فكتب الحسن بن علي ع إلى زياد أما بعد فإنك عمدت إلى رجل من المسلمين له ما لهم و عليه ما عليهم فهدمت داره و أخذت ماله و حبست أهله و عياله فإن أتاك كتابي هذا فابن له داره و اردد عليه عياله و ماله و شفعني فيه فقد أجرته و السلام
فكتب إليه زياد من زياد بن أبي سفيان إلى الحسن بن فاطمة أما بعد فقد أتاني كتابك تبدأ فيه بنفسك قبلي و أنت طالب حاجة و أنا سلطان و أنت سوقة و تأمرني فيه بأمر المطاع المسلط على رعيته كتبت إلي في فاسق آويته إقامة منك على سوء الرأي و رضا منك بذلك و ايم الله لا تسبقني به و لو كان بين جلدك و لحمك و إن نلت بعضك غير رفيق بك و لا مرع عليك فإن أحب لحم علي أن آكله للحم الذي أنت منه فسلمه بجريرته إلى من هو أولى به منك فإن عفوت عنه لم أكن شفعتك فيه و إن قتلته لم أقتله إلا لحبه أباك الفاسق و السلام. فلما ورد الكتاب على الحسن ع قرأه و تبسم و كتب بذلك إلى معاوية و جعل كتاب زياد عطفه و بعث به إلى الشام و كتب جواب كتابه كلمتين لا ثالثة لهما
من الحسن بن فاطمة إلى زياد ابن سمية أما بعد فإن رسول الله ص قال الولد للفراش و للعاهر الحجر و السلام(17/171)


فلما قرأ معاوية كتاب زياد إلى الحسن ضاقت به الشام و كتب إلى زياد أما بعد فإن الحسن بن علي بعث إلي بكتابك إليه جوابا عن كتاب كتبه شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 195إليك في ابن سرح فأكثرت العجب منك و علمت أن لك رأيين أحدهما من أبي سفيان و الآخر من سمية فأما ال من أبي سفيان فحلم و حزم و أما الذي من سمية فما يكون من رأي مثلها من ذلك كتابك إلى الحسن تشتم أباه و تعرض له بالفسق و لعمري إنك الأولى بالفسق من أبيه فأما أن الحسن بدأ بنفسه ارتفاعا عليك فإن ذلك لا يضعك لو عقلت و أما تسلطه عليك بالأمر فحق لمثل الحسن أن يتسلط و أما تركك تشفيعه فيما شفع فيه إليك فحظ دفعته عن نفسك إلى من هو أولى به منك فإذا ورد عليك كتابي فخل ما في يديك لسعيد بن أبي سرح و ابن له داره و اردد عليه ماله و لا تعرض له فقد كتبت إلى الحسن أن يخيره إن شاء أقام عنده و إن شاء رجع إلى بلده و لا سلطان لك عليه لا بيد و لا لسان و أما كتابك إلى الحسن باسمه و اسم أمه و لا تنسبه إلى أبيه فإن الحسن ويحك من لا يرمى به الرجوان و إلى أي أم وكلته لا أم لك أ ما علمت أنها فاطمة بنت رسول الله ص فذاك أفخر له لو كنت تعلمه و تعقله و كتب في أسفل الكتاب شعرا من جملته
أما حسن فابن الذي كان قبله إذا سار سار الموت حيث يسيرو هل يلد الرئبال إلا نظيره و ذا حسن شبه له و نظيرو لكنه لو يوزن الحلم و الحجا بأمر لقالوا يذبل و ثبير
شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 196و روى الزبير بن بكار في الموفقيات أن عبد الملك أجرى خيلا فسبقه عباد بن زياد فأنشد عبد الملكسبق عباد و صلت لحيته و كان خرازا تجود قربته(17/172)


