مغن عن نكير غيرها و هذا واضح
الفصل الثالث في أن فدك هل صح كونها نحلة رسول الله ص لفاطمة ع أم لا
نذكر في هذا الفصل ما حكاه المرتضى عن قاضي القضاة في المغني و ما اعترض به عليه ثم نذكر ما عندنا في ذلك. قال المرتضى حاكيا عن قاضي القضاة و مما عظمت الشيعة القول في أمر فدك قالوا و قد روى أبو سعيد الخدري أنه لما أنزلت وَ آتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ أعطى رسول الله ص فاطمة ع فدك ثم فعل عمر بن عبد العزيز مثل ذلك فردها على ولدها قالوا و لا شك أن أبا بكر أغضبها إن لم يصح كل الذي روي في هذا الباب و قد كان الأجمل أن يمنعهم التكرم مما ارتكبوا منها فضلا عن الدين ثم ذكروا أنها استشهدت أمير المؤمنين ع و أم أيمن فلم يقبل شهادتهما هذا مع تركه أزواج النبي ص في حجرهن و لم يجعلها صدقة و صدقهن في ذلك أن ذلك لهن و لم يصدقها. شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 269قال و الجواب عن ذلك أن أكثر ما يروون في هذا الباب غير صحيح و لسنا ننكر صحة ما روي من ادعائها فدك فأما أنها كانت في يدها فغير لم بل إن كانت في يدها لكان الظاهر أنها لها فإذا كانت في جملة التركة فالظاهر أنها ميراث و إذا كان كذلك فغير جائز لأبي بكر قبول دعواها لأنه لا خلاف في أن العمل على الدعوى لا يجوز و إنما يعمل على مثل ذلك إذا علمت صحته بمشاهدة أو ما جرى مجراها أو حصلت بينة أو إقرار ثم إن البينة لا بد منها و إن أمير المؤمنين ع لما خاصمه اليهودي حاكمه و أن أم سلمة التي يطبق على فضلها لو ادعت نحلا ما قبلت دعواها. ثم قال و لو كان أمير المؤمنين ع هو الوالي و لم يعلم صحة هذه الدعوى ما الذي كان يجب أن يعمل فإن قلتم يقبل الدعوى فالشرع بخلاف ذلك و إن قلتم يلتمس البينة فهو الذي فعله أبو بكر. ثم قال و أما قول أبي بكر رجل مع الرجل و امرأة مع المرأة فهو الذي يوجبه الدين و لم يثبت أن الشاهد في ذلك كان أمير المؤمنين ع بل الرواية المنقولة أنه شهد لها مولى لرسول(17/241)


الله ص مع أم أيمن. قال و ليس لأحد أن يقول فلما ذا ادعت و لا بينة معها لأنه لا يمتنع أن تجوز أن يحكم أبو بكر بالشاهد و اليمين أو تجوز عند شهادة من شهد لها أن تذكر غيره فيشهد لا و هذا هو الموجب على ملتمس الحق و لا عيب عليها في ذلك و لا على أبي بكر في التماس البينة و إن لم يحكم لها لما لم يتم و لم يكن لها خصم لأن التركة صدقة على ما ذكرنا و كان لا يمكن أن يعول في ذلك على يمين أو نكول و لم يكن في الأمر إلا ما فعله قال و قد أنكر أبو علي ما قاله السائل من أنها لما ردت في دعوى النحلة ادعته إرثا و قال بل كان طلبت الإرث قبل ذلك فلما سمعت منه الخبر كفت و ادعت النحلة.(17/242)


شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 270قال فأما فعل عمر بن عبد العزيز فلم يثبت أنه رده على سبيل النحلة بل عمل في ذلك ما عمله عمر بن الخطاب بأن أقره في يد أمير المؤمنين ع ليصرف غلاتها في المواضع التي كان يجعلها رسول الله ص فيه فقام بذلك مدة ثم ردها إلى عمر في آخرنته و كذلك فعل عمر بن عبد العزيز و لو ثبت أنه فعل بخلاف ما فعل السلف لكان هو المحجوج بفعلهم و قولهم و أحد ما يقوي ما ذكرناه أن الأمر لما انتهى إلى أمير المؤمنين ع ترك فدك على ما كان و لم يجعله ميراثا لولد فاطمة و هذا يبين أن الشاهد كان غيره لأنه لو كان هو الشاهد لكان الأقرب أن يحكم بعلمه على أن الناس اختلفوا في الهبة إذا لم تقبض فعند بعضهم تستحق بالعقد و عند بعضهم أنها إذا لم تقبض يصير وجودها كعدمها فلا يمتنع من هذا الوجه أن يمتنع أمير المؤمنين ع من ردها و إن صح عنده عقد الهبة و هذا هو الظاهر لأن التسليم لو كان وقع لظهر أنه كان في يدها و لكان ذلك كافيا في الاستحقاق فأما حجر أزواج النبي ص فإنما تركت في أيديهن لأنها كانت لهن و نص الكتاب يشهد بذلك و قوله وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ و روي في الأخبار أن النبي ص قسم ما كان له من الحجر على نسائه و بناته و يبين صحة ذلك أنه لو كان ميراثا أو صدقة لكان أمير المؤمنين ع لما أفضى الأمر إليه يغيره. قال و ليس لأحد أن يقول إنما لم يغير ذلك لأن الملك قد صار له فتبرع به و ذلك أن الذي يحصل له ليس إلا ربع ميراث فاطمة ع و هو الثمن من ميراث رسول الله ص فقد كان يجب أن ينتصف لأولاد العباس و أولاد فاطمة منهن في باب الحجر و يأخذ هذا الحق منهن فتركه ذلك يدل على صحة ما قلناه و ليس يمكنهم بعد ذلك إلا التعلق بالتقية و قد سبق الكلام فيها. ى بالسنة. ثم حكى عن أبي علي تكذيب ما روي من الضرب بالسوط قال و المروي عن جعفر بن محمد ع أنه كان يتولاهما و يأتي القبر فيسلم عليهما مع تسليمه على رسول الله ص روى ذلك عباد(17/243)


بن صهيب و شعبة بن الحجاج و مهدي بن هلال و الدراوردي و غيرهم و قد روى عن أبيه محمد بن علي ع و عن علي بن الحسين مثل ذلك فكيف يصح ما ادعوه و هل هذه الرواية إلا كروايتهم على أن علي بن أبي طالب ع هو إسرافيل و الحسن ميكائيل و الحسين جبرائيل و فاطمة ملك الموت و آمنة أم النبي ص ليلة القدر فإن صدقوا ذلك أيضا قيل لهم فعمر بن الخطاب كيف يقدر على ضرب ملك الموت و إن قالوا لا نصدق ذلك فقد جوزوا رد هذه الروايات و صح أنه لا يجوز التعويل على هذا الخبر شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 272و إنما يتعلق بذلك من غرضه الإلحاد كالوراق و ابن الراوندي لأن غرضهم القدح في الإسلام. و حكى عن أبي علي أنه قال و لم صار غضبها إنبت كأنه غضب رسول الله ص من حيث
قال فمن أغضبها فقد أغضبني
أولى من أن يقال فمن أغضب أبا بكر و عمر فقد نافق و فارق الدين لأنه روي عنه ع
قال حب أبي بكر و عمر إيمان و بغضهما نفاق(17/244)


و من يورد مثل هذا فقصده الطعن في الإسلام و أن يتوهم الناس أن أصحاب النبي ص نافقوا مع مشاهدة الأعلام ليضعفوا دلالة العلم في النفوس. قال و أما حديث الإحراق فلو صح لم يكن طعنا على عمر لأن له أن يهدد من امتنع من المبايعة إرادة للخلاف على المسلمين لكنه غير ثابت انتهى كلام قاضي القضاة. قال المرتضى نحن نبتدئ فندل على أن فاطمة ع ما ادعت من نحل فدك إلا ما كانت مصيبة فيه و إن مانعها و مطالبها بالبينة متعنت عادل عن الصواب لأنها لا تحتاج إلى شهادة و بينة ثم نعطف على ما ذكره على التفصيل فنتكلم عليه. أما الذي يدل على ما ذكرناه فهو أنها كانت معصومة من الغلط مأمونا منها فعل القبيح و من هذه صفته لا يحتاج فيما يدعيه إلى شهادة و بينة فإن قيل دللوا على الأمرين قلنا بيان الأول قوله تعالى إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً و الآية تتناول جماعة منهم فاطمة شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 273ع بما تواترت الأخبار في ذلك و الإرادة هاهنا دلالة على وقوع الفعل للمراد و أيضا فيدل على ذلك قوله ع فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني و من آذاني فقد آذى الله عز و جل(17/245)

137 / 150
ع
En
A+
A-