله أنه لا يقدر على شي ء فلأن يلقوا الله بجناياتهم أحب إلي من أن ألقاه بدمائهم. شرح نهج البلاغة ج : 17 ص : 21ثم نهاهم أن يعرضوا لمال أحد من المسلمين أو من ااهدين المعاهد هاهنا هو الذمي أو من يدخل دار الإسلام من بلاد الشرك على عهد إما لأداء رسالة أو لتجارة و نحو ذلك ثم يعود إلى بلاده. ثم نهاهم عن الظلم و أخذ أموال الناس على طريق المصادرة و التأويل الباطل قال إلا أن تخافوا غائلة المعاهدين بأن تجدوا عندهم خيولا أو سلاحا و تظنوا منهم وثبة على بلد من بلاد المسلمين فإنه لا يجوز الإغضاء عن ذلك حينئذ. قوله و أبلوا في سبيل الله أي اصطنعوا من المعروف في سبيل الله ما استوجب عليكم يقال هو يبلوه معروفا أي يصنعه إليه قال زهير
جزى الله بالإحسان ما فعلا بكم و أبلاهما خير البلاء الذي يبلو(18/13)


قوله ع قد اصطنعا عندنا و عندكم أن نشكره أي لأن نشكره بلام التعليل و حذفها أي أحسن إلينا لنشكره و حذفها أكثر نحو قوله تعالى لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ
شرح نهج البلاغة ج : 17 ص : 5222- و من كتاب له ع إلى أمراء البلاد في معنى الصلاةأَمَّا بَعْدُ فَصَلُّوا بِالنَّاسِ الظُّهْرَ حَتَّى تَفِي ءَ الشَّمْسُ مِثْلَ مَرْبِضِ الْعَنْزِ وَ صَلُّوا بِهِمُ الْعَصْرَ وَ الشَّمْسُ بَيْضَاءُ حَيَّةٌ فِي عُضْوٍ مِنَ النَّهَارِ حِينَ يُسَارُ فِيهَا فَرْسَخَانِ وَ صَلُّوا بِهِمُ الْمَغْرِبَ حِينَ يُفطِرُ الصَّائِمُ وَ يَدْفَعُ الْحَاجُّ إِلَى مِنًى وَ صَلُّوا بِهِمُ الْعِشَاءَ حِينَ يَتَوَارَى الشَّفَقُ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ وَ صَلُّوا بِهِمُ الْغَدَاةَ وَ الرَّجُلُ يَعْرِفُ وَجْهَ صَاحِبِهِ وَ صَلُّوا بِهِمْ صَلَاةَ أَضْعَفِهِمْ وَ لَا تَكُونُوا فَتَّانِينَ
بيان اختلاف الفقهاء في أوقات الصلاة(18/14)


