محاربتهم لطفا للمكلفين و أما أصحاب المعاني فإنهم لم يحملوا الكلام على ظاهره و لهم في تأويله قول ليس هذا موضع ذكره
شرح نهج البلاغة ج : 14 ص : 165القول فيما جرى في الغنيمة و الأسارى بعد هزيمة قريش و رجوعها إلى مكةقال الواقدي لما تصاف المشركون و المسلمون قال النبي ص من قتل قتيلا فله كذا و كذا و من أسر أسيرا فله كذا و كذا فلما انهزم المشركون كان الناس ثلاث فرق فرقة قامت عند خيمة رسول الله ص و كان أبو بكر معه في الخيمة و فرقة أغارت على النهب تنتهب و فرقة طلبت العدو فأسروا و غنموا فتكلم سعد بن معاذ و كان ممن أقام على خيمة رسول الله ص فقال يا رسول الله ما منعنا أن نطلب العدو زهادة في الأجر و لا جبن عن العدو و لكنا خفنا أن نعري موضعك فيميل عليك خيل من خيل المشركين و رجال من رجالهم و قد أقام عند خيمتك وجوه الناس من المهاجرين و الأنصار و الناس كثير و متى تعط هؤلاء لا يبقى لأصحابك شي ء و القتلى و الأسرى كثير و الغنيمة قليلة فاختلفوا فأنزل الله عز و جل يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ الآية فرجع المسلمون و ليس لهم من الغنيمة شي ء ثم أنزل له فيما بعد وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ فقسمه عليهم بينهم. قال الواقدي و قد روى عبادة بن الوليد بن عبادة عن جده عبادة بن الصامت قال سلمنا الأنفال يوم بدر لله و للرسول و لم يخمس رسول الله ص بدرا و نزت بعد وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فاستقبل رسول الله ص بالمسلمين شرح نهج البلاغة ج : 14 ص : 166الخمس فيما كان من أول غنيمة بعد بدر. قال الواقدي و قد روي عن أبي أسيد الساعدي مثله. و روى عكرمة قال اختلف الناس في الغنائم يوم بدر فأمر رسول ا ص بالغنائم أن ترد في المقسم فلم يبق منها شي ء إلا رد و ظن أهل الشجاعة أنه ص يخصهم بها دون غيرهم من أهل الضعف ثم(15/141)
أمر رسول الله ص أن تقسم بينهم على سواء فقال سعد بن أبي وقاص يا رسول الله تعطي فارس القوم الذي يحميهم مثل ما تعطي الضعيف فقال ص ثكلتك أمك و هل نصرون إلا بضعفائكم. قال الواقدي فروى محمد بن سهل بن خيثمة قال أمر رسول الله ص أن ترد الأسرى و الأسلاب و ما أخذوا من المغنم ثم أقرع بينهم في الأسرى و قسم أسلاب المقتولين الذين يعرف قاتلوهم بين قاتليهم و قسم ما وجده في العسكر بين جميع المسلمين عن فراق. قال الواقدي و حدثني عبد الحميد بن جعفر قال سألت موسى بن سعد بن زيد بن ثابت كيف فعل النبي ص يوم بدر في الأسرى و الأسلاب و الأنفال فقال نادى مناديه يومئذ من قتل قتيلا فله سلبه و من أسر أسيرا فهو له و أمر بما وجد في العسكر و ما أخذ بغير قتال فقسمه بينهم عن فراق فقلت لعبد الحميد فلمن أعطى سلب أبي جهل فقال قد قيل إنه أعطاه معاذ بن عمرو بن الجموح و قيل أعطاه ابن مسعود. قال و أخذ علي ع درع الوليد بن عتبة و بيضته و مغفره و أخذ حمزة سلاح عتبة و أخذ عبيدة بن الحارث سلاح شيبة ثم صار إلى ورثته.(15/142)
شرح نهج البلاغة ج : 14 ص : 167قال الواقدي فكانت القسمة على ثلاثمائة و سبعة عشر سهما لأن الرجال كانت ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا و كان معهم فرسان لهما أربعة أسهم و قسم أيضا فوق ذلك لثمانية أسهم لم يحضروا ضرب لهم بسهامهم و أجورهم ثلاثة من المهاجرين لا خلاف هم و هم عثمان بن عفان خلفه رسول الله ص على ابنته رقية و ماتت يوم قدم زيد بن حارثة بالبشارة إلى المدينة و طلحة بن عبيد الله و سعد بن زيد بن عمرو بن نفيل بعثهما رسول الله ص يتجسسان خبر العير و خمسة من الأنصار هم أبو لبابة بن عبد المنذر خلفه على المدينة و عاصم بن عدي خلفه على قباء و أهل العالية و الحارث بن حاطب أمره بأمر في بني عمرو بن عوف و خوات بن جبير كسر بالروحاء و الحارث بن الصمة مثله فلا اختلاف في هؤلاء و اختلف في أربعة غيرهم فروي أنه ضرب لسعد بن عبادة بسهمه و أجره و قال لئن لم يشهدها لقد كان فيها راغبا و ذلك أنه كان يحض الناس على الخروج إلى بدر فنهش فمنعه ذلك من الخروج. و روي