نبي فهو صدقة إلا ما أطعمه أهله إنا لا نورث فقالوا نعم قال و كان رسول الله يتصدق به و يقسم فضله ثم توفي فوليه أبو بكر سنتين يصنع فيه ما كان يصنع رسول الله ص و أنتما تقولان أنه كان بذلك خاطئا و كان بذلك ظالما و ما كان بذلك إلا راشدا ثم وليته بعد أبي بكر فقلت لكما إن شئتما قبلتماه على عمل رسول الله ص و عهده الذي عهد فيه فقلتما نعم و جئتماني الآن تختصمان يقول هذا أريد نصيبي من ابن أخي و يقول هذا أريد نصيبي من امرأتي و الله لا أقضي بينكما إلا بذلك. قلت و هذا أيضا مشكل لأن أكثر الروايات أنه لم يرو هذا الخبر إلا أبو بكر وحده ذكر ذلك أعظم المحدثين حتى إن الفقهاء في أصول الفقه أطبقوا على ذلك في احتجاجهم في الخبر برواية الصحابي الواحد و قال شيخنا أبو علي لا تقبل في الرواية إلا رواية اثنين كالشهادة فخالفه المتكلمون و الفقهاء كلهم و احتجوا عليه بقبول الصحابة رواية أبي بكر وحده نحن معاشر الأنبياء لا نورث حتى إن بعض أصحاب أبي علي تكلف لذلك جوابا فقال قد روي أن أبا بكر يوم حاج فاطمة ع قال أنشد الله امرأ سمع من رسول الله ص في هذا شيئا فروى مالك بن أوس بن الحدثان أنه سمعه من رسول الله ص و هذا الحديث ينطق شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 228بأنه استشهد عمر و طلحة و الزبير و عبد الرحمن و سعدا فقالوا سمعناه من رسول الله ص فأين كانت هذه الروايات أيام أبي بكر ما نقل أن أحدا من هؤلاء يوم خصومة فاطمة ع و أبي بكر روى من هذشيئا. قال أبو بكر و أخبرنا أبو زيد عمر بن شبة قال حدثنا محمد بن يحيى عن إبراهيم بن أبي يحيى عن الزهري عن عروة عن عائشة أن أزواج النبي ص أرسلن عثمان إلى أبي بكر فذكر الحديث قال عروة و كانت فاطمة قد سألت ميراثها من أبي بكر مما تركه النبي ص فقال لها بأبي أنت و أمي و بأبي أبوك و أمي و نفسي إن كنت سمعت من رسول الله ص شيئا أو أمرك بشي ء لم أتبع غير ما تقولين و أعطيتك ما تبتغين و إلا فإني(17/201)


أتبع ما أمرت به. قال أبو بكر و حدثنا أبو زيد قال حدثنا عمرو بن مرزوق عن شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي البختري قال قال لها أبو بكر لما طلبت فدك بأبي أنت و أمي أنت عندي الصادقة الأمينة إن كان رسول الله ص عهد إليك في ذلك عهدا أو وعدك به وعدا صدقتك و سلمت إليك فقالت لم يعهد إلي في ذلك بشي ء و لكن الله تعالى يقول يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ فقال أشهد لقد سمعت رسول الله ص يقول إنا معاشر الأنبياء لا نورث قلت و في هذا من الإشكال ما هو ظاهر لأنها قد ادعت أنه عهد إليها رسول الله ص في ذلك أعظم العهد و هو النحلة فكيف سكتت عن ذكر هذا لما سألها أبو بكر و هذا أعجب من العجب. شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 229قال أبو بكر و حدثنا أبو زيد قال حدثنا محمد بن يحيى قال حدثنعبد العزيز بن عمران بن عبد العزيز بن عبد الله الأنصاري عن ابن شهاب عن مالك بن أوس بن الحدثان قال سمعت عمر و هو يقول للعباس و علي و عبد الرحمن بن عوف و الزبير و طلحة أنشدكم الله هل تعلمون أن رسول الله ص قال إنا لا نورث معاشر الأنبياء ما تركنا صدقة قالوا اللهم نعم قال أنشدكم الله هل تعلمون أن رسول الله ص يدخل في فيئه أهله السنة من صدقاته ثم يجعل ما بقي في بيت المال قالوا اللهم نعم فلما توفي رسول الله ص قبضها أبو بكر فجئت يا عباس تطلب ميراثك من ابن أخيك و جئت يا علي تطلب ميراث زوجتك من أبيها و زعمتما أن أبا بكر كان فيها خائنا فاجرا و الله لقد كان امرأ مطيعا تابعا للحق ثم توفي أبو بكر فقبضتها فجئتماني تطلبان ميراثكما أما أنت يا عباس فتطلب ميراثك من ابن أخيك و أما علي فيطلب ميراث زوجته من أبيها و زعمتما أني فيها خائن و فاجر و الله يعلم أني فيها مطيع تابع للحق فأصلحا أمركما و إلا و الله لم ترجع إليكما فقاما و تركا الخصومة و أمضيت صدقة. قال أبو زيد قال أبو غسان فحدثنا عبد الرزاق الصنعاني عن معمر بن شهاب عن مالك بنحوه و قال في آخره(17/202)