فشكا عباد قول عبد الملك إلى خالد بن يزيد بن معاوية فقال له أما و الله لأنصفنك منه بحيث يكره فزوجه أخته فكتب الحجاج إلى عبد الملك يا أمير المؤمنين إن مناكح آل أبي سفيان قد ضاعت فأخبر عبد الملك خالدا بما كتب به الحجاج فقال خالد يا أمير المؤمنين ما أعلم امرأة منا ضاعت و نزلت إلا عاتكة بنت يزيد بن معاوية فإنها عندك و لم يعن الحجاج غيرك قال عبد الملك بل عنى الدعي ابن الدعي عبادا قال خالد يا أمير المؤمنين ما أنصفتني أدعي رجلا ثم لا أزوجه إنما كنت ملوما لو زوجت دعيك فأما دعيي فلم لا أزوجه. فأما أول ما ارتفع به زياد فهو استخلاف ابن عباس له على البصرة في خلافة علي ع و بلغت عليا عنه هنات فكتب إليه يلومه و يؤنبه فمنها الكتاب الذي ذكر الرضي رحمه الله بعضه و قد شرحنا فيما تقدم ما ذكر الرضي منه و كان علي ع أخرج إليه سعدا مولاه يحثه على حمل مال البصرة إلى الكوفة و كان بين سعد و زياد ملاحاة و منازعة و عاد سعد و شكاه إلى علي ع و عابه
فكتب علي ع إليه أما بعد فإن سعدا ذكر أنك شتمته ظلما و هددته و جبهته تجبرا و تكبرا فما دعاك إلى التكبر و قد قال رسول الله ص الكبر رداء الله فمن نازع الله رداءه قصمه و قد أخبرني أنك تكثر من الألوان المختلفة في الطعام في اليوم الواحد شرح نهج البلاغة ج : 16 : 197و تدهن كل يوم فما عليك لو صمت لله أياما و تصدقت ببعض ما عندك محتسبا و أكلت طعامك مرارا قفارا فإن ذلك شعار الصالحين أ فتطمع و أنت متمرغ في النعيم تستأثر به على الجار و المسكين و الضعيف و الفقير و الأرملة و اليتيم أن يحسب لك أجر المتصدقين و أخبرني أنك تتكلم بكلام الأبرار و تعمل عمل الخاطئين فإن كنت تفعل ذلك فنفسك ظلمت و عملك أحبطت فتب إلى ربك يصلح لك عملك و اقتصد في أمرك و قدم إلى ربك الفضل ليوم حاجتك و ادهن غبا فإني سمعت رسول الله ص يقول ادهنوا غبا و لا تدهنوا رفها(17/173)


فكتب إليه زياد أما بعد يا أمير المؤمنين فإن سعدا قدم علي فأساء القول و العمل فانتهرته و زجرته و كان أهلا لأكثر من ذلك و أما ما ذكرت من الإسراف و اتخاذ الألوان من الطعام و النعم فإن كان صادقا فأثابه الله ثواب الصالحين و إن كان كاذبا فوقاه الله أشد عقوبة الكاذبين و أما قوله إني أصف العدل و أخالفه إلى غيره فإني إذن من الأخسرين فخذ يا أمير المؤمنين بمقال قلته في مقام قمته الدعوى بلا بينة كالسهم بلا نصل فإن أتاك بشاهدي عدل و إلا تبين لك كذبه و ظلمه. و من كلام زياد تأخير جزاء المحسن لؤم و تعجيل عقوبة المسي ء طيش و كتب إليه معاوية أما بعد فاعزل حريث بن جابر عن العمل فإني لا أذكر مقاماته بصفين إلا كانت حزازة في صدري فكتب إليه زياد أما بعد فخفض عليك يا أمير المؤمنين فإن حريثا قد سبق شرفا لا يرفعه معه عمل و لا يضعه معه عزل. شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 198و قال لابنهبيد الله عليك بالحجاب و إنما اجترأت الرعاة على السباع بكثرة نظرها إليها. و من كلامه أحسنوا إلى أهل الخراج فإنكم لا تزالون سمانا ما سمنوا. قدم رجل خصما له إلى زياد في حق له عليه و قال أيها الأمير إن هذا يدل بخاصة ذكر أنها له منك قال زياد صدق و سأخبرك بما ينفعه عندي من خاصته و مودته إن يكن له الحق عليك آخذك به أخذا عنيفا و إن يكن الحق لك قضيت عليه ثم قضيت عنه. و قال ليس العاقل من يحتال للأمر إذا وقع فيه لكن العاقل من يحتال للأمر ألا يقع فيه. و قال في خطبة له إلا رب مسرور بقدومنا لا نسره و خائف ضرنا لا نضره. كان مكتوبا في الحيطان الأربعة في قصر زياد كتابة بالجص أربعة أسطر أولها الشدة في غير عنف و اللين في غير ضعف و الثاني المحسن مجازى بإحسانه و المسي ء يكافأ بإساءته و الثالث العطيات و الأرزاق في إبانها و أوقاتها و الرابع لا احتجاب عن صاحب ثغر و لا عن طارق ليل.و قال يوما على المنبر إن الرجل ليتكلم بالكلمة يشفي بها غيظه لا يقطع(17/174)