قد اختلف الفقهاء في أوقات الصلاة فقال أبو حنيفة أول وقت الفجر إذا طلع الفجر الثاني و هو المعترض في الأفق و آخر وقتها ما لم تطلع الشمس و أول وقت الظهر إذا زالت الشمس و آخر وقتها إذا صار ظل كل شي ء مثليه سوى الزوال و قال أبو يوسف و محمد آخر وقتها إذا صار الل مثله. قال أبو حنيفة و أول وقت العصر إذا خرج وقت الظهر و هذا على القولين و آخر وقتها ما لم تغرب الشمس و أول وقت المغرب إذا غربت الشمس و آخر وقتها شرح نهج البلاغة ج : 17 ص : 23ما لم يغب الشفق و هو البياض الذي في الأفق بعد الحمرة و قال أبو يوسف و محمد هو حمرة. قال أبو حنيفة و أول وقت العشاء إذا غاب الشفق و هذا على القولين و آخر وقتها ما لم يطلع الفجر. و قال الشافعي أول وقت الفجر إذا طلع الفجر الثاني و لا يزال وقتها المختار باقيا إلى أن يسفر ثم يبقى وقت الجواز إلى طلوع الشمس. و قال أبو سعيد الإصطخري من الشافعية لا يبقى وقت الجواز بل يخرج وقتها بعد الإسفار و يصلى قضاء و لم يتابعه على هذا القول أحد قال الشافعي و أول وقت الظهر إذا زالت الشمس و حكى أبو الطيب الطبري من الشافعية أن من الناس من قال لا تجوز الصلاة حتى يصير الفي ء بعد الزوال مثل الشراك. و قال مالك أب أن يؤخر الظهر بعد الزوال بقدر ما يصير الظل ذراعا و هذا مطابق لما قال أمير المؤمنين ع حين تفي ء الشمس كمربض العنز أي كموضع تربض العنز و ذلك نحو ذراع أو أكثر بزيادة يسيرة. قال الشافعي و آخر وقت الظهر إذا صار ظل كل شي ء مثله و يعتبر المثل من حد الزيادة علالظل الذي كان عند الزوال و بهذا القول قال أبو يوسف و محمد و قد حكيناه من قبل و به أيضا قال الثوري و أحمد و هو رواية الحسن بن زياد اللؤلؤي عن أبي حنيفة فأما الرواية المشهورة عنه و هي التي رواها أبو يوسف فهو أن آخر وقت الظهر صيرورة الظل مثليه و قد حكيناه عنه فيما تقدم. و قال ابن المنذر تفرد أبو حنيفة بهذا القول و عن أبي حنيفة(18/15)


رواية ثالثة أنه إذا صار ظل كل شي ء مثله خرج وقت الظهر و لم يدخل وقت العصر إلى أن يصير ظل كل شي ء مثليه. شرح نهج البلاغة ج : 17 ص : 24و قال أبو ثور و محمد بن جرير الطبري قدر أربع ركعان المثل و المثلين يكون مشتركا بين الظهر و العصر. و حكي عن مالك أنه قال إذا صار ظل كل شي ء مثله فهو آخر وقت الظهر و أول وقت العصر فإذا زاد على المثل زيادة بينة خرج وقت الظهر و اختص الوقت بالعصر. و حكى ابن الصباغ من الشافعية عن مالك أن وقت الظهر إلى أن يصيرظل كل شي ء مثله وقتا مختارا فأما وقت الجواز و الأداء فآخره إلى أن يبقى إلى غروب الشمس قدر أربع ركعات و هذا القول مطابق لمذهب الإمامية. و قال ابن جريج و عطاء لا يكون مفرطا بتأخيرها حتى تكون في الشمس صفرة. و عن طاوس لا يفوت حتى الليل. فأما العصر فإن الشافعييقول إذا زاد على المثل أدنى زيادة فقد دخل وقت العصر و الخلاف في ذلك بينه و بين أبي حنيفة لأنه يقول أول وقت العصر إذا صار ظل كل شي ء مثليه و زاد عليه أدنى زيادة و قد حكيناه عنه فيما تقدم. و كلام أمير المؤمنين ع في العصر مطابق لمذهب أبي حنيفة لأن بعد صيرورةالظل مثليه هو الوقت الذي تكون فيه الشمس حية بيضاء في عضو من النهار حين يسار فيه فرسخان و أما قبل ذلك فإنه فوق ذلك يسار من الفراسخ أكثر من ذلك و لا يزال وقت الاختيار عند الشافعي للعصر باقيا حتى يصير ظل كل شي ء مثليه ثم يبقى وقت الجواز إلى غروب الشمس. و قالأبو سعيد الإصطخري من أصحابه يصير قضاء بمجاوزة المثلين فأما وقت المغرب فإذا غربت الشمس و غروبها سقوط القرص. و قال أبو الحسن علي بن حبيب الماوردي من الشافعية لا بد أن يسقط القرص و يغيب(18/16)

145 / 150
ع
En
A+
A-