أنه ضرب لسعد بن مالك الساعدي بسهمه و أجره و كان تجهز إلى بدر فمرض بالمدينة فمات خلاف رسول الله ص و أوصى إليه ع. و روي أنه ضرب لرجلين آخرين من الأنصار و لم يسمهما الواقدي و قال هؤلاء الأربعة غير مجمع عليهم كإجماعهم على الثمانية. قال و قد اختلف هل ضرب بسهم في الغنيمة لقتلى بدر فقال الأكثرون لم يضرب لهم و قال بعضهم بل ضرب لهم حدثني ابن أبي سبرة عن يعقوب بن زيد عن أبيه أن رسول الله ص ضرب لشهداء بدر أربعة عشر رجلا قال و قد قال عبد الله ابن سعد بن خيثمة أخذنا سهم أبي الذي ضرب له رسول الله ص حين شرح نهج البلاغة ج : 14 ص : 168قسم الغنائم و حمله إلينا عويمر بن ساعدة قال و قد روى السائب بن أبي لبابة أن رسول الله ص أسهم لمبشر بن عبد المنذر قال و قد قدم بسهمه علينا معن بن عدي. قال الواقدي و كانالإبل التي أصابوا يومئذ مائة و خمسين بعيرا و كان معه أدم كثير حملوه(15/143)
للتجارة فمنعه المسلمون يومئذ و كان فيما أصابوا قطيفة حمراء فقال بعضهم ما لنا لا نرى القطيفة ما نرى رسول الله ص إلا أخذها فأنزل الله تعالى وَ ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ و جاء رجل إلى رسول الله ص و قال يا رسول الله إن فلانا غل قطيفة فسأل رسول الله ص الرجل فقال لم أفعل فقال الدال يا رسول الله احفروا هاهنا فحفرنا فاستخرجت القطيفة فقال قائل يا رسول الله استغفر لفلان مرتين أو مرارا فقال ع دعونا من أبي حر. قال الواقدي و أصاب المسلمون من خيولهم عشرة أفراس و كان جمل أبي جهل فيما غنموه فأخذه النبي ص فلم يزل عنده يضرب في إبله و يغزو عليه حتى ساقه في هدي الحديبية فسأله يومئذ المشركون الجمل بمائة بعير فقال لو لا أنا سميناه في الهدي لفعلنا قال الواقدي و كان لرسول الله ص صفي من الغنيمة قبل القسمة فتنفل سيفه ذا الفقار يومئذ كان لمنبه بن الحجاج و كان رسول الله ص قد غزا إلى بدر بسيف وهبه له سعد بن عبادة يقال له العضب. قال و سمعت ابن أبي سبرة يقول سمعت صالح بن كيسان يقول خرج رسول(15/144)
شرح نهج البلاغة ج : 14 ص : 169الله ص يوم بدر و ما معه سيف و كان أول سيف قلده سيف منبه بن الحجاج غنمه يوم بدر. و قال البلاذري كان ذو الفقار للعاص بن منبه بن الحجاج و يقال لمنبه و يقال لشيبة و الثبت عندنا أنه كان للعاص بن منبه. قال الواقدي و كان أبو أسيد ساعدي إذا ذكر الأرقم بن أبي الأرقم يقول ما يومي منه بواحد فيقال ما هذا هو فيقول أمر رسول الله ص المسلمين أن يردوا يوم بدر ما في أيديهم من المغنم فرددت سيف أبي عائذ المخزومي و اسم السيف المرزبان و كان له قيمة و قدر و أنا أطمع أن يرد إلي فكلم الأرقم رسول الله ص فيه و كان رسول الله ص لا يمنع شيئا يسأله فأعطاه السيف و خرج بني له يفعة فاحتمله الغول فذهبت به متوركة ظهرا فقيل لأبي أسيد و كانت الغيلان في ذلك الزمان فقال نعم و لكنها قد هلكت فلقي بني الأرقم بن أبي الأرقم فبهش إليه باكيا مستجيرا به فقال من أنت فأخبره فقالت الغول أنا حاضنته فلها عنه و الصبي يكذبها فلم يعرج عليه حتى الساعة فخرج من داري فرس لي فقطع رسنه فلقيه الأرقم بالغابة فركبه حتى إذا دنا من المدينة أفلت منه فتعذر إلي أنه أفلت مني فلم أقدر عليه حتى الساعة. قال و روى عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أنه سأل رسول الله ص يوم بدر سيف العاص بن منبه فأعطاه قال و أخذ ع مماليك حضروا بدرا و لم يسهم لهم و هم ثلاثة أعبد غلام لحاطب بن أبي بلتعة و غلام لعبد الرحمن شرح نهج البلاغة ج : 14 ص : 170بن عوف و غلام لسعد بن معاذ و استعمل ص شقران غلامه على الأسرى فأخذوا من كأسير ما لو كان حرا ما أصابه في المقسم. و روى عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال رميت سهيل بن عمرو يوم بدر فقطعت نساءه فاتبعت أثر الدم حتى وجدته قد أخذه مالك بن الدخشم و هو ممسك بناصيته فقلت أسيري رميته فقال أسيري أخذته فأتينا رسول الله فأخذه منا جميعا و أفلت سهل الروحاء فصاح ع بالناس فخرجوا في طلبه فقال ص من وجده فليقتله(15/145)