بها ذنب عنز فتضره لو بلغتنا عنه لسفكنا دمه. و قال ما قرأت كتاب رجل قط إلا عرفت عقله منه. و قال في خطبة استوصوا بثلاثة منكم خيرا الشريف و العالم و الشيخ فو الله لا يأتيني وضيع بشريف يستخف به إلا انتقمت منه أو شاب بشيخ يستخف به إلا أوجعته ضربا و لا جاهل بعالم يستخف به إلا نكلت به. شرح نهج البلاغة ج : 16 ص : 199و قيل لزياد ما الحظ قال أن يطول عمرك و ترى في عدوك ما يسرك. قيل كان زياد يقول هما طريقان للعامة الطاعة و السيف. و كان المغيرة يقول لو الله حتى يحملوا على سبعين طريقا غير السيف. و قال الحسن البصري لرجل أ لا تحدثني بخطبتي زياد و الحجاج حين دخلا العراق قال بلى أما زياد فلما قدم البصرة حمد الله و أثنى عليه ثم قال أما بعد فإن معاوية غير مخوف على قومه و لم يكن ليلحق بنسبة من ليس منه و قد شهدت الشهود بما قد بلغكم و الحق أحق أن يتبع و الله حيث وضع البينات كان أعلم و قد رحلت عنكم و أنا أعرف صديقي من عدوي ثم قدمت عليكم و قد صار العدو صديقا مناصحا و الصديق عدوا مكاشحا فليشتمل كل امرئ على ما في صدره و لا يكونن لسانه شفرة تجري على أوداجه و ليعلم أحدكم إذا خلا بنفسه أني قد حملت سيفي بيدي فإن أشهره لم أغمده و إن أغمده لم أشهره ثم نزل و أما الحجاج فإنه قال من أعياه داؤه فعلي دواؤه و من استبطأ أجله فعلي أن أعجله ألا إن الحزم و العزم استلبا مني سوطي و جعلا سوطي سيفي فنجاده في عنقي و قائمه بيدي و ذبابه قلادة لمن اغتر بي. فقال الحسن البؤس لهما ما أغرهما بربهما اللهم اجعلنا ممن يعتبر بهما. و قال بعضهم ما رأيت زيادا كاسرا إحدى عينيه واضعا إحدى رجليه على الأخرى يخاطب رجلا إلا رحمت المخاطب. و من كلامه نعم الشي ء الإمارة لو لا قعقعة لجام البريد و تسنم ذروة المنب. قال لحاجبه يا عجلان إني قد وليتك هذا الباب و عزلتك عن أربعة المنادي إذا جاء يؤذن بالصلاة فإنها كانت كتابا موقوتا و رسول صاحب الثغر(17/175)

123 / 150
ع
En
A+
A-