فغلب علي عباسا عليها فكانت بيد علي ثم كانت بيد الحسن ثم كانت بيد الحسين ثم علي بن الحسين ثم الحسن بن الحسن ثم زيد بن الحسن. قلت و هذا الحديث يدل صريحا على أنهما جاءا يطلبان الميراث لا الولاية و هذا من المشكلات لأن أبا بكر حسم المادة أولا و قرر عند العباس و علي و غيرهما أن النبي ص لا يورث و كان عمر من المساعدين له على ذلك فكيف يعود
شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 230العباس و علي بعد وفاة أبي بكر يحاولان امرأ قد كان فرغ منه و يئس من حصوله اللهم إلا أن يكونا ظنا أن عمر ينقض قضاء أبي بكر في هذه المسألة و هذا بعيد لأن عليا و العباس كانا في هذه المسألة يتهمان عمر بممالأة أبي بكر على ذلك أ لتراه يقول نسبتماني و نسبتما أبا بكر إلى الظلم و الخيانة فكيف يظنان أنه ينقض قضاء أبي بكر و يورثهما و اعلم أن الناس يظنون أن نزاع فاطمة أبا بكر كان في أمرين في الميراث و النحلة و قد وجدت في الحديث أنها نازعت في أمر ثالث و منعها أبو بكر إياه أيضا و هو سهم ذوي القربى(17/203)


قال أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري أخبرني أبو زيد عمر بن شبة قال حدثني هارون بن عمير قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثني صدقة أبو معاوية عن محمد بن عبد الله عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك أن فاطمة ع أتت أبا بكر فقالت لقد علمت الذي ظلمتنا عنه أهل البيت من الصدقات و ما أفاء الله علينا من الغنائم في القرآن من سهم ذوي القربى ثم قرأت عليه قوله تعالى وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى الآية فقال لها أبو بكر أبي أنت و أمي و والد ولدك السمع و الطاعة لكتاب الله و لحق رسول الله ص و حق قرابته و أنا أقرأ من كتاب الله الذي تقرءين منه و لم يبلغ علمي منه أن هذا السهم من الخمس يسلم إليكم كاملا قالت أ فلك هو و لأقربائك قال لا بل أنفق عليكم منه و أصرف الباقي في مصالح المسلمين قالت ليس هذا حكم الله تعالى قال هذا حكم الله فإن كان رسول الله عهد إليك شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 231في هذا عهدا أو أوجبه لكم حقا صدقتك و سلمته كله إليك و إلى أهلك قالت إن رسول الله ص لم يعهد إلي في ذلك بشي ء إلا أني سمعته يقول لما أنزلت هذه الآيبشروا آل محمد فقد جاءكم الغنى قال أبو بكر لم يبلغ علمي من هذه الآية أن أسلم إليكم هذا السهم كله كاملا و لكن لكم الغنى الذي يغنيكم و يفضل عنكم و هذا عمر بن الخطاب و أبو عبيدة بن الجراح فاسأليهم عن ذلك و انظري هل يوافقك على ما طلبت أحد منهم فانصرفت إلى عمر فقالت له مثل ما قالت لأبي بكر فقال لها مثل ما قاله لها أبو بكر فعجبت فاطمة ع من ذلك و تظنت أنهما كانا قد تذاكرا ذلك و اجتمعا عليه(17/204)


قال أبو بكر و أخبرنا أبو زيد قال حدثنا هارون بن عمير قال حدثنا الوليد عن ابن أبي لهيعة عن أبي الأسود عن عروة قال أرادت فاطمة أبا بكر على فدك و سهم ذوي القربى فأبى عليها و جعلهما في مال الله تعالى. قال أبو بكر و أخبرنا أبو زيد قال حدثنا أحمد بن معاوية عن هيثم عن جويبر عن أبي الضحاك عن الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب ع أن أبا بكر منع فاطمة و بني هاشم سهم ذوي القربى و جعله في سبيل الله في السلاح و الكراع.
قال أبو بكر و أخبرنا أبو زيد قال حدثنا حيان بن هلال عن محمد بن يزيد بن ذريع عن محمد بن إسحاق قال سألت أبا جعفر محمد بن علي ع قلت أ رأيت عليا حين ولي العراق و ما ولي من أمر الناس كيف صنع في سهم ذوي القربى قال سلك بهم طريق أبي بكر و عمر قلت و كيف و لم و أنتم تقولون ما تقولون قال أما و الله ما كان أهله يصدرون إلا عن رأيه فقلت فما منعه قال كان يكره شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 232أن يدعى عليه مخالفة أبي بكر و عمرقال أبو بكر و حدثني المؤمل بن جعفر قال حدثني محمد بن ميمون عن داود بن المبارك قال أتينا عبد الله بن موسى بن عبد الله بن حسن بن الحسن و نحن راجعون من الحج في جماعة فسألناه عن مسائل و كنت أحد من سأله فسألته عن أبي بكر و عمر فقال سئل جدي عبد الله بن الحسن بن الحسن عن هذه المسألة فقال كانت أمي صديقة بنت نبي مرسل فماتت و هي غضبى على إنسان فنحن غضاب لغضبها و إذا رضيت رضينا. قال أبو بكر و حدثني أبو جعفر محمد بن القاسم قال حدثني علي بن الصباح قال أنشدنا أبو الحسن رواية المفضل للكميت
أهوى عليا أمير المؤمنين و لا أرضى بشتم أبي بكر و لا عمراو لا أقول و إن لم يعطيا فدكا بنت النبي و لا ميراثها كفراالله يعلم ما ذا يحضران به يوم القيامة من عذر إذا اعتذرا
قال ابن الصباح فقال لي أبو الحسن أ تقول إنه قد أكفرهما في هذا الشعر قلت نعم قال كذاك هو.(17/205)

129 / 150
ع
En
A+